|
المخابرات السليمانية إخترقت القيادة الإخوانية
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3430 - 2011 / 7 / 18 - 23:29
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
عندما رفض الإخوان المشاركة في إضراب السادس من إبريل - و هو بالمناسبة ليس ملك لحركة السادس من إبريل التي تريد القفز على ثورة 2011 أيضاً ، بل ملك لكل من دعا إليه ، و شارك فيه - و في معظم الأنشطة المعارضة الأخرى بين إبريل 2008 ، و الخامس و العشرين من يناير 2011 ، كان بإمكان البعض إلتماس العذر للقيادة الإخوانية بإنها لا تريد الزج بالجماعة في مواجهة كبيرة مع السلطة ، خوفاً من تكرار ما تعرضت له من قبل من شدائد في العهود السابقة ، و أضيف أيضاً : خوفاً من خسارة مكاسب الجماعة ، و التي منحها لها نظام مبارك ، و التي سبق أن أشرت إليها في مقال : لا تقلق يا زين ، فالإخوان أقصاهم سياسياً المباركة ، و الذي نشر في الإسبوع الأول من يناير 2011 . و عندما رفضت قيادة الإخوان المشاركة في ثورة الخامس و العشرين من يناير 2011 من بدايتها ، كان يمكن الإعتماد على نفس السببين المذكورين أعلاه لتبرير ذلك الإحجام . و عندما ذهبت القيادة الإخوانية للتحاور - أو للتفاوض حسب قولها - مع عمر سليمان ، بعد جمعة الغضب ، و أربعاء الجمل ، بمجرد أن عوج لها عمر سليمان بإصبعه ، برغم كل الأرواح الطاهرة التي فاضت ، و الدماء الزكية التي سالت ، على يد نظام مبارك ، كان يمكن وصف القياديين الإخوانيين بالإنتهازيين ، الذين لازالوا لا يؤمنون بقوة الشعب ، و يعتقدون في بقاء النظام ، و يريدون زيادة مكاسب تيارهم ، و مد رقعة نفوذه بإستثمار مبادرات ، و تضحيات ، غيرهم ، تلك المبادرات ، و التضحيات ، التي وضعت نظام مبارك ، آنذاك ، في موقف عصيب . و لكن بعد الحادي عشر من فبراير 2011 ، و بعد أن رأت القيادة الإخوانية سقوط مبارك الجبار العنيد عن عرشه ، بيد الشعب ، و بدون ضوء أخضر من أمريكا ، و برغم الدعم السعودي - الإماراتي - الإسرائيلي الذي تلقاه نظام مبارك ، فلا يوجد إلا تفسير واحد لكل السلوكيات ، و المواقف ، التي تبدر عن قيادة الإخوان ، و تبدو عجيبة . من تلك السلوكيات ، و المواقف ، العجيبة ، موقفها في قضية الدستور ، و الأهم مساندتها لنظام طنطاوي - سليمان ، و تأخيرها لسقوطه . ما الذي تخاف القيادة الإخوانية فقده بسقوط ذلك النظام المكروه - الضعيف بالفعل - برمته ؟؟؟ ما الذي تخشاه القيادة الإخوانية من قيام ديمقراطية حقيقية ، يكون الحكم فيها حقاً للشعب ؟؟؟ القيادة الإخوانية تقاتل من أجل مكاسب إستفتاء تعديل الدستور ، و لكن هل غفل عنها إنها في ظل الديمقراطية الحقيقية هناك إحتمال كبير أن تفوز الجماعة بأغلبية الثلثين في أول إنتخابات برلمانية ، و ربما الفوز بالرئاسة أيضاً ، و ساعتها سيكون بإمكان الإخوان كتابة الدستور على هواهم ، و في ظل شرعية شعبية حقيقية ، لا تحوم حولها شبهة الإتكال ، و الإحتماء ، بنظام طنطاوي - سليمان المكروه شعبياً ، و التي تحوم الآن فوق رأس القيادة الإخوانية ؟؟؟ هل القيادة الإخوانية تخاف أن يلحق أي ضرر بحماس جراء موقفها من السلطة الحالية ؟ لا أعتقد إن القيادة الإخوانية غاب عنها أن الديمقراطية الحقيقية ستجعل السلطة في يدها - لفترة - و بالتالي فإنها في ظل الديمقراطية الحقيقية سيكون بمقدورها دعم إبنتها حماس ، بالشكل الذي ترغب فيه ، منذ أول يوم تقبض فيه الجماعة على زمام الحكم ، بدون التوسل لأحد . هل القيادة الإخوانية خائفة من الديمقراطية لإنها تعرف أن النفوذ السياسي ، و كذلك النفوذ الثقافي ، للجماعة ، سيتقلص في ظل الديمقراطية ، بعد السماح للقوى السياسية الأخرى المخالفة للجماعة ، بالعمل بحرية ، و أول تلك القوى بالطبع : حزب كل مصر ؟؟؟ لا أعتقد أن القيادة الإخوانية لا تدرك أن نفوذ جماعتهم السياسي - الثقافي سيتقلص في كل الأحوال ، لأن مصر تغيرت مع غروب شمس الحادي عشر من فبراير 2011 . لقد مضى عهد الإنفراد بالساحة الشعبية . مضى عهد الإحتكار السياسي - الثقافي لعقل الشعب ، و الذي مارسته جماعة الإخوان خلال الثلاثين عاماً الماضية بمساندة السلطة لها . في كل الأحوال سيتقلص نفوذ جماعة الإخوان ، سواء إستمرت قيادتها على مساندتها لنظام طنطاوي - سليمان ، و حكوماته ، أو أي نظام يكون إمتداد لنظام مبارك في المستقبل ، مثل عمرو موسى ، أو شرف ، أو غيرهما ، أو في حال دعمها لتأسيس ديمقراطية حقيقية ، و لكن الضرر سيكون بالنسبة لجماعة الإخوان ضخم - و ربما لا يمكن علاجه - في حالة إستمرت القيادة الإخوانية في دعم أي نظام يكون إمتداد لنظام مبارك ، و قد رأت القيادة بنفسها إنفضاض ليس فقط الكثير من فئات الشعب عنها ، بسبب مواقفها ، بل و أيضاً إنشقاق العديد من أعضائها ، و حالت التمرد ، و العصيان ، في صفوفها ، خلال الخمسة أشهر الماضية فقط . المواقف العجيبة ، و السلبية ، لقيادة جماعة الإخوان تجاه جهود الشعب لتأسيس ديمقراطية حقيقية ، و تعاملها الحميم مع عمر سليمان ، و جهاز إستخباراته ، لا تفسير له سوى في وجود إختراق مخابراتي للقيادة الإخوانية . يبدو أن إعتراف القيادة الإخوانية بوجود إتصالات لها مع عمر سليمان ، و إستخباراته ، لسنوات ، و ذلك في معرض تبريرها لجلوسها مع عمر سليمان بعد جمعة الغضب ، و أربعاء الجمل ، لا يقف عند حدود الإتصالات ، بل وصل لدرجة الإختراق المخابراتي لها . لا يمكن أن تتجاهل قيادة تيار سياسي - ثقافي فوائد الديمقراطية ، و ما تعود به الديمقراطية على ذلك التيار ، في وقت وصلت فيه قوة ذلك التيار للذروة ، و لا أمل في زيادة شعبيته أكثر من هذا ، و أن تتغافل عن حقيقة أن شعبيته بدأت في التآكل بسبب مواقفها العجيبة التي تمنع إنهيار نظام مكروه شعبياً ، إلا إذا كانت مخترقة حتى النخاع على يد ذلك النظام . إنني أكتب هذا المقال ليس لإنقاذ جماعة الإخوان ، و لكن من أجل المساعدة في تسريع عملية التحول الديمقراطي في مصر ، و التي تعطلت بسبب النزاعات الحالية داخل صفوف المعارضة . نعم نستطيع بدون الإخوان أن نستكمل مشور تحويل مصر إلى ديمقراطية حقيقية ، و لكن ضم جموع الإخوان الحقيقيين لنا سيقصر المشوار ، لهذا أسعى لرأب الصدع الحالي الموجود في داخل المعارضة ، و هذا الرأب لن يتحقق بدون إصلاح داخلي في جماعة الإخوان . يلاحظ هنا إنني أقصد بقيادة الجماعة ، ليس شخص معين ، بل الكبار الممسكين بالدفة ، تلك القيادة التي أرجو من الإخوان الإخوانيين تقويم إعوجاجها في أقرب وقت ، حتى نصل بمصر إلى بر الديمقراطية الحقيقية في أقصر وقت .
ملحوظة تعد جزء من المقال : في مقال : درس من القرآن في ضرورة إستئصال النظام الظالم بالكامل ، و كذلك في مقال : الشعب يريد الحكم ، أتيت على ذكر أحد مقالاتي القديمة ، و للأسف حدث خطأ من جانبي في كتابة عنوانه ، و العنوان الصحيح هو : فأغرقناه و من معه جميعاً ، لا للعفو عن الرتب الصغرى ، و يوجد المقال أيضاً كتسجيل صوتي في يوتيوب بنفس العنوان الصحيح المذكور هنا ، فمعذرة .
المنفى القسري ، و القمعي : بوخارست - رومانيا
18-07-2011
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشعب يريد الحكم
-
درس من القرآن في ضرورة إستئصال النظام الظالم بالكامل
-
إستكمال الثورة أولاً
-
إنه نظام طنطاوي ، و الأدق نظام طنطاوي - سليمان
-
تسييس القضاء العسكري خيانة
-
جهاز المخابرات يجب أن يبتعد عن السياسة و أن يخضع للرقابة
-
في قضية التدخل الإسرائيلي ننتظر حكم القضاء المدني النزيه
-
إنها محاولة يائسة ، بائسة ، لإنقاذ مبارك من حبل المشنقة
-
التعاون مع آل سعود إهانة للثورة و شهدائها
-
نصف بالقائمة و نصف بالفردي ، لن نساوم
-
المجلس العسكري الحاكم دمر سمعته بنفسه
-
لماذا كل هذا الصبر على مجرمي جهاز الشرطة ؟
-
السلفي الحر ، و السلفي الحكومي
-
إستبداد الوصاية يحتاج فتنة طائفية
-
لماذا لا يُحاكم هؤلاء عسكرياً أيضاً ؟
-
لماذا لا يحاكموا عسكرياً هم أيضاً ؟
-
الديمقراطية في مصر هي لصالح أهالي غزة
-
إنتخاب قيادات الحكم المحلي أفضل للأقباط
-
من الخليج أعلن شرف نتيجة الإنتخابات القادمة
-
التهديدات مستمرة ، و التمثيلية لازالت تُعرض
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|