أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنين عمر - هيباتيا: شهيدة النور














المزيد.....

هيباتيا: شهيدة النور


حنين عمر

الحوار المتمدن-العدد: 3432 - 2011 / 7 / 20 - 09:26
المحور: الادب والفن
    


هيـباتيا: شهيدة النور
لـ:حنين عمر

أول إيميل لي في حياتي كان عنوانه "hypatie13" وهو مكون من رقم حظي ومن اسم لاتيني لامرأة قرأت عنها وأنا طفلة بالصدفة في القاموس، فرحت أبحث عن معلومات أكثر عنها لتصبح "قدوتي المؤنثة" في ظل سيطرة أعلام الرجال على مجالات العلم والفلسفة والشعر والفلك وندرة إيجاد عالمات رياضيات وفيلسوفات وطبيبات وفلكيات في الجزء الثاني من قاموسي الذي حصلت عليه كهدية وأنا في الحادية عشرة من عمري.

ففي عام 380 بعد الميلاد ولدت امرأة غير عادية سميت "هيباتيا" في مدينة الإسكندرية بمصر، وكانت ابنة لـ "ثيون" عالم الرياضيات الشهير والذي اعتنى بتعليم ابنته الذكية علومه المكتسبة في علمه ثم أرسلها وهي في العشرين من عمرها إلى أثينا و ايطاليا لتقوم بدراسة العلوم والفلسفة.
وحين عادت هيباتيا إلى مصر من رحلتها الدراسية، بدأت في تعليم علومها، فالتف حول الأستاذة الشابة الكثير من التلاميذ، وأصبحت بالنسبة لهم رمزا من رموز العلم والحكمة والفضيلة، فكانوا يحترمونها أشد الاحترام ويكنون لها التقدير ويتسابقون للتزود منها بأفكارها وأقوالها.

لم تتزوج هيباتيا رغم أن التاريخ يذكر خطابا لها وأزواجا محتملين، لكنه يذكر أنها كانت ذات أخلاق عالية ونفس شريفة، ومما يقوله عنها كتاب "تاريخ الكنيسة: "كان هناك امرأة في مدينة الإسكندرية تسمى هيباتيا، وهي ابنة الفيلسوف ثيون، وقد كانت بارعة في تحصيل جميع العلوم المعاصرة، وهذا جعلها تتفوق على كل الفلاسفة المعاصرين لها، حيث كانت تقدم تفسيراتها الفلسفية - خاصة فلسفة أفلاطون- لمريديها الذين كانوا يأتون من كل المناطق، بالإضافة إلى تميزها بتواضعها الشديد فلم تكن تحب الظهور أمام العامة. و كانت تقف أمام قضاة المدينة وحكامها دون أن تفقد هيبتها، مما أكسبها احترامهم وتقدير جميع من حولها. كما كان والي المدينة "أورستوس" في مقدمة الذين كانوا يكنون لها عظيم الاحترام." وقد كان لها كتب مشتركة مع والدها ولها اكتشافات علمية فلكية وفيزيائية قيمة منها: رسم الأجرام السماوية واختراع "الهيدرومتر" إضافة لنوع من الإسطرلاب وتركت رسائل في الفكر كانت تتبادلها مع تلميذها "سينوسيوس".

ذاع صيت هيباتيا، والتف المثقفون حول العالمة الفيسلوفة وربطتها علاقة فكرية قوية مع الحاكم أورستوس الذي دخل في صراع سياسي مع أسقف الإسكندرية "كيرلس"، وبدأ الأسقف والرهبان المستفيدون من الجهل والفوضى يخشون تأثير هيباتيا وقوتها ونفوذها وعلمها والتفاف تلاميذ العلم والشباب من المسيحيين حول أفكارها الموصوفة بالكفر في أحكامهم، فكان الحل الوحيد هو التخلص منها لضمان بقائهم مسيطرين على المدينة والعقول ولإضعاف أورستوس وتقليص نفوذه على العامة.
فاستغلوا ولاء بعض العامة للكنيسة وحرضوهم على هيباتيا، فقاموا بتتبعها وهي عائدة إلى منزلها من إحدى حلقات التدريس: سحبوها من شعرها وجردوها من ملابسها وربطوا يديها بحبل جروها به في شوارع مدينة الإسكندرية ثم رجموها حتى الموت واحرقوا جثتها.

كان موت هيباتيا مأساويا وهي ابنة خمسة وثلاثين عاما، وبقيت دماؤها في شوارع الإسكندرية شاهدة على مرور امرأة عظيمة، وترك موتها البشع في التاريخ علامة مهمة تدل على مدى ارتعاب السياسة من العلم، ومدى خوف الظلام من النور، فهيباتيا التي امتلكت بعلمها وشرفها وذكائها قلوب الناس شكلت خطرا كبيرا على من كانوا يحكمون هؤلاء الناس بالجهل والغباء والاحتيال.، لذا أحب هذه المرأة، بسببها التهمت كتب الفلسفة قبل أن اعرف معنى الفلسفة، وبسببها تجاوزت مرارة كوني امرأة في عالم يتهم النساء بالسطحية، وبسببها آمنت بأنه ليس من المستحيل أن توجد امرأة تفهم أحسن من كل الرجال...فآمنت بقدرتي العقلية المؤنثة وبأحلامي العميقة المؤنثة، وعرفت قيمة احترامي لنفسي وعظمة "العلم" وقوة "الفكرة"، وبسببها....مازلت أتمنى أن أضع باقة ورد على كل حجر في كل شارع من شوارع الإسكندرية...وحين سأزور مصر ثانية سأذهب الى هناك هذه المرة وسأضع قبلة على حجر لا يعرفه سوانا: أنا وهيباتيا.
حنين//



#حنين_عمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبطال من ورق
- لازاريوس بروجكت
- فنجان قهوة
- أنتَ ؟ : أنتَ الذّاكرة
- نقطة...أول العطر!!!
- في مديح المنفى البعيد جدا
- كامل الشياع : ليس كل الموتِ موتا
- سيجارة إخبارية
- ست ُّالشناشيل
- سرطان
- فنجان شاي مع أدونيس والدلباني
- تغريبة النهرين
- سبورة سوداء
- أسوأ مهنة في التاريخ
- بين منفى الجسد ومنفى الروح
- أدباء... أم مهرجون ؟؟؟
- حينما تبتسم الملائكة - 1
- بوابة المغادرة
- رسالة الى تورنتو
- تماثيل من الملح


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنين عمر - هيباتيا: شهيدة النور