محمد محبوب
الحوار المتمدن-العدد: 3444 - 2011 / 8 / 1 - 01:52
المحور:
الادب والفن
أغلقت شرفتي
لأني لا أريد أن أسمع البكاء
إلا أنه وراء الجدران الرمادية
لا يُسمع شيء غير البكاء
لوركا
عندما أستمعت الى أعترافات أفراد الميليشيا الذي أرتكبت مجزرة عرس الدجيل قفزت الى ذاكرتي مسرحية فدريكو غارثيا لوركا الشهيرة (عرس الدم) التي تعد واحدة من روائع التراجيديا في المسرح العالمي ، أستمد لوركا فكرتها من قصة حقيقية حدثت في قرية بضواحي مدينة غرناطة الأسبانية مدينة لوركا ، هذه المسرحية حولت لوركا من كاتب مغمور الى واحد من عمالقة المسرح في العالم وعدت منعطفا كبيرا في تاريخ المسرح التراجيدي وطبقت شهرتها الأفاق ، جرى تقديمها في معظم بلدان العالم ومنها العراق ولمرات عديدة.
السؤال الذي طرحته على نفسي، ماذا لو كان لوركا عراقيا وعايش عن قرب هذا اللامعقول العراقي بكل وحشيته ودمويته، ماذا كان سيكتب ، هل تكفيه سلسلة من أعراس الدم ليستوحي ولو نزرا يسيرا من وحشية هذا الزمن العراقي المضمخ بالدم والدموع ..
في أسبانيا ذات يوم .. قرأ لوركا عن حادثة بسيطة لا جديد فيها نشرتها صحيفة محلية.. غريمان يتقاتلان من أجل أمرأة ليلة عرسها، أحدهما يقتل الأخر ، قصة عادية حدثت وتحدث في كل مكان، لكن لوركا صنع منها تراجيديا لم يعرف المسرح العالمي مثيلا لها ..
وفي العراق مليشيا مسلحة تهاجم موكب عرس قادم من بلدة سبع الدجيل الذي كان في البرية المقفرة يذود عن زائريه من غارات الذئاب وقطاع الطرق، تحوله الى عرس دم ، تقتل الرجال وتغتصب النسوة ثم تقتلهن وتلقي بالأطفال في النهر أحياءا ، تغتصب العروس في بيت الله وأمعانا في القسوة أمام أنظار عريسها، مع كل صلاة يعاد أغتصابها مرارا لثمان أيام ثم يؤتى بها وبعريسها الى شاطيء النهر ، يقتل العريس وهي تنظر ثم يقومون بقطع أثداءها ويتركونها تنزف حتى الموت !
لوركا العظيم سوف يقف متبلدا أمام فاتنازيا الدم العراقي هذه ، سوف تخور قواه الأبداعية ولا أظنه سيكتب حرفا واحدا !
ومن الغريب أن ميليشيا مسلحة ربما لاتختلف كثيرا عن الميليشيا التي أرتكبت مجزرة عرس الدم في التاجي قامت بأغتيال العظيم لوركا ، حدث ذلك في عهد الدكتاتور فرانكو الذي حول أسبانيا الى حقول موت.
نهاية تراجيدية وصفها الشاعر ماتشادو: لقد قتلوا فدريكو في الساعة التي يطل فيها الضوء. ولم تكن مفرزة الجلادين لتجرؤ على مواجهته. فأغمضوا اعينهم وصلوا قائلين: ان الرب نفسه لن ينقذك. وسقط فدريكو مجندلاً على جبينه الدم والرصاص في احشائه. ووقعت في غرناطة جريمة. هل تدرون؟ مسكينة هي غرناطة... غرناطته؟
#محمد_محبوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟