|
يوم كنا فدائيين ؟!
عماد بني حسن
الحوار المتمدن-العدد: 3447 - 2011 / 8 / 4 - 03:21
المحور:
الادب والفن
مررنا كالسحابه العابرة في صبح ندي .. تطايرت اوصالها كقطيع الماعز الهارب من ظله قبل الفجر بقليل كنا أربعة فدائيين حملنا الاوسمة البطولية في عزاء أحتفالي داخل غرفة العمليات المغلقة الا من صدى أصوات مشوشة لنداءات تتطاير من أجهزة الراكال .. لانشك ان ثمة مقاتلين خلف الخطوط يراقبون العدو ... ويبعثون بأشارات لاسلكيه في تلك اللحظه الحاسمة من حياتنا ... ولو لم يكن لموتنا الدافىء صدى سيحمل أسماؤنا العابرة من خلال احد تلك الاجهزة بعد ساعات من عبورنا لما سمح لنا بالدخول اليها ا لنجالس القائد العام للقوات العابرة للحدود ... قبل القائد فينا لحظات أ خيرة .. في جباهنا ورقابنا .. فردا فردا ثم وضع يده على كتف كل واحد مؤكدا على عزيمتنا ثم تحرك خطوات قليلة لضيق المكان .. ليوجه ألينا كلمات الحلم الذي ينتظرنا هناك ... قال ايها الرفاق ايها الابطال أيها الشهداء .. دمكم لن يذهب هدرا كما أنتم اليوم تذهبون لتقدموا دماؤكم فداء لدماء من سبقوكم .. سياتي بعدكم اخرون ويقدمون دمهم على الطريق الذي ستسيرون فيه .. لم تفارقني تلك المعادلة رغم بشاشة الغيوم الهاربه في صباح الحدود ...... ان في حلمنا شهيد لابد وأن يكون انا او انت لا محال .. الحلم فيه ان ترى من نافذة الشهادة وانت على الاكف محمولا ومغطى بعلم بلادك السليبة فتاة ترقص ببندقيتك ... والرصاص يبرق السماء ولا يفارقها الا بعد أن تتدلى في ذلك المكان الذي يحمل الاف الاحلام المغطاة ببضعة كلمات وورد تطايرت الوانه وأختفت رائحتة ... ثمة سواد منقوش يبقى ليقول انك انت الحالم بمكان ما في ذاتك .. هربت السحب البيضا ء وتطايرت أصوات الفجر الحدودية ولم نعد نملك أجسادنا المغطاة في حفر ترابيه ... كانت شمسنا البعيدة تتلئلىء من بين اوراق الزيتون الطريه ... واصوات لاليات الموت بدأت تتحرك موطنها مكان الحلم .. الحلم الذي بدأ يتبلل بأشواق غير محددة أهي عائدة للعودة الى حيث الزجاج ووشوشات البحر الهادىء وحكايا لا معنى لها ام الحلم الذي وزع اوسمته على صدورنا القائد الذي كفننا قبل ساعات .. وداعا يا رفاق .. وداعا ايها العابرون الى الحلم ... لن نعزي بكم ... سنفخر بكم ونرفع رؤسنا عاليا ... لقد ضاق التفكير واختلطت الطرق الى أي مكان نريد العوده ... من هنا يأتي الخيار أن تعود جبانا او محملا على شظايا الحديد ليرفع الاخرون بك رؤوسهم ... ليرتفع صدى الرصاص في كل مكان ... يبتسم الاخر بصمت ولكن حكايته مع بداية حب يعرفها كل الرفاق ... حب لم يكتمل .. فيما حكاية أخرى تتخطى كل حدود ترسم معالمها طريق الهجرة والخيام .. والوان الشفاء الزرقاء ... حلم فيه كل معايير الاحلام الخاصة لجنازة خاصة لمأتم لاعزاء فيه .. أنها النفس الملقية في داخل ابو الشبل .. لم يكن هو الاخر يملك حلما بعيدا عن حلم العودة شهيدا مرفوعا فوق الصدى المشوش .... هنا اذاعة صوت الثورة الفلسطينية ... هنا صوت الفدائيين ...... أيها العابرون بأجسادكم ... بارواحكم بدفئكم بحرارة انفاسكم اليكم نهدي أغنية الثورة ... عبي المدفع فدائي ولا تهاب طيارة ... تسللت من بين خيوط الفجر لنا ملحمية لاتحمل ولا تحلم الا بالتحدي والعناد ... كانت ساعات طبيب الاونروا الباكرة كما هو صباح حدود ابو الشبل ورفاقه الان حيث يقف على الحد الفاصل لصرخه يعلنها القائد فتهوي الطلقات على وقع هدير المدافع او الطائرات ... وفي رؤسنا تلك الكلمات .......... وما يهم الشاه الميتة من عذاب رؤؤسنا ومحيانا المسجى شهيدا حيا ينتظر دفنه .. أم الشبل تتكىء في هذا الفجر على كتفه وهو يداري تعبها في الطريق الى الطبيب حيث سبقه اخرون ... لكنه بحاجه ليقول للطبيب كلام سري ... همس في أذنه ثديها الايمن متورم وتعاني منه ... لم يخفي الطبيب سر ابو الشبل امام غرفة الانتظار المزدحمه فرفع صوته ماذا يعني ... عيب هذا مرض ... هذا سرطان ... لقد باغتت صيحات الطبيب الفج أبو الشبل الذي وقف متواريا من أنظار الاخرين ... صمت الطبيب واخذ أم الشبل صارخا مرة اخرى بوجهه اخرج برا أتريد ان تحضر مع زوجتك في غرفة الكشف ... لاذت ام الشبل خلف الملائه الزرقاء وبقي ابو الشبل ينتظر مع المنتظرين وبيده البطاقة الزرقاء التي سيوشمها بعد قليل الطبيب بعلاج مدفوع الثمن من كل دول العالم ... هنا يبدأ العالم الاخر المرسوم بدقة متناهية في داخله ... يوم أحبها وطارد ليلها مع خيالات غير متزنه لخصرها العابر خلف زجاج النافذه مرة تلو الاخرى لتعلن له انها الانثى التي يحلم بها ... اخذ حصانه من أمام موقد النار في الخط الخلفلي .. بعد أن أختار لونه الابيض ثم أرتدى ملابس من حديد وسيف من ذهب وطارد الريح ليلا حتى وصل ... قالوا لها سيموت في رصاصة او قصف طائرات او عبور طارىء للوطن ماذا ستفعلين .. لم يتجهم وجهها ولم تفاجأ بتلك العاصفة من الملامه على زواجها من فدائي يحمل في كفه النار ويمضي ثم يعود بطلا لايموت او يموت انها سورياليه الزمن الحاضر ... أخذها خلفه وبارح الريح .. لم يكن شهر عسل او حتى يوم عسل كانت حكايات الذات المنسية بطوله لا تساوي أي حكاية .. فالحب والرصاص والوطن والمستقبل كله في فوهة بندقية ... زحفت الايام على بطنهابسرعه .. عام مضى والشبل القادم سيصرخ على صدى الرصاص فرحا من الرفاق والاصدقاء ....لم يكتمل الحلم والتيه في وجنتي ابو الشبل الغارق في الماضي وهو ينتظر خلف الستارة الزرقاء صدى بغيض يقول أقطع ثدي أم الشبل .. ماذا سيحصل سينتهي الكون .. لكن السؤال سيبق في داخله ليناجى العلى ياخالق الكون ... أمرأة بثدي واحد تمنحني ؟؟؟ ماذا فعلت لقد خضت الحروب بجدارة وقطعت من بين أنياب التماسيح نهر العزة ... الم تكن راضي يا لله .... هوت الايام امامه كتلك الزوايا الميتة في عيادة الاونروا لبعض المنسيين من الفدائيين القدامى يكتمون أنينهم ودفىء أيامهم في صدورهم ولا من محدث او سائل ... بقيت العيون تطارد العيود كلا منها يسأل الاخر ماذا جنى ... ؟.! مد الطبيب يده الثقيلة بقطعة بيضاء متكورة وقد طغى لون الدم عليها ... أشار بها بداية لابو الشبل .. ثم رفعها عاليا ليقول بصوت مرتفع أشهدوا يا أهالي المخيم هذه القطعه هي لزوجة أبو الشبل بالعربي من صدرها ... وقع هنا يا أبو الشبل على أستلامك ثدي زوجتك ... لماذا أيها الطبيب كل هذا .. كان يمكن ان تحصل العملية ولا أحد يعلم بها أنت أخبرت كل الناس بما تفتقده بعد اليوم أم الشبل ... أصر الطبيب على الاجابة بصوت مرتفع لانكم تتهموننا ببيع أعضائكم ... وقع هنا انا ابو الشبل لقد أستلمت .... والقطع أيضا تم بأرادتي .... مضى أبو الشبل في عالم اخر يخصه وحده يلملم شضاياه من الماضي حلم كان في داخله ... ولما لا ... اقيم جنازة وهمية في داخلي لهذا المقطوع وأدفنه كالشهداء ... واشعر بنشوة تلك الشهادة التي لم أنلها .. أخذ القطعة ورفعها بيديه عاليا .. كانها جثته العائدة من بين أنياب التماسيج .. اقطع النهر يا ابا الشبل بجسدك الطاهر وليكن هذا القطع ثمنا لعنفوان الثوار ... هربت الكلمات وتعلثمت الاحرف في فم أبو الشبل العائد بزينب المنتقصة من ماضيها .. تحمل ألما ووجعا لايطاق في صدرها .. وثمة من يقول لوكانت زوجة أحدهم لما تألمت كل هذا الالم .. لكان أهم الاطباء في خدمتها ولما بقيت في عيادة الوكالة ... لم تصرخ ام الشبل .. بل بقيت تعتصر في فمها قطعة القماش الزرقاء وثمة أنين هارب من أعماقها تئن بصمت مر .. كان أبو الشبل منشغلا في وضع خطة لجنازتة الخاصة ... أستلقى بجانب الشبل واخذ يحيك مؤامرة الجنازة الصامته .. أعاد تخيلات ماضيه لو عاد شهيدا وما رسمه للحظات العز وهو محمولا على الاكتاف .. نفث بسيجارته مليا وحدق بعينية ليرى عين الشبل قد أغلقت جفنيها أستل يده وأتجه الى الثدي المقطوع المبلول بماء لازال يقطر بدل الدم الذي نزف ... حمله بين يديه مجدد .. قال كلمات رددها المشيعون للشهداء .. دمك لن يذهب هدرا ... فلسطين مهرها الدماء .. وقد أصطفت النسوة للزغاريد وخلف الجنازة تماما حملة الاكاليل وعازفي نشيد الثورة .. بعض الارز ينثر فوق السراب العابر لصباحات التلال ... وثمة طيور تأتي بأنباء متعددة ... مضى أبو الشبل بعد منتصف الليل وقد حمل بين كفيه بوقار وهدوء وجلل صا مت لهذا المقطوع متجها الى حيث يرقد الشهداء .. وقد اختاره شهيدا .. يرقد بصمت وبلا هوية تكتب على لوحه الموت هذا فلان أبن فلانه أستشهد وهو يدافع عن الشعبين اللبناني والفلسطيني بشكل خاص والامة العربية بشكل عام .....في مواجهة العدو وعملاؤة الانعزاليين ...أنه الجندي المجهول الذي يقف على قدميه بشموخ ... وسط الصمت المطبق في ليل المقابر الخريفي ... وجدها أبو الشبل .. وجد مكانا يعز فيه ميته هذا ... أجل هنا مكانك أيها المقطوع .. وأنت أيها الجندي لاتحزن بعد اليوم لانقطاع الزوار عنك .. سازورك مع صباحا كل عيد حاملا لك الورود والرياحين .. وضع أبو الشبل ميته المسجى في قطعة قماش بوقار وصمت جانبا ... وأنهمك في حفر قبر مقطوعه هذا تحت منصة الجندي ... هكذا يعتز بالشهداء يا صديقي الجندي .. أنه ثدي زينب أم الشبل لن نعلم الشبل بأن له ميت هنا او أن ثديه اليمين غير موجود سيمضي أيام الرضاع بثديها الايسر .... . حمله مجددا بين يديه رفع عنه القماش الابيض نظر اليه مليا ثم غطاه مجددا مطلقا العنان لصوته المسموع في حضرة الشهداء ..... وداعا ..وداعا يا رائحة زينب المعطره في ليلة عرسها .. الملتويه بخصرها وشعرها المسلول حتى أخر المسافات في ليلة لن تعود .. زفها الرصاص والورد لمرة واحده .. لاتصرخ من الالم ولا تحزن لفراق .. ولا تتألم لمضي الايام الحانيه .. وخطواتها تحمل حكايه هذا الجندي الذي لفه علم منحوت في الصخر وبندقية جافه لا مقبض لها .. وورد لعرس جماعي لا لون له ولا رائحه ... هنا دفن ثدي زينب وعلى هذا الطريق دفن كل من نحبهم أجسادا كاملة أو قطعا ... رفع أبو الشبل كفيه عاليا مناجيا العلى القدير وكل الصامتين من حوله ... ماذا فعلت أم الشبل ؟؟؟ وماذنبها ؟؟؟ بأي ذنب قتلت ..قطعت ....بترت المؤودة..؟؟ ..هنا في غربه لامثيل لها ... من يقرأ الفاتحه على قبر لاوجود له ... أنه أنا يا أخوتي الشهداء .. أنا رفيقكم العابر
للحدود ...أنا الباقي هنا في ظلمة لانهاية لها في موت ثقيل .. وأيام طعمها كالعلقم المر؟؟؟؟
والى اللقاء .... عماد بني حسن من مذكرات فدائي عبر الحدود .
***
#عماد_بني_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من لديه بندقية فليلقها باليم
-
وحدة الدول التبعية في أزمة الكهرباء
-
الحرب القادمة خيول بلا فرسان ؟
-
في الطريق الى رام الله
-
الثقافة الوطنية ....والجهل السياسي
-
رسالة كمال مدحت تفتح لاحقا ؟
-
مخيم تحت الطلب
-
العشاء الأخير بين بن لادن وبوش ؟
-
تسويات صغيرة مؤقتة :
-
صرخة أمير قطر مدويه في الفراغ العربي
-
من يبرم صفقة لاقتتال في المخيمات ومن ينفذها؟
-
القيادة الفلسطينية الجديدة والعاصمتين
-
ما هي خطوات الارهاب البوشارونية الانتخابية؟
-
الاخلاق الاميركية يمثلها شارون ؟...
-
لماذا يأمر شارون موفاز بقمع المتطرفين؟!
-
عين الحلوة حقل النفط الاحتياطي
المزيد.....
-
دراسة تحليلية لتحديات -العمل الشعبي الفلسطيني في أوروبا- في
...
-
مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
-
اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار
...
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|