|
2083 ج 1
محمد الحداد
الحوار المتمدن-العدد: 3444 - 2011 / 8 / 1 - 03:20
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
قبل عشرة أيام، وبالضبط يوم الجمعة 22 . 07 .2011 الساعة 30: 03 بعد الظهر، حدث انفجار كبير وسط العاصمة النرويجية أوسلوا، حينها كنت في بيتي الذي يقع على أطراف المدينة، ويبعد عن مركزها بحوالي 20 كيلومتر، وكان في ضيافتي أختين لي مع أطفالهما، أتوا لقضاء عطلة صيفية عندنا في النرويج، لوجود الطبيعة الغناء، والهدوء، الذي لم يبقى بعدها كما كان. سمعت بخبر التفجير أولا عن طريق رسالة على الهاتف المحمول من شبكة أعلام نرويجية، قالت الرسالة أن النرويج تتعرض للاعتداء، وهناك تفجير حدث في مجمع الحكومة النرويجية. واستمر سيل الرسائل يصل، تقريبا كل دقيتين او أكثر أو اقل تصلني رسالة تخبرني بآخر المستجدات. صدمت بشدة، وطرأت على بالي أفكار كثيرة تجرني صوب اليمين والشمال، وقلت في نفسي، لم يبق مكان آمن، فها هو التفجير يلحق بنا أينما حللنا، فبعد أيام العراق السوداء من ثلاث حروب بعثية عبثية، وحصار، وجوع، وموت، ودمار، ها الموت والقتل العشوائي وراءنا، حتى وصل للنرويج. وكنت أشعر بخوف شديد وقلق أن يكون متشددي المسلمين وراء الحادث التفجيري، لأني مررت بتجربة قاسية بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، حيث تعرضت للتحقيق مرات عدة من قبل الشرطة، وكنت تحت المراقبة حتى داخل عملي، وكان هناك لقاء اسبوعي يجب أن أحضره مع ضابط نرويجي. استمر هذا الحال لعام كامل، وطلب مني حينها أن أعمل كناقل للأخبار عن العراقيين والعرب والمسلمين عامة، خاصة من يحضرون للجوامع، ورفضت ذلك بطريقة مؤدبة متحججا بطول فترة عملي، وبأني لا أحضر للجوامع. وفعلا انقطعت عن حضور أي صلاة أو أي تجمع لأي غرض كان في أي جامع من حينها ولليوم. واعيد الاتصال بي من قبل نفس الضابط بعد ان انتقلت للعيش في اوسلوا في آذار 2003، حيث طلب مني ان أسافر معه للعراق، لرغبتهم برؤية مواقع معينة كنت أعمل بها سابقا، وأن أكون دليلا لهم لمواقع قد أعرفها ولا يعلمون بها، يقصدون من ذلك مواقع تصنيع سلاح الدمار الشامل. واستطعت بصعوبة التخلص من هذا الأمر أيضا، ليس حبا بصدام، فقد كنت وما زلت من أشد الناقمين منه ومن أسرته وشلته، ولكن كان شعورا بالمرارة لما يمر به بلدي حينها ولحد يومنا هذا. أعود ليوم تفجير أوسلوا، فقد مرت كل هذه الذكريات وبلحظات أمام ناظري وكأنها تحدث من جديد. شاركني بتخوفي كل أفراد أسرتي، وكانوا يأملون أن الفاعل غير مسلم، خوفا من التداعيات القادمة علينا جميعا، وزيادة كم الكره والعنصرية والانتقام التي يتبعها. أخذت بعدها ريموت التلفزيون من ابنتي الصغيرة التي تحب أن تشاهد برامج ديزني طوال الوقت، وغيرت لمحطة الدولة الاولى، ورأيت صور مباشرة لموقع الحادث، ومدى الهوس والدمار الحادث. ولكنهم كانوا حذرين من تسمية او اتهام اي جهة لحد ذاك الوقت، وينقلون فقط ان رئيس الوزراء والعائلة المالكة بخير، وأنه تم نقلهم لمكان آمن. وبعدها أتت كلمة سريعة ومقتضبة لرئيس الوزراء النرويجي يتوعد بها الفاعلين بالعقاب الشديد، وبأن ما حدث هو ضد الديمقراطية النرويجية، وبأنه لن يسمح لأي أحد ولا أي منظمة كانت أن تجعل النرويج تتراجع عن ديمقراطيتها او سياساتها، وقال أن هذا التفجير هو فعل ارهابي ضد النرويج. بعدها وأنا أقلب بين المحطات النرويجية الأخرى، ظهر خبر ان هناك اطلاق نار في جزيرة نرويجية صغيرة اسمها اوت اويا، ولا يعرف السبب. غيرت للمحطات العالمية، ومنها سي ان ان، والبي بي سي، وفوكس نيوز، وغيرها، ووجدت ان بعضها يقول انها القاعدة تضرب في النرويج، والبعض اتهم ليبيا بسبب تهديد القذافي بنقل المعركة الى أوربا، والبعض اتهم القيادات الفلسطينية على أساس رفض النرويج الاعتراف بدولتهم لو اعلنوها بالأمم المتحدة. هذه التصريحات من قبل محللي الأخبار على هذه القنوات وضيوفهم من خبراء وسياسيين جعلتنا في توتر أشد، وقد عجبت شخصيا ان النرويج لم تتهم احد لحينها، والقنوات كانت شبه متأكدة أنها تعرف الفاعل من خلال بصماته، فمن قائل أنها طريقة القاعدة في التفجير بسيارة مفخخة، الى القائل بطريقة ارهاب القذافي السابقة في لوكربي مثلا، الى طريقة الفلسطينيين في خطف الطائرات وحجز الرياضيين رهائن وقتل الابرياء. ومن ضمن تقلبي بين المحطات، وجدت محطة نرويجية تسمى تي في تو تنقل مباشرة من طائرة مروحية تطير حول و فوق جزيرة، والجثث البشرية حول سواحل الجزيرة، وهناك من يسبح بالماء هربا من الجزيرة. كل هذا والشرطة لم تصل للجزيرة لمعرفة ما يحدث ولإيقاف المجزرة. استمر بث تلك القناة المباشر، وكثر عدد المروحيات، فبدل الواحدة، اصبحن اثنين، ثم ثلاثة، والشرطة لم تصل بعد؟ وانتقل البث بعدها لمكان على الأرض مقابل للجزيرة، وكان هناك تجمع للناس، مع سياراتهم، وكلهم لهفة لمعرفة مصير من بالجزيرة، ولكني لم أرى أي زورق مدني أبحر باتجاه الجزيرة لتقديم المساعدة! تغيرت وجهة كل الاعلام المرئي من جهة تفجير مجمع الوزارة الى الجزيرة، مع تضارب بالأنباء حول عدد القتلى والجرحى في التفجير، ولا أخبار من الجزيرة. وبعد وقت ليس بالقصير، جاء الخبر أنه تم القاء القبض على شخص من أصول نرويجية، وتم التأكيد مرارا على أنه نرويجي، وأنه جاري البحث عن شركاء له محتملين.
#محمد_الحداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في طبائع الاستبداد ج 12
-
قراءة في طبائع الاستبداد ج 11
-
ثقافة الجواري والعبيد
-
خطاب رئيس عربي
-
قراءة في طبائع الاستبداد ج 10
-
قراءة في طبائع الاستبداد ج 9
-
قراءة في طبائع الاستبداد ج 8
-
دعوة لخروج العراق من جامعة الدول العربية
-
قراءة في طبائع الاستبداد ج 7
-
قراءة في طبائع الاستبداد ج 6
-
قراءة في طبائع الاستبداد ج 5
-
قراءة في طبائع الاستبداد ج 4
-
قراءة في طبائع الاستبداد ج 3
-
ماذا قال مبارك لوزرائه في أعقاب يوم الغضب؟
-
قراءة في طبائع الاستبداد ج 2
-
قراءة في طبائع الاستبداد ج 1
-
بحث مقارن ج 14
-
قصيدة مجهولة النسب
-
بحث مقارن ج 13
-
بحث مقارن ج 12
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|