أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - نص محاكمة الشاعر الخطير حسين مردان !















المزيد.....

نص محاكمة الشاعر الخطير حسين مردان !


خلدون جاويد

الحوار المتمدن-العدد: 3426 - 2011 / 7 / 14 - 02:02
المحور: الادب والفن
    



توطئة

الأحكام المتطرفة ضد المبدعين شعراءا وعلماءا وكتابا وصحفيين ماهي الاّ مجانفة لحق التعبير . وكذلك محاكم التحجر الفكري الأجوف منذ بدء البشرية حتى الآن ، لماذا أقول ذلك ؟ ، لأن الفكرة فراشة في نسمة ومن الجريمة بمكان أن يقتل الإنسان لأنه فكر أو كتب أو عبّر أو رسم أو مَسْرَحَ أو أسْنـَمَ بالطريقة التي يرتئيها . الردود تقتضي أن تكون سلمية . مثلما هو الإبداع مسالم في نصوصه على الورق . إن السلوك "الشائن" هو ما يُحاسب عليه وليس الكلام المكتوب أو المنطوق والمعبر عنه بالصوت والتظاهر واللون والإيماء . ولو تطلع كل ٌ الى سلوكه وأعماقه وأسراره الحمراء لما " رماها " بحجر ! .
محاكمة حسين مردان لو تمت الآن لذهب المسكين الى سابع مشنقة . وذلك لأنه لاقيمة للإنسان في شرع التحجر لو تناول خطوطه الحمراء وحتى الوردية .
في الخمسينات من القرن الماضي جرت تبرئة الشاعر المتمرد " الرذيل "! من أي ذنب . ماالذي دعا الى إنقاذه من إمكانية سحقه أو تأبيده في السجن أو قتله ؟ . هذا ما سنقرأه في صحائف ووقائع التاريخ :

(" المحاكمة ...

ـ نقلا عن جريدة العالم العربي ـ

"في اليوم السادس والعشرين من حزيران 1950 ، عقدت محكمة جزاء بغداد الاُولى جلستها الاُولى لمحاكمة الشاعر حسين مردان عن ديوان قصائد عارية ، وقد تقاطر عدد كبير من الاُدباء الشباب الى ساحة المحاكم لشهود هذه المحكمة .
ومن ثم توجه الحاكم الى المتهم ببعض الأسئلة ، وتولى الشاعر الرد عليها ، وكان بينها سؤآل عن سر تسمية الشاعر لديوانه بِ "قصائد عارية " . وقد رد على ذلك بقوله : إن الشاعر يجب أن يكون صريحا في تعبيره عمّا يختلج في نفسه . " ولم أتوخّ َ في قصائدي إلا إظهار الحقائق عارية ليتبينها الناس ".
ثم توجه الحاكم بسؤآل عما إذا كان في الأدب العربي القديم صراحة في مثل هذا الموضوع . فعدد له المتهم بعض الأمثلة ، ثم اُجـِّـلتْ المحاكمة .
وفي الجلسة الثانية استمعت المحكمة الى دفاع وكيل الشاعر المحامي صفاء الا ُورفلي :

الدفاع

سعادة حاكم جزاء بغداد المحترم

سيق موَكّلي حسين مردان الى محكمتكم الموقّرة وفق المادة 204 ق . ع. ب ، وذلك لنشره قصائد نشرت تحت اسم قصائد عارية .
إنّ فعل موكلي لاينطبق على نص المادة 204 وذلك لأن مانشره موكلي ليس مخلا بالآداب ، وليس القصد منه نشر اُمور مخلّة بالآداب بين الناس .

إن موكّلي رجل أديب ، ولكل أديب طابعه الخاص . فهناك من يريد نشر الفضيلة بذكر ماهية الفضيلة ، وهناك من يرى أن نشر الفضيلة قد يكون بالتطرق الى الرذيلة . وأمامنا قصة مدام بوفاري لمؤلفها الكاتب الفرنسي جوستاف فلوبير ، فقد اُثيرت هذه القضية أمام القضاء ، وادعى الإدعاء العام على إنها قصة قصد مؤلفها عرض الرذيلة . إلا أن القضاء العادل لم يأخذ بهذا الرأي واُفرج عن المؤلف لسببين .
1ـ حسن نية المؤلف والناشر.
2ـ إعتبرت المحكمة نشر هذه الآراء وسيلة لـتـُفهم الناس معنى الفضيلة .
إن الأدب المكشوف فن كبقية الفنون ، ولو لم يكن كذلك لما وجدناه يُدرّس في كلية الآداب للذكور والإناث على السواء ، ولما وجدنا كتب الأدب العربي التي تُدرّس في مدارسنا تتطرق إليه ، وتذكر نماذج منه ، ولما وجدنا في مكتبات العالم وفي مكتباتنا العامة دواوين شعراء الأدب المكشوف ...
قلت : إن الأدب المكشوف فن ، كما ان فن النحت فن ، وفن التصوير فن . وإننا لنجد في أسواق العراق وكل أسواق العالم والبيوتات الراقية في العراق وغير العراق من أنحاء العالم تماثيل عارية لأجسام عارية ، نحتها أو رسمها نحّاتون عالميون . فاذا كان في كل ماذكرت مخالفة للآداب العامة فليتفضل الإدعاء العام ويسق أساتذة المدارس ووزارة المعارف ومَن عرض في محله التجاري تماثيل أو صورا عارية وفق المادة 204 من قانون العقوبات البغدادي . ولنترك الأدب والفن قليلا ونتصفح كتب علم النفس الجنائي التي تتطرق الى الأمراض النفسية ، الجنسية منها وغير الجنسية ، نرَ مافيها من أمثال واقعية عن المصابين بالشذوذ الجنسي ، ذكرت بصراحة متناهية . فهل تعتبر مثل هذه الكتب مخالفة للآداب ...؟.
إن هذه الكتب درسناها وتدرس لحد الآن ، ولاتخلو مكتبة مفيدة من بعضها . فهل نشر هذه الكتب وبيعها ينطبق عليه نص المادة 204 من ق . ع. ب ؟
إني متاكد من أن الجواب على كلّ ذلك لايكون بالنفي . وأعتقد بأن سعادة ممثل القضاء العادل يشاركني الرأي . وإني لا أرى فرقا بين نشر قصائد الأدب المكشوف وبين نشر كتب علم النفس التي فيها أمثال كثيرة عن الشذوذ الجنسي . فالأدب المكشوف فن من الفنون ، وعلم النفس علم من العلوم ، وليس في نشر الأدب المكشوف ، كما ليس فيما كُتب من كتب علم النفس ، تحريض على الفسق والفجور ، وخصوصا والجريمة تنتفي مادام القصد الجنائي الذي هو تحريض الناس على الفسق والفجور بنشر امور مخلّة بالآداب معدوما ً .
والأدب المكشوف ليس بجديد ، فلو رجعنا مئآت السنين الى الوراء لو جدنا كتبا وقصائد ظهرت في زمن ازدهار الإسلام ، في زمن كان للدين سطوته ، ومع ذلك لم يقتص قضاة ذلك العهد من الشعراء الذين نظموا في الشعر المكشوف بل كان خلفاء ذلك العهد يتذوقون مثل تلك القصائد ، ويكرمون الشعراء من أجلها .
هذا في الماضي ، أما في وقتنا الحاضر فلو تجولنا في الأسواق لوجدنا الكثير من الكتب الحديثة التي فيها من الأدب المكشوف أكثر مما ذهب اليه موكّلي في قصائده . وهذ الكتب منها اللبنانية والمصرية والعراقية ،كديوان أفاعي الفردوس للشاعر الياس أبو شبكة الذي اُعيد طبعه سنة 1948 ، وديوان أغاريد الربيع للشاعر فؤآد بليبل الذي أجازت مديرية الدعاية العامة دخولها الى العراق وبيعها في الأسواق وكذلك نجد في ديوان الرصافي والزهاوي مثل هذا النوع من الشعر .
إن الادب المكشوف نوع من الأدب الراقي ، فاذا كانت القصيدة من نوع الأدب المكشوف فلايعني كون تلك القصيدة مخالفة للآداب ، ولايعني أن نشرها وتوزيعها يقصد منه نشر الرذيلة بين الناس .
إن موكلي أراد أن يفهم الناس ماهية الرذيلة ، فللرذيلة ستار برّاق يجلب من كانت تجاربه في الحياة قليلة ، واطلاعه على الرذيلة إطّلاعا محدودا . فمتى ما اطلع قليل الدراية على مثل هذه القصائد التي صوّرت الرذيلة كما هي بصراحة متناهية ، كاشفة الستار الجذاب عنها اشمأزت نفسه منها ، وتمسّك بالفضيلة ، وهذا ماقصده موكلي من نشر هذا الديوان موضوع الدعوى . فما أراده موكلي من نشر هذه القصائد ليس نشر امور مخلة بالآداب بل أراد محاربة الرذيلة عن طريق الرذيلة ذاتها . وقد يكون دواء الداء من نفس الداء . وعقده في ذلك كمثل الاستاذ الذي يؤلف كتابا في الشذوذ الجنسي ، فليس ذلك المؤلف يريد بكتابه التحريض على ارتكاب جرائم الشذوذ الجنسي إنما يريد خدمة العلم . وموكلي أراد من ديوانه خدمة الأدب العربي والمجتمع . واضيف على ذلك مناقشة ناحيتين مهمتين : الاولى خاصة بالدستور ونصّه على أن دين الدولة هو الاسلام ، فبالرغم من هذا النص ، فإن المشرّع العراقي إجاز للمصلحة العامة اُمورا تخالف أحكام الدين الإسلامي كبيع الخمر والبغاء العلني . والناحية الثانية هي : هل يجوز للأديب أن يكتب ما يُعَد تخطيا ً لحدود المستوى العام العقلي للمجموع ؟ وجوابه أن الأديب يكتب للمجموع الحالي كمنقذ ومفكر ، وقد يسبق عصره بقرون . وما عالم الأدب بخاف ٍ على سعادة ممثل القضاء العادل .
لهذا أطلب من محكمتكم الموقـّـرة الإفراج عن موكّلي .

المحامي : السيد صفاء الاورفلي

وبعد ذلك قرر الحاكم أن تلتجيء المحكمة الى لجنة أدبية من كبار اُدباء العراق لغرض دراسة الديوان وتقديم تقرير عنه قبل صدور القرار .
وفي اليوم التاسع من شهر تموز عام 1950 ، عقدت المحكمة جلستها الثالثة ، وبعد تلاوة قرار اللجنة الأدبية قررت المحكمة الإفراج عن الشاعر وديوانه .

القرار

لعدم توفر أركان الجريمة ضد المتهم السيد حسين مردان ،قررت المحكمة الإفراج عنه وفق المادة 155 من قانون إصول المحاكمات واُفهم علنا . "


حاكم جزاء بغداد الاولى
26 تموز 1950 "

*******

13/7/2011

ـ تأكيد : الرجاء الإنتباه الى أني قمتُ بتقويس المادة أعلاه اعتبارا من كلمة محكمة في ـ السطر 19 ـ حتى التاريخ 26 /تموز/ 1950 . أقصد بذلك إني نقلته الى القراء الأكارم مجرد نقل من أجل الإطلاع عليه . المصدر المنقول عنه : ديوان قصائد عارية .
ـ يمكن تفضلكم بالإطلاع على طبيعة قصائد حسين مردان في الحوار المتمدن الموقع الفرعي لخلدون جاويد .



#خلدون_جاويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة من خلدون جاويد إليه !...
- مَهرا ً لعينيها ومحمد علي الخفاجي ...
- الكأس ممنوع ياحسين مردان ! ...
- إحذروا معاداة الشاعر ! ...
- بك َ من عناق الغانيات ِ جراحُ ! ...
- يومياتي 3 ...
- تطبيقات شِعرية على حياة الشبيبة العاطفية ...
- الشاعر حسين مردان يصرخ بوجه الله ...
- تعالوا نشتم الشعب والوطن ! ...
- هل من فتوى لتحريم خلوة الإبن باُمهِ ؟
- - إن النساء َ بذيئآتٌ حقيرات ُ - للشاعر حسين مردان !.
- - على غرار قصيدة أحمد شوقي - ...
- إحتقار المرأة أم دعوتها للتحرر ؟
- - سلوا قلبي غداة َ سلا وثابا - ...
- شاعر يشتهي الرضاعة من ثدي اُمه ِ !!! ...
- يوميّاتي 2 ...
- التغزل بجدار قديم ...
- صورة - سيدتي الجميلة - ...
- إهدأ يا اُستاذ ! ...
- رحيم الغالبي وعجالة الرحيل المفجع !!! ...


المزيد.....




- مخرج يدافع عن فيلم كتبه الذكاء الاصطناعي بعد رفض عرضه
- تحديث:قصيدة مهداة الى النقاومة الفلسطينية ،بعنوان(صديقى المق ...
- الغاوون ،قصيدة مهداة الى النقاومة الفلسطينية ،بعنوان(صديقى ا ...
- الفنانة كندة علوش تكشف عن مبادرة إنسانية من النجم محمد صلاح ...
- الفنانة كندة علوش تكشف عن مبادرة إنسانية من النجم محمد صلاح ...
- حاول الاستعمار طمسها.. هل تستعيد اللغة العربية مكانتها في غر ...
- “المؤسس عثمان Kurulus Osman الموسم 6” موعد عرض مسلسل قيامة ع ...
- إذاعة أولى حلقات مسلسل محمد الفاتح الموسم الثاني مترجمة للعر ...
- شاومينج بيغشش.. تسريب امتحان اللغة الأجنبية الثانية ثانوية ع ...
- تابع HD.. أحداث مسلسل قيامة عثمان الحلقة 165 مترجمة للعربية ...


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - نص محاكمة الشاعر الخطير حسين مردان !