فاروق عطية
الحوار المتمدن-العدد: 3425 - 2011 / 7 / 13 - 08:50
المحور:
مقابلات و حوارات
هناك تعبيرات شائعة الاستخدام فى صحافتنا بالوطن الأم وانتقلت معنا إلى صحافتنا المهجرية ولكنها من وجهة نظرى خاطئة وقد تكون مضللة أو غير ذات معنى أو منطق, وأتمنى أن نبادر بإصلاحها:
ـ يقول ديكارت" أنا أفكر إذن أنا موجود" أى أن كل بنى آدم موجود على ظهر البسيطة فهو يفكر حتى لو كان معتوها فهو أيضا يفكر ولكن على قدر إدراكه للحياة من حوله, ولكننا فى تعاملنا بلغتنا العربية الجميلة إقتصرنا التفكير على فئة معينة من البشر, فنحن نقول مثلا فلان المفكر الإسلامى ونقول علان المفكر القبطى. أى أن فلان وعلان وترتان هم فقط من يفكرون وكل البشر عدا أولائك لا يمتلكون موهبة التفكير..!! شيئ غريب لا نجده فى أى لغة أخرى غير العربية, فى كل اللغات الأخرى هم يصفون كُتّابهم بالكاتب أو الفيلسوف أو المتخصصى فى كيت, ولم أجد فى لغات أخرى وصفا لكاتب أو أديب بأنه مفكر, ويبدو أننا بسبب ما نعيشه من جهالة وجاهلية قد اقتصرنا التفكير على عدد من الناس واعتبرنا غيرهم ركشٌ.
ـ كلمة عالَم (وورلد) تعنى فلسفيا كل الكون أو كل الخليقة, وجرت العادة على استخدام هذا المصطلح دلالة على مجموع البشرية الموجودة على كوكبنا الأرض, وتعنى نهاية العالم نهاية التاريخ البشرى على الكرة الأرضية, وتعداد العالم معناه إجمالى كل البشر الذين يعيشون على الكرة الأرضية, واقتصاديات العالم تعنى مجموع اقتصاديات جميع المجتمعات (الأقطار) الى تعيش على كوكب الأرض. ولكننا كعرب نستخدم كلمة العالم بطريقة خاطئة ومضللة فنقول العالم العربى بدلا من الدول العربية رغم أن مجموع سكان الدول العربية حوالى 425 مليون وهم بالنسبة لسكان العالم (6977 مليون) جزء ضئيل لا يتعدى 6 % من سكان العالم, فسكان المندرين( سكان الصين والتبت ) حوالى 1025 مليون ولم يطلقوا على إنفسهم العالم الصينى, وتعداد الناطقين بالهندو أردو 405 (تقرينا نفس عدد العرب) ولم يطلقوا على أنفسهم عالم الهندوآردو, وتعداد الناطقين اللغة الأسبانية حوالى 400 مليون ولم نسمع منهم كلمة العالم الأسبانى, وقس على ذلك الناطقين بالإنجليزية وعددهم 330 مليون, وبالروسية 250 مليون, والبورتغالية 190 مليون, وبالفرنسية 120 مليون, والألمانية 118 مليون .. الخ, ولكن يبدو أن الأنا عندنا كعرب متضخمة أكثر من اللازم كما أننا نعشق النفخة الكذابة.
ولا نقتصر النفخة الكذابة على دولنا العربية بل نتعداها أيضا إلى الدول الإسلامية فنقول العالم الإسلامى رغم أن نسبة المسلمن فى العالم حوالى 19.6% ونسبة المسيحيون فى العالم حوالى 33% ولا نسمع كلمة العالم المسيحى, ونسبة معتنقى الديانات الآسيوية (هندوس وبوذيون وكونفشيوسيون وسيخ) حوالى 31 % ولم نسمع أن لهم عالم خاص, وإجمالى نسبة الملاحدة والديانات الغير إبراهيمية وهم الأغلبية حوالى 47% لم يخصصوا لأنفسهم عالما مستقلا.
ـ حين يريد مسؤول مصرى فى مناسبة احتفالية تهنئة الناس يقول :"بهذه المناسبة السعيدة أهنئ الأشقاء العرب والأخوة الأقباط بمناسبة ..." عندها يكون قد وقع فى خطأين فادحين. أولهما أنه وصف العرب بالأشقاء والأقباط بأنهم أخوة والفرق شاسع بين الأشقاء والأخوة, فالأشقاء هم أخوة من نفس الأب والأم, أما الأخوة فقد يشتركوب فى الأب أو الأم فقط والغرب يطلق عليهم نصف أخوة (هاف برزرز), بالرغم أننا كلنا كمصريين من أم واحدة هى أيزيس وأب واحد هو أوزوريس أى أننا أشقاء من أم وأب, أما العرب فهم ليسو بأشقاء ولكنهم أخوة من منطلق رب أخ لك لم تلده أمك, وهذا يوضح بجلاء مدى التحيز والتفضيل للعربى أو المسلم الذى يعيش فى تراب غير تراب مصر عن المسيحيين الذين يعيشون نفس الوطن ويكابدون نفس الظروف ويعانون نفس المعاناة, وهذا ما حدى بالسيد عاكف لا رضى الله عنه مرشد ألإخوان السابق أن يقول " أنا أفضل أن يحكم مصر ماليزى مسلم عن أن يحكمها مسيحى مصرى, وطز فى مصر وأبو مصر وأهل مصر". والخطأ الثانى هو الخلط بين الديانة والجنسية, فكلمة قبطى لا تدل على الديانة المسيحية لأن كلمة قبطى تعنى مصرى, فكل من يعيش على تراب مصر ويشرب من نيلها ويلتحف سماءها ومولود من أب وأم مصريين فهو قبطى, مصر تشمل الأقباط المسلمون والأقباط المسيحيون وأقباط بهائيون ويهود وغيرها من الأديان.. ويبدو أن السادة بتوع ماليزيا وطظات مصر يربأون بأنفسهم أن يكونو أقباطا أى مصريين واقتصروه على المصريين المسيحيين كنوع من التميز لتوهمهم أنهم من أصول عربية, وتحقيرا للمسيحيين كونهم من أصول فرعونية, ولعمرى إن فى ذلك مغالطة شديدة تدعو للدهشة والرثاء, فكيف يجول بفكر أولائك المستنطعون أن البداوة العربية أفضل من الحضارة الفرعونية الخالدة, فشتان بين بداوة بلا تاريخ أو ماض يذكر للعرب الجاهلية, فلم يكونوا غير بدو رحل حفاة عراة يجوبون الفلاة بحثا عن الماء والكلأ ولم يتركوا فى تاريخهم غير بعض الأشعار التى تناقلها الرواة ملأى بالنسيب والتشبيب وحدى الإبل ولا دليل على صدقها وربما كانت منحولة ولا أساس لها, أما الحضارة الفرعونية التى نفخر بها ويحسدنا عليها كل العالم أجمع ويتسابقون فى دراستها والاستفادة من عظمتها وخلودها, ونحن كمسيحيين أقباط نفخر بأن ينسب لنا هذا الوصف لأننا نفخر بمصريتنا الخالصة ولا يضيرنا أن نلقب بها, أما من يتنكرون لها فعليهم إن كانوا صادقين مع أنفسهم العودة لأصولهم والطريق مفتوح بلا عائق ويفوت ألف جمل.
ـ حين نتحدث عن توقيت حدث ما نقول مثلا" ستنتقل عدسات التليفزيون إلى استاد القاهرة لنقل المبارة فى تمام الساعة الثامنة والنصف مساءا", وهذا خطأ شائع نسمعه مئات المرات من مذيعى الإذاعة والتلفاز. وكلمة تمام تعنى أن دورة الساعة قد اكتملت فنقول تمام الساعة الثامنة, أو تمام الساعة العاشرة, أما فى حالة ان يكون فى التوقيت بعض الدقائق فلا يصح القول تمام, بل نكتفى بالقول فى الساعة الثامنة والنصف, أو فى الساعة الخامسة والربع فقط بدون ذكر كلمة تمام.
#فاروق_عطية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟