أسعد البصري
الحوار المتمدن-العدد: 3436 - 2011 / 7 / 24 - 08:29
المحور:
الادب والفن
لم يكن في البال
أن يُقعدني الكلام في منتصف الطريق
لم يكن في البال
أن ناقتي تتذكّرُ القبائل التي تلمع في الليل
لم يكن في البال
أن ينفذ شعوري بالنقصان في مضارب أعدائي
لقد فتحتُ أقفال فمي في وجه المسافة
كان السفر أطول من رقبة البعير
أين الذين أيبسهم العطش
هذا سفاري أناخ عند آخر الرّمق
فآذبحوني وآشربوا الماء الذي في جسدي
يجرحني القمر لأنني لم أشبع من الحُب
ويجرحني العراق لأنه لم يُنجبني دفعةً واحدة
ولم يقتلني دفعةً واحدة
يجرحني أصدقائي لأنهم لا يكرهوني من أعماق قلوبهم
تجرحني القِبلة لأنني كالبهيمة التي لم تعرفها إلا ساعة الذبح
يذبحني الغرباء بغربتهم ، و النهار بتكراره
تذبحني المسافة بين عظامي و منزلي
أنجبتني أمي الغبيّة تحت نخلة في أبي الخصيب
ولم تكن تعلم أن مَن يولد تحت نخلة يُصلبُ أو يتعذب
ظلالٌ وسعفُ نخيل هذا كلّ ما في ذاكرتي
وقد زاد وزني كثيراً
هذا يدلّ على أن الأرض تريد آبتلاعي
البشر يضجرون مني بسرعة
لأنهم يجوعون و يشبعون بطعام غير طعامي
جمعتُ حطباً هذه الليلة
وبيتي لا باب له فآطرقوني بأصواتكم
لم أبن شيئاً ولم يهدمني سوى الحنين
ستكرهني ابنتي لأنني حملتها حملاً على أكتافي
ثم حملتها حملاً على نسياني
مزّقتُ الحجاب بأسناني و مضغتُ قلبي
كي أكتب لكم ما يستحق القراءة
فلا تكرهوني أكثر من كراهيتي لنفسي
القتيل
وبماذا يحلم القتيل يا حبيبتي
سوى أن يدفن قاتليه بالحزن
وبماذا يحلم القتيل في هذه المقبرة
سوى أن يهتف باسمه القتلى
ويحملوه على أكتافهم
شعبي يخرجُ من تحت التراب
ويحفظ قصائدي عن ظهر قلب
وبماذا يحلم القتيل
سوى أن يتعثر بجثته القاتلون
ويحسدوه على أحلامه
وبماذا يحلم القتيل
وهو يرى موته رداءً فضفاضاً
يسرقُه الشعراء ويمزجونه بقطع الليل
ويلبسونه رداءً
وبماذا يحلم القتيل في الخريف
وجثته تطفو مع أوراق الصفصاف
وتحطُّ عليها السلاحف والعصافير
بماذا يحلمُ القتيل
وكلّ مَن نفخَ الهواء في صدره
نفخَ في صدورهم القصائد
وبماذا يحلمُ القتيل
والنعش الذي يضعونه فيه جديد
لم يوضع فيه قتيلٌ من قبل
بماذا يحلم القتيل
والذين قتلوه يقتلهم ندمهم
ومَن يدفنونه يدفنون أنفسهم معه
بماذا يحلمُ القتيل
والنوم زورقٌ يثقبه الرصاص
ويفيض بالكلام الذي لم يسمع به أحد
بماذا يحلم القتيل
وقد رأى أحلامه نسوراً تحمله
وتصرخُ بآسمه
[email protected]
#أسعد_البصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟