أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبدالرحمن النعيمي - معركة الفلوجة ومدلولات حرب الابادة الاميركية في العراق















المزيد.....


معركة الفلوجة ومدلولات حرب الابادة الاميركية في العراق


عبدالرحمن النعيمي

الحوار المتمدن-العدد: 1024 - 2004 / 11 / 21 - 12:02
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


عندما اخرجت القوات الاميركية والمتحالفة معها قوات صدام حسين من الكويت عام 1991، وابادت فرقاً كاملة من الجيش العراقي، (والكثير منهم تحت الدشم المسلحة وفي الرمال وهم احياء!!) مستخدمة كل وسائل الابادة للقوات المهزومة، القى الرئيس الاميركي خطاب النصر قائلاً: لقد دفنا عقدة فيتنام في عاصفة الصحراء..

كانت هدية لا تقدر بثمن من النظام العراقي للامبريالية الاميركية ان حررها من عقدة فيتنام ووضع المنطقة برمتها تحت الهيمنة الاميركية .. ليواجه الشعب العراقي سنوات عجاف من الحصار الاقتصادي الذي اعاد الشعب العراقي عقوداً الى الوراء.

الا ان ادارة بوش الابن، الذي جاء الى البيت الابيض بعد صراع مرير على اصوات قليلة من ولايات تذبذبت في التصويت لهذا المرشح الجمهوري او ذاك الديمقراطي، قد وجد ان عليه مواصلة ما بدأ به والده وما توقفت عنه ادارة كلنتون (دون ان ننسى الهجمات العسكرية الضخمة والمتكررة على مواقع عسكرية ومدنية عراقية للبرهنة بأنها مع تجويع هذا الشعب والموت البطيء له، وعبرت عن ذلك بوضوح وزيرة الخارجية، مارلين اولبرايت، التي علقت على سؤال صحفي حول موت مئات الآف من الاطفال العراقيين.. بقولها ليس مهماً أن يموت نصف مليون طفل عراقي!!) .. وكان الحكام العرب يتضرعون الى الله ان يعيد اليهم بوشهم او ابنه، فالحزب الجمهوري حليفهم لكونه الأكثر التصاقاً باحتكارات النفط ومجمعات صناعات الاسلحة وكلاهما مرتبطان اشد الارتباط بسادة النظام العربي خاصة في الدول النفطية التي لا تعرف كيف تبني اوطانها فتشتري السلاح (والسلاح زينة الرجال!!) ليكون تحت تصرف الجيوش الاميركية عندما يتطلب الامر ذلك، او يتحول الى خردة يمكن بيعه ضمن صفقات يحصل من خلالها البعض على عمولات تودع في البنوك والخزانة الاميركية لضمان قوة الاقتصاد الاميركي الذي يشكل العمود الفقري للاقتصاد العالمي الذي يريد بعض الحكام العرب ان يبقى قوياً يتفاخرون بدعمهم واسنادهم له!!

ويقال ـ والذمة على الراوي ـ ان بعض الحكام العرب قد اسهموا في حملة بوش الابن، خاصة بعد أن ردد المرشح الديمقراطي، كيري، بأنه لن يتردد عن استخدام كل الوسائل لاجبار انظمة التخلف العربية لتحديث اوضاعها واقامة دولة المؤسسات والقانون، حتى لو تطلب الامر تغيير هذه الانظمة، بالاضافة الى انهم باتوا يعرفون نوعية الضغوط التي قد توجهها الادارة الاميركية الجمهورية اليهم، وماذا تريد الادارة البوشية، فالحرب ضد الارهاب (وغض الطرف عن ارهاب الدولة وقمع الدولة ودكتاتورية الانظمة العربية، واعتقال الشخصيات الاصلاحية قبل المتطرفة) متفق عليه بين الكثير من الحكام العرب والبيت الملطخ بدماء الشعوب في واشنطن، ويمكن اغضاب واشنطن في اطلاق سراح بعض المعتقلين الاصوليين مع تقديم تنازلات كبيرة في الميدان الاقتصادي للتأكيد على التحالف الاستراتيجي مع هذا العدو الذي يبرهن يومياً انه لا يرى في العرب سوى هنوداً حمراً يجب ازالتهم، فقد بات العرب والارهاب والاسلام مترادفات لشبح محدد في قاموس الادارة الاميركية .. والاصلاح والديمقراطية يمكن تأجيلها بعض الوقت!!.

**

رفعت الادارة الاميركية شعار تحرير العراق من الدكتاتورية والارهاب، وتدمير اسلحة الدمار الشامل. وحيث كان الجميع مقتنعاً بأن ذلك النظام المحاصر لم يكن قادراً على انتاج اسلحة دمار شامل .. الا ان المطلوب تصفية الحساب معه وانهاء الوضع المعلق، ليس بدعم واسناد المعارضة العراقية .. والضغط على النظام لتحقيق انفراج سياسي .. وانما شن الحرب على العراق واحتلاله وجلب المعارضة المستعدة ان تكون مطية للمحتلين منفذة اوامرهم بالدرجة الاساسية.. في الوقت الذي كانت عيون الاميركان على حقول النفط في الجنوب والشمال.. فالنفط هو القضية المركزية في الصراعات الدائرة في المشرق العربي وايران .. ولا يمكن تفسير أي حدث في المنطقة دون الاخذ بعين الاعتبار هذا العامل الاساسي الاستراتيجي في الصراع.

ومنذ البداية كان المشروع الامريكي مشروعاً تفتيتاً للعراق، حيث بدأ الحديث عن السنة والشيعة والاكراد.. وليس عن الشعب العراقي المرتبط بأمته العربية والذي يرى في الاقليات القومية المتواجدة في بعض اجزاء من الوطن العربي عامل قوة عبر الايمان بحقها في الوجود وحقها في المساواة وحقها في اقامة كياناتها القومية ضمن عملية تاريخية للاخوة الاكراد الذين وقفت كل الدول الكبرى ضدهم في اعقاب الحرب العالمية الاولى.. وباتوا ممزقين بين دول متجاورة من مصلحتها قمعهم وعدم اعطائهم اية حقوق قومية كما هو الحال في تركيا وايران ..

من البداية كان المشروع الامريكي تمزيق الشعب العراقي.. وارسال رسائل الى كافة شعوب المنطقة بأن "التحرير" الامريكي يمكن ان يتم عبر الاعتماد على الفسيفساء الاثنية او القومية او القبلية او المناطقية لهذه المنطقة.. وانه في الوقت الذي يتواصل الحديث عن وحدة العراق ووحدة المملكة ووحدة سوريا ووحدة هذا البلد العربي او ذاك.. فان الامريكان يمكنهم ان يستثمروا تياسات وحماقات وما ولده قمع الانظمة الدكتاتورية من ردود فعل شعبية .. لتحقيق بعض الاحلام والرغبات والمطالب لهذه الطائفة او تلك المنطقة او الدويلة او سواها.. ولن يترددوا عن الوقوف مع هذه الحركة او تلك لاضعاف النظام المركزي مستفيدين من حماقات ذلك النظام وتسلطه .. كما نشاهد في السودان.

سياسة (فرق تسد) هي السياسة التي يتبعها الامريكان منذ احتلالهم للعراق .. بل يمكن القول بأن السياسة الامريكية في مواجهتها للحركة التقدمية العربية او غيرها في بلدان العالم قد اعتمدت على تعزيز وتقوية الحركات المذهبية المتطرفة كما مثلتها الحركة الوهابية وما افرزته من تنظيم القاعدة لاحقاً.. (فالحركات المتطرفة الاقصائية سواء اسلامية او قومية او شيوعية تولد بالضرورة نقيضها الأكثر بؤساً والذي يرد عليها بالعودة الى التشكيلات المشابهة او الأكثر تخلفاً) وتنظيمات الفرقة الناجية في العديد من البلدان العربية والاسلامية .. وبالتالي استندت على ذات الاساليب التي اعتمدتها الانظمة المتخلفة في تغذية التيارات الاسلامية الاكثر تطرفاً لمواجهة كافة الحركات السياسية الشعبية الاسلامية المعارضة او الديمقراطية ..

ولا شك ان هذه اللعبة يمكن ان تحقق نجاحات ملموسة في بداية الامر، خاصة اذا كان النظام السائد قمعياً الى الدرجة التي يريد الناس ان يتخلصوا منه بأي ثمن.. لكن تبدأ الحسابات من جديد وبسرعة للرد على حسابات المحتل والاجراءات التي يتخذها لتحقيق مصالحه او تلبية رغبات القوى المتضررة من النظام القديم..

كانت الادارة الامريكية (الممثلة لاحتكارات النفط والسلاح) لها حساباتها الخاصة في العراق .. بل وحساباتها الخاصة في عموم المنطقة من افغانستان الى المغرب (وهي منطقة عمل القيادة المركزية الامريكية التي تتخذ من قاعدة الجفير في البحرين مقراً لعملها).. كانت حساباتها نفطية بالدرجة الاساسية.. فالنفط هو شريان الحياة ولم يتمكن العلم للوقت الحاضر من اكتشاف مادة يمكنها التعويض اقتصادياً عن النفط كطاقة، ناهيك عن النفط بمستقاتها الهائلة التي لاحصر لها.. وما قيمة الديمقراطية امام الارباح النفطية الهائلة؟ .. بل ما قيمة الديمقراطية اذا كانت ستولد انظمة تثير تساؤلات كبرى حول النهب المنظم وغير المنظم لهذه الثروة الاساسية لشعوب المنطقة والتي قد تنضب في القريب العاجل أو الآجل. اذا استمر (شفط) نفط العرب وتخزينه في ابار النفط التي نضبت في الولايات المتحدة الامريكية بالاضافة الى المخزون الاستراتيجي من النفط!!

**

نظرت الادارة الامريكية الى الشعب العراقي بصفته مكوناً من اقسام ثلاثة يمكن استخدامها ضد بعضها البعض.. الشيعة والاكراد والسنة.. بالاضافة الى البهارات القومية الاخرى!! ولم ترى في ممثل الحزب الشيوعي سوى فرداً في الكوتا الشيعية!! وحيث انها تحارب الشيخ اسامة بن لادن زعيم القاعدة الوهابي المتطرف.. فان بالامكان دغدغة عواطف سائر الطوائف والاقليات الاخرى بتخويفهم من زحف بن لادن واستخدامه كفزاعة .. وتسهيل الكثير من الامور امام كثرة من الارهابيين واللصوص وقطاع الطرق وعصابات الموساد الاسرائيلي الذين تسللوا بموافقة امريكية لا غبار عليها لبث الفتنة من جهة ولسرقة الآثار العراقية من جهة ثانية (فللصهاينة الذين يعتبرون انفسهم الفرقة الدينية الناجية ثارات تاريخية في العراق اذا نظرنا الى الصراع من زاوية الصراعات الدينية، وهي ما تتمسك به الحركة الصهيونية كحركة رجعية عنصرية متخلفة معادية للاندماج ، والمؤكدة على التقوقع ومجمعات الغيتو حيث من خلالها يمكن تعزيز الرؤيا للقاعدة العنصرية في فلسطين وتغذيتها بعوامل القوة والحياة والدعم المستمر لها من مراكز القوى الامبريالية).

ولا يمكننا تبرئة الحركات الاسلامية العراقية من تهمة السقوط في المستنقع الامريكي.. بل يمكن القول بأن الحركة الوطنية العراقية التي نهضت في العشرينات على ارضية المواجهة ضد المحتلين البريطانيين، لم تتمكن من ان تكون الرقم الاساسي البارز في معادلة الصراع الوطني ضد المحتل، بل امكن للتنظيمات الاسلامية المتطرفة ان تحتل حيزاً كبيراً من الصورة.. وكان من المفيد للامريكان التركيز على حماقات هذه التنظيمات والتي تمثلت في الاختطاف وجز الرؤوس والمطالبة بفدية مالية او مغادرة جنود تلك الدولة ـ الذنب، واقامة دويلات طالبانية اينما وجدت فيها مجموعة مسلحة اسلامية متطرفة ولديها القدرة على توصيل اشرطتها الى الفضائيات العربية التي تبارت في ابراز فضائح هذه المجموعات..

بل ان هذه الجماعات المتطرفة لم يكن هدفها المركزي والاستراتيجي هو توحيد الشعب العراقي وازالة الاحتقانات السابقة وتشكيل (جبهة تحرير العراق) من الاحتلال الامريكي على غرار ما شاهدناه في الكثير من بلدان العالم التي تعرضت للاحتلال الاجنبي (ويمكن دراسة التجربة الفيتنامية وتجارب بلدان الهند الصينية وكذلك تجربة جنوب افريقيا، حيث قادت الاحزاب الشيوعية في هذه البلدان تحالفاً وطنياً واسعاً من اقصى اليمين الى اقصى اليسار، موحداً في النضال ضد المحتلين وموجهاً بوصلتهم بوضوح لتحقيق هدف اخراج قوات المحتل واقامة النظام الوطني البديل، وفي ذات الوقت تقديم البدائل الاجتماعية والاقتصادية المتقدمة المعبرة عن مصالح قطاعات شعبية واسعة وبالدرجة الاساسية الفلاحين والعمال)، بل كان همها الاساسي اقامة غيتوات متخلفة تنفذ عبرها برامجها السياسية والاجتماعية الطالبانية ، مما اثار الكثير من التحفظات الوطنية والمذهبية الاخرى وسهل على الامريكان التركيز على هذه الجماعات اعلامياً وسياسياً ليسهل تدميرهم في اللحظة المناسبة للهجوم العسكري.

ولا يمكن القول بأن المقاومة العراقية الباسلة هي هذه الجماعات التي ابرزتها وسائل الاعلام الاجنبية او العربية التي عاشت على الاثارة بالدرجة الاساسية.. بل ان الشعب العراقي برمته ضد الاحتلال.. ويقول الكثير من الاصدقاء العراقيين ان التذمر يسود كل التنظيمات السياسية التي وقفت الى جانب المحتل الامريكي، سواء وسط العرب او الاكراد.. وان رصيد تلك التنظيمات بات يتناقص خاصة بالنسبة للحزبين الكرديين الكبيرين والتجمعات الاسلامية العربية التي راهنت على الاحتلال الامريكي لتحسين اوضاعها ضمن الرؤيا الطائفية التي ارتكزت عليها..

**

معركة الفلوجة ضمن هذا الاطار من الصراع .. هي معركة ضد الاحتلال الامركي .. كما كانت كل المعارك التي خاضها الشعب العراقي من البصرة الى النجف الى الرمادي والموصل وكركوك.. بغض النظرعن القوى الشعبية الفاعلة فيها.. الا ان نوعية هذه القوى التي تم التركيز عليها قد شكلت وعياً زائفاً لدى الكثير من القوى الشعبية العربية .. حيث وجد فيها البعض صراعاً يقوده السنة او صراعاً يقوده تيار شيعي محدد متجاهلين الصورة العامة للصراع.. وكيفية الاستناد عليها للابتعاد عن التشوهات التي لحقت بالمقاومة العراقية من جراء سلوك هذه الجماعات المتطرفة..

ولم يكن الامريكان يستهدفون طائفة معينة او اقلية معينة الا لدورها في الصراع ضدهم.. وكانوا يبدلون تكتيكاتهم بشكل مستمر بين الفترة والاخرى.. بدءاً من جلب الحاكم العسكري غارنر، ثم استبداله بالحاكم المدني بريمر وادواته في مجلس الحكم .. ثم العمل على تسليم جزء من السلطة الى الحكومة العراقية واقامة جيش وشرطة عراقية يمكنها ان تكون رديفاً لهم (ويمكنها ايضاً ان تكون القوة البديلة لقوات الاحتلال والتي ستصطدم بالضرورة مع قوات الاحتلال اذا اصرت الاخيرة على البقاء في العراق… تماماً كما شاهدنا في الوضع الفلسطيني حيث اصرت القيادة الصهيونية على اقامة شرطة فلسطينية تكون مهمتها تنفيذ اتفاقيات اوسلو وحفظ الامن داخل المناطق الفلسطينية واراحة الجيش الصهيوني من اعباء مواجهة القوى المقاومة للاحتلال الصهيوني.. وكانت تستهدف دفع الشعب الفلسطيني الى الحرب الاهلية والاقتتال الحماسي ـ الفتحاوي، لكن وعي الشعب والقيادات الفلسطينية التي حرمت الاقتتال الاهلي قد جنب الساحة الفلسطينينة الكثير من المخاطر، حتى وصلت الامور الى المنعطف بالانتفاضة الشعبية الباسلة .. وانقلب السحر على الساحر حيث من خلال هذه الشرطة تدرب الكثير وحملوا السلاح وباتت المواجهة حتمية بينهم وبين قوات الاحتلال وبين القيادات العميلة التي تأتمر بأوامر المحتلين.. وكانوا ولا يزالون قلة).. بينما نجد المقاومة العراقية او ما اراد الاعلام تصويره موجهة ضد الشرطة العراقية والحرس الوطني العراقي ورموز المرحلة الضبابية من العراقيين.. ولم نسمع عن مقتل مستشار امريكي (وهم كثيرون في الوزارات العراقية) ولم يكن القتلى من الجيش الامريكي الا قلة قياساً الى الاعداد الهائلة من ابناء الشعب العراقي الذين اضطروا للعمل في الدولة الجديدة ليواصلوا الحياة وسط الظروف الصعبة والقاسية.. مما صور الامور وكأن النظام القديم يريد العودة ويري تدمير البدائل المحلية التي يقيمها المحتل، ويمكن ان نقول بأن الامريكان قد حققوا اهدافهم في ضرب الشعب العراقي بعضه البعض.. وبات الكثيرون يريدون من الامريكان انقاذهم من هذه السيارات المفخخة ومن تلك العصابات التي تخطف الابرياء وتجز رؤوسهم وتبرز عملياتها الاجرامية على شاشات الفضائيات التي لم تعد قادرة على بث تلك المناظر البشعة.

تلك المقدمات التي استفاد منها الامريكان.. وباتت معاركهم في النجف وكأنها موجهة ضد جيش المهدي.. بينما معاركهم في الفلوجة ضد جيش محمد !!! وبينما نشاهد الجيوش الامريكية تقتحم المساجد التي احتضنت عشرات الشهداء.. يتحدث رئيس الوزراء العراقي ووزارئه عن دور الشرطة العراقية والحرس الوطني العراقي الذي لم نشاهد فرداً واحداً منهم في معركة الفلوجة!!! ولكن من الجهة الاخرى كان بالامكان اثارة معركة سياسية واعلامية وانسانية كبرى ضد العصابات التي امتهنت الخطف والاغتيال في قضية المختطفة العراقية (الايرلندية) لتختفي عملية اغتيال الجريح العراقي في المسجد في المؤخرة، بل وتوضع في الملفات ـ التي سرعان ما تبرد ـ مع قضايا التعذيب البشعة في سجن ابوغريب!

**

والادهى من ذلك ان هذه الصورة المزيفة للصراع في العراق قد بدأ تعميمها عربياً واسلامياً.. بحيث انقسم الناس الى فرق واحزاب.. لا على اساس الموقف من المحتل الامريكي والاهمية الوطنية والقومية والانسانية لدعم الشعب العراقي في مقاومته ضد المحتلين وتحريره وطنه.. ومواجهة الزحف الامريكي الصهيوني على المشرق العربي .. وانما الانتظار لفتوى من رجل الدين الشيعي او فتوى من رجل الدين السني .. مما يعني السقوط في المستنقع الامريكي الطائفي التمزيقي.. بل واستعداء الناس على بعضهم البعض على اساس الطائفة وعلى اساس المرجعية.. حيث يخون رجل الدين اذا لم يدلي بفتوى تحرم الحرب مع الامريكان.. (مع اننا لا نحتاج الى فتاوى من رجال الدين حول هذه المهمة الوطنية.. ونريدهم فقط ان يكونوا في الصف الوطني كما عودنا الكثير من رجال الدين الافاضل في التاريخ العربي والاسلامي المعاصر.. دون اهمال الدور السلبي للبعض الآخر.. بل واحياناً الخطير للبعض الذي امتازوا بالنفاق لحكام المستبدين يزينون لهم فجورهم ويطالبون الناس بطاعتهم بدعوى "ان الفتنة أشد من القتل"!)

**

ومن ضمن من سقط في اللعبة الاميركية بعض نوابنا الافاضل .. الذين عبروا بوضوح عن الوضعية الطائفية البغيضة التي نعيشها في الوقت الحاضر. (والتي تحدثنا كثيراً عنها في مقالات سابقة، ووضعنا اللوم الاساسي على النظام السياسي، وطالبناه باتخاذ خطوات عملية تخفف من الاحتقان الطائفي وتؤسس لعقلية المواطنة المتساوية.. لكن الاذان لا تسمع!!) وساد الهرج والمرج والشتائم مجلسهم حيث لم تكن النبرة الطائفية بعيدة عن الموقف السياسي.. حيال مايجري في الفلوجة.. وبرهنوا عن عجز سياسي (ومن المؤسف انهم لا يناقشون سياسة.. سواء ما يتعلق بالبحرين او غيرها.. فهمومهم غير سياسية، فلم نسمع سؤال عن علاقات البحرين مع قطر.. ولم نسمع سؤال عن العلاقات مع الشقيقة الكبرى وما نواجهه معها في الوقت الحاضر من هزات نفطية.. ناهيك عن مجلس التعاون الخليجي وغيرها من قضايا سياسية كبيرة.. وهذا ما يريح السلطة التنفيذية!!).. ولم يتردد البعض ـ المفترض أن يكون أميناً عليها ـ من تسريب اشرطة الجلسة.. ومنتجة الشريط . ثم الدعوة الى الوحدة الوطنية!!!

**

تلك تداعيات الغزو الامريكي للعراق.. وتداعيات مرحلة بأكملها نهضت خلالها الحركة الاسلامية السياسية .. قدمت خلالها الكثير من التضحيات في فلسطين وغيرها.. لكنها مرحلة كان من المفترض أن تستوعب كل الحريصين على اوطانهم ..وبشكل خاص الحريصين على تقدم مجتمعاتهم وتوحيد امتهم لتكون قادرة على مواجهة الهجمة الامريكية الحالية والقادمة.. واستحقاقات الموقع الاستراتيجي هذه المنطقة من العالم، وما تحتويه من النفط الذي يتدفق بغزارة في وقت ينضب من الكثير من مناطق العالم!!

ومن خلال متابعة الصراعات الدولية الراهنة، يمكن القول بأن هذه الدول (الاتحاد الاوربي وفيالمقدمة فرنسا، والاتحاد الروسي والصيني) التي تطالب بالتعددية القطبية وضرورة اعادة امريكا كافة مواقفها وخاصة في العراق تدرس بعمق مجريات الصراع الدموي في العراق ضد الامريكان ومدى تأثيره على القوة الامريكية وبالتالي قدرة هذه التكتلات الدولية على الدخول في الساحة في الوقت المناسب حيث لا بد للوحش الامريكي من طلب النجدة من حلفائه ـ الضواري لتقسيم العكعكة النفطية من جديد!! وهذا ما يمكن مراقبته بدقة في مؤتمر شرم الشيخ..



#عبدالرحمن_النعيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسؤولية الحركة السياسية ورجال الدين والقيادة السياسية والموا ...
- ولي عهد البحرين يعلق جسر الإنذار
- مؤسسات المجتمع المدني ومساهماتها في صنع القرار
- مساهمة في الحوار حول تحرير سوق العمل
- خطط لتحرير سوق العمل في البحرين
- هل يشعل البحر إشكالية جديدة في البحرين؟
- عائدات النفط المتصاعدة وترابطها مع الإصلاح السياسي
- معتقلو دول مجلس التعاون في الأجندة الأمريكية
- الإعلام ودوره في مرحلة الإصلاح والحوار الوطني
- من أين نبدأ بالإصلاح؟
- حوار مع النعيمي في المشاهد السياسي
- أهمية بناء الكادر للحركة السياسية


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبدالرحمن النعيمي - معركة الفلوجة ومدلولات حرب الابادة الاميركية في العراق