أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسماء الرومي - خواطر أوحتْ بها قصة المعلمة














المزيد.....

خواطر أوحتْ بها قصة المعلمة


أسماء الرومي

الحوار المتمدن-العدد: 3430 - 2011 / 7 / 18 - 00:07
المحور: الادب والفن
    


كم هي جميلة تلك القصة المنشورة في موقع عراق الغد وكم كانت رائعة المعلمة تومسون .... ولكن لِمَ كل هذه الدموع التي أخذتْ تغسل وجهي وأنا أقرأ تلك القصة، أهي الذكريات التي أعادتمي سنين عديدة لأجد نفسي بين فتيات في عمر الزهور في مدارس للبنات وفتية أحبة في نفس العمر وفي إحدى المدارس للبنين.
كانت المادة التي كنتُ أدرّسها تجعلني قريبة من الطلبة وتسنح لي فرصة أطول للإحتكاك بهم والتعرّف عليهم ، كم أحببتُ أولئك الفتيات والفتية وهم يعملون بنشاط لإعداد أعمالهم الجميلة ، كنا نقضي الساعات الطويلة حتى بعد أنْ يذهب الآخرون إلى بيوتهم، لنحضّر ونهيئ هذه الأعمال للعرض داخل المدرسة أو للمشاركة في المعارض المشتركة مع المدارس الأخرى وكم كنّا سعداء بما نهيئ ونُعِد له .
كل ذلك كان يتيح لي الاختلاط بأعزائي لفرة أطول . كم أحببتُ ثقتهم بي لطرح مشاكلهم وقد كنتُ أبذل جهدي لمساعدتهم سواء كان ذلك في المدرسة أو مع الأهل.
حاولتُ مخلصة أنْ أُوصل الكثيرين منهم لإتمام دراستهم في المواضيع التي أراهم متميزين فيها فهل كنتُ قادرة ؟حتى بالنسبة لمادتي فكم من الطلبة في مدرسة البنين كنت أرى فيهم موهبة مميزةفي الفن وكنتُ أُولي هؤلاء المقربين إلى نفسي إهتماماً خاصاً وكان جميع زملائي يتعاونون معي لرفع مستواهم في بقية المواد وحين إنهائهم للمرحلة الدراسية التي توصلهم إلى الأكاديمية ، كانت الأبواب دائماً موصدة أمام هذه المواهب المميزة والجميلة ففي ذلك الحين لم تكن المواهب هي الأساس . وكنتُ واثقة لو أنّ تلك الأبواب فُتِحَتْ لهم لكان العديد منهم عباقرة ومبدعين في الفن . كنتُ مع عدد من هؤلاء المميزين نقضي الأيام من العطلة الصيفية للإعداد للمساهمة في المعارض العالمية التي تُقام . فهل كانت تلك المساهمات تصل ، وإنْ وصلتْ فهل كانت تصل بأسمائهم ، لا أدري .
وإنْ كنا لم نستطع حماية مواهب مميزة من القتل والآندثار ، فهل استطعنا حماية أبائنا من القتل ؟
كانت في تلك السنين الحرب مع إيران على أشدها وأفواه النيران تلتهم أجمل وأغلى ما في حياتنا أبناءٌ في عمر الورود ، ظروف قاسية جعلتْ الكثيرين من الأولاد يكرهون كتبهم فقد كانوا يرون كل خريجي الجامعة يُساقون إلى الموت يومياً ، كل الذي كنا نستطيعه هو دفع ألأولاد وتشجيعهم للاهتمام بدراستهم لإطالة سني بقائهم في الدور الدراسية عسى الله أنْ يُفرج كربتنا بإنهاء تلك النار المستعرة وينقذ أبناءنا منها ، كان الكثيرون من الزملاء والزميلات وبكافة انتمآءاتهم الفكرية متعاونين لإنقاذ الأولاد ، ولكن الظروف تستمر من تعس إلى أتعس والكتب تُهجر ومواليد الكثيرين من هؤلاء مرشّحة للذهاب إلى الموت ، وذهب العديد من أحبتي . كانت المعارك ضارية بين الجيشين وابتدأت السيارات العسكرية والمدنية بنقل ألوف الضحايا . لا أدري كم مرة تكرر منظر الطابور الطويل لهذه السيارات أمام عيني حين كنتُ أقف في الشارع الرئيسي المؤدي إلى طريق أبي غريب في الصباح الباكر لانتطار البالص الذي يوصلني إلى مدرستي .
في تلك الأثناء كانت تصلنا الأخبار باستشهاد بعض من أبنائنا الطلبة ، وفي أحد ألأيام وحين كنتُ أقف في الطريق للذهاب إلى مقر عملي بدأ طابور سيارات نقل الشهداء بالمرور ، كنت أعدّ واحد ، إثنين ، ثلاثة ... مائة يا إلهي كم من المئات سيصل العدد ، لا بل كم من الألوف هذا الطابور المخيف الطويل الذي يبدو كأن لا أول له ولا آخر ، أكل هؤلاء الشباب والذين كانوا ممتلئين حياة وحيوية تحولوا إلى هذه الأعلام الملفوفة ، أهذه هي الأعلام التي كنا نعتقد بأنها رمزُ لحرية بلدنا أصبحت اليوم رمزاً للموت ، أبين هؤلاء أباؤنا وأحبتنا ، كم أمٍ ستصبح ثكلى ، كم عروسٍ حالمة ستتصبغ طرحتها البيضاء باللون الأسود البغيض ، كم طفلٍ سيذوق ذل اليتم لسنين مرّة ، كم أختٍ لزينب ستفجع بأخيها ، ستملأ القطع السوداء كل الجدران ، واللون الأسود صار زياً رسمياً لكل النساء العراقيات .كنتُ أحسّ بصمتٍ رهيب يصرخ في أعماقي ليمزق قلبي .
ولكن أكل هذه الأفكار من سعيدة إلى حزينة تمرّ في خاطري وأنا أقرأ هذه القصة الجميلة
لا أدري ربما لأعتذر من هذه المعلمة الفاضلة السيدة تومسون لأننا لم نستطع حماية حياة الكثيرين من أبائنا النجباء ولم نستطع العون في إعادة مواهب الكثيرين ممن قتلها اليأس المرير كما استطاعتْ هي في مساعدة الطالب تيدي والذي أصبح أحد الشخصيات الإنسانية العظيمة في أقضل مركز لعلاج السرطان في الولايات المتحدة والذي سُمي باسمه
ولكن وطني والذي تركته حتى بلا وداع لأحبتي الذين قضيتُ بينهم سنين طويلة ، للبحث عن وطنٍ آخر يحمي عائلتي فهل وجدته ؟
يقولون الوطن طريق يرسم
وحقوق لا تهان
وإحساس بالحرية والأمان
وهذا كله في السويد مصان
ولكن كل ما أحاول النسيان
تعود بي أيام
حتى مرها أراه حلواً
وتعود الأشواق لتغني
والدموع لتسقي جفوني
فهل يُنسى وطنٌ
نوره في عيوني
ستوكهولم



#أسماء_الرومي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مع القصة خون (حكاية)
- حلم ليلة من ألف ليلة
- رياح الحب
- المرأة هنا وهناك
- أبطال سوريا يا صوت النصر
- شوق الروح
- كفانا حليباً خلط دماَ
- درب القلوب
- سلاماً للقلوب الحزينة
- ومضة ضوء
- أيام وأيام
- أتغرب ونزوح يا وطن
- نوافذ الضياء
- حسناوات ودفء الشمس
- هو عالمنا
- أحرار وجلادون
- مع الفضاء
- قصة المفقودين
- لحن الأمل
- وقفة مع الخالدين


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسماء الرومي - خواطر أوحتْ بها قصة المعلمة