|
يوميّاتي 4 ...
خلدون جاويد
الحوار المتمدن-العدد: 3435 - 2011 / 7 / 23 - 20:04
المحور:
الادب والفن
" قارئي العزيز : أدناه يومياتي وهي خاصة جدا ، جزء من كتاب في طور التكوين أتركه بعدي كنوع من الذكريات وطرائق التفكير والهموم والإخوانيات والأشواق .. وهي ليست بحثا أو مقالات سياسية وتخصصية واعتذر لك سلفا فقد لا يستهويك هذا النوع من الكتابات . "
اليوم هو 8/7/ 2011 ، نضج اليوم القرار بأني لن أدع أحدا يقاسمني حياتي . السبب ؟ … شعرت اليوم وأنا أقوم بتهيأة طعام العشاء لضيفتي وصديقتي الدانماركية بأني اُضيع وقتي . لقد امتدت الامسية من السابعة حتى الواحدة ليلا وأنا من دون قراءة أو كتابة . والأمر لو كان كذلك في كل يوم فسأمرض لا محالة أو أتخلى عن أطيب إنسانة ، إمرأة راقية ، قارئة جيدة ، مدرسة مخلصة ، ومربية ممتازة . كنت تمنيت منذ أعوام أن يكون معي أحدٌ ، أعني روحا ً. وملاكا حارسا ً . كنت أشكو لأصدقائي أحيانا ، متبرما من الوحشة . كنت اُريد إمرأة معي .. وبذات الوقت لا اريد إسارا . لكن كيف يعيش المرء لوحده وبلا أنيس حتى النهاية … لابد من صديقة رفيقة حبيبة زوجة . كانت الدانماركية مرشحة يوما ما لكني بعيد عنها بعد الأرض عن السماء . أنا اريد أن أتحدث عراقيا وأسمع عراقيا وأنام عراقيا ً . لغتي العراقية أعني اللهجة الدارجة هي روحي المتداخلة في نخاع عظام حروفها وكلماتها وتعابيرها . لكن حتى اُعايش إنسانة عراقية فهذا يعني أني اخصص لها وقتي وأحترم وجودها معي . كيف بي وأنا مع عوالمي ولمدة 25 ! ساعة في اليوم ! . لاتوجد إمرأة تحضر وتختفي بالريموت . ورغم أن الدانماركية ممكنة لكنها لاتصلح لأنها منشغلة بشكل شبه دائم مع التحضير المدرسي باعتبارها استاذة . لاتصلح لأن الكلام باللغة الغريبة لا يعبر عن همس الروح والهلاك البغدادي ـ البابلي الذي اُكابد . اُحسها كالتمثال وأحسني وقت الحاجة ، كالرضيع الفطيم اللجوج . شكوت كل ذلك لأصدقائي من سنين في كوني اُريد … ولا اُريد ! فكيف بي : " يريدُ ولايريدُ فيالثغر ٍ .... على شطـّـيه ِ يحتضر الوضوح ُ " نزار قباني . قال لي صديق ونصيحته جيدة جدا وهي إهانة لي قال إشتر ِ قطة وعش معها في البيت تحدث معها واذهب لتتجول معها كل يوم ! صديقة عراقية نصحتني عندما تشتد عليّ الكآبة بالجلوس على ضفة والتطلع الى بطة ! . هذه الإهانة الثانية . أنا نصحت نفسي بأن أستأجر عند عائلة ما حجرة واحدة . احيي العائلة كل يوم أتحدث معهم بكلمتين وتعليقين الخ وأخرج وعند عودتي للنوم في الحجرة أطمئن الى أني أنام جوار أرواح . هذه الفقرة لم تتحقق . قلت أجد صديقا أو عدة أصدقاء أتقاسم معهم شقة ما للإيجار .. لم أتوفق في ذلك . بقيت وحدي في شقتي . أذهب الى بيت الدانماركية ، لألوذ في زاوية للقراءة والكتابة . وأشعر بيتم أقل .قد أغيب عن شقتي وأعود لها بعد أيام ، ومع الوقت غدت علاقتي بها ـ بالشقة ـ مجرد تنظيف غبار ! إنتقلت الى أكثر من بيت كل البيوت متشابهات في الوحشة إلاّ بيت "سوزانا منكَانا" ! فهو رغيد دافئ فيه عطر وشموع وموسيقى ونظافة " حد القذارة ! " لكني رغم فرحي بذلك فأنا بعيد بعد الأرض والسماء عن كل ماحولي أنا اُعاني إنسلاخا من المحيط وغليانا ذاتيا لافكاك او استرخاء منه . في داخلي صراخ وعويل قوي ! تعودت هي أن توقظني في الليالي لتقول لي هي الاخرى " إقلب" أقلب الى جانب آخر . أحيانا أخجل من صراخي ، فاغادر سوزانا وأذهب لألوذ ببيتي محترما نفسي . أحيانا يبيت عندي أحد أولادي ، يأتي من الصالة الى حجرة نومي في منتصف الليل ليوقظني . هذا يعني أني أصرخ دائما ومن دون أن أدري . بقي موضوع المرأة عالقا . بقيت اُردد مع نفسي … ياليت لو هناك إمرأة بالريموت . أفتح الريموت تحضر أضغط على موضع غلقه تذهب !... ياليلي ياعين !. لا إمرأة بعد اليوم ! . لكن هل بالإمكان الحصول على سكرتيرة ؟ أقول مع نفسي : " من يافقر؟ " من أي فقر وشحة تدفع لها أجرا ً ؟ يا اُستاذ ، وأنت بالكاد تدبر عيشك ودفع فواتيرك . مع هذا فأنا حالم بأن لي إمرأة ريموتية رائعة الجمال عطيرة مؤتلقة قاتلة الشفة فتاكة الأجفان ... "اُلاعبها الشطرنج !" ،" خيلي ترادفت !" .... ما دمت أحلم فدعني أحلم بالعالي ! . السكرتيرية ضرورية بشكل لايوصف .. إنها تأتي كل يوم وتذهب لابد أن تذهب وذلك لأنني لا اطيق أنفاس إنسانين في مكان واحد ليلا ونهارا . لابد أن تذهب السكرتيرة . ,اريدها ان تأتي لتنقذني من الإستنساخ والكتابة على آلة الطابعة . وأن تعمل فوتو كوبي وأن تؤرشف القديم وتنسقه . هناك 40 كتابا بحاجة الى توظيب من اجل تقديمها للنشر قبل الموت . المهم وجودها ضروري والاّ فان أكوام الأوراق ستتعالى وهناك بلا مبالغة قصائد أكتبها وانساها أو لا وقت لي أن أعيد كتابتها ونشرها في الصحافة . إنه لشيء مريع وفظيع أن لا أنتهي مني . أنا أحوج ماأكون الى من يعينني على التخلص مني . لكن يبقى القرار لا زوجة اعطيها وقتي لا سكرتيرة لأن الفقر يحول دون ذلك لاقطة ولابطة ولادجاجة ولا حتى كلب أو نعجة ! ولا حجرة مع عائلة دانماركية لا مجموعة أصدقاء أعيش معهم ولا صديقتي الدانماركية تعنيني لغويا أقصد روحيا ومن أجل معايشة ولو شكلية . أضع يدي على خدي لليال ٍ طوال وأقول مع نفسي : لينين ما العمل ؟ " ستالين : آخرتها إيه ويـّاك ! " .… أسير في الشقة أقطعها طولا وعرضا لعدة مرات .. أرغب بالذهاب الى الشباك لأمد عنقي أمام الظلام لاصرخ وبأعلى صوتي وبالدارجة : يُـمـّــــــــــــه …..
اليوم هو 9/7/ 2011
لقد تعودت عليه ، إنه يخفق ، ذات مرة شلني عن الحركة " وشلـّني والله شلـّه ! "... عندما أخذ يدق دقات متوالية ..دقات مِطرقة ... بعدها بدأ دماغي يدق أيضا .. إنتظرت قليلا ... بدأ القلب والدماغ هذه المرة ... إنتظرت عساهما يهدئان لكني كنت خائفا .. ظللت اراقب الموقف ... غدا خطيرا .. إتصلت بولدي شارحا الحال .. بعد عشرة دقائق جاء مسرعا بسيارته الشخصية من جهة وسيارة الإسعاف من جهة اُخرى .. كنت من شدة الخوف مشلولا أصفر الوجه يابسا أعجفا شبه ميت ـ وحيدا في حجرتي ـ . نقلوني مسجىً على نقالة الحياة ـ الموت ، نصحتني الطبيبة بعد أن قذفت نفخة من البخاخ في فمي ، بأن علي ّ وفي أية حالة خفقان قوي أن أفتح الشباك وأن أشرب الماء فورا . اليوم فعلها الكلب " القلب " مرة ثانية ، وبعاصفة رعدية من الخفقات المفاجئة المتواصلة ، شعرت معها بالنهاية . تذكرت على الفور اغنيتي المفضلة ساكن قصادي وعندما تقول ريحانة مغنيات الكون نجاة الصغيرة " حتى الأمل مابقى من حقي افكر بيه " "بعد الليلة دي خلاص بقى غيري أولى بيه ".
"الناس في طريق النور مابين فرح وشموع وانا في طريق مهجور ومنوّراه الدموع"
تلك اللحظات الهائلة التي يمر بها الانسان وحيدا أمام جدران الجدران وقلبه يخفق كطائر مخنوق ، وهو يسير على الحافة الأقصى من وادي الموت ، تلك اللحظات عشتها . بخوف لكن بسعادة مرافقة للخوف . إنها ماتبقى لي من حطام الحياة . من ظلام الى ظلام وبدون وجع الرأس هذا الذي يقال له الحياة . لديّ قرابة 40 ديوانا شعريا وكتابا أتمنى توظيبهما وتركهما قبل أن أموت . لااُريد أن أطبعهما لعدم قدرتي المادية على ذلك ولا أتقبل صدقة ورأفة من أحد . وإياي وإياك من أن تجلس على سُفرة أحد ! لاداع ٍ لتصغير الذات . إن الألم هو أن تكون صغيرا أمام نفسك . " ضرب الخناجر ولا .... ". اُمنيتي أن أعيش الى أن اُتم تنضيد قصائدي ومقالاتي في كتب وأقراص سيدي وأتركها في موقع ألكتروني وهذا هو الحل لفقراء مقبرة الشاعر " توماس كَراي ". إنظر القصيدة المترجمة من قبل نازك الملائكة في نهاية ديوانها ، إنها تتحدث عنا نحن المعدمين . أحتاج الى طبع رواية لي ويقتضيني اعدادها على الآلة الطابعة أشهرا . أحلم بالعيش الى نهاية عام 2011 ، خلود الإنسان أيضا بتواجد كتبه بعده بين الناس وهذا أعز حلم للأحياء والموتى معا .
اليوم هو 14 تموز
لا أشعر أني اُحب هذا اليوم ، قد اُقر على الصعيد السياسي والتحرري أننا حصلنا على السيادة الوطنية . إي نعم أحسنتم عافرم ، لكن منذ ذلك الصباح والأحداث تسير عكس البيت الشعري الذي هو للرصافي بكل تأكيد :" ودّع حزيران واكسر خلفه الكوزا .... واكرم بتموز إن أدركت َ تموزا " منذ ذلك الصباح وأنا المنتفض من فراشي مع المنتفضين والصراخ والدوي الهائل الذي يعم البيت والمنطقة التي نعيش فيها " الصرافية " وأنا أتذكر الدماء والدماء والدماء . نهضت من السرير على إثر سماع أصوات ، كان عمري 12 عاما . الفأل النحس أنك تسمع الأصوات وتنهض لكنك لا ترى أحدا في البيت ... يبدو أنهم صرخوا صرختهم المدوية وغادروا .. عمات واعمام وأب وجدة ... ياللعجب .. هكذا برمشة عين لم أر في البيت أحدا ...هناك ما يوحي لحياتي المستقبلية كلها وحتى الموت بأني لن أرى الأ الفراغ ... وهذا ماتحقق حقا وفعلا وإبتداءا من ركضتي مع الراكضين ... من الزقاق حيث " دكان ابوطارق ابو الثلج" ودكان علي القصاب ودكان معروف الربيعي وشلاكَه وسور مستشفى مير الياس " الشعب " الى باب وزارة الدفاع " مقابل لبن أربيل " . ومن لحظتها حتى السادسة عصرا وعلى جوع وظمأ رأيت ما سوف أراه في سني عمري القادمة من دمار . سحل بالحبال ودم وبطون مبقورة بل أمعاء مكشوفة كما هي مرتبة بهندسة وصياغة هائلة الدقة بينما راحت تنهال عليها الأحجار والعلب والقناني .. وهناك من توج المناظر البشعة الثورية ! ، من قطع آلة رجل ما معلـّق على " تيل " عامود كهربائي وقد وضعها في فم الجثة المقتولة وقد قيل بأن ذاك المقتول عبد الإله . قرابة السادسة عدت وقد رأيت الهوائل ... آخرها كف إنسانية مقطوعة كان الأطفال يلعبون بها كرة قدم في شارع الرشيد قرب الحيدرخانة في المسافة المحصورة مابين دكان حاج زبالة وشارع المتنبي . الأغاني الثورية والله زمن وموطني والله أكبر والبيانات ووطني حبيبي الوطن الأكبر . كنت فرحا مع الفرحين وأتمنى أن يمسكوا بنور السعيد الذي قال ـ كما سمعت ـ بأن الشعب العراقي مثل بالوعة أنا غطاؤه " قبغه " إذا رفعوني تنبعث الجيفة . كما قال سيأتي زمان يترحمون به علي ّ . من يومها والمحاولات والمؤآمرات لإسقاط الزعيم والثورة وقد تم ذلك بعد 5 سنوات ومن يومها وفي كل يوم كما يقول الشاعر الزهاوي : "على كل عود صاحب وخليل ُ وفي كل بيت رنة وعويل ُ" . والحصاد مر وحنظل ، بل زقوم وغسلين كما يقول الرصافي . على أي شيء اُحب تموزا وما جلبه تموز حتى هذه اللحظة ؟ .. نعم انه تحوّل تحرري لكن ماكان يجب أن يكون دمويا ومدعاة لخصومة العراقيين وتفرقتهم وتناحرهم الذي لن ينتهي . اليوم 16/7/2011
أرسلت آخر قصيدة كتبتها " من يتذكر أبا كاترين حسين جابر " الى المواقع الألكترونية في هذا اليوم بالذات وبعد مرور عشرة أعوام على قصيدة رثاء كنت كتبتها له وبعد أيام من مغادرته الحياة في بداية تموز من ذلك العام . أبو كاترين انسان بمعنى الكلمة ، متواضع عاشق للفكر التقدمي مقبل على الحياة على الرغم مما تراه في عينيه من آثار الحزن الجنوبي العراقي ، جاء الى صوفيا بلا ترحيل حزبي ، لم يُستلم بوقتها " حسب ماروى لي متبرما من تعامل أحدهم أو البعض منهم " . كان وضعه الصحي منهارا إثر حادثتين أثرتا على صحته واحدة إطلاقة مسدس على يده مما جعلها في حالة تشوه ويباس ، وواحدة إلقاؤه من قبل بعض الفاشيين في الأهوار وقد تعرض الى حالة شبه إختناق وتدرن. اُرسل من منظمته ، وظل يعاني لفترة ما من عدم الإستلام من قبل بعض المسؤولين أيامها .. اُودع من قبل بعض الأصدقاء في المستشفى ميؤوسا منه . كانت ممرضة بلغارية قد تعرفت الى حالته وأشرفت عليه ورعته رعاية ممتازة . عندما اُعيدت له الحياة نوعا ، وقد تماثل للشفاء فاذا بمشكلة الاستلام تحل ، وإذا بعلاقة رائعة تربطة بالممرضة ، فكانت الخطوبة وكانت الموافقة من قبل الأهل بعد رفض شديد . وأخيرا تُوّج ذلك بالزواج والعيش الرغيد ومجيء كاترين للحياة ابنتهما الوحيدة . تطور أبو كاترين في الدراسة و بعزيمته ودعم زوجته المخلصة غدا محاميا ، وقد كان يعمل مترجما في المستشفيات ، وفي السنوات الأخيرة في معهد نقابات العمال ، ولكن ظروف انهيار الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية أدت الى إنهيارات على جبهة العمل والوضع الصحي ، وبعدها غادر أبو كاترين الحياة . أي كما كان يقول في ختام كل خيبة : " صُفـَتْ حُـكَـّـهْ يصاحب مَنّه بيهه " ! أي مالنا بها نصيب فهي محض اُقية من بطاطا في نهاية البيع والمزايدات . كنت قد تعرفت اليه في زيارتي الاولى الى بلغاريا في عام 1977 .. كان هناك جواد الاسدي وفاضل السوداني ورزاق عبود وعشرات من الأصدقاء ، تعرفت من خلالهم على أبي كاترين . كان مقهى بلغاريا تعج بالأسماء العراقية المعروفة على مستوى المسرح والسينما والمواهب العراقية المرسلة للدراسة من قبل الحزب الى هذا البلد الإشتراكي الذي كان يعيش رُقيا وترفا ونعمة . كانت أيضا حركة السياحة مذهلة وحقائب العراقيين والعراقيّات من السواح على قدم وساق . وكل من تضيعه تلقاه أما في تركيا أو بلغاريا . ورغم صعوبة اللغة وغرابتها كان السواح عشاقا لبلغاريا الرخيصة بضائعها رخص الماء !" أخو البلاش ! " ، مع أن نفرا عابرا قد قال وقد التقيته على رصيف قرب من مخزن التسوم الكبير قال : إنهم زمايل ميعرفون عربي ! : حمير ! " . وكان يكفي بعض هؤلاء السواح التحدث بالإشارات ! إنهم لايعرفون حتى الإنجليزية ـ ولا يعتقدون أن الزملنة أو الحمرنة هي عدم معرفة لغة واحدة على الأقل ـ بعضهم يتحدث مع بعض النادلات الجميلات في المقاهي ، يقول لها " آي إراكي ، بترول ، دولار " و" آي وونت كوفي " أو " فودكا وذ زلاطه " او" ويسكو" أو" شاي زنكَين " " وهذا كاف ٍ لتكوين علاقات سياحية ! في عام 1978 و1979 اختلف الأمر فقد هاجر العراقيون بعد إعدام الشهيد سهيل الشرهان ورفاقه الأماجد ، أفواج وأمواج من الرفاق مع عوائلهم قد وصلوا بلغاريا وقد امتلئت الفنادق بهم . وإن الكثير من الإصدقاء والرفاق هناك قد أعانوا القادمين على توفير السكن والحياة والمساعدة على مراجعة المستشفى وتدبير شؤونهم العامة وكان أبو كاترين أحد هؤلاء الطيبين الذين تفانى الكثير منهم في رعاية القادمين . كان أبو كاترين يلخص الجبهة الوطنية والقومية التقدمية بتعبير ما لم يكن مرغوبا خاصة واذا قيل في خلية حزبية كان يقول : لقد خنقونا خنق الكاولية للدجاج . كيف ذلك ... يشرح أبو كاترين : يأتي صائد الدجاجة خلسة فيرمي بطرف من امعاء طويلة الى الدجاجة فاذا مانقرت وابتلعت رغبت باستكمال عملية الابتلاع فاذا بها لاتنتهي من ذلك فاذا ماتجمع قدر كبير من الامعاء تلك في جوفها سحبها الصائد بسرعة وقوة وامسك بها وخنقها . تلك كانت الجبهة الوطنية حسب أبي كاترين . ولذا لم يكن من الرفاق المداهنين أو المجاملين أو الموافقين . كان ابو كاترين يدور في الفنادق على الناس ويرعى من يحتاج اليه حتى ولو بالسؤآل والابتسام والتواصل والتواد ، وكأنما كان ذلك عملا يوميا لايمل منه ولايكل وهذا الأمر دلالة على رفاقية أصيلة . بكيت لفقده لعدة أيام ، وكان وقت وفاته قد صادف مع مرض الكآبة الذي ألم بي ... زادني ألما أن وضع عائلتي الإقتصادي قد كان سيئا بشكل منعني من السفر الى بلغاريا لحضور مراسيم الدفن . من يومها وأنا أدندن باسمه راغبا بالكتابة الشعرية عنه . لقد كان محروما من وطنه طيلة الوقت في بلغاريا . ومات مثل الكثير ، بحسرة الوطن . سافرت عدة مرات الى بلغاريا وعرفت قليلا من اللغة وكثيرا من الأصدقاء العراقيين . وكما يقولون كانت لنا أيام حلوة رائعة مليئة بآمال ملونة . الأمل لايموت مادام هناك انسان عراقي يطالب بحقه بترقية بلده . والجيل لايزال يحلم بالمحبة بين الناس وعدم البغضاء والتفرقة . أبو كاترين ورفاقه الأحرار ممن فارقوا الحياة أو من الذين مازالوا ، كلهم رفعوا الرسالة الى الجيل الذي يلي والذي يناضل من أجل جوهر ما آمن به أبو كاترين والعشرات والمئات ممن قدسوا ويقدسون إرث المحبة بين الناس ومن أجل خدمة فقراء الناس . لا أنسى أبا كاترين فهو الحاضر معي دائما . هناك بعض الأحياء من حولي لكنهم ميتون . وهناك ميت لكنه حي . !
******* 23/7/2011
#خلدون_جاويد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مَنْ يتذكر أبا كاترين حسين جابر ؟ ...
-
نص محاكمة الشاعر الخطير حسين مردان !
-
رسالة من خلدون جاويد إليه !...
-
مَهرا ً لعينيها ومحمد علي الخفاجي ...
-
الكأس ممنوع ياحسين مردان ! ...
-
إحذروا معاداة الشاعر ! ...
-
بك َ من عناق الغانيات ِ جراحُ ! ...
-
يومياتي 3 ...
-
تطبيقات شِعرية على حياة الشبيبة العاطفية ...
-
الشاعر حسين مردان يصرخ بوجه الله ...
-
تعالوا نشتم الشعب والوطن ! ...
-
هل من فتوى لتحريم خلوة الإبن باُمهِ ؟
-
- إن النساء َ بذيئآتٌ حقيرات ُ - للشاعر حسين مردان !.
-
- على غرار قصيدة أحمد شوقي - ...
-
إحتقار المرأة أم دعوتها للتحرر ؟
-
- سلوا قلبي غداة َ سلا وثابا - ...
-
شاعر يشتهي الرضاعة من ثدي اُمه ِ !!! ...
-
يوميّاتي 2 ...
-
التغزل بجدار قديم ...
-
صورة - سيدتي الجميلة - ...
المزيد.....
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|