|
حواتمة في برنامج -رحلة في الذاكرة- (الحلقة الخامسة)
نايف حواتمة
الحوار المتمدن-العدد: 3436 - 2011 / 7 / 24 - 13:56
المحور:
مقابلات و حوارات
قضايا ثورات التحرر الوطني العربية
الحركات والأدوار في مسار النضال حاوره: خالد الرشد فضائية "روسيا اليوم" المذيع: مشاهدينا الكرام مرحباً بكم من جديد إلى حلقة هذا الأسبوع من برنامج "رحلة في الذاكرة" ... في الحلقة الخامسة يتحدث الأستاذ نايف حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين عن علاقات الجبهة ببلدان المعسكر الاشتراكي. كما يدور الحديث عن الاختلاف الفكري والإيديولوجي للجبهة الديمقراطية مع التيارين المنقسمين السوفييتي والماوي داخل الحركة الشيوعية الدولية وموقف الجبهة من هذا الانقسام. ويتحدث السيد حواتمة عن موقف الاتحاد السوفييتي من منظمة التحرير الفلسطينية منذ تأسيسها وحتى مطلع السبعينيات، ويسرد الأسباب التي جعلت الاتحاد السوفييتي والحركة الشيوعية الدولية بشكل عام تعتبر المقاومة الفلسطينية بشتى أطيافها "حركة برجوازية صغيرة مغامرة" وما الذي جعل الاتحاد السوفييتي يغير موقفه من المقاومة الفلسطينية في مطلع السبعينيات.
أستاذ حواتمة مرحباً بكم من جديد في برنامجنا ... حواتمة: أهلاً بكم
المذيع: سنتكلم عن موضوع هام جداً وهو العلاقات بين الاتحاد السوفييتي وبين منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة بين الاتحاد السوفييتي والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وبداية أريد أن أستشهد هنا ببعض ما قيل بالصحف وما ورد في بعض الكتب، فلقد كتب "الإسكندر درسدوف" وهو ضابط في الاستخبارات العسكرية السوفييتية سابقاً مايلي: "إن كل جهاز خاص بالمعسكر الاشتراكي كان لديه مسؤول عن العلاقات مع الفلسطينيين، وكانت قيادات الـ كي. جي. بي. تلتقي بأبرز الشخصيات في منظمة التحرير"، وذكر "الإسكندر" و"ماكوس" وهو المدير في المكتب الثالث في "اشتاسي" الألمانية الشرقية وميخاي باسيبيا مدير الاستخبارات الخارجية في "سكولتي" الرومانية، وطبعاً باسيبيا طلب اللجوء السياسي كما تعرفون في الولايات المتحدة الأمريكية ... لماذا أوردت هذا الاستشهاد ؟ لأنه منذ فترة ليست ببعيدة أُجري لقاء صحفي مع باسيبيا، هذا الذي كان مشرفاً على الاتصالات بين الفلسطينيين والمنظمات الفلسطينية وبين السكولتي الرومانية، يقول التالي: "قامت الـ كي. جي. بي. بصنع جيش التحرير القومي البوليفي بمساعدة أرنستوغيفارا، وقام في العام 1965 بإيجاد جيش التحرير القومي الكولومبي بمساعدة فيديل كاسترو، ولاحقاً قامت الأجهزة الخاصة السوفييتية بإيجاد حركة المقاومة الفلسطينية، ما رأيكم بهذا؟ هذا كلام خاطئ مئة بالمئة، ومبني على لا شيء عملياً وموضوعياً. فصائل المقاومة الفلسطينية جاءت تعبيراً عن نضج الظروف الخصوصية الفلسطينية بعد انهيار وحدة الجمهورية العربية المتحدة (مصر وسوريا)، وتسارعت بعد هزيمة حزيران/ يونيو 1967. الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين جاءت عبر عملية تطور تاريخية؛ بدأت في حركة القوميين العرب بين اتجاهين: اتجاه يساري تقدمي واتجاه قومي تحت شعارات عامة، وهذه العملية أخذت سنوات طويلة من 1957 ـ 1958 إلى 1969، هذه العملية التطويرية الطويلة لم يكن هناك أي علاقة على الإطلاق بين حركة القوميين العرب، بين الجناح اليساري التقدمي في هذه الحركة، وكذلك في الجناح الآخر القومي العام (راجع كتاب محمد جمال باروت "حركة القوميين العرب ... النشأة والمصائر" ـ المركز العربي للدراسات الإستراتيجية ـ دمشق/ سوريا)؛ أي علاقات مع الاتحاد السوفييتي. علاقات الاتحاد السوفييتي مع المقاومة الفلسطينية ومع الجبهة الديمقراطية جاءت عام 1974 بعد البرنامج السياسي الجديد لمنظمة التحرير، وقبل هذا التاريخ كان السوفييت والحركة الشيوعية العربية والعالمية تعتبر حركة المقاومة الفلسطينية "حركة بورجوازية صغيرة مغامرة". كذلك مضحكة الأكاذيب على كاسترو وغيفارا ... المذيع: أو أي مخابرات من المعسكر الاشتراكي ؟ لم يكن هناك أي علاقات على امتداد هذه الفترة، كلها لم تكن هناك، أي علاقات مع أي أجهزة مخابرات سوفييتية ولا أجهزة مخابرات في أي بلد من البلدان الاشتراكية على الإطلاق، لأن هذه العملية التاريخية تمت بفعل الصراعات التي جرت في داخل حركة المقاومة الفلسطينية، وداخل حركة القوميين العرب والصراعات الجارية داخل صفوف حركة التحرر والتقدم العربية والجارية في البلدان العربية؛ مجموع البلدان العربية، وكذلك الحال النضالات الجارية في العالم والتي يمكن الاستخلاص لدروس عديدة منها، ولذا هذه ادعاءات كاذبة بالمطلق سوى بالنسبة لمنظمة التحرير الفلسطينية أو بالنسبة لفصائل المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين؛ عندما نهضت منظمة التحرير تشكلت من أفراد ولم تتشكل من فصائل وقوى، فهو جاهل بالأوضاع الفلسطينية فعلياً. المذيع: مع أنه كان المسؤول بين المخابرات الرومانية ومنظمة التحرير، كما كان معروف آنذاك قبل أن يطلب اللجوء السياسي إلى الولايات المتحدة ؟ ومع ذلك أكرر بأنه جاهل تماماً، وعليه الاتحاد السوفييتي في العام 1964 لم يعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ولم يعترف بالفصائل الفلسطينية حتى عام 1974. المذيع: وهو يقول بأن الشقيري كان مخبر للاستخبارات السوفييتية كما يقول في نفس المقال ! كل هذه مجموعة من الأكاذيب ... منظمة التحرير الفلسطينية كما قلت ولدت بقرار من القمة العربية وبمبادرة من الزعيم عبد الناصر، وبعد انفصال سورية عن مصر في إطار الجمهورية العربية المتحدة وفي ظل سلسلة من التحولات الهائلة التي جرت في منطقتنا في منطقة الشرق الأوسط، وفي ذلك الوقت الاتحاد السوفييتي لم يعترف بمنظمة التحرير ولم يتعامل معها، الصين الشعبية بادرت بالاعتراف بمنظمة التحرير وبدأت لها علاقات مع منظمة التحرير بزعامة الشقيري منذ عام 1964 في ظل الصراع الذي نشب في صفوف الحركة الشيوعية العالمية بين الاتحاد السوفييتي والصين، أخذت الصين هذه المبادرة. الاتحاد السوفييتي لم يتعاطى مع منظمة التحرير إلاّ بعد فترة متأخرة جداً بعد عام 1974، ولم يتعاطى مع الجبهة الديمقراطية إلا بعد عام 1973 ـ 1974، أي بعد صمود المقاومة ومنظمة التحرير والجبهة الديمقراطية رداً على هزيمة 1967، وبعد البرنامج الوطني المرحلي الجديد لمنظمة التحرير (حزيران/ يونيو 1974). المذيع: بعد النقاط العشر والبرنامج المرحلي الذي وضعتموه تغيرت نظرة الاتحاد السوفييتي للجبهة الديمقراطية ؟ بالتأكيد هذا صحيح، أما قبل ذلك فالاتحاد السوفييتي لم يكن يتعاطى مع منظمة التحرير من عام 1964 حتى عام 1974. ويعتبر كل فصائل المقاومة "مغامرة بورجوازية صغيرة"، عليكم مراجعة عشرات الكتب السوفييتية والمقالات في مجلة قضايا السلم والاشتراكية. المذيع: هل لأنكم كنتم تحسبون على الجناح الماوي الماركسي اللينيني، أو طريقة طرح الماركسية اللينينية، لأنه قيل الكثير وحتى في الموسوعة الإلكترونية في الإنترنت يقال بأن الجبهة الديمقراطية هي تيار ماركسي لينيني ذو نزعة ماوية ... هل هذا صحيح ؟! هذا غير صحيح إطلاقاً. الجبهة الديمقراطية منذ لحظة استقلالها في 22 شباط/ فبراير 1969 أعلنت استقلاليتها الكاملة عن كل المدارس والتجارب الجارية في صفوف قوى التقدم في البلدان العربية، وأممياً وأعلنت عن رؤيتها الخاصة الاستقلالية، وأود أن أذكر بلغة واضحة جداً بأن الاتحاد السوفييتي وتجد مقالات سوفييتية كثيرة علانية، وكذلك الحال في مجلة "قضايا السلم والاشتراكية" التي كانت تصدر في براغ على امتداد سنوات طويلة؛ الاتحاد السوفييتي والحزب الشيوعي السوفييتي وكذلك الحال الأجهزة السوفييتية بمختلف أشكالها كانت تعتبر ومعها كان يعتبر الأحزاب الشيوعية في العالم ومنها الأحزاب الشيوعية العربية، ومقالات مجلة "قضايا السلم والاشتراكية" التي كانت تصدر في براغ، هذه الأحزاب جميعها كانت تعتبر المقاومة الفلسطينية "مقاومة برجوازية"، و"مقاومة برجوازية صغيرة"، "مقاومة مغامرة"، أدارت الظهر لها وأدانتها وبقيت تدين منظمة التحرير وتدين قوى المقاومة الفلسطينية ومنها القوى اليسارية الثورية سنوات مديدة إلى ما يقارب أيضاً عام 1973 ـ 1974؛ وتعتبر أن هذه الحركة الفلسطينية ليست حركة تحرر وطني، وتعتبرها حركة برجوازية وبرجوازية صغيرة مغامرة بكل تلاوينها، هذا أيضاً كان موقف الاتحاد السوفييتي، وبالتالي هذه الادعاءات الكاذبة عن منظمة التحرير، الكاذبة عن فصائل المقاومة الفلسطينية، ومتأكد أيضاً أنها ليست صحيحة لا في كوبا وبوليفيا، وهنا مرة أخرى أقول: هذه هي الحقائق وغيرها ليست حقائق بل ادعاءات باطلة متأخرة جداً، ولم تأتِ إلا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. المذيع: أنا تحدثت مع عدد من الشخصيات البارزة من خلال لقائي في إطار برنامج "رحلة في الذاكرة" وهو معروف بريماكوف، كارين بروتنس ... وهؤلاء كانوا معنيين مباشرة في الاتصالات بين العرب والاتحاد السوفييتي بشكل عام، وقد اعترفوا لي أنهم كانوا يخطئون في تقييم الدور أو العامل الفلسطيني على الساحة العربية قبل العام 1973، فلماذا كان سوء الفهم أو عدم التقييم ؟ هل كانت تنقل المعلومات خطأ مثلاً ؟ هل كانت معلومات خاطئة تنقل لهم أم هناك عوامل أخرى ؟! ... من جديد هذه الاعترافات التي أشرت لها هي تؤكد ما قلت لك الآن؛ بأن الاتحاد السوفييتي كان بعيداً عن هذا الميدان، نقص هائل في المعلومات بخصوص القضية الفلسطينية وتاريخها ... المذيع: ولكن معلوماتهم عن طريق مصر وسورية؛ فهل هذه المعلومات كانت ربما ليست شفافة أو ربما ليست مفهومة أو خاطئة، فالمعلومات عن طريق عبد الناصر ؟ الاتحاد السوفييتي في ذلك السياق التاريخي كان معنياً بسياسة معينة. الاتحاد السوفييتي كان بعيداً عن كل هذا، بل أكثر من هذا الاتحاد السوفييتي كان هناك جدال داخل البلاد وداخل الحزب الشيوعي السوفييتي، يعتمد أن الهجرات القادمة من بلدان التجارب الاشتراكية ومنها الهجرات القادمة من الاتحاد السوفييتي وبولندا وآخرين إلى أرض فلسطين يحملون أفكاراً يسارية، يعتمدون على تلك الأفكار، هناك معلومات خاطئة من الكومنترن حول هذا كله، وكذلك الحال برز موقف الاتحاد السوفييتي عام 1947 موقفاً غريباً جداً عندما وافق على قرار التقسيم، بينما أغلبية السكان هم فلسطينيون عرب وأغلبية الأرض كلها، حتى عندما قامت "إسرائيل" عام 1948 لم يكن بيد المشروع اليهودي الصهيوني الذي جاء مستوطناً إلى فلسطين أكثر من 4% من مجموع الأرض الانتدابية لفلسطين، بينما 96% من الأرض التي قامت عليها "إسرائيل" عام 1948 كانت للسكان الفلسطينيين، ومع ذلك الاتحاد السوفييتي أقر بقرار التقسيم، وكان مبالغاً بالاعتراف بدولة "إسرائيل" بعد الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة، وهذا كله كان يؤشر إلى خلل كبير برؤية الدولة السوفييتية، وبرؤية الحزب الشيوعي السوفييتي للحالة الفلسطينية وقضايا الصراع العربية مع الكالونيالية الاستعمارية. المذيع: هذه هي مرحلة ستالينية ؟ أيضاُ هنا أقول كذلك الحال الكلام عن الماوية و ... الخ أقول لك من جديد: نحن منذ اللحظة الأولى ناضلنا بأفق يساري وتحت سقف ماركسي وبرؤية ماركسية جوهرها الرؤية لتحليل الأوضاع على قاعدة مادية وروحية وسيكولوجية تاريخية ومادية ديالكتيكية اجتماعية، وعلى ذلك أيضاً رؤية نقدية لما يجري في الاتحاد السوفييتي، وكنت قد سألت الكثير من القادة السوفييت عندما بدأت العلاقات بين الجبهة الديمقراطية والاتحاد السوفييتي بعد عام 1973، وبالتحديد بعد أن طرحنا البرنامج السياسي الجديد للشعب الفلسطيني وللمقاومة ولمنظمة التحرير الفلسطينية، لماذا الاتحاد السوفييتي عام 1947 وافق على التقسيم، ولماذا بادر وبجانب الولايات المتحدة الاعتراف بـ "إسرائيل" ... لماذا هذا كله ؟ المذيع: كل هذا مفهوم، فالوطن العربي كان مستعمرات بريطانية وفرنسية، وكانت هذه معادلة في سياق الحرب الباردة التي اندلعت جديداً في تلك الفترة، فهذه حسابات مفهومة. أنا أتحدث عن مرحلة الستينيات عندما أصبح هناك علاقات بين الاتحاد السوفييتي وعبد الناصر، أما كان هناك سوء فهم أو سوء طرح للقضية الفلسطينية من قبل جماعة عبد الناصر، أو عبد الناصر نفسه لا أدري أو كان الاتحاد السوفييتي لا يسعى إلى فهم ما هي القضية الفلسطينية وماهية القضية الفلسطينية والحركات التي بدأت تظهر جديداً داخل منظمة التحرير التي كانت قد ولدت عام 1964 بعد إنشاء منظمة التحرير وبين عام 1974، لم يكن هناك علاقات، وبدؤوا يفهمون القضية الفلسطينية بعد موت عبد الناصر، فما هو سرّ هذه المسألة ؟ هنا نلاحظ بأن الموقف حتى العام 1948 وما بعد العام 1948؛ عندما تشكلت دولة "إسرائيل" لم يمسك الاتحاد السوفييتي بضرورة تشكل الدولة الفلسطينية عملاً بقرار التقسيم نفسه، الذي وافق عليه الاتحاد السوفييتي عام 47، وهذا يؤشر إلى رهانات خاطئة كانت بالدولة السوفييتية والحزب الشيوعي السوفييتي، بأن المجاميع اليهودية التي جاءت إلى فلسطين بينها قوى عديدة ذات طبيعة متأثرة بتجربة الاتحاد السوفييتي، بولندا، والتجارب الاشتراكية الأخرى، ولذا مع كثير من القادة السوفييت عندما كنت أتكلم معهم بعد عام 1973 لم أكن أتلقى جواباً، وبالنتيجة تلقيت أجوبة "بأن ستالين في ذلك الوقت كان يريد ويراهن على ما يسمى باليسار الصهيوني ممثلاً بـ "ماباي"، وتجربة "ماباي"، وبأن "إسرائيل" ستكون دولة اشتراكية وهذا خازوق يرتبه أو مقتنع به ستالين" ضد الأنظمة الإقطاعية وشبه الكمبودورية العربية، وهذا الفهم كله خاطئ لمسار المشروع اليهودي الاستيطاني بالأراضي الفلسطينية والعربية، وكله خاطئ بالتجربة التي نشبت عام 1948 بتشكيل دولة "إسرائيل" وإدارة الظهر لحق الشعب الفلسطيني بدولته المستقلة وعودة اللاجئين وفق قرار الأمم المتحدة ... وما بعد ذلك، وأيضاً كله خاطئ عن أوضاع حركة التحرر الوطني العربية، لم يكن معرفة بذلك أو اهتمام بذلك، هذا الاهتمام كله تأخر إلى ما بعد عام 1973 ـ 1974، بينما الصين عندما اعترفت بمنظمة التحرير عام 1964 وفيما بعد تعاطت مع حركة فتح؛ لم يكن هناك تعاطي مع الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، لأن الجبهة الديمقراطية أعلنت استقلاليتها الإيديولوجية الكاملة، وبالتالي شقت طريقاً غير مسبوق استقلالياً عن التجربة السوفييتية وبموقف نقدي وعن التجربة الصينية أيضاً وبموقف نقدي. فقط بعد عام 1973 ـ 1974 فتحت أبواب تجارب البلدان الاشتراكية أمام منظمة التحرير وأمام فصائل المقاومة، وعلينا أن نتذكر بأن عبد الناصر أخذ معه ياسر عرفات بالطائرة دون علم السوفييت، وعندما هبط بمطار موسكو وجدوا معه ياسر عرفات، وبالتالي استغربوا جداً، وهذه أول مرة تطأُ قدمه أرض موسكو، وهذا كله بعد عام 1967، وكذلك الحال "الكسندر دزاساخوف" سكرتير لجنة التضامن الآسيوي ـ الإفريقي وعضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفييتي عام 1985؛ يعترف في كتابة "المجابهة الكبرى" الذي صدر عام 2009 في موسكو، وترجم إلى العربية مطلع عام 2010، يعترف بأن أول مرة زار فيه ياسر عرفات الاتحاد السوفييتي وعلى رأس وفد من منظمة التحرير الفلسطينية كان بمبادرة من لجنة التضامن "الآسيوي ـ الإفريقي" الذي كان رئيسها، في ذلك الوقت علينا أن نلحظ هذا بلغة واضحة عندما نهضت المقاومة الفلسطينية رداً على هزيمة حزيران/ يونيو 1967، وتعملقت في نظر الشعب الفلسطيني، نظر الشعوب العربية، والكثير من قوى التحرر والتقدم في بلدان العالم الثالث (آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية)، أيضاً من عام 1967 لم يكن هناك علاقة مع الاتحاد السوفييتي لا مع منظمة التحرير ولا لأي فصيل فلسطيني ولا للجبهة الديمقراطية، لماذا؟ كذلك لأنني قلت كان إيديولوجياً الاتحاد السوفييتي يعتبر بأن منظمة التحرير ظاهرة برجوازية، وبأن المقاومة الفلسطينية ظاهرة برجوازية صغيرة مغامرة، وفي هذا الميدان؛ الصين التي بادرت إلى الاعتراف بمنظمة التحرير وبحركة فتح لم تعترف بالفصائل الفلسطينية اليسارية والتقدمية إلا بفترة متأخرة، كذلك بعد عام 1973. من هذا القول الذي أشرت له بأنه كان هناك في اتجاهات داخل الجبهة الديمقراطية، داخل الحركة الفلسطينية بأنه ماوي، أيضاً غير صحيح، فنحن في الجبهة الديمقراطية موقفاً غير مسبوق، هذا الموقف الإيديولوجي المستقل بخصوصيات فلسطينية وعربية عن التجربتين السوفييتية والصينية، وبموقف نقدي لما يجري داخل الاتحاد السوفييتي، وما يجري داخل الصين، وأَدَنْا الصراع أيضاً الذي نشبَ بزعامة كل من الاتحاد السوفييتي والصين في صفوف الحركة الشيوعية العالمية، لأنه يلحق أذى بكثير من قوى التحرر والتقدم في بلدان العالم الثالث، وربما كثيراً أيضاً من الضرر في صفوف التيارات الاشتراكية في بلدان المركز الرأسمالي المتطورة، وفيما بعد عام 1976 أخذت الصين "بزعامة تنغ هسياو بنغ بتجربة جديدة بناء الاشتراكية بخصوصيات صينية"، وهذا ما يجري في الصين حتى الآن 2011. المذيع: أريد أن استشهد بنفس السياق الذي أنتم تكلمتم به الآن من كتاب الجبهة الديمقراطية "النشأة والمسار"، ورد فيه ما يلي: "نمت في صفوف قيادة الجبهة أقلية كانت تسعى للتماهي مع النموذج السوفييتي، واستلهام المواقف لما كان يسمى نصائح الأصدقاء السوفييت، ولكن أغلبية قيادة الجبهة حافظ بحزم على موقف استقلالي يصدّ أي تدخل في توجيه سياسة الجبهة، فقد واصلت الجبهة النقد المعلن لهذه النظريات وخاصة نظرية طريق التطور اللا رأسمالي؛ التي كان لها انعكاسات مباشرة على سياسات وتوجهات قوى اليسار العربية في علاقاتها مع برجوازيتها الوطنية" ... استنتج من هذا أنه كان لديكم نظرتكم الخاصة في تطبيق الماركسية اللينينية بالنظر إلى الواقع الاجتماعي الجغرافي والثقافي والقومي للمنطقة التي أنتم فيها أليس كذلك ؟! ... هذا صحيح بالنظر إلى الخصوصيات الوطنية والقومية في كل بلد من البلدان العربية، وفلسطين لها خصوصيات، والمشكلة الفلسطينية لها خصوصيات، وكذلك الحال تطور كل بلد من البلدان العربية له خصوصيات ثقافية وسيكولوجية واجتماعية يجب أن نراها جيداً، وأيضاً علينا أن نتذكر كذلك الحال التخلف التاريخي في البلدان العربية وبلدان العالم الثالث والتخلف الثقافي والتخلف التكويني السيكولوجي والسيسيولوجي الجمعي لمزاج الشعب، ولذلك على سبيل المثال نأخذ مقاربة بين سلوك الأحزاب الشيوعية وسلوك اليسار الثوري الجديد في البلدان العربية، وفي المقدمة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، الخلفية الماركسية مثلاً الأحزاب الشيوعية العربية، كانت تطرح شعارات وكأن الاشتراكية يجب تطبيقها اليوم قبل الغد، وتطرح الشعارات بالشيوعية، والمناداة فيها وكأنها مطروحة على جدول الأعمال اليوم قبل الغد، وكذلك الحال بنمط التجربة بالاتحاد السوفييتي بالأناشيد والمظاهرات والشعارات والمسيرات ربطاً مباشراً. المذيع: أين كانت تجري هذه المظاهرات ؟ في العراق والأردن وفلسطين وسورية وبلدان عربية أخرى. المذيع: الحزب الشيوعي ... أحزاب يسارية وتقدمية متعددة التيارات؛ ولذلك هذا كله برنامجياً غير ممكن، لأن المرحلة التي نمر بها في البلدان العربية هي مرحلة التحرر الوطني وإنجاز المهمات الديمقراطية التقدمية بمعنى التحرر الوطني + التقدم الاجتماعي بعد هذا، وإنجاز هذه المرحلة تطرح البرنامج لاحقاً بآفاق اشتراكية أو برنامج جديد اشتراكي بخصوصيات كل بلد عربي.
أستاذ حواتمة شكراً جزيلاً لكم، ولنتوقف هنا اليوم ونتابع الأسبوع القادم ...
#نايف_حواتمة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اتفاق 4 أيار/ مايو إجماع وطني على إسقاط الانقسام
-
حواتمة في برنامج -رحلة في الذاكرة- (الحلقة الرابعة)
-
حواتمة في برنامج -رحلة في الذاكرة- الحلقة (3)
-
حواتمة في برنامج -رحلة في الذاكرة- الحلقة الثانية
-
حواتمة في برنامج -رحلة في الذاكرة-
-
حواتمة في حوار مع صحيفة -اليسار والتقدم- اليونانية
-
الشعوب في الميادين ... واليسار من القيم والرؤيا إلى النهوض ا
...
-
كلمة الرفيق نايف حواتمة في المهرجان السياسي المركزي في ملعب
...
-
النهضة العربية الكبرى قادمة والتغيير قادم
-
حواتمة في حوار مع فضائية -العالم- الإيرانية
-
في حوار شامل مع أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حواتمة: العودة إلى تجديد العلاقة بين منظمة التحرير والسلطة ا
...
-
حواتمة: مكوك المفاوضات الموازية يدور بين أطراف التفاوض
-
الضغط الإسرائيلي لا يواجه بضغط فلسطيني موحد متحد يلتزم بقرار
...
-
حواتمة: الحوار بين فتح وحماس -احتكاري ولن ينتج مصالحة او وحد
...
-
حواتمة: انتخابات 2006 تمت بقانون انقسامي لا ديمقراطي
-
حواتمة: مخاطر ضياع إقامة دولة فلسطينية
-
نايف حواتمة: ندعو لدورة استثنائية للجمعية العمومية للأمم الم
...
-
حواتمة : رحل ابو عمار مناضلاً شجاعاً في سبيل حقوق شعبنا
-
حواتمة العودة إلى الشرعية الدولية وإلى أصل القضية الفلسطينية
المزيد.....
-
الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا
...
-
شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
-
استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر
...
-
لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ
...
-
ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
-
قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط
...
-
رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج
...
-
-حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
-
قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
-
استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|