أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي لطيف الدراجي - رصيف ماجينو














المزيد.....

رصيف ماجينو


علي لطيف الدراجي

الحوار المتمدن-العدد: 3428 - 2011 / 7 / 16 - 14:18
المحور: كتابات ساخرة
    


,نسمع دائماً بأن هناك بلية تضحك لذا قيل( شر البلية مايضحك) ولم يحددوا نوع تلك البلية وخصائصها وعامل التمدد الطولي لها لكي تتسع وتكون اكثر شمولية أي بالطول والعرض وبعيداً عن الخصخصة والعمعمة ومصطلحات عصر(المايشتري يتفرج)!!
ولكن هناك عبارة جميلة وربما البعض لم يسمع بها من قبل وهي تعود للموسيقار الإيطالي(فالستاف فيردي) وهي احدى العبارات التي تضمنتها الأوبرا الأخيرة في حياته قبل ان يودع عالمه المفعم بالنوطات والآلات الموسيقية حيث يقول بالأيطالية:( Tutto nel mondo e pula) أي كل مافي العالم يدعو للسخرية، وهذه العبارة أطلقها في وقت كانت فيه السخرية كصور الكاريكاتير التي تنشرها الصحف ولم تكن تحتل حيزاً مثلما هو الحال عليه اليوم، ومايحصل في شارع النواب في مدينة الكاظمية المقدسة تجعل(فيردي) يتضور شوقاً لأوبرا أخرى تتحدث عن الأرصفة وربما يطلق عليها(أوبرا رصيف ماجينو) اعتزازاً بخط ماجينو الدفاعي الحصين الذي أبدع فكرته السياسي الفرنسي الذي تولى وزارة الحرب(الدفاع) الفرنسية وهذا الخط الدفاعي أقامته فرنسا لحماية حدودها الشرقية مع المانيا قبل الحرب العالمية الثانية، والذي لم يكن سوى مزحة صغيرة لم يضحك لها هتلر وقواته بعد ان التفوا حوله في يسر، وقد يتعاطف(فيردي) ايضاً مع رصيف شارع النواب الذي استيقظ في صباحات كثيرة ووجد نفسه تحت المخدر وشتى الآلات تعبث في دواخله.
ان رصيف شارع النواب العملاق هو صاحب الحظ الأوفر في حملات التطوير وله اعتزاز كبير لدى لصحاب الشأن ممن يستمتعون كثيراً بتمرير رقة أناملهم ولمساتهم الهندسية الرائعة على وجنات الأزقة والشوارع، كما بات هذا الرصيف موضع حسد من قبل الأرصفة الأخرى التي اصبحت الواحدة منها تهمس في اذن الأخرى وتقول بصوت رفيع:( هي كَوة ولج ماكو حظ).
لقد تعرض رصيف شارع النواب لأكثر من عملية جراحية كبرى على يد أطباء كثيرين القوا جم جهدهم وسنوات الدراسة المضنية على هذا الرصيف ووفق مراحل علمية متقنة وبأسلوب( ميخرش الميه)!!، فتارة يفتحون بطن الرصيف المسكين ويستخرجوا(ما اعرف شنو) وتارة يضمدون بطن الرصيف ببعض الشجيرات التي لاتغني من جوع ولاتؤنس الناظر واحياناً يضعون أعمدة طويلة كأنها شموع أعياد الميلاد،الأمر الذي جعلنا ننتظر(الكيكة) فليس من المعقول ان تحظر الشموع وتغيب (الكيكة)!!
هذا الرصيف المحظوظ الذي لم يكن محظوظاً لنفسه ولا للناس الذين يعبرون من خلاله كان بوابة السعد لأناس اخرين كان لهم هذا الرصيف بمثابة رز المشخاب ذو الطعم والرائحة المميزين بعد ان ابدعوا في تحصينه بشكل باهر يفوق كل التحصينات العملاقة التي تحدث عنها القادة والمفكرون وتباهت بها الأمم والشعوب سواء خط سيغفريد أو خط بارليف وربما خط زين العظيم وتحول هذا الرصيف في ليلة وضحاها الى مشروع مهم وحيوي اخذ وقتاً طويلاً ومالاً وفيراً واخذ معه العقول والأنظار التي بهرت ليس لشكله وانما لأعمال(التفاهة) المتكررة فوقه وتغيير معالم وجهه بين الحين والأخر، ولانعرف هل سيبقى هذا الرصيف على قيد الحياة بعد ان ادخل الى غرفة العمليات مراراً واستأصلت أحشائه تكراراً!! ام سيبقى معتلاً في ردهة مستشفياتنا ذو الطابع الإنساني الفريد تنتظر طبيباً تخرج لتوه ويحلم بفتح عيادة له في شارع رئيسي و(ركن) لكي ينهال المراجعين في جيوبه كالمطر.
في كل مرة انظر فيه الى هذا الرصيف المحظوظ لا أجد فيه أي جمالية ولا أشعر ان ثمة تطوير طرأ عليه في الوقت الذي يحتاج فيه شارع النواب الى توسيع وتنظيف وتشجير تضفي عليه رونقاً وجمالاً بدلاً من حفر الرصيف واقحامه الى رحلة علاج تجعله احياناً سمين واحياناً نحيف، وليس هذا فقط اذ ان هذه الرحلة الطويلة سوف تعقبها اضفاء أخصائيو(الكوافير) و(الميك اب) ألوان اصفر الشفاه والظلال الملون بالفرش الفرنسية الرقيقة ومن ثم لمسات(البوتكس) والحشو بالسيليكون.
ان هذا الاهتمام المبالغ فيه يجعلنا نضع اكثر من علامة استفهام وتعجب ويجعلنا في دهشة واستغراب بالغين جراء مايحصل، فماذا يعني عمليات الحفر والتغيير المستمر لهذا الرصيف وغيره ودون اية دواعٍ ضرورية واهمال اماكن أخرى أُرهقت من تراكم الأزبال والأوساخ التي اخذت اشكالاً هندسية مختلفة قد يجدها الزائر لمدينة الكاظمية فكرة جديدة من لدن بلدية مدينة الكاظمية لتنظيم مهرجان كبير يفوز به اكبر تل من القاذورات يجلب معه الروائح الكريهة وشتى الأمراض والحشرات ناهيك عن منظرها البديع في بقعة مقدسة تعلو فيها قباب الإمامين الكاظمين اللتين تناطحان السحاب بجلالهما وشموخهما.
لماذا يفكر المختصون بالرصيف ولا يوسعوا دائرة أحلامهم وطموحاتهم لتناطح اعلى مستويات الأمل؟ لماذا لايرفعوا رؤوسهم الى الأعلى قليلاً ويفكروا بالأبراج والبنايات والمرتفعات، فالدول التي كانت تزحف على الأرض بدأت تحلق في السماء ولم تعد تكتفي بتناول الأكلات والمقبلات في مطاعم على الأرض وانما انتقلوا الى اعالي طبقات الجو. واذا كانت هذه هي آفاق أمنياتهم فهناك مشاريع اخرى بحاجة الى بذل مجهود مشابه لهذا المجهود العملاق واهم مشروع يتمنى العراقيون ان يروه حقيقة لاخيال هو مشروع الطاقة الكهربائية وأشياء اخرى تحققت في اصغر بلدان العالم وأفقرها ونحن لازلنا تنتظر في محطة الصبر الطويل.
ندعو الله سبحانه بان نرى رصيف شارع النواب مشافى معافى ويبعد عنه المبدعون وأناملهم، ونقول لكل من ابدع في الحفر والتنقيب والصبغ والتعقيب بالعافية وشايف الف خير..



#علي_لطيف_الدراجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللقمة العربية
- يعتقدون انها انتهت
- الهانم حرم الديكتاتور
- الكهرباء الوطنية..شد ابو النظيف
- مقررات قمة الأحزان
- دماء من حدق الدموع
- حمى الأسد
- الحرب على المنتجات الخليجية
- يوم الضحية على الجلاد
- نريدها برائحة الهيل والعنبر العراقي
- اعصار25يناير..عين على المستقبل


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي لطيف الدراجي - رصيف ماجينو