|
قانون الأسرة ضرورة يفرضها الواقع.
إيمان أحمد ونوس
الحوار المتمدن-العدد: 3447 - 2011 / 8 / 4 - 08:04
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
بما أن الأسرة هي الخلية الأساسية في كل المجتمعات الإنسانية، فقد استأثرت باهتمام علماء الاجتماع والسياسة، إضافة إلى اهتمام الحكومات والدول على مرّ التاريخ. ومن هنا جاء القانون رقم /42/ لعام/2003/ القاضي بإحداث الهيئة السورية لشؤون الأسرة حيث تهدف وحسب المادة/2/ من هذا القانون إلى تسريع عملية النهوض بواقع الأسرة السورية، وتمكينها بشكل أفضل من الإسهام في جهود التنمية البشرية. إضافة إلى أن الفقرة/هـ / من ذات المادة تنص على اقتراح تعديل التشريعات المتعلقة بشؤون الأسرة. وقد كان لصدور هذا القانون وقعه الإيجابي على المعنيين بشؤون الأسرة، وكذلك الناشطين/ ـات في قضايا المرأة والطفل والمجتمع، وكان الأمل كبيراً بإحداث تغييرات حقيقية في مجال قانون الأحوال الشخصية والقوانين الأخرى المتعلّقة بالمرأة والطفل، تغييرات تتواءم مع الدستور ومع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة بالمرأة والطفل والتي صادقت عليها سورية. بعد كل هذا، دُهِشَ الجميع ممن كانوا يترقبون تلك التعديلات، أو الذين عملوا طويلاً لأجل صياغتها بشكل يتلاءم وتطور المجتمع السوري بكافة أطيافه، دُهِشوا في عام/2009/ لظهور مسودتي مشروع قانون أحوال شخصية جديد يرسي كل أسباب التمييز والعنف بأشكاله المختلفة، بل ويعود بالمرأة تحديداً إلى عصور الجواري والإماء من خلال مواد تعزز تخلّفها وتبعيتها ودونيتها أمام الرجل أيّاً كانت صلتها به. وطبعاً تمّ إيقاف العمل بهاتين المسودتين تحت ضغط الناشطين/ ـات والهيئات والجمعيات النسائية، لأنه من غير المعقول أن تخضع الأسرة السورية إلى قوانين سُنَّت في مطلع القرن التاسع عشر/ قدري باشا/ ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين الذي يشهد تطوراً ملحوظاً على كل مكوّنات الأسرة( الطفل، المرأة، والرجل) وعلى العلاقة المتبادلة بينهم وفق تطور المفاهيم والقيم الإنسانية والاجتماعية القائمة على أساس المواطنة والعلمانية. وفي هذا الصدد، أقامت الأمانة للاتحاد النسائي العربي العام في أيار/2010/ ندوة خاصة بقوانين الأحوال الشخصية ومدى تنفيذها في الدول العربية تحت رعاية الأمين العام لجامعة الدول العربية، وتضمّنت تلك الندوة مقارنة بين قوانين الأحوال الشخصية وخاصة قانون الأسرة في الدول العربية وبين الشريعة الإسلامية والاتفاقيات الدولية و المواثيق ذات الصلة بحقوق المرأة بشكل خاص وحقوق الأسرة بشكل عام .ومراجعة قوانين الأحوال الشخصية واقتراح تعديلات بما يتلاءم مع حقوق المرأة، ودور منظمات المجتمع المدني كقوة ضاغطة على مراكز صنع القرار لتعديل هذه القوانين بما يخدم تطور وارتقاء الأسرة على كافة المستويات من خلال وضع خطة عملية لإجراء حملات التأييد والمناصرة . كما عقدت منظمة الأسرة العربية بالشارقة في شباط/2011/ المؤتمر العلمي( مسارات النهوض بالأسرة العربية) تحت شعار (نحو دور فاعل ومستقبل واعد للأسرة.) وقد صرّح جمال بن عبيد البح رئيس منظمة الأسرة العربية قائلاً: " يأتي هذا المؤتمر انسجاماً وتناغماً مع توجيهات واستراتيجيات الدول العربية في دعم وتعزيز الثقافة الأسرية." وأشار إلى أن المؤتمر يهدف إلى مناقشة المسارات أو المداخل المقترحة للنهوض بالأسرة والارتقاء بحياتها ودورها، في ضوء تقييم واقع الأسرة العربية وما تعانيه أوضاعها من مشكلات، وما تواجهه من تحديات على جميع الصُعد." ومؤخراً، قامت الهيئة السورية لشؤون الأسرة بالإشراف على برنامج تلفزيوني على الفضائية السورية طرح العديد من المشاكل والقضايا الحسّاسة التي تعترض الأسرة السورية في ظل قانون الأخوال الشخصية، حيث تناول مسألة الجنسية والنفقة والحضانة... وأخيراً كانت مسألة الإراءة والتي تُعدُّ من أكثر القضايا حساسية بالنسبة للطفل بالدرجة الأولى. وخلال هذه الحلقة استضاف البرنامج مساء 26/7/2011 الدكتور محمود عكام مفتي حلب وأستاذ قانون الأحوال الشخصية في جامعة حلب. وأكثر ما لفت انتباهي وشجعني على خوض غمار هذا الموضوع، تصريح الدكتور عكام عندما قال: " نحن مسكونون بالخوف من كل تغيير وتعديل، وكأنه سيصيب قلب الإسلام... إن تعديل القانون يجب أن يتم وفق ثلاث مبادئ أساسية: العدل، الرحمة، والاستجابة لمتطلبات الإنسان والعصر." وعندما سُئِل د. عكام عن رأيه في تعاطي القانون الحالي مع مسألة الحضانة والإراءة أجاب: " القانون يجب أن يضع أمام ناظريه مصلحة المحضون من حيث السن والحاضن والسكن والنفقة، لأن هذا المحضون مرتكز المجتمع مستقبلاً، ولذا يجب أن تكون هناك محاكم أسرة تتولى البت والتقدير فيما ابتعد عنه القانون الحالي." وأضاف- وهذا مكمن الحكمة- لا تخافوا على الإسلام من تعديل قانون الأحوال الشخصية، لأن الإسلام يريد للإنسان الرحمة والأمان، ولأن الإسلام يتحرك وفق بوصلة الإنسان." وباعتقادي أن في قوله- الإسلام يتحرك وفق بوصلة الإنسان- يدحض كل الحجج والذرائع الرامية إلى ربط كل تغيير أو تطوير لقوانين الحياة بشجرة الأصولية الدينية أو القيمية الرامية إلى تقييد المجتمع وفق قوانين أكل عليها الدهر وشرب. كما أنه قول فيه اعتراف بضرورة مواكبة التطور الاجتماعي والثقافي الذي وصلت إليه الأسرة بكل مكوّناتها. ومن هنا تنبع ضرورة سن قانون أسرة عصري بما يتضمنه من محاكم أسرية تضم بين أعضائها مختصين في الإرشاد النفسي والاجتماعي وباحثين تربويين، قانون أسرة يواكب كل تلك المتغيّرات والتطورات، ويتلاءم مع المواثيق والاتفاقيات التي صادقت عليها سوريا كاتفاقية حقوق الإنسان وحقوق الطفل واتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز والعنف ضدّ المرأة- سيداو- بما فيها رفع التحفظات الموجودة على بعض مواد وبنود هذه الاتفاقيات. جدير بالذكر أن الهيئة السورية لشؤون الأسرة كانت قد أعدّت مشروع قانون الطفل، على اعتبار أن المسائل المتعلّقة بالطفل السوري متناثرة في عدد من المواد في القوانين الحالية، ولذا تمّت صياغة مشروع قانون الطفل لأجل جعل مصلحته هي الفضلى في كل توجه كما جاء في اتفاقية حقوق الطفل، لكن وللأسف بقي هذا المشروع حبيس الأدراج حتى الآن، ولهذا نأمل أن لا تبقى التوجّهات الحالية بضرورة التغيير والتطوير على مستوى الأسرة السورية أيضاً حبيسة التنظير وإلقاء الضوء عليها وحسب، وإنما أن تأخذ طريقها الجّاد والفعّال إلى التنفيذ، وهذا ما نرجوه بشأن قرار رئاسة مجلس الوزراء حول تشكيل لجنة لأجل صياغة قانون يسمح للأم السورية بإعطاء جنسيتها لأبنائها.
#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إنجاز جديد للمرأة السورية يتوّج نضالها من أجل المساواة
-
اجتثاث الفساد أولوية أساسية للتقدم والحرية
-
الطفولة خط أحمر ..كل هذا الدم سوري ولا مجال للتمييز
-
نساء سوريا يزركشن وشاح الحرية
-
صرخة امرأة سورية
-
أمومةٌ مقهورةٌ تحت عروش الديكتاتوريات فخورةٌ في ساحات الثورا
...
-
في يوم المرأة العالمي نظرة على قضايا المرأة ما بين الخطتين ا
...
-
خط أحمر... وقضايا الجندر في المناهج الحديثة
-
أبوّة على قارعة النزوة وأمومة على قارعة القهر..
-
عفواً وزيرة الاقتصاد دستورياً هذا حقّنا
-
القتل بحجة الشرف والإجهاض كلاهما قتل ولكن!.
-
الأجور.. ما بين اقتصاد السوق والوضع المعاشي والاجتماعي
-
/DNA/ محدداً للنسب... والبنت قاطعة للميراث
-
ليكن المرسوم رقم/1/ دافعاً قوياً للمضي في نضالنا من أجل المز
...
-
تعميم وزير العدل هل نعتبره مقدمة لتغييرات قانونية إيجابية.؟
-
ما زالت حياة المرأة قرباناً لحرية الاختيار.
-
هل سيشهد المجتمع المدني مكانة لائقة بعد الهبّات الحكومية
-
إلى متى ستبقى الطفولة في سورية مغتصبة...؟
-
تعديل المادة/308/ والتمسّك بالمادة/192/ قوّض الآمال بقانون أ
...
-
القوانين الاجتماعية والتشريعية- القضائية تُصنّع المجرمين بدع
...
المزيد.....
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
-
المملكة المتحدة.. القبض على رجل مسن بتهمة قتل واغتصاب امرأة
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|