|
فصل من رواية مزرعة الجنرالات
عبدالنبي فرج
الحوار المتمدن-العدد: 3447 - 2011 / 8 / 4 - 03:22
المحور:
الادب والفن
الناجي: صفف شعرة وأزال الشعر غير المرغوب فيه وتعطر، ووقف أمام المرأة يتأمل ذاته، يرتدى بدله زرقاء سموكن وربطة عنق ونظارة، ثم سحب خاتما من الذهب الخالص ووضعه في إصبعه ووقف متأهبا لزفافه. لم ينس غذاء الملكة والبرشام وغيرة رائحة طلاء الشقة، وهو يتخيل مريم وعريها، ودق الطبول يأتيه من بعيد. مر على القبو الذي يعيش فيه الجد الكبير الذي لم يخرج منه منذ أربعين عاما وقد بلغ سنه فوق المائة وثلاثين عاما، ولم يكن يدخل عليه طوال تلك السنوات سوى الناجي الوكري من ولد عبد الشهيد الفحام، حتى الأب كان محظورا عليه أن يقترب من الغرفة كلما هم بالاقتراب من القبو ينفرط عصبه ويظل في الفراش شهرا. اقترب من الباب، فكر أن ينادى هبت ريح مسمومة دفعت الباب ثم صفقته،عندما دخل كانت الغرفة معتمة فظل ثابتا حتى آلف العتمة. كان الجد يلتف بحرام حول عنقه في ركن الغرفة، كان ينظر إلى السقف ويتمتم وبدا وجهه الأسود المقلبظ يلمع، وجسده يرتج حتى تحت الحرام خاف: أزيك يا جد. لم يرد.. بارك لي أنا حاتجوز. مين يناجى ؟ مريم ساجد .. بنت خالي شبل. سكت وأطرق إلى الأرض ثم ناداه حتى اقترب منه، فبصق في وجهه وقال له: حط صباعك في طيزك وقول البحر زاد. ثم انفجر في ضحك مخيف وهو يشخر وكرشه يهتز حتى تمزق الصد يرى ونبت عرق غمره ورجله تضرب في الأرض، والقبو يهتز ويتساقط من السقف غبار وهو يردد لا لا .. وبدا وكأنه يحارب تنانين ووحوشا ضارية حتى سكن تماما.. اقترب الناجي منه وجسمه يرتعش بعنف، الشمعة تذوب بسرعة وهو يغطي وجهه ويترك القبو، مات أخرج المنديل ومسح جبهته، وجدهم يبحثون عنه، ركب السيارة والفرقة تحيط به ويزينون أنفسهم بالأحمر والأخضر والأزرق والسيوف في خاصرتهم والحراب في أيديهم ويقفزون ويطلقون الصيحات وقد غمر العرق أجسادهم العارية والعريس يقبل رأس العروسة، ويسحبها ويسير بها في الشارع رافضا ركوب السيارة حتى وصل إلى أول الشارع والفرقة فرشت جسمها على الأرض، والعريس والعروسة يسيران على أجسام الشباب حتى وصلا إلى البيت، وصعد إلى الشقة وانفض الجمع ونزعت العروس ملابسها وجامعها ثم سحب القدر الذي به اللحم ونزع الغطاء واللحم يغطيه طبقه بيضاء سميكة، تفور وتغلي وتتطاير حتى ظهرت اللحوم ومنها قطعه لحم من رأس الثور تتمزق ويخرج منها رأس صغير يكبر حتى بدا كالقلقيسة، تجاهد للخروج حتى انزلقت وجرت وراء ها ذيلا أحمر يشبه جسم قرموط السمك وتسير على أربع أرجل صغيرة، وتنظر إليه، فزع وتراجع حتى التصق بالحائط وهى تقترب منه وصوت يخرج من هذا الشيء عليك بدفن الجد بعد الصلاة عليه وتعود مرة أخرى إلى القبو، تقف وتنادى في نصف الليل . بحق الميم والراء افتح يا عبد العبيد ، ادخل ستجد ثلاثة أبواب افتح الأول ستجد قطة سوداء اذبحها، ثم افتح الثاني ستجد كتابا وعصا وحبلا، لف الحبل على وسطك واكسر العصا وخذ الكتاب، اخرج من الغرفة ولا تعود إليها مرة أخرى، ولا تفتح الباب الثالث أبدا. ثم اختف الشيء في الحائط وبالفعل نزل درج السلم واقترب من الأب وهمس في أذنه فسقط الأب مغشيا عليه وأعلن الخبر في البلدة، وخرجت العائلة تلطم الخدود وتشق الجيوب ومن هول الفاجعة نتفت الرجال اللحى، ووضعت النساء الزهر والقطران على وجوههن، وتقدمت النادبات، وحمل الرجال الكفن حتى وصل إلى الجبانة ، وتقدم إمام الجامع لصلاة الجنازة لكنه فجأة اعتذر، وعندما تقدم آخر رأى رجلا قبيح المنظر, تندفع من عينية نار وفى يديه سيف بتار يأتي نحوه غاضبا فصرخ: يابا وتبول على نفسه ثم انزوى هو الآخر. ولم يتقدم احد لكى يؤم المصلين لصلاه الجنازة فتقدم الناجي ونوى صلاة الجنازة ثم حمل النعش حتى اقترب من فوهة القبر واللحاد يوسع من فوهة القبر توجس الناجي ريبة مما قد يحدث لو أخرجت.. أشار الناجي لوجود وصية .انفض الجمع وتم الكشف عن النعش وعندما اخرجوا الجثة كانت بالفعل مقسومة نصفين بالطول كانت بالفعل كارثة بكى على آثرها الناجي . ياحزنى يا جد ,, ثم عاد ووقف يأخذ الخاطر حتى منتصف الليل وعندها ذهب إلى القبو وهتف فانفتح الباب ثم فتح الباب الأول فوجد قطة سوداء تموء وهى تتضخم اقترب منها وسحبها وقطع رأسها ورش دمها في الغرفة، ثم فتح الباب التالي واخرج الكتاب وكسر العصا ولف الحبل حول وسطه، ووقف أمام الباب الثالث يحول أن يهرب من الغواية التي تتخايل أمامه وقد امتلأت الغرفة باليواقيت والجواهر..استسلم للقدر ودس المفتاح في القفل وفتح الباب فاندفعت منه نساء عاريات وعيال سود ورجال فتوات أحطن به وقد التف الحبل حول ذراعه فمنعه من الحركة، وخرجت عجوز شمطاء سقطت أسنانها وابيض شعرها وتكر مش وجهها وانحنى ظهرها ونبت شعر في ذقنها، عرفها الناجي وأخذ ينادى الجدة ويقبل الأرض بين يديها والعجوز أم الدواهي تدور في الحجرة وتلقي بالتعازيم والإشارات وهم ينزعون ملابسه وهو يطلب العفو والسماح والعجوز المجنونة أخرجت سكينا طوله قدمان وبضربه قوية قسمت جسمه نصفين ونزعت قلية ووضعته مع القطه المذبوحة والأتباع احضروا لها كرسي العرش ونكشت شعرها وأعلنت الحرب …
#عبدالنبي_فرج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جيل التسعينات وجنرالات الجيش الميت
-
وزارة الثقافة المصرية في ظل الثورة
-
رسالة الي الروائي المصري صنع الله ابراهيم
-
طفولة ضائعة
-
جسد في ظل
-
فصل من رواية ريح فبراير
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|