قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 3449 - 2011 / 8 / 6 - 12:32
المحور:
كتابات ساخرة
ما من عاطفة في الإنسان أنبل وأجمل وأروع وأبدع وارقّ وأرقى..من عاطفة الحب . ليس فقط لأن الحب هو الذي يمنح الحياة معنى الوجود ، بل ولأنك فيه وبه تعيش عمرا أطول وصحة أوفر . وفيه وبه تتذوق جمال الناس والطبيعة . وفيه وبه تحب الناس ، وتلك أسمى الفضائل .
وأظن أن العراقيين عشّاق بالفطرة . حتى أنهم يعيبون الشخص الذي لا يغني للحب ، أو لا يطرب للغناء " الراس الما يحب الطرب ..كصّه ". وهم من أكثر الشعوب التي تمنح بناتها أسماء مشتقة من الحب والعشق والجمال والورود . بل حتى شوارعهم يمنحونها أسماء الحب ، مثل " عكد الهوى ، وشارع العشاق ، والأميرات ..." .
وكان أن نجم عن أربع حروب كارثية في ثلاثين سنة متواصلة! أن عضو الحب " الدماغ " تعطّلت فيه المراكز الخاصة بالحب والعواطف الرومانسية وتذوق الجمال ، واعتاد على رؤية نقيضه : الدمار في الطبيعة ، والقبح في الناس . وكان أن نشطت بالمقابل المراكز الدماغية المتخصصة بالألم والخوف وتوقع الشر..فصار مزاج الناس سوداويا،وصارت لغتهم اليومية مبرمجة في الدماغ على مواقع: الأحزان والقلق والتشاؤم والجزع من الحياة. حتى مسلسلاتنا الدرامية صرنا نعيد فيها انتاج مآسينا، ولكم ان تشاهدوها في رمضان هذا العام.
والواقع أن الحق معهم . فالأحبة صاروا يرحلون الواحد تلو الآخر.. بل صاروا يرحلون جماعات جماعات في مشاهد تراجيدية . وتحولت ليالي الأنس والطرب الى طقوس مأتمية .
وما هو خطير نفسيا ، أن المثقفين أصيبوا بعدوى المزاج السوداوي للناس ، وصاروا بين : نائح بكّاء في مآتم الأحزان وبين عازف عن الكتابة بتبرير: صرخة احتجاج ضد ثقافة الموت ، أو بحجة أن الناس مشغولون بمصائبهم وما عادوا يهتمون بالثقافة .
حتى الشعراء العراقيين الذين كان كل واحد منهم سمفونيا من عصافير الحب ..نسوا مفردات الحب وقوافيه وأقداحه وسهر لياليه ، وصارت قصائدهم بين مراثي للوطن ونعي للذات المحبطة . وصار المثقفون - الذين مهنتهم صنع الفرح وجعل الناس يتعلقون بالحياة – بين من ركب خيول السياسة وبين من هرب الى طقوس الأحزان ، وكأنهم قد قرءوا على الحب السلام !. وتلك أفدح خسائرنا النفسية ، الآن و..غدا!.
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟