أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مرثا فرنسيس - الله الذي أعرفه















المزيد.....

الله الذي أعرفه


مرثا فرنسيس

الحوار المتمدن-العدد: 3445 - 2011 / 8 / 2 - 20:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الله الذي أعرفه

ماهي حدود حرية الانسان؟ وما مدى تدخل الله في حياة الانسان؟
الله هو خالق الكون وله كل الحق في وضع قوانين لحكم هذا الكون وللخليقة أيضاً، وهذه القوانين طبيعية وبيولوجية وأخلاقية؛ القوانين الطبيعية لحكم العالم المادي والقوانين البيولوجية لضبط الخليقة البيولوجية، والقوانين الأخلاقية لحكم الإنسان وتنظيم العلاقة بينه وبين كافة الكائنات الأخرى بإعتبار الإنسان هو تاج الخليقة.
وهناك توازن حقيقي بين سيادة الله وسلطانه وبين حرية الإنسان، لم يخلق الله عرائس ماريونيت يحركها كما يشاء، وإلا كيف يُحَمِّلهم مسئولية إختياراتهم الحياتية؟ ولكنه أعطى الإنسان الضمير والقوانين الأخلاقية ليحِد من حريته غيرالمحدودة حتى لا يستغلها في تدمير الآخرين، ومن المؤكد أن علم الله المسبق بقرارات الإنسان لايعني أن هذه القرارات مفروضة على الإنسان بل انها بالفعل إختياراته الحرة؛ لأن سابق علم الله يختلف تماما ً عن القَدَر.
لايهدف الله إلى سلب حرية الإنسان أو إملاء قرارات معينة عليه ويجبره على إتخاذها، ولكنه يحترم الحرية الشخصية التي منحها هو للإنسان ليكون متحملاً تماما ً لنتائج كل مايختار، حتى إختيار الإنسان لقبول الله أو رفضه هو قرار خاص بالإنسان يقوم به ويتَحَمَّل نتائجه.
ولابد من ملاحظة:
1-أن الله لا يترك الإنسان في جهله بل يضع أمامه كلّ الحق ويوضح له كلّ الطرق ونهاية كل طريق وعلى الإنسان أن يختار:
يقول الوحي: أُشْهِدُ عَلَيْك الْيَوْمَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. قَدْ جعلتُ قُدَّامَك الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ. الْبَرَكَةَ وَاللَّعْنَةَ. فَاخْتَرِ الْحَيَاةَ لِكَيْ تَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ-(تثنية 30 : 19)، الله يُعلن الحق ويُعلن عن إرادته لأنه يريد للإنسان الحياة التي خلقه عليها ويُحذِر من عواقب طرق الشر ولكنه لا يفرض على أي إنسان إختيا ر معين.

2- أن الله يتعامل مع البشر جميعاً بحيادية كاملة : فهو يُشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويُمطر على الأبرار والظالمين- متى 4: 45، الله يحب الإنسان بلا حدود أو شروط ولكنه يكره خطيته وشره لأنه لا يطيق الإثم بدون تحيز لجنس أو لون أو شعب معين.
3- أن الله يتدخل في حياة الإنسان بقدر مايسمح له الإنسان نفسه بالتدخل، فكما أنه ليس عند الله محاباة، هو أيضا لا يُقحم نفسه على حياة إنسان يرفضه؛ الله يتجاوب مع طالبيه حسب رغبتهم في تدخله في حياتهم . والمبدأ الأساسي هو ما قاله السيد المسيح لمدينته: كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا! (متى 23: 37)
4-الله لا يجرب الانسان بالشرورـ الشر هنا عكس الصلاح ويقصد به الخطية أي الشر الأخلاقي الذي هو عكس الخير وليس الشر الطبيعي بمعنى المصائب والكوارث ـ وهو لا يجرب أحداً. فلاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ: «إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللهِ»، لأَنَّ اللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بالشرور وهو لا يجرب احداً (يعقوب 1: 13). ولكن دور الله هو أن يُخرج من أعمال الناس الشريرة أموراً جيدة لصالح من يطلبونه، ومثال ذلك يوسف، فكل ماصنعه أخوته له من شر ومكائد حولها الله الى عوامل مساهمة في نضج شخصية يوسف ليكون أهلاً لمنصب الرجل الثاني في مصر بعد الفرعون. وقال يوسف عبارته الشهيرة لأخوته:
أنْتُمْ قَصَدْتم لِي شَرًّا، أَمَّا اللهُ فَقَصَدَ به خَيْرًا، لِكَيْ يَفْعَلَ كَمَا الْيَوْمَ، لِيُحْيِيَ شَعْبًا كَثِيراً-تكوين 50 : 20
يريد الله للإنسان إذا جُرب في أي من إمتحانات الحياة- يريد له أن ينجح ولا يجربه ابداً لكي يُفَشِله أو يُعَجِّزه فقلب الله قلب أب.
ولكن هناك بعض الأمور الملتبسة التي يُتَهم فيها الله بواسطة الإنسان وهذه الإتهامات بعيدة تماما ً عن الحق الذي يعلنه الله عن نفسه
فمثلاً :
1- تحميل الأخطاء الشخصية في إختيارات الحياة لله عن طريق تبني مبدأ القدرية والقسمة والنصيب؛ تحدث كوارث كثيرة للإنسان كنتيجة لسوء إختيار الإنسان نفسه، ولا يصح أن نلوم الله على مانختاره بأنفسنا، ويجب على الإنسان أن يدرك ماهي نتيجة وعواقب كل إختيار يقوم به في حياته، فالإنسان فكر وإرادة ومشاعر وهو مؤهل وقادر على صنع القرار في حياته، رغم أن هناك أمور لا يختارها الإنسان كالشكل واللون والجنس والطول وأشياء اخرى ولكنه قادر على اتخاذ القرارات الخاصة به في أمور حياته اليومية وسلوكه وتوجيه مشاعره ونوع الدراسة والعمل وشريك الحياة وغيرها من القرارات المصيرية
2- تبني مبدأ أن الله يرزق الإنسان كل يوم برزق معين: ألا يدفع هذا المبدأ الانسان الى التواكل والكسل؟ فما فائدة العمل والسعي والجهاد إذا كانت محصلة اليوم هو رزقا ً محددا ً يعطيه له الله؟ هذا الفكر لا يعبر عن فكر الله "لأن شَهْوَةُ الْكَسْلاَنِ تَقْتُلُهُ، لأَنَّ يَدَيْهِ تَأْبَيَانِ الشُّغْلَ")الامثال)
3- حوادث الطرق ومايتسبب عنها من موت وإصابات: هل نتجاهل أخطاء السرعة والإستهتار بها، أو عدم الإهتمام بصيانة السيارات أو تعاطي المخدرات وأسباب اخرى تسبب حوادث وكوارث يومية؛ وضحايا أبرياء ثم نلوم الله عليها؟
4- هل يُصيب الله الإنسان بالمرض؟ الله عند المصائب يعطي معونة لمن يطلبه، وفي حياة السيد المسيح على الأرض لم يقابل مريضا ً واحداً وتركه بمرضه على إعتبار إنه تجربة لابد أن يتحملها، بل كان يتحنن ويشفي ويلمس لمسات الحب والمساندة. ومن الغريب أن السيد المسيح كان يسأل المريض ماذا تريد أن أفعل بك؟ وكأنه يُصِر على أن كل إنسان لابد أن يختار مايريده سواء كان خيراً أو شراً.
5- في الزواج يتبنى الكثيرين مبدأ القسمة والنصيب وأن الزواج َقَدَر مهما فعل الانسان فلن يصيبه إلا نصيبه، وهذا قول أبعد مايكون عن العقل والمنطق وفكر الكتاب المقدس، الزواج إختيار إرادي ولا يمكن أن نقبل فكرة أن الله يُعيِن رجلا بعينه لإمرأة بذاتها أو العكس! ولكن الحَقّ الذي يعلنه الله أن هناك أسساً ثابتة لإختيار شريك الحياة وأن هناك خطوطاً عريضة تعطي نوراً ووضوحاً للاختيار، ويجب التخلي عن فكرة أن الزواج ينجح من تلقاء نفسه حتى بعد الأخذ في الإعتبار النقاط السابقة، لابد من بذل الجهد والرعاية الدائمة ليس فقط لإنجاح الزواج بل أيضا ً للمحافظة على نجاحِه مستمراً، أصبح اليوم هناك دراسات وكتب ودورات لتوعية المقبلين على الزواج لبناء علاقات صحيحة وزواجا ًناجحاً ومعرفة مساوئ التسرع والاندفاع في الإختيار أو الإختيار بدافع الحب والإعجاب فقط دون فحص شخصية شريك المستقبل، فهل نلوم الله على زيجات فاشلة قمنا باختيارها بكامل إرادتنا؟ مُعلِقين سوء إختيارنا على شماعة النصيب "وربنا عايز كده"!؟

محبتي للجميع



#مرثا_فرنسيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإرهاب ليس من المسيحية
- مشكلات الشيوخ والقسوس
- لقطات(مسئولية المجتمع)
- الله والحياة بلا أطراف
- الشيخ القوصي وجه مُشَرِّف
- داود الملك وخطايا البشر
- ضرب المرأة وكرامة الانسان
- المرأة ومتعة الرجل
- هل حقاً هناك خالق؟
- اُكفُل يتيم في بيتك
- هل المسيحية ديانة؟
- سيادة المشير طنطاوي: لحظة من فضلك
- المرأة والحب والمعجزات
- الضرب بيد من حديد
- سأحلم من جديد
- كيف لا أحبك؟
- محافظ قنا ومحافظ اسوان
- لقطات بعد الثورة
- انا من الأقلية
- سأفضي لك بأسراري


المزيد.....




- مرشح جمهوري يهودي: على رشيدة طليب وإلهان عمر التفكير بمغادر ...
- الولائي يهنئ بانتصار لبنان والمقاومة الاسلامية على العدو الا ...
- شيخ الأزهر يوجه رسالة حول الدراما الغربية و-الغزو الفكري-
- هل انتهى دور المؤسسات الدينية الرسمية؟
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ال ...
- الكشف عن خفايا واقعة مقتل الحاخام اليهودي في الإمارات
- الجهاد الاسلامي:الاتفاق أحبط مسعى ايجاد شرق اوسط حسب اوهام ا ...
- الجهاد الاسلامي:نؤكد على وحدة الدماء وصلابة الارادة التي تجم ...
- الجهاد الاسلامي:نثمن البطولات التي قدمتها المقاومة بلبنان اس ...
- الجهاد الاسلامي:اتفاق وقف اطلاق النار انجاز مهم يكسر مسار عن ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مرثا فرنسيس - الله الذي أعرفه