فينوس فائق
الحوار المتمدن-العدد: 1022 - 2004 / 11 / 19 - 11:06
المحور:
الادب والفن
(1)
أرسم محيا وطن متعب
و ألونه بألوان مائية
و أضعه في مزهرية التأريخ
أعلق على رقبته تعويذة
أكتب فيها
هذا وطن التوابيت المليئة بالصراخ
وطن الأكفان الملفوفة حول جسد الصوت
هذا وطن على محيا خارطة ممزقة
هذا وطن بلا وطن
وطن عقيم لم يجروء أن ينجب يوماً صبياً
لئلا يلعب بطائرة ورقية فيطر إلى السماء و لا يعود
و لا صبية تلعب لعبة الإختباء و فتختفي و لا تعود
هذا وطن كأنه نقش على الماء
يظهر في الحلم و يختفي في الحقيقة
من يمسه بسوء يتحول إلى حجر في كهف هزارميرد
(2)
أغسل يداي بماء الصباح
و أبدأ طقوس إستقبال صباح جديد
برسالة غير مرئية
رسالة تخطها أنفاسي
كنقشٍ زمردي على وجنة الماء
رسالة يحملها موظف بريدٍ من نسج الخيال
إمشي إليك
و أتحسس محياك
و أغدو فراشة من الجنة
فيداهمني الليل
و أغتسل بماء بلون المساء
و تتجمد أصابعي
في صقيع الفراق
فتنبت على راحة يدي
زهور الحزن
و على ظهر يدي أشم رائحة الوداع
و أغدو قصيدة بلون النسيان
أغدوا نقشاً من الفقاعات
على وجه الماء
وتنفجر الفقاعة بعد الأخرى
فيداهمني صباح جديد
(3)
أعلم أن البحار لا تنجب النجوم
و زهور النرجس لا تنمو على ظهر الغيوم
و أعلم أن الشتاء لا ينجب الخضار
لكني أبحث عن آثار أقدامك
بين حبات المطر
و أرسم ملامحك على الضباب
الذي يحتل نافذة غرفتي
و أصطاد صوتك في الغابة
من حفيف أشجار الخريف
دون أن أجلس معك
أو نرتشف القهوة معاً
و ننظر في حدقة عيني بعضنا البعض
أعلم أنك واحد لا شبيه لك
لم تلد و لم تولد
أعلم أني أسبح في أعماق المستحيل
و لن أنجب منك لا وردة نرجس
و لا شمساً
و لا حتى رصيفاً ألتقيك في نهايته
(4)
أتلحف برائحة الكلمات
و أغرق في قعر قصيدة
أزرع أنفاسي
في طين هذا الفراق
أحفر وجعي على صدر المطر
إحفر لعيني قبراً في قصيدة
ستكتبها بعد ألف عام
إحفر ليداي قبراً في لوحة
سترسمها بعد ألف عام
ثمة قصيدة في كتابي لم تكتمل
ثمة شجرة لن تثمر
و وردة لن تتفتح
و ثمة طريق لن ينتهي
عانقني من هناك
قبل أن يحل الظلام
عانق صوتي
و أنفاسي
عانق رائحة اللقاء
فهي كما النقش على الماء
لن تدم طويلاً
#فينوس_فائق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟