|
رجعيو البصرة وشيوعيو الموصل !
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3444 - 2011 / 8 / 1 - 17:45
المحور:
كتابات ساخرة
حّدثني أحد البيشمركة القُدامى ، من تشكيلات أنصار الحزب الشيوعي العراقي ، انه في مُقتبل الثمانينيات ، كان أهالي أو أصدقاء الثوار ، يبعثون لهُم ، بعض الأكل او الحلويات او الكليجة ، كُلما سنحتْ الفرصة لذلك ، وهذه الفُرص لاتأتي إلا مرةً او مرتين كُل بضعة أشهر .. فكانتْ هذه المناسبات ، تستحق الإحتفال من قِبَل الجميع ، حيث ان العادة جرتْ ، ان يقتسم الذي جاءته الهدية او الصوغة ، مع الجميع .. فيكسرون النمط اليومي من شظف العيش والرتابة ، ويخرجون لسويعات من سطوة وصرامة حياة الثوار القاسية . إلا ان الرزمة التي إستلَمَها رفيقهم الموصللي ، والتي كانتْ تحتوي بالتأكيد ، على البقلاوة ، وربما كُبة حلَب او الجرزات والسكائر ... لم يرَ أحدٌ منها شيئاً .. فكان الموصللي ، يأكل هذه الأشياء ، خلسةً .. وكان البيشمركة المتواجدين في تلك السرية ، خليطٌ من جميع مناطق العراق ، ففيهم البصراوي والبغدادي ومن أهالي راوة وعانة والنجفي والكُردي واليزيدي والمسيحي والمندائي ... الخ . كان الجميع متعوّدين على طبيعة رفيقهم الموصللي ، والذي كان يتصفُ بالشجاعة والإطلاع الواسع ، لكنه بالمُقابل يميل الى البُخل وعدم التشارك مع الآخرين ! .. وكان من ضمن الفصيل ، أحد البيشمركة يُدعى " س . ب " ... مثل الكثيرين غيره ، لايرسل له أحد شيئاً ، اما لانه من منطقة بعيدة أو ان القوى الامنية للسلطة هناك ، متشددة في متابعة أهالي وأصدقاء الثوار ، بحيث ان اي نوعٍ من الإتصال ، يُسبِب خطورة بالغة عليهم . مضى على " س. ب " شهور طويلة ، وهولم يذُق أي نوعٍ من الحلويات ، وحاول مرةً ومرتين ، ان يَصِل الى " المخبأ " الذي يضع فيه رفيقه الحلويات التي اُرسِلتْ له .. لكن من دون جدوى ! . فكظمَ غيظه ، الى ان إجتمع مع بقية رفاقه على العشاء ، بعد إنتهاء نوبة حراسته .. وبدأتْ كالعادة .. احاديثهم المتنوعة ، والتي تنتهي بالسُخرية من بعضهم البعض ، والتندُر على أوضاعهم .. فقالَ " س . ب " : أتعلمون شيئاً ، خُذوا هذهِ الحكمة من حضرة جَنابي ، مجاناً وفي سبيل الله ، وعن تجربة وعن خبرة طويلة : ان رجعيي البصرة أكثر كرماً من شيوعيي الموصل !! " . طبعاً ، كان هنالك العديد من البيشمركة ، من اهالي الموصل الطيبين ، الذين يتصفون الى جانب صفاتهم الرائعة الاخرى ، بالكَرم والجود .. بل ان صاحبنا أعلاه رُبما كان حالةً إستثنائية .. لكن المُشكلة ، ان " الحكمة " التي تَفّوهَ بها " س . ب " ، مُداعبةً .. أو لِيَفش خلقه وينتقم من رفيقه الموصللي .. سَرَتْ سريان النار في الهشيم .. وإنتشرتْ في بقية السرايا ، وأصبحتْ مَثَلاً !. وحُوِرَتْ أحياناً بعض كلماتها .. لكنها على أية حال ، إحتفظتْ بمعانيها الأصلية التي صاغها "س.ب" بعفوية قبل ثلاثين سنة !. وعلى نفس الوزن وقريباً من نفس القافية ، يُمكن القول " ان كَفرة اليابان اكثر رحمةً من مُسلِمي العراق " ! ، والدليل ان الخدمات العامة التي يُوفرها الحُكام الكفرة لشعبهم في اليابان أحسن من تلك التي يُقدمها لنا حُكامنا المسلمون ! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إبتسامات رمضانية
-
إنقلابٌ صامت في تركيا
-
الغُربَة .. وفُقدان الذاكرة
-
جَشع التُجار .. وحماية المُستهلِك
-
زيارات الرؤساء .. مَحَلِياَ
-
ايران والحدود مع العراق
-
سياسة فرنسا وتأثيراتها على العراق
-
ترشيقٌ على الطريقة العراقية
-
بين - الميتِنك - و - الإيتِنك -
-
الصحة النفسية لرؤساءنا
-
حكومتنا وصناعة الإحباط
-
يومٌ إيراني مشؤوم في العراق
-
- عصا - عُمر البشير
-
الفساد و - الأثر الرجعي -
-
المصريون و - الإستكراد - !
-
الصحفيون العراقيون .. وكِلاب التفتيش
-
المُعّلِمون .. أمس واليوم
-
المُؤمنُ يُلدَغ من جُحرٍ عشر مرات
-
النُخَب المُهّمَشة
-
- شالومكي - هو الذي يضرُبنا
المزيد.....
-
-روائع الأوركسترا السعودية- تشدو بألحانها في قلب لندن
-
التمثيل السياسي للشباب في كردستان.. طموح يصطدم بعقبات مختلفة
...
-
رشاد أبو شاور.. رحيل رائد بارز في سرديات الالتزام وأدب المقا
...
-
فيلم -وحشتيني-.. سيرة ذاتية تحمل بصمة يوسف شاهين
-
قهوة مجانية على رصيف الحمراء.. لبنانيون نازحون يجتمعون في بي
...
-
يشبهونني -بويل سميث-.. ما حقيقة دخول نجم الزمالك المصري عالم
...
-
المسألة الشرقية والغارة على العالم الإسلامي
-
التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة إنسانية
-
التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة انسانية
-
دار الكتب والوثائق تستذكر المُلهمة (سماء الأمير) في معرضٍ لل
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|