نهار حسب الله
الحوار المتمدن-العدد: 3445 - 2011 / 8 / 2 - 10:38
المحور:
الادب والفن
هي في مكان آخر..
عاشت في صميم قلبي قبل مولدي وكإن الرب أسكنها فيه قبل أن أرى النور.. لافتح عيني واكتشف وجودي على رؤياها.
اشعر بأني لم أخلقْ إلا من أجل حبها.. من أجل ضياء عينيها وأنغام صوتها الانثوي الخريري العذب.
غير إنها وَلتْ الى مكان آخر.. مكان اكثر بعداً من الاساطير.. مَضت دونما إشارة او تنبيه وغابت في آفاق مجهولة.. تلاشت كنجمة في السماء دهمها واخفاها النهار.
فتشت عنها في الشوارع والازقة.. في نفسي وفي فكري وأحلامي واوهامي، ولم اجد لها وجوداً إلا في دمعي ومناجاتي.
توسلت بكل من له سلطة وجاه.. تمنيت الوصول إليها ولو كانت في جهنم... الى ان وصلت الى ذلك المَلكِ الشيطاني الذي اُعد لزهق الارواح وكبت الانفاس ليس إلا.. توسلت مساعدته وأهديت روحي ثمناً لطيفها، تحملت عجرفته ولامبالاته.
وبعد طول عناء لم يكشف لي مكان وجودها مع ذلك الكم من التوسل.. لكنه قال:
- اطمئن... إنها في مكان آمن.. ولكن إكرهْ ان تكون معها الآن.. لأنك لازلت على قيد الحياة.
معزوفة
سأرقص على أيام ذاكرتي.. واغتسل بانهار دموعي، لاجعل من جسدي عشباً اخضراً متجدداً.
سأغظ النظر عن أوجاع الوجود، وأصم آذاني عن آهات الألم، وابتعد عن الاحياء الذين حولي..
كل هذا لأني مشغول بتأليف معزوفة تطرب الموتى وتحول سكون قبورهم الى صخب موسيقي قلما نشهده.. سأفتتح من لحودهم حانات صغيرة، واغير عتمتهم الموحشة الى رومانسية تفتقر الى العتمة والهدوء..
سنرقص.. سنشرب.. سنضحك جميعاً في المقبرة على معزوفة جديدة تحتفي بكل قادم.
صدأ الورد
ذات مساء مترب خانق.. استولت عصابة مسلحة على داري..
نهبوا وعبثوا واغتصبوا كل شيء حتى عرضي ومقدساتي، سرقوا كتبي وأقلامي ودفاتر ذكرياتي.. اقتلعوا ورود حديقتي التي ارتوت من ماء وجهي.
انجلت الايام وطواها الزمن.. وبيعت كتبي وايامي بابخس ثمن.. وزُرعت الورود في حديقة اخرى، إلا انها كانت أكثر وفاءً من تاريخي، لانها ظلت ترفض العيش في تربة مغتصبة وكانت ترغم نفسها وتسترجع دموعي التي روتها لتحولها الى صدأ ابيض مالح يطغي على جمالها ويقتل وجودها.
#نهار_حسب_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟