جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3438 - 2011 / 7 / 26 - 23:09
المحور:
كتابات ساخرة
قد تصاب بمغص معوي حين تصل إلى مرحلة الإرتياح بجانب قطة أو كلبة أكثر من ارتياحك في الجلوس إلى جانب ابنك أو أخيك أو زوجتك أو البشر العاديين وخصوصا الذين يستمتعون بقتل كل مظهر طبيعي في الحياة مثل الرجل الذي يستوطن في كل بلد عربي وكل قرية وكل حارة وهو يطارد بالعصافير وبالقطط الجميلة لكي يقتل مظاهر الجمال في الأدب والفلسفة والفنون وبنفس الوقت يرتاح في الجلوس إلى جانب المجرمين.
في وطني رجلٌ يكره أي شيء يتحرك وفيه روح جميلة..أو أي شيء في داخله ملامح الحياة الجميلة.. ويكره أيضا أي شيء تنبعثُ من داخله أو من خارجه الروائح المنعشة أو روائح الدماء الزكية.. وهو لا يستلذ لمنظري وأنا مستمتع بوقتي مع كلب أو مع فراشة أو مع عصفور طائر يحلقُ فوق رأسي,فلماذا هذا الكره؟!لقد قلتُ له مرة بأن يتركنا مستمتعين بمنظر الطبيعة وبمنظر الحيوانات الأليفة التي نألف لها وتألف لنا ونستأنس بهن أكثر من استئناسنا بمنظر مجالس النواب والبرلمانات العربية, وصدقوني أن الجلوس إلى جوار كلبة مع جرائها أجمل من الجلوس مع رئيس حكومة ووزراءه..ولا يستلذُ إلا لمنظر الدموع التي تسقط من شدة القهر ومن شدة الجوع ويحسد الحيوانات الأليفة على صحتها وعافيتها ويموت من القهر إذا رأى قطة تلعب وهي بكامل صحتها فيجمع من حوله بعض الأعوان لكي يساعدونه بالتسبب للقطة بالأذى من خلال كسر يدها أو رجلها أو من خلال كسر قلبها على صغارها من جراء فإن تسبب لقطة ببعض الجراح يرتاح قلبه وعقله وينام ليله الطويل مسرور البال والخاطر, ومرة من ذات المرات قال لي: كيف لا تصاب تلك الحيوانات بأمراضنا مثل السكري وضغط الدم؟!! فقلت له: ألا يكفي الكلب بأن يكون كلبا؟ هل تريد له مركزا اجتماعيا أقل من وصفه الحقيقي بالكلب؟ ومن ثم الحمار ألا يكفيه بأن خلقه ألله حمارا حتى تريد له مركزا أقل من الحمار؟والقطة صفاتها بأنها قطة أفلا يكفيها هذا الوصف؟ لماذا تحسد الفقراء على عافيتهم أفلا يكفيهم أو أفلا يكفينا أننا فقراء لا نستطيع الحصول على الخبز بالسهل أو بالهين, أنا وأهل الحارة مثلنا مثل تلك الحيوانات الضعيفة أفلا يكفينا بأن ألله خلقنا معذبين في الأرض وفي السماء!!وفقراء؟ لماذا تستكثرون علينا الصحة والعافية علما أننا نعاني من الوقوف تحت أشعة الشمس عدة ساعات للحصول على خمسة دنانير أو عشرة بعد أن نكون قد نزف عرقنا ودمنا للحصول على رغيف خبز واحد؟!!.
وإن تسبب لكلب بكسر يده أو رجله فورا ينشر ذلك الخبر بنفسه بين زملاءه متباهيا بدقة بصره في الرماية وكأنه في ميدان عسكري حربي ,وطلبتُ منه ذات يوم أن يترك العصافير والدبابير وثقوب النمل فقال لي" العصافير هذول أولاد قحبات" أكلن حبات التين عن التينة, ووصمهن بأنهن بنات عاهرات ,فقلت له: طيب من وين هؤلاء الضعاف سيأكلون إلا من بقايا موائدك الرحمانية, فرد قائلا: أنا سيد الأرض وسيد المكان وفضلني ألله على كل تلك المخلوقات ولا أطيق رؤية العصافير ولا حتى جراء الكلاب الصغيرة, وتصوروا حتى الصراصير يلاحقها ليلا ونهارا مانعا إياها من دخول المطبخ فيقوم بإعلان الحرب الكيماوية على الصراصير المنتشرة في المطبخ علما أن المطبخ هو المكان الوحيد الذي من الممكن أن تجد به الصراصير بعض الأطعمة الملوثة بالكيماويات,وهو لا يعرف أن يتكلم دون أن ينطق لسانه بكلمات بذيئة مثل قحبات وعاهرات.. وحين يصل إلى مبتغاه ينام قرير العين بعد أن يكون قد قتل 100عصفور وألف نحلة و1000دبور وما يقرب من كسر عشرة أرجل للقطط المتشردة, ويكره أي مصدر من مصادر الحياة ويكره الورقة والكتاب والقلم وأدوات التجميل والزينة والأفراح والمناسبات الشجاعة التي تعمل على تذكير كل إنسان بحقوقه المدنية, وهذا الرجل يكره الأشجار المثمرة فإن رأى شجرة مثمرة فورا يغلي دمه غليانا ويستعر استعارا فيرميها بالحجارة لتسقط عليه كل الثمار وهو لا يهمه في أي وسيلة يسقط عنها الثمار سواء أكان برميها بحجر أو برميها بالبارود أو بحرقها بالنار والمهم عنده أن يسقط من عليها أي ثمر دون أن يترك لقمة واحدة للأجيال القادمة.
ويكره العصافير التي تأكل الثمار أو العصافير التي تتخذ من الأشجار بيتا لها ساعة الهجير فإن رأى عشا على غصن من أغصان الشجرة فورا يقوم يقحفه بيديه المتسختين بدماء الصراصير الباردة مدعيا طبعا بأن تلك العصافير تعيش على حسابه الشخصي ومدعيا أنها تأكل نصيبه من الأثمار, فهو لا يريد إلا نفسه فقط لا غير فلا يطيق رؤية الحمام وهو يتطاير هنا وهناك حتى الفراشات الجميلة يضع لهن السموم في كل مكان كما يضع السموم في كل مكان للجراذين وللفئران وللحمام وللعصافير,وها أنا وباقي أهل الحارة نعاني من سمومه المنتشرة هنا وهناك فمن الممكن أن أتعرض أنا شخصيا لسمومه لأنه صادف أن أكل ابن الجيران من دالية العنب خاصته فأصيب الولد بالتسمم, فالتسمم منتشر ومرشوش في كل مكان جميل من الممكن أن يكون منتجعا للحب وللرومانسية, حتى الدبابير يلاحقها لكي لا تأكل من ثمار التين مدعيا بأنها تفسد عليه لذته في أكل ثمار التين ويهاجم أي عصفور بالطلقات النارية ومرة من ذات المرات نشر فتنة كبيرة بين النمل الأبيض والأسود وأشعل حربا بين الفريقين ما زالت آثارها إلى اليوم منتشرة في موقع الجريمة وإذا تأكد بأن العصفور قد أكل حبة عنب واحدة أو إذا تأكد بأن العصفور استلقى على غصن من أغصان شجرة التين الكبيرة متخذا من ورقة أو ورقتين مظلة يستظلُ تحتها والتي عمرها من عمري أنا, ويكره النمل, وأكثر شيء في الدنيا يكرهه هو النمل فهو يغار من ثقب الأرض الذي لا يدفع فاتورة كهرباء أو مياه وبوده لو يفرض على النمل فاتورة مياه وكهرباء ويتمنى لو يرى يوما تدفع فيه القطط المتشردة ثمن ما تحصل عليه من حاوية القمامة فهو يقول بأن القطط تأكل بشكل مجاني وهذا لا يجوز فلماذا لا يعاملها الناس سواسية به فتدفع حتى ثمن الحاوية التي تقفزُ فيها مستنشقة غاز الميثان وبوده حتى لو تدفع الكلاب المتشردة ثمن ما تحصل عليه من حاوية القمامة حتى لو كان غاز الميثان أو أن تدفع ثمن أكلها للجيف المرتمية على أكتاف الوديان,الذي في حارتنا إما أن يكون لصاً أو رئيس حكومة أو طماع أو حقير وأنا شخصيا لا أستطيع أن أميزه عن الدر كولات مصاصي الدماء, بل هو يزيد عن الدر كولات كونه يمص حتى دماء الأموات وحتى بيوت النمل والتي هي عبارة عن ثقوب وتصدعات في التربة الحمراء أو شقوقاً في الأبنية المتهاوية يهاجمها في منتصف الليل أو في وضح النهار فينهال عليها بأن يسكب بداخلها الكاز أو السولار أو مواد الجلي والتنظيف مثل الكلور والجولدن,وإن سأله أحدكم عن السبب فورا يدعي بأن هذا النمل أخو شرموطة يسرق من بيته بعض حبات القمح أو بعض فتات الخبز المتساقطة من أيدي الأطفال, وهو لا يطيق بأن يرى نملةَ تحمل بفمها حثروبة من حثاريب الخبز وهو في نفس الوقت لا يطيق سماع أصوات القطط فإن رأى قطة على باب بيته فورا يقول لها :يابنت القحبه انقلعي من هون ويلاحقها بالحجارة حتى وإن لم تأكل من نفايات مطبخه أو من النفايات الموضوعة في حاويات القمامة, وكثيرا ما كان يطلب مني العون والمساعدة في رشق العصافير الجميلة بالحجارة لأبعادها عن الأشجار أو عن أسطح المنازل ودائما ما أرفض الاستماع إليه فيلاحقها لوحده حتى وإن دخلت ثقبا صغيرا من ثقوب الأرض فوراً يدخل وراءها لينغص عليها عيشتها وراحة بالها.
في حارتنا لص أو مندوب حكومي لا يحب أن يرى شيئا يتحرك وفيه بقايا من النَفَسْ أو الروح أو الدماء الحية ويبقى طوال السنة يلاحق ببقايا الروح لينهي حياتها عن بكرة أبيها ومن ثم يتابع مشوار الألف ميل لكي يلاحق أي شيء فيه بقايا من الدماء, لذلك أنا وأهل الحارة نعاني من هجرة الفراشات الجميلة من حارتنا ووطننا ومن المستحيل أن نرى قطة جميلة أو حمامة مؤنثة مع حمام مُذكر يعشقان بعضهما البعض, ومن يوم أعلن حربه الشرسة على الأرواح الطاهرة ونحن نعاني من نقص عام في المزايا الجميلة ولدينا نقص في الطبيعة ومن المستحيل أن تشاهدوا في حارتنا أو بلدتنا أو وطننا وبه آثار متبقية من الجمال أو كاتب قصة يكتب عن علاقته بالقطط الأليفة لذلك هرب شعراءنا إلى الدول الأوروبية والأمريكية والأسترالية بحثا عن أي شيء جميل لكي يصفونه في أشعارهم,لقد دمر شخصية كل شاعر وكل فنان حين صادر الورود والزهور والأشجار التي أمر بقطعها أخيرا لكي لا تنام العصافير عليها وهرب أغلبية الرسامين وأغلبية المثقفين الساحقة بسبب غياب المخلوقات الأليفة التي نألف لها في بعض الأحيان أكثر من ألفتنا لبعضنا البعض فأنا أحيانا اشتاق للجلوس إلى جانب الكلاب أو القطط أكثر من اشتياقي إلى الجلوس بجوار رئيس تحرير صحيفة قمعية, وكم مرة نشرت منشورات سرية بيني وبين الحمام أو بيني وبين العناكب ولم يُذكر عني بأنني ألفت للجلوس إلى جانب رئيس حكومة أو رئيس جمهورية, فهنالك فرق بين أن تجلس مع رئيس حكومة يده ملطخة بالجرائم وبالدماء وبين أن تجلس إلى جانب صرصور لم يتسبب بأي أذى أو إيذائكم, فما هي جريمة العصفور؟ وما هي جريمة الكلب؟ وما هي جريمة القطة التي تريد حضنا دافئا أو عظمة أو بقايا طعام من أطعمتي الملوثة بالسموم واللقمة المغمسة برائحة الدم الكريهة, أعتقد بأنه لا توجد أي جريمة لأي مخلوق يريد أن يأكل ويشرب بسلام من على مائدة الرب ونحن ضيوفه, فكم كنت أستريح للجلوس إلى جانب القطط أو لملاحقة الفراشات الجميلة للعب معها, ومنذ أكثر من ربع قرن ولم أرى عصفورا طائرا أكتب عنه قصيدة أو مقالا جميلا وها أنا وحدي أعيش في بهو أو قبو لا يوجد به أشجار أو صيصان دجاج أو نمل منتظما في السير دون الخروج عن مسربه.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟