|
من وحي الحبة الزرقاء
حامد حمودي عباس
الحوار المتمدن-العدد: 3438 - 2011 / 7 / 26 - 20:32
المحور:
المجتمع المدني
لا أعرف مدى صحة ما يروى عن ملكة بريطانيا الحاليه ، كونها قالت .. " شكرا لمصنعي حبوب الفياجرا ، كونهم قد منحونا حياة أكثر سعاده " .. فإن صح بان جلالتها قد قالت ذلك فعلا ، فهذا يمنحني ، أنا القابع في سراديب الحرمان ، صبرا على ما في دواخلي من عجز أفقدني ما فقدته السيدة البريطانية الاولى من قدرة ، قبل ان تدخل الحبة الزرقاء الى بلاطها العامر .. غير أنني وفي كل الاحوال ، وجدتني مصدق لمشاعر جلالة الملكه اليزابيث ، حينما انهالت من حولي وفي أكثر من مقام ، اخبار انتشار تناول الحبوب المنشطة للجنس بين الرجال ، وخاصة الشباب منهم في منطقتنا العربية المسلمه .. وعندما سألت ومن باب الطرفه ، ألا يوجد ما ينشط النساء ايضا ، لتكون عملية الإيقاد واحدة عند الطرفين ، فيسهل علينا تنمية مجتماعتنا باتجاه زيادة النسل كما يأمرنا به فقهاء ديننا وباستمرار ؟ .. فكان الجواب من الجميع وبمنتهى الجد .. نعم .. بل إن العديد من الصيدليات المجربة والآمنه ، تتوافد عليها الكثير من النساء لاستلام حصتهن من الحبة الزرقاء وأخواتها ، لضمان بقاء الزوج نشيطا ولمدة يوم بأكمله ، مما يتيح لشريكة حياته حيزا من التلقي المثير ، بدلا من الهم والغم ، ومحفزات النوم مبكرا ، ورؤية الاحلام المرعبه . الجميع ممن يحملون الدم العربي ، وأنا منهم ، محرومون من القدرة على التصريح في العلن ، كما أعلنت الملكة العجوز ، بأن سعادة عظيمة تكمن في تلكم اللحضات الحميمة بين بني البشر ، والخالية من محفزات الشعور بالمهانة والدونية كما يظهرها للناس شيوخ النصح الرباني .. والمصيبة الكبرى هي أن هؤلاء المتنفذين ربانيا بين ظهرانينا ، هم أكثر المستهلكين للمنشطات ، لكونهم يبدون أضعف من إحتواء رضى عدد من النساء ، بحكم دستور يبيح لهم الدخول باكثر من اربع منهن مرة واحده .. ومع أنه معترك يجلب العار على المتحدث به لكونه يخرج بصاحبه عن حدود الحياء العربي الرفيع ، فإنني تشجعت في لحظة ما ، على البقاء عند حدود اللاحياء هذا ، لأحاور فكرة جلالة الملكة البريطانية ، وأنا اتطلع لصبية لم يتعدى عمرها وحسب تقديري الثامنة عشره .. لقد كانت لحظات الصراع بين بزوغ الفجر وملامح الظلام تمنعني احيانا من رؤية التفاصيل بدقه .. غير أنها كانت بالتأكيد تبحث في كوم للقمامة ليس بعيد عني ، وهي تجاهد لاختيار ما يمكن الاستفادة منه للبيع ، او اتخاذه كطعام للبشر او للحيوان ، لا ادري بالضبط .. وفي ذات اللحظه ، كان احدهم ممن تظهر على محياه معالم النخوة والحمية ، يسير الى جانب المكان بخيلاء لا حدود لها مترفعا عن النظر صوب الحرام في جسد تلك الصبية ، وليس الحرام فيما تفعله .. فكرت في نفسي .. ترى .. أين موقع الحبة الزرقاء في ذلك المشهد ؟ بالتأكيد ، وهذا هو تصوري في تلك اللحظه .. لو أتيح لذلك الفحل أن يمتد الجسد الغض الباحث في القمامة ، داعيا اياه أن يكسب لذته في غياهب الفجر المتصارع مع ضوء النهار ، فانه قطعا سوف لن يتخذ قرارا حاسما بالترفع عن تلبية تلك الدعوة حتى لو كانت مقابل كسرة خبز .. كانت الصبية تجاهد عبائتها السوداء وهي تتدلى على جنباتها لتمنعها من اتخاذ الاوضاع المناسبة كي تنبش وبحرفية كافية في اكوام الزبالة .. ليس هذا فحسب ، وانما هي في صراع مع قطعة قماش هي الاخرى سوداء لفت بها رأسها ورقبتها كحجاب من نظرات الحرام .. نظرات قد تثيرها شهية ذكر يمر بالصدفة لم تنتهي لديه بعد بقايا فياجرا تناولها في الليلة الماضيه .. لم تشأ تلك الفتاة أن تنتظرني حتى الملم خواطري المبعثره ، فتحركت مثقلة بكيس دست فيه ما وجدته اناملها الصغيرة بين بقايا فضلات البشر ، لتختفي من أمامي تاركة المكان لكيان آخر متلفع بسواد حجاب الفضيله ، وهو يبحث بدوره عن شيء مفيد بين أوساخ الرصيف عدت الى صومعتي عندما بانت اولى بواكير النهار ، لاشاهد ما يبثه الفضاء من صور لاحداث ، شرط ان لا تكون اخبارا عن السياسه في منطقتنا المطلة على حواف التاريخ القديم .. التلفزيون كان حينها يعرض مباراة في لعبة التنس بين شابتين اوربيتين ، فطاب لي ان لا اغادر ميدان اللعب ، وانا ارتشف لمحات البراءة في وجوه جميع الحاضرين من مشاهدي اللعبه .. كلا الشابتين كانت تكشف عن مساحة واسعة من جسدها ، وكانت احداهما حينما تعرضها الشاشة عن قرب ، وهي تتحضر لملاقاة الكرة من غريمتها منحنية بجسدها اللين الجميل ، وبطريقة لا تترك مجالا للشك ، في ان عربيا مؤمنا لو كان في الميدان حينها ، لاستعان بكل حبوب الفياجرا في العالم ، كي تسعفه من خجل الانقضاض على كل شيء في لاعبة التنس حتى عود المضرب .. بمقارنة بسيطة جدا ، بين لاعبة التنس وصبية القمامة .. يتمكن اساتذة علم الاجتماع دون الاستعانة باي منشطات ذهنية ، ان يرسموا خطا عريضا وباللون الحار كما يسميه الرسامون ، ليتبين من خلال الحدين ، مدى الحيف الذي نعيشه ، ومدى الخير الذي يعيشونه .. فنحن نتباهى بتاريخنا الممتليء الى هامته بشتى انواع الحبوب المنشطة للجنس ، ولا يخلوا اي فصل من فصوله من سرد ملاحم تمزيق البكارات ، وبطرق تفنن فيها اباطرة جميع العهود ( العظيمة بعظمة رجالاتها الميامين ) .. إنه تاريخ أجرب لا زال مصر على نفض قذاراته بكل وقاحة ، ليقتحم عقولنا وعقول من يلينا من اجيال ، ليحفر فيها قسرا ، ويزرع ثوابت جميعها منتهية الصلاحية ولا تصلح للاستهلاك الآدمي .. كل هذا والبعض من رواد البحث عن كلمة سواء ، بيننا وبين العالم المتمدن ، يغفلون او يتغافلون ، كون ان الأساس القديم لهيكلنا الثقافي والاجتماعي ، لا زال قديما ولم يتجدد ركن فيه رغم مرور مئات العقود .. فلا الخوض في الفلسفة عموما ، ولا البحث وبشتى انواع الاظهار الذميم للقدرات الفكرية ، عن مخرج لما نحن فيه من أزمات مزمنة ، ينفع في اخفاء حقيقة مفادها ، هو ان مجتمعاتنا لا تريد حريتها ، ولا تتقبل اختفاء طغاتها ، ولا ترتاح الا عند مظاهر التصفيق والهتاف لاولئك الطغاة ..مجتمعات لا تجيد الانتفاع من تجارب غيرها لكي تثور وبشكل يزيح عن كاهلها ظلم الظالمين ، فهي حتى وان قررت الثورة ، فنتائج ثوراتها تبقى حمالة أوجه قد تعود بها الى ما هو اسوء .. انها مجتمعات تحسن فقط ، البحث عن افضل الاوقات لتناول حبوب الفياجرا ، لكي تخمد نار موقدة في الذات العربية منذ بداية التاريخ .. ولا تريد ان تنطفيء
#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حنطاوي
-
أسماك الزينة وصوت كوكب الشرق .. حينما يأتلفان .
-
ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. النهايه
-
ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و
...
-
ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و
...
-
ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و
...
-
ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و
...
-
ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و
...
-
ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و
...
-
ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و
...
-
ألعراق لم يكن إرثا من آبائكم .. فكيف تتبرعون بأراضيه ؟!
-
ألحزن الكبير ...
-
كان لدينا قطار للموت .. فهل سمع أحدكم بذلك ؟!!
-
الفودكا .. واختراق الحصار ..
-
دعوة نصوح .. كي يموت فينا الضد السيء .
-
أمريكا تحتفل بافضل راقصيها..
-
للحقيقة .. إتجاه واحد .
-
لمصلحة من يجري التحامل على التجربة السوفيتيه ؟؟ .
-
كيف السبيل لإرضاء شركاء الدم ؟
-
هيبة القانون ، أم هيبة الدوله ؟
المزيد.....
-
كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
-
اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
-
ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها
...
-
العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|