نشوى محمد عبد الحميد
الحوار المتمدن-العدد: 3435 - 2011 / 7 / 23 - 17:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مقدمة :
فى المجال السياسي تلعب القيم دورا كبيرا وتحتل موقعا مركزيا من المجتمع واذا غلبت دراسة الموارد وادارة الصراعات والقوة على دراسة علم السياسة فلا تزال للقيم دورها الاساسى والعمود الفقرى المرتكز علية النظام العام للدولة ككل وان كانت القيم تنظيمات معقدة فما زالت هى المعتقدات التي يؤمن بها الفرد فتوجه سلوكياته في الحياة لوجهة محددة وفقاً لمعطياتها وتهبه عاطفة تعمل على تشكيل شخصيته وتحديد هويته التي تميزه عن غيره من الناس وتوفر لة أعلي درجة من تحقيق الذات والفضيلة فى ظل المصلحة الجماعية للمجتمع ككل وما حدث فى 25 يناير فى مصر نتيجة لتراجع القيم والاخلاق فهل سيتسمر التراجع رغم نجاح الثورة المصرية ؟؟؟
عندما تنفلت الأخلاق وتتراجع القيم ويفقدها الإنسان ينفصل عن تراثه ويغترب ويتشئ عن نفسة وانسانيتة ومجتمعة ككل ويفقد بوصلة التحضر والرقي فينتابه شعور بالعزلة والانفلات من النظام السياسي القائم حينئذ تبدء حالة الفوضي الأخلاقية ويعم الفساد ويفقد المجتمع مقومات الرأسمال الاجتماعي والاخلاقى مؤسس أعمدة الحضارة والتقدم والرقى وهذا ماحدث فى مصر بأن هناك أزمة مزمنة اصابت منظومة القيم الاجتماعية وأقل ما يوصف عنها انها كارثة ومحنة اخلاقية ناتجة عن التدهور فى القيم والاخلاق وفجأة انقلب الحال ودقت ساعة التغير و تعالى الصرخات نحو الحرية والعدالة والاخلاق وبعد المخاض الشديد نجحت فى وأد النظام القديم لتبنى علية ماحلمت بة لمدة 30 عام وأهمها الاخلاق فهل ستنجح فى تأسيس منظومة قيم اجتماعية جديدة ؟؟؟
أولا : الثورة والاخلاق فى الكتابات السياسية :
مفهوم الثورة :
فى بعض الاحيان يكون العنف هو الوسيلة الوحيدة فى تغير الحكام واستبدالهم بغيرهم وهنا تأتى مرحلة الثورة فهى انتقال السلطة السياسية من فئة قليلة الى جماهير الشعب نتيجة لحركة اجتماعية ثورية تنمو نتيجة لتوترات تحدث داخل النظام السياسي سببها الفساد وانحلال الاخلاق ويترتب عليها انفجار شعبى يحطم النظام السياسي القائم برمتة ويؤدى الى استيلاء الجماهير على السلطة السياسية.
رأس المال الاخلاقى :
لكل نظام سياسى رأس مال اخلاقى يستبقى شرعيتة أمام مواطنية ويحفظ لة مكانتة وشأنة شأن أى رأسمال احيانا يزيد واحيانا ينقص واحيانا متراكماً واحيانا متأكلا حتي يصل لنقطة الصفر نتيجة للنظام أو الشخص الذى لا يحسن استثماره فيحمله دون أن يجيد توظيفه ثم يفقدة نهائيا وهذا ما فعلة النظام السابق صحيح أن رأس المال لة كان أكبر بكثير مما تخيل الشعب المصرى ولكن رأس مالة الاخلاقى صفرا و يحتاج وقتًا وجهدًا لتعويض الخسارة ومحو آثارها وتجديد وتحسين الصورة والمكانة .
رأى الفلاسفة والعلماء فى علاقة الاخلاق بالثورة :
لقد ذكر الفلاسفة والعلماء العديد من الأراء التى تتضمن علاقة تراجع الاخلاق والقيم بقيام الثورات ولقد اختلفت الاراء الفكرية والفلسفية والدينية حول تعريف مفهوم الاخلاق وتنازعت الأيديولوجيات الحديثة حول تعريف محدد لة وجميعهم يدعوا علاقتهم بالأخلاق والقيم فيحتكر تعريفها فكل هذة الايديولوجيات تحتكر مفهوم الاخلاق وتحددة على حسب منظورها ومن رأى الفلاسفة أن هناك اسباب متعددة للثورات فمثالا أرسطوكان يرى ان السبب الرئيسى للثورة هو الانفصال بين ملكية القوة الاقتصادية وملكية القوة السياسية ووجود الفساد من الاقطاعين أو ارستقراطية الارض وسيطرتهم على الحياة الاقتصادية ، وايضا النظرية الماركسية يرجع كارل ماركس اسباب الثورات الى الاستغلال الاقتصادى الذى تمارسة الطبقة المالكة ضد الطبقات الاخرى غير المالكة لها والذى يترتب علية صراع الطبقات ، وايضا جيمس س.ديفيز الذى يرى ان النظام السياسي يصل الى لحظة احتمال قيام الثورة عندما يمر بفترة من التقدم ثم يصل الى مرحلة الركود الشديد والمزمن ، وهناك نظريات اخرى لايتسع المجال لذكرها جميعا فمثالا كارل دويتش يرجع الثورة الى عدم التوازن بين مقدرة الحومة وأعباءها ، بينما هارى ايكستين يرجعها الى عدم تناسق أنماط السلطة فى المستويات المختلفة فى المجتمع ومايهمنا هوالأتى :
1) تفسير نظرية القيم :
يرجع أصحاب نظرية التوازن الاجتماعى مثل بارسونز وألسون ودانيال بيل وغيرهم قيام الثورة الى انهيار القيم الاجتماعية التى تربط أجزاء المجتمع ببعضها نتيجة للفساد الاخلاقى المنتشر فى كافة الانحاء والمجالات ونتيجة لاحداث تغير فى البناء الاجتماعى وعدم تناسق الاوضاع المادية مع المراكز الاجتماعية والادبية وفقدان الشرعية والثقة فى النظام السياسي القائم بسبب تغير النظرة الية نتيجة تغير القيم الاجتماعية وكذلك يرى وليم كورنهوز أن هذة المرحلة من ظهور حالة التسيب فى المجتمع ترجع الى تقطع أوصال المجتمع ككل الناتج من الكساد الاقتصادى والانحلال الاخلاقى بالاضافة الى انهيار الجماعات الوسيطة من احزاب وتنظيمات واجتماعات هنا تبدء الحقيقة تظهر للشعب عارية بدون تزييف وتفتح عيونهم وتنير بصيرتهم على الواقع الاليم الذى يعيشون فية ويبدأ شبح الثورة يراود تفكيرهم ويبدأ التفاؤل فى قلوبهم يبعث الامل ويبدأ الحلم فى التغير الكلى وأولة التغير الاخلاقى والمجتمعى وبناء منظومة قيم جديدة .
2) تفسير نيكولا مكيافيلي:
يرى مكيافيلي بنظرة علمية بعيدة عن العاطفة والمثاليات أن من يريد من الحكام أن يمسك بالحكم بفاعلية علية أن يلتفت الى طبيعة شعبة الذى يحكمة ويأتى ذلك فى اطار نصائح مكيافيلى للامير أن يفعل الحاكم دائما الخير لان الشر لايحفظ السلطة وعلى الرغم أنة كان يرى أن على الحاكم ألا يبني سلطته على الأخلاق ومبدأ الفضيلة بل على الاستبداد عبر استخدام القوة والترهيب أكثر من الرأفة واللين نظرا لفساد الطبيعة البشرية وتناقضتها الداخلية الا انة لم ينفى أن مصداقية الأمير لن تأتى الا من كسبه حب الناس وإلا انقلبوا عليه وايضا من اهم أراءة أنة لاحرج فى الفصل بين السياسية والاخلاق ولكن يجب ان تراعى الاولى الثانية ولايجب ان ننسى ان مكيافيلى كان يشجع النظام الجمهورى القائم على حكم الشعب ويرى أن الاولوية لمصلحة الوطن وهى مقدمة على كل أعتبار أخر سواء كان فرد أو جماعة فالاولية للمصلحة الجماعية .
3) تفسير عبد الرحمن الكواكبى فى كتابة طبائع الاستبداد :
يمكن اعتبار كتاب الكواكبي (طبائع الاستبداد ومصارع الاستبعاد) الاتجاه المعاكس والمناقض لما كتبه ميكافيلي حيث عني الكواكبي في كتابه بتحذير الناس من أصل الداء وهو الاستبداد السياسي فلقد رفض الكواكبي تماماً فكرة الاستبداد بشكل مطلق أما عن الاخلاق فيذكر فى كتابة أنة "لا تكون الأخلاق أخلاقاً ما لم تكن ملكة مُطردة على قانون فطري تقتضيه أولاً وظيفة الإنسان نحو نفسه؛ وثانياً وظيفته نحو عائلته؛ وثالثاً وظيفته نحو قومه؛ ورابعاً وظيفته نحو الإنسانية وهذا القانون هو ما يسمّى عند الناس بالناموس" وعن علاقة الاستبداد بالاخلاق فلا كلام خيرا من كلام الكواكبى" أن الاستبداد يتصرَّف في أكثر الأميال الطبيعية والأخلاق الحسنة فيُضعفها أو يُفسدها أو يمحوها فيجعل الإنسان يكفر بنِعَم مولاه لأنه لم يملكها حقّ الملك ليحمده عليها حقّ الحمد، ويجعله حاقداً على قومه؛ لأنهم عونٌ لبلاء الاستبداد عليه وفاقداً حبّ وطنه لأنَّه غير آمن على الاستقرار فيه ويودُّ لو انتقل منه، وضعيف الحبِّ لعائلته لأنه يعلم منهم أنَّهم مثله لا يملكون التكافؤ، وقد يُضطرّون لإضرار صديقهم، بل وقتله وهم باكون أسيرُ الاستبداد لا يملك شيئاً ليحرص على حفظه لأنَّه لا يملك مالاً غير معرَّض للسّلب ولا شرفاً غير معرَّض للإهانة ولا يملك الجاهل منه آمالاً مستقبلة ليتبعها ويشقى كما يشقى العاقل في سبيلها" وبذلك نجد تحدث الكواكبي عن أثر الاستبداد في فساد الأخلاق فالاستبداد يُضعف الأخلاق الفاضلة أو يُفسدهاويغيّر أسماء الأشياء ويلعب بالأخلاق ففي ظل الاستبداد تكون الشهامة تطفلاً والإنسانية حمقاً والرحمة ضعفا ًبالضبط كما يُسمَّى الكذب مجاملة والنفاق سياسة!
العلاقة بين مفهومى رأس المال الاجتماعى ورأس المال الاخلاقى :
لقد اشتق مفهوم رأس المال الاجتماعي من رأس المال و أول من تحدث عنة كتابات كارل ماركس إلا أن المفهوم اتسع ليشمل أشكالا متعددة من رأس المال منها رأس المال الاجتماعي والثقافي والدينى ويقصد بة النسيج الاجتماعى الذى يحدث فى اطارة رأس المال الاخلاقى كما يشير ايضا هذا المفهوم الى مجموعة القيم و الاخلاق الاجتماعية التي تسهل عمليات التفاعل الاقتصادي و السياسي و التي تشكل البنية الاساسية للعلاقات الاقتصادية و السياسية و تتجسد تلك القيم و الاخلاق في الهياكل و البني الاجتماعية التي تدعم اعضائها و مصالحهم و تعمل على تماسكهم وهو أيضا جملة القيم التي يشارك فيها أعضاء الجماعة وتكون سببا في توليد التعاون بينهم اذا قامت على الثقة المتبادلة ومن شأن هذه الثقة أن تشتد فاعلية الجماعة ككل وعلاقتة برأس المال الاخلاقى وبالقيم عموما واضحة جدا ويتضح ذلك من خلال مؤشرات قياس رأس المال الاجتماعى التى من أهمها المنظومة القيمية والتى تأتي علي رأسها قيم الثقة و الشفافية و تحمل الآخر والاخلاق والرغبة في التعاون معه و العقلانية وغير ذلك وهنا يؤكد "فوكوياما Fukuyama" علي أن رفاهية أي مجتمع وقدرته علي التنافس تتوقف علي سمة ثقافية هي مستوي الثقة المتوفر داخله والتي تتلازم مع رصيده من رأس المال الاجتماعي .
واستنتاجا مما سبق فأن من أهم الاسباب لقيام الثورات هى (الوضع الاقتصادي المزرى و الاستبداد بالسلطه والمناصب على فئه معينه و فقدان الثقه في القيادات وانحلال القيم وفقدان الاخلاق مما يؤدى فى النهاية لانهيار رأس المال الاجتماعى برمتة وتبدأ الثورة ناتجة عن الانحلال القيمى والاخلاقى وانتشار الفساد ولقد أصيبت منظومة القيم الاجتماعية في مصر بفعل عوامل ومتغيرات عالمية وقومية ومحلية وظهرت أزمة بل هى محنة أو كارثة اجتماعية تعكس حالة من التدهور الأخلاقي والانحدار الفكري والتردي والضعف حالة من الخلل تتغلغل في الكيان المصري في المرحلة المعاصرة فماذا حدث فى مصر قبل 25 يناير وماذا حدث فى 25 يناير وماذا سيحدث بعد ذلك ؟ هى التساؤلات التى يجيب عنها الجزء الثانى .
ثانيا : ثورة مصر 25 يناير 2011 م والاخلاق :
أعادة الثورة المصرية صياغة وجدان المصريين بعدما خرجوا نساءا ورجالا وأطفالا وأفرادا وعائلات مطالبين بالحرية وطيلة المشهد الذى أحتشدت فية الملايين يوميا فى الشوارع لم تسجل فية حالة قتل أو سرقة أو عنف وعندما حدث الأنفلات الامنى واختفت الشرطة من الشوارع تحرك الناس من تلقاء أنفسهم لحماية بعضهم بعضا وأما التلاحم بين المسلمين والمسيحين فظهر فى أبهى صورة ولم يترك الثوار ساحات احتجاجهم الا وقد اعادوها لافضل مما كانت علية ، مظهرا حضارى جعل الرئيس الامريكى يقول ان الشعب المصرى قدم نموذجا ثوريا يجب أن تقتضى بة دول العالم أجمع .
علماء النفس والأجتماع يرون أن الشعب المصرى الذى ينتمى لحضارة عمرها 7000 عاما نفض عن نفسة ملامح السلبية والعصبية والتمحور حول الذات عندما هبت علية نسائم العدل والحرية ونفض عن نفسة غبار سنين طويلة ليسترد صورتة خلال شهر تقريبا لا أكثر فالثورة المصرية لم تكن ثورة لاسقاط نظام مبارك وحسب بل وايضا لاقتلاع أخلاق الفساد الذى زرعاها هذا النظام .
القيم المدنية فى مصر وكيف تأكلت نتيجة الاستبداد قبل 25 يناير:
لا يمكن عزل مسار تقدم ونهضة أى مجتمع عن نمط القيم والتى تشكل المثاليات العليا وتحدد ادراكهم لامور حياتهم وتصورهم للعالم المحيط بهم وتشكل مرتكزا تقوم علية عملية التفاعل الاجتماعى وللاسف هذا ما افتقدة النظام المصرى السابق فمشكلة النظام السابق لاتكمن فى اخطاءة السياسية الفادحة فحسب فقد تحملنا أنظمة سابقة رغم فداحة الأخطاء لأن رصيدها الأخلاقي كان رفيعاً ولكن مشكلة هذا النظام في الفساد الذي أفقده مصداقيته وفي تآكل رصيده الأخلاقي حتي صار الرصيد بالسلب فتجاوز الصفر.. للمديونية ونجح بامتياز في فقدان أي مكانة لدي الناس.
من أهم أسباب قيام الثورة المصرية :
كان الفساد قد ضرب في البر والبحر وتغلغل حتى أصبح نظاماً عاماً في المجتمع وتراجعت أمامه قيم النزاهة والشفافية وانتشرت قيم العنف والبلطجة وتزوير الأوراق والمستندات والغش والتلاعب بالقانون والمال والثروات المنهوبة والسلطة فقامت الثورة لمواجهة الفساد الاقتصادي والاجتماعي للنخبة السياسية فقد يصبر الناس علي الفساد المالي لكن الأخطر هو الفساد الأخلاقي والفجور في إنفاق الثروة وهو ما رأة الفقراء الذين يشيدون للأغنياء قصورهم ويحرسون لهم حياتهم اليومية .
وأيضا أداء الجهاز الأمني الذى تجاوز في ممارسات كل حدود الأخلاق وانتشار فية الفساد وإهانة للناس وتعذيبهم والتنكيل بهم وتجريدهم من إنسانيتهم بدعوي أنهم لا يستحقون إلا ذلك دون حساب ولا عقاب ويدمرون كل معني للكرامة وأي رصيد لمعانى الانتماء للوطن في نفوس الناس من شدة القهر والقمع حتى تعالت الصرخات المعلنة والمكتومة وتزايدت الشكاوي من مرارة الواقع وتدهور اخلاقيات الناس في تعاملاتهم اليومية وسلوكياتهم المستهجنة اجتماعيا واخلاقيا واصبح الحوار السائد يتسم بالتشنج في كل وسائل الإعلام واصبحت الفوضي تعم جوانب المجتمع والشارع غير منضبط والعنف والتطرف يتزايدان في الحياة اليومية وسلوكيات الناس تبتعد عن مبدأ التسامح وجرائم من نوع خاص تنتشر بصورة غير مسبوقة و غابت قيم التعاون بين المواطنين سب الوطن هو التعبير الوحيد المتردد عن هذة الحالة من الفساد .
تناقص الرصيد الاخلاقى و لحظة التفكير فى الثورة :
لقد أدرك المواطن البسيط بانطباعاته وخبراته اليومية المحدودة بحالة الفساد الإداري والاجتماعي والتسيب واللامبالاة وعدم الانضباط في السلوك وسيادة الفوضي الأخلاقية وأدرك الخلل الذى ينتاب منظومة القيم الاجتماعية والمعايير الأخلاقية الايجابية حينئذ لا يملك هذا المواطن إلا أن يتباكي علي زمن انفرط عقده الأخلاقي وتغيرت منظومته القيمية التي توارثها وألفها علي مر السنين وبات يشعر بأن الزمن الراهن تبدلت فيه اخلاقيات البشر زمن كان بالأمس يؤكد قيم التماسك والتعاون والتضامن والمحبة والتسامح والأمانة والالتزام والعمل الجاد زمن تعد فيه القيم الأخلاقية هي الركيزة المحورية في بناء المجتمع والمحرك النشيط في تقدمه ورقيه تتحقق من خلالها طموحات المواطن وتقضي علي ما ينتاب الإنسان من حالات القلق أو العجز عن مسايرة متغيرات الواقع.
ثورة مصر تغييرا لنظام الاخلاق :
قامت الثورة المصرية ونجحت ثورة 25 يناير بشبابها وشيوخها وفئاتها المتنوعة وظهر الكنز الاخلاقى الحقيقى لهذا الشعب العظيم بعدما ظن الكثيرون أن تلك القيم السلبية تمكنت وسيطرت إلي الأبد وارتفعت قيم الثروة وظهرت عادات وتقاليد سلوكية جديدة تبعث الامل فى ظهور منظومة اخلاقية جديدة وتبعث الرصيد الاخلاقى المدفون وقدمت قيماً وسلوكاً مغايراً أذهل العالم فلم تكن ثورة 25 يناير مجرد ثورة علي النظام السياسي أو نظام مبارك بل كانت ثورة علي نظام القيم السائدة وعلي الفساد وقيمه وأدواته ورموزه والثقافة التي سادت فية لثلاثة عقود .
ظهور القيم الاخلاقية فى الميادين الكبرى لحظة الثورة :
توحد المصريون مسلمين ومسيحيين وتوحدوا معاً من كل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي وساروا معاً وهتفوا معاً وغنوا معاً: تغيير، حرية عدالة اجتماعية، هتفوا معا بكلمة الشعب الذي يريد إسقاط النظام وهتفوا معاً للدولة المدنية الديموقراطية التي يريدونها بديلاً لدولة القهروالفساد والاستبداد والظلم الاجتماعي وأبسط ما يقال أن ثورة مصر كلها أخلاق فكانت داعمة وبالدرجة الاولى الى تطوير قيم الحرية والعدالة والمساواة والمبادرة والثقة في النفس والقدرة علي التغيير والثورة والشفافية والنزاهة والتعددية والحوار والمواطنة كل ذلك الدعم لهذه القيم التى صعدت مع الثورة هو دعم لقوي الثورة لتأسيس حياة قيمية أخلاقية جديدة .
تعثر الفضائل المدنية وظهور الاجندات المختلفة بعد الثورة:
تنتمي القيم الجديدة لقوي ثورة 25 يناير للقوي الشبابية والشعبية الجديدة الصاعدة وتنتمي القيم القديمة لقوي الثورة المضادة للقوي القديمة من بقايا النظام القديم ورغم نجاح الثورة ظهرت أجندات مختلفة واحزاب سياسية مختلفة فاصبحت القوى الموجودة فى الشارع المصرى تعمل وفق اجنداتها الحزبية لتصب فى النهاية فى مصلحتها الخاصة فانقسم المجتمع مرة أخرى الى تيارات سياسية ونظرت هذة التيارات لقضايا المجتمع من خلال نظريات مطلقة لاتفترض الخطأ والصواب وأنما تفترض الخطيئة فى معارضيها والسمو فى نفسها وتنطلق من محددات الحلال والحرام وهنا السؤال يبقى الى أى حد يسود بيننا الخلاف والصراع فنحن نريد اخلاق الميدان لنبنى بلدا أسقطنا نظامها معا وبالتعاون ومن منطلق ذلك فأن الشعب يريد أخلاق الميدان وليس صراع الاجندات .
رؤية نقدية لما نعيشة الان فى مصر :
كنا نعيش أزمة محققة تمثل كارثة اخلاقية مدمرة فلماذا تبدلت قيم المصريين؟ وماذا حدث لمصر في الزمن الراهن؟ وما أهم مظاهر الأزمة الأخلاقية واسبابها؟ وما أهم مؤشرات الفوضي الأخلاقية السائدة في المجتمع؟ وهل من المنطقي تفسير الأزمة الأخلاقية التى عشناها ومازلنا نعيشها تتطلب هذة ازمة رؤية علمية شاملة تنطلق من مقولة رأس المال الاجتماعي تمتلك القدرة علي التعامل مع متغيرات الواقع والتراث الايجابي المصري رؤية تدعو إلي وقفة جادة تتضافر فيها جهود كل أجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع المدني في محاولة لإعادة الثقافة الأخلاقية التي كدنا نفقدها فهل لنا من وقفة عقلانية تسهم في وضع حلول عملية لمشكلات الإنسان المصري قبل أن نفقد الذاكرة الأخلاقية للأمة؟!
حقيقة نحتاج فى مصر الى منظومة أخلاقية جديدة ونحتاج لبناء مجتمعى جديد وبعد ثورة 25 يناير لم تتغير العادات ولا القيم ولم نشعر بالتغير فدعت الحاجة الى ثورة الغضب الثانية فهل ستحقق الاهداف وتستكملها أم لا ؟؟ لابد أيضا أن نأخذ فى الاعتبار أن كل تعطيل أو تهاون في مواجهة الفساد ورموزه وشبكاته والاستبداد وجرائمه وممارساته القمعية هو تمكين لبقايا النظام القديم من العودة المباشرة أو غير المباشرة وتمكين لإعادة نشر أنساق القيم القديمة وتسريبها من مسام المجتمع وعودتها به لأوضاع ما قبل ثورة 25 يناير الديموقراطية الشعبية وقيمها الثقافية والاجتماعية الجديدة.
سقطت أخلاق النفاق والكذب والخيانة والانتهازية والسرقة والنهب والعنف فى الدولة أو العائلة أو فى الشارع. تغيرت أخلاق الناس فى الشارع، سقطت الحواجز المفروضة بين الناس أصبح الشعب المصرى كأنما أسرة واحدة يبتسمون بعضهم للبعض و يحيون بعضهم البعض دون سابق معرف .
الأخلاق قرينة الجمال وهى شروط سياسة وإنسانية في حدها الأدني وفى مصر تحملنا أنظمة سابقة رغم فداحة الأخطاء لأن رصيدها الأخلاقي كان رفيعاً نريد راية كبيرة محفور عليها شعار كبير فحواة أن الشعب يريد زيادة رصيدة الاخلاقى .
هوامش :
أولا : المراجع باللغة العربية :
الكتب :
1) عبد الرحمن الكواكبى ، " طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد " ، (بيروت : دار النفائس ، 2006 )
2) أحمد زايد,"تناقضات الحداثة في مصر", (القاهرة:الهيئة العامة للكتاب ,2006)
3) السيد عبد الفتاح ، " ثورة التحرير أسرار وخفايا ثورة الشباب " ، (القاهرة : دار الحياة للنشر والتوزيع ، 2011 )
4) فاروق عبد القادر ، " مقدمة فى نظريات الثورة " ، ( القاهرة : المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1979 )
5) نيكولا ميكافيلى ، " الامير " ، ( القاهرة : المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، 2004)
6) هاني خميس,"رأس المال الاجتماعي",(القاهرة : المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية, 2008)
7) أحمد زايد," رأس المال الاجتماعي لدي الشرائح المهنية من الطبقة الوسطي" ، (القاهرة : مركز البحوث والدراسات الاجتماعية , 2006 (
8) أحمد زايد," تناقضات الحداثة في مصر" ،(القاهرة : الهيئة العامة للكتاب, 2006 (
9) أحمد مجدي حجازي وآخرون, " نحو منظومة القيم الإيجابية الداعمة لرؤية مصر", (القاهرة : مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، 2008م,)
الرسائل العلمية :
1) خالد كاظم أبو دوح , " التحولات العالمية الجديدة والديمقراطية في المجتمع المصري ... دراسة لرؤي عينة من مثقفي المجتمع المصري",( رسالة ماجستير, غير منشورة, قسم الاجتماع, سوهاج, 2004م)
2) وليد رشاد , "الجماعات المتشكلة في الفضاء العالمي بناؤها ومضامين تفاعلاتها الاجتماعية دراسة علي عينة من المتفاعلين عبر الشبكة الدولية للمعلومات", (رسالة ماجستير , غير منشوررة , إشراف علي ليلة , جامعة عين شمس , القاهرة , 2006 )
الدوريات العلمية :
1) عصام محمد عبد الفتاح ، " قراءة فلسفية فى ثورة 25 يناير المجيدة " ، (مجلة الديمقراطية ، العدد 42 ، ابريل 2011 )
2) نبيل فرج ، " ميكافيللى ( 1469 – 1527 ) " ، ( مجلة الديمقراطية ، العدد 41 ، يناير 2011)
3) سعيد عكاشة ، " قراءة فى ثورات المجتمع المصرى " ، ( مجلة الديمقراطية ، العدد 42 ، أبريل 2011)
4) وحيد عبد المجيد ، "نهاية الاهانة ثورة 25 يناير ضد النظام الهش فى مصر " ، ( مجلة السياسية الدولية ، العدد 184 ، أبريل 2011)
5) محمد أحمد العدوى ، "تداعيات الثورة على الثقافة السياسية فى المجتمعات العربية" ، (مجلة الديمقراطية ، العدد 42 ، أبريل ، 2011)
6) وليد رشاد زكى ، " من التعبئة الافتراضية للثورة " ، (مجلة الديمقراطية ، العدد 42 ، أبريل 2010
المؤتمرات العلمية :
7) وليد رشاد ،"المواطنة في المجتمع الافتراضي تأملات نظرية علي مرجعية الواقع المصري" ، ورقة مقدمة إلي المؤتمر السنوي الحادي عشر المسئولية الاجتماعية والمواطنة , المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية , القاهرة , ص23
التقارير العلمية :
8) نهال سرحان وأخرون ، "ثورة الشعب المصرى ملهم شعوب العالم، (القاهرة : مركز الوزراء ودعم اتخاذ القرار ، 2011 ، ص ص 2 – 12 )
محاضرات غير منشورة :
9) حامد ربيع ، " نظرية القيم فى العلوم السياسية " ، (محاضرات منشورة ، تم القاءها فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية : جامعة القاهرة )
المواقع الالكترونية :
1) أخلاق ثورة مصر ، تم الدخول فى 27 / 5/ 2011 م ، على الرابط التالى :
http://www.youtube.com/watch?v=JK58H3Y_NKg
2) أسباب ثورة 25 يناير ، تم الدخول فى 25 / 5/ 2011 م ، على الرابط التالى :
http://www6.mashy.com/home/tahrir-egypt/revolution-causes
3) الرحمة .. والعدل ، تم الدخول فى 24 / 5/ 2011 م ، على الرابط التالى :
http://www.dostor.org/opinion/10/april/10/12660
4) رأس المال الاخلاقى ، تم الدخول فى 23 / 5/ 2011 م ، على الرابط التالى :
http://www.dostor.org/opinion/10/april/3/11799
5) الرأس المال الاجتماعي من منظور فلسفي، تم الدخول فى 22 / 5/ 2011 م ، على الرابط :
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=96278&eid=763
6) إهدار رأس المال الاجتماعي في مصر، تم الدخول فى 26 / 5/ 2011 م ، على الرابط التالى :
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=96283&eid=247
ثانيا : المراجع باللغة الانجليزية :
BOOKS :
1) Alejandro Portes, Social Capital: Its Origins and Applications in Modern Sociology, Annual Review of Sociology, Vol.24, 1998, P.2.
2) Pierre Bourdieu, the Forms of Capital, in J. G Richardson (ed), Hndbook of Theory and Research for the Sociology of Education, Green Wood Press, New York, 1980, P.249.
3) Anirudh Krishna, Active Social Capital, Columbia Universiy Press, New York, 2002, P.2
4) Christian Grootaert, and Others, Measuring Social Capital, the World Bank, Washington, 2004, P.5.
5) Nan Lin, Social Capital : A Theory of Social Structure and Action, Cambridge University Press, Cambridge, 2001, P.23
6) Lorne E. Jacques, Social Capital and the Community, Canada, 2001, P. 62.
7) Anita Blancher Sense of virtual community in list serves and news group ,UNC charlathe , Departnet Of psychology July,2003
8) Per olof Agren,on the creation of social capital in virtual community: Case study, http://www.uofrmetic.nmu.se
#نشوى_محمد_عبد_الحميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟