جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3425 - 2011 / 7 / 13 - 01:39
المحور:
كتابات ساخرة
تربيتنا الدينية الإسلامية فيها كثيرٌ من الأخطاء والتي يجب علينا أن نقوم بتعديلها هذا طبعا عدى آيات القتل والذبح والتنكيل , هنا أتحدث عن ثقافة المقابر والأموات التي نسجتها الثقافة الإسلامية من وحي خيالها الواسع حين كانت وما زالت تجعل من المقابر ساحات حرب دامية أو غابات استوائية فيها أفاعي غلاظ عاصرات وحيوانات أو مخلوقات بأنياب تبلغ حج كوكب المريخ لهذا السبب نشأنا نشأة كلها خوف من الأموات ,بينما هي على أرض الواقع غير موجودة ,فهذه الثقافة هي التي زرعت في قلوبنا الخوف من الأموات والاطمئنان من الأحياء, ولهذا تشكلت عندنا ثقافة شعبية واسعة الانتشار في مثل شعبي تقوله كل الناس ألا وهو(لا اتنام بين القبور ولا تحلم أحلام مزعجة) علما أن النوم بين الأحياء هو المرعب وهو المخيف جدا لذلك دعونا نقوم بتصحيح هذا المثل ليصبح على الشكل التالي(لا اتنام بين الأحياء ولا تحلم أحلام مزعجة).
هذه الثقافة يجب أن لا نمر عليها مرور الكرام ويجب علينا تصحيحها وتعديلها كما ولو أننا نقوم بتعديل معدن صلب وقاسي لكي نطمئن أنتم وأنا قبل كل الناس للأموات, وأنا أول إنسان بينكم يخاف من النوم بين القبور,لا,بل حتى أخاف مجرد المرور من إحدى المقابر لذلك نحنُ جميعا أصبحنا نخاف ونرتعب من الأموات مع أنهم لا يخيفوني في شيء ولا يستطيعون أن يتسببوا لي بالأذى, وما نتخيله عن الأموات وعذاب القبر ليست له صلة بأرض الواقع فكله أوهام وخدع بصرية وخِدع ثقافية, تلك الأخطاء الدينية عن مجتمع الأموات أصبحت ثقافة وعقيدة دينية, مثل الأحاديث النبوية عن عذاب القبر, فهذا النوع من الأحاديث قلَبَ الحياة رأسا على عقب وجعلنا نخاف من الأموات ولا نخاف من الأحياء وأخيرا نسينا ووقعنا في دنيا الألغاز والأسرار والأوهام التي ليس لها صلة بأرض الواقع , نحن يجب علينا أولاً أن نأخذ الحيطة والحذر من الأحياء وركزنا كل جهودنا وكل اهتماماتنا بتعزيز ثقافة الأموات علما أن مجتمع الأموات مجتمع مساكين ودراويش وغلابة وبسطاء, وأنا على استعدادٍ تام وغير منقوص لآخذ سريري من غرفة نومي لأضعه بين الأموات فأتخذ من احدى القبور غرفة نوم ومن احدى القبور المجاورة لغرفة النوم غُرفة معيشة علماً أنني أموت رعباً وخوفاً من ذكر الحديث عن الأموات والمقابر, ولكن من شدة ما أعانيه من الأحياء وبسبب الرعب الذي أحاطوا به حياتي أنفتُ من العيش بينهم وفضلت العيش في المقابر فهنا لا أزعج أحدا بصوتي ولا يوعجني أحد ,أي أنني مستعد لأنام بين الأموات وأنا مطمئن البال والقلب دون أن أحلم أحلاماً مزعجة ودون أن أتوقع من أحد الأموات بأن يقوم ليلاً بضربي على رأسي أو على مؤخرتي كما حدث معي مئات المرات حين كنتُ وما زلت أتعرض للضرب وللإهانة من مجتمع الأحياء, ثم أن غالبية الأحياء مثلهم مثل الأموات الذين يأتون إلى هذه الدنيا دون أن يفعلوا أي شيء ودون أن ينطقوا بأي حرف ووجودهم في مجالس البرلمانات العربية مهم جدا وضروري كونهم أموات لا يفعلون شيئا , إن كل تصوراتي عن الأحياء وعن الأموات كانت مزروعة في ذهني منذ الطفولة بسبب كثرة الدروس الدينية عن عذاب القبر لذلك كبرت وأنا ما زلتُ أخافُ حتى من الجلوس خلف المقبرة وهذا كله دجل وليس له صلة بالحقائق الأبدية,و بعكس كل التصورات الحقيقية عن الأموات ْ فالناس الأحياء هم المخيفون والمرعبون وكثيرا ما تعرضت بسببهم إلى أزمات نفسية وقلبية واقتصادية حادة وهذا معناه أنني يجب أن أكون مطمئنا جدا لمجتمع الأموات وأن أخافٌ جدا من مجتمع الأحياء وغير مستعد لأنام على سريري بين الأحياء وأنا في حالة اطمئنان,أنا أخاف من الناس الأحياء حين أضع رأسي على وسادتي, فكل الأحياء غدارون وكذابون وفشارون وعبارة عن ملاعين حُرسي, إن الأموات لا يتسببوا لنا بالأذى بل الأحياء هم الذين يتسببون لنا بالأذية, فكل الذين خدعوني أحياءً وكل الذين أكلوا حقي أحياء يأكلون ويشربون وينامون معي على سريري أو في إحدى الغرف من منزلي.. وكل جيراني الأحياء مخيفون جدا ومزعجون جدا وبعضهم تافه جدا ولا أشعرُ بالأمان ولا بالاطمئنان منهم على الإطلاق,وبعضهم يخرج من بيته وبيده سلاح ناري وآخرون يخرجون من بيوتهم وبيدهم جنازير من فولاذ وحديد وعُصي خشبية يشيرون بهن على رأسي من بعيد, ولم أعرف أو لم أتذكر بأن أنسانا ميتاً قام بضربي أو بكتابة تقرير سري للدولة عن تحركاتي ذكر فيه متى أنامُ ومتى أصحو ومتى أدخل الحمامَ ومتى أخرج منه,والخوف من الأموات هي فكرة سخيفة جدا وغير منطقية وهي لا تتواجد على أرض الواقع وهي غير متواجدة إلا في الصورة الذهنية وفي الثقافة الاجتماعية المغلوطة وكل مفاهيمنا عن الحياة مغلوطة ومقلوبة رأساً على عقبْ مثل أغلبية المقولات (الهيغيلية)ومبنية على أسس غير سليمة عقليا ذلك أننا نخافُ من الأشياء التي لا يمكن أن تسبب لنا خوفاً أو جزعاً إلاّ في الذهن,فنخاف من الأموات ولا نخاف من الأحياء, ونخاف من ذكر اسم الحيوانات المفترسة ولا نخاف من ذكر الحيوانات الآدمية المرعبة والسفاحة فأصبحنا نمشي في الطرقات ونحن خائفون بأن يظهر لنا على الطريق ضبعاً أو ذئباً علما أننا لو فتشنا في بيوتنا(بيوتاتنا) لوجدنا فيها كثير من الذئاب ومن الضباع المخيفة والكاسرة التي تنامُ معنا أو إلى جانبنا, لذلك أنا أخاف من الحيوانات المفترسة المنتشرة في حارتي وفي بيتي من أن يفترسني ليلا ونهارا ولست على استعدادٍ لأقول بأنني أخاف من الذئب, والذئب والضبع إذا لمحتُ وجود أي أحدٍ منهم فورا أتخذ الحيطة والحذر منهم بشكل عادي جدا لأني أعرف بأنهن مفترسات ولكن الصدمة الكبرى هو أنني لا أعرف الذئاب الحقيقية والتي تدخل غرفة نومي لتنام معي وهي تلعق بدمي, والمصيبة في الذئاب التي تنامُ معنا في غرف نومنا ونتعامل معها وكأنها حمام بري وعصافير مغردة علماً أنها تخفي تحت أجنحة الظلام أدوات قتلنا وسفك دمائنا.
أما على أرض الواقع فمن المستحيل أن يتسبب الأموات بإخافتنا,إن الناس الأحياء هم الذين من المفترض أن نخاف منهم لكثرة ما يؤذوننا ويؤذون أنفسهم, فهل سمعتم مثلاً عن إنسان ميت قام من قبره وضرب أنسانا على قيد الحياة بآلة حادة؟ وهل سمعتم مثلا برجل أو امرأة ميتة قامت بتمثيل دور الحب تمثيلا على إنسان آخر لكي تخدعه؟ وهل تعرض أحدٌ منكم إلى النصب والاحتيال من قِبَلْ أحد الأموات؟إذاً لماذا أنتم مثلي تخافون من الأموات؟ ولا تخافون من الأحياء!! من المستحيل على الأموات أن يتسببوا لنا بالخوف ,أما الأحياء فإنهم هم مصدر الحروب ومصدر الشرور كلها ,والأحياء هم الذين يخيفوننا ويرعبوننا ومعظمنا في بيوتنا توجد مغارة أشباح بشرية إنسانية.
أنا سئمتُ من هذا العالم ومن الأحياء الذين كشفتهم على حقيقتهم... ومن الناس الذين يزعجونني ليتسببوا لي بالقلق وبالاكتئاب الزائد عامداً متعمدا,وخطرت في بالي أكثر من عشرين فكرة وفكرهْ لكي أهربُ من خلالها من هذا العالم المرعب والمخيف ومن الحيتان الذين يمتصون دمي في كل يوم وفي كل لحظة وفي كل ساعة, وفي آخر كل شهر وفي آخر كل أسبوع.. وفكرتُ أولاً بالهروب إلى مكان لا أعرفُ فيه أحداً ولا يعرفني فيه أحد ولا أرى فيه أحداً, وأول ما خطر ببالي أن أجلس في إحدى المقاهي وتراجعتُ عن هذه الفكرة نظرا لكثرة الثغاء والنهيق الذي أسمعه في المقاهي الصادر من الأحياء وليس من الأموات, ومن ثم فكرتُ بالهجرة من قريتي فوضعتُ كل ما يخصني في حقيبة صغيرة ولكن سرعان ما تراجعتُ عن هذه الفكرة لأنني أصلاً أريدُ أن أرتاح أيضا من الكتب ومن الأوراق ومن كل أدوات الكتابة ومن كل الناس الذين يذكرونني بالكتابة ..وكانت لي عدة أسباب تدفعني للاغتراب عن وجه هذا العالم بدمي وبروحيي أولهما أنني أصلا أعيش حالة رعب وخوف وفزع من تصرفات الأحياء وأعيش حالة من الاغتراب الذهني, وثانيا للتخلص من الماضي ومن الحاضر.. وثالثاً لأتخلص من المطر الذي يسقط من عيوني صبحاً وظهرا ومساء,ورابعا للتخلص من الشمس التي تحرقني كل ظهيرة حين تشتدُ الهاجرة ,وذهبتُ بفكري بعيداً إلى مكان يكون موقعه في كوكب آخر حيث لا يوجد فيه لا مطر ولا شمس ولا رياح ولا برد ولا جوع ولا خوف ولا عطش ولا أناس أحياء, وبقيت أفكرُ وأبحبشُ وأُنبشُ حتى توصلت إلى فكرة النوم بين القبور والأكل بين القبور وأخيراً صرختُ بأعلى صوتي كما صرخ إسحاق نيوتن( وجدتهاااااااا) (المقبرة) هي أفضل مكان أختبئ فيه وأبعد وجهي بواسطته عن وجوه الناس الأحياء الذين يعيشون على حاسب الشر, وهي فعلاً أفضلُ مكان يعيش فيه أمثالي من الناس أصحاب الحساسية العالية الذين يتحسسون من أصغر الأشياء وأدقها في الحجم, وعليكم أن تعرفوا الآن بأنني أكتب مقالتي هذي من هذه المقبرة ,أنا الآن أجلسُ بين القبور في مكان يسوده الصمت وأنا الآن اشعر برومانسية الموت فأتكلم دون أن يقاطعني أحد, وأقرر وأتخذ أخطر القرارات دون أن يتدخل أي إنسان بقراراتي ودون أن يقول أي إنسان عن قراراتي بأنها قرارات مزعجة أو سخيفة, هؤلاء الأموات ينامون نوما عميقاً دونَ أن يأخذوا حبوبا منومة لذلك هم مبسوطين جدا من حياتهم بعد الموت, ولو أن الأموات وجدوا في القبور أي نوع من أنواع العذاب لهربوا من قبورهم,إن الذين يذهبون إلى عالم الأموات السفلي لا يرغبون بالرجوع منه إطلاقا ومن الممكن أن يكون السبب الراحة التي يتمتعون فيها, فكلهم سواسية فلا يوجد بينهم طبقة وسطى أو طبقة نبلاء أو طبقة أنذال , وهنا في مجتمع القبور والأموات لا يمكن أن نعثر على غسالة لغسل الأموال فكل شيء هنا نظيف ونقي ,وهنا حيث لا أحد يطالبني بأن أدفع للحكومة ضريبة إضافية أو ضريبة مبيعات أو 200ضريبة لا أعرف ما هن!وهنا بالذات من المستحيل أن تأتيني فاتورة كهرباء أو فاتورة مياه مدفوعة أكثر من مرة, وهنا لا تنفع أحد شهادته العلمية حيث لا أحد يقيم وزناً للشهادات العلمية أو لشهادات الخبرة والاختصاص ,هنا وجدت راحتي الأبدية حيث الخلاص من الحياة طريقة مثلى يرتاحُ فيها الإنسان من كل مَنْ يرفع صوته في وجهي كما تفعلوا أنتم, وهنا من عاشر المستحيلات أن يكتب لي أي ميت ملحوظة على طريقة أكلي وشربي ودون أن يفتي لي أي شيخ فتوى تُحلل وتُحرّمْ وحيثُ من المستحيل أن يتدخل أي أحد هنا بطريقة ارتدائي للملابس, ومن المستحيل أيضا أن يخيفني أو يرهبني أي ميت كما يفعل بي الأحياء, هنا أخلاق الأموات لا تسمح لهم بقتل الآخرين وهنا وقفتُ على قبر جدي (أبو علي) وهنالك جدتي(أم علي) وهي تبعد عنه 50 خمسون مترا بالتمام وبالكمال, وهنا أجلس فوق رأس أبي حيث عدت إلى طفولتي المبكرة حين كنتُ أطلب منه ألعابا وهدايا لأتسلى بها .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟