|
أمريكا . . دولة البرجوازية الفاشلة
أمين أحمد ثابت
الحوار المتمدن-العدد: 3425 - 2011 / 7 / 13 - 00:43
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
يعد النظام الرأسمالي هو أسلوب الإنتاج البرجوازي ، وتمثل الإمبريالية المرحلة الأرقى لأسلوب الإنتاج الرأسمالي ، وبما أن أمريكا تقف على رأس الإمبريالية العالمية ( الأكثر تفوقا ) ، والذي يعطي مدلولا بضرورة كونها البلد الذي يقود الحضارة الإنسانية المعاصرة ، إلا ما تكشفه الحقائق على الدوام بأن قائدة الحضارة الراهنة لا تمتلك جوهر الأصالة لهذا النمط الاقتصادي التاريخي ، والذي يتجلى بفشلها الدائم على كافة الأصعدة بما يعبر عن كونها المستوى الأعلى لإدارة العالم في خصوصية تطوره التاريخي الراهن ، وتتمحور بنى الفشل الدائم لإدارة هذه الدولة في طبيعة إرثها الاجتماعي – الأصيل – من حيث كونه بدائيا ، وإرث أوروبي برجوازي منقول إليها كأسلوب إنتاج اقتصادي غير محمول عبر طبقته المالكة الأصلية ، ولكن عبر المجرمين والمساجين الهاربين ورجال العصابات الخارجة عن القانون ، والباحثين عن العدالة الاجتماعية بنيل فرص تحقق لهم الانتقال اجتماعيا نحو الملكية في أرض جديدة لم يكن لهم متاح نيلها في مجتمعاتهم الأوروبية السابقة ، وتلاقح هذان الإرثان بإرث استجلاب العبيد وتجارة الرقيق . من هنا فإن إرث المتحف الأمريكي – القريب – يتجسد بثقافة رعاة البقر (Caw boy ) ، وبالنهج العرقي الإبادي – العسكري التوليتاري للهنود الحمر واغتصاب أراضيهم وتشريدهم في الفيافي المقفرة بين الحيوانات المفترسة والضالة أو بشريطة الاندماج بالمجتمع الأبيض كمستخدمين ، وثالث الثقافة المجتمعية الإرثية التي مازالت تفرض لنفسها وجودا قويا في المجتمع الأمريكي تتمثل بالثقافة العنصرية ، التي تجد بالعرق الأسود المستجلب كعبيد - تم تحريرهم لاحقا – تجدهم عرقا متخلفا لا يقبل مقارنته بالجنس الأبيض ( المتفوق ) – إن زوايا المثلث للثقافة الأمريكية بقدر ما تكشف نقلا تسييديا لطابع الإنتاج البرجوازي ، بدءا بكل أشكال التجارة البرجوازية ، والتي جرى لها تدعيما في انتقال رؤوس الأموال الأوروبية لتأسيس نظم الاقتصاد الصناعي ، خاصة بعد أن ما طمأنتهم الإرساليات بتسيد أسلوبهم الاقتصادي لنمو رأس المال والثروة ، وبكون أن هذه الأرض الجديدة غنية بالثروات وذات مساحات واسعة والأهم بتلك الإغراءات الممنوحة لهم للاستثمار خلال الإعفاءات المقدمة لهم إضافة لمنحهم ما يحتاجونه من مساحة الأرض مجانا . مما تقدم نستطيع أن ندرك ما وراء نهج الإدارة الأمريكية في طابعها الوحشي في فرض الإرادة على باقي شعوب العالم ، إنه نهج غير مبني على تطور الإدارة السياسية وفق مسوغات تطور تاريخ الإنسان وقوانينه ، إنها تستخدم الأدوات القانونية والمفاهيمية المنتجة لها البرجوازية الأصيلة – غير الأمريكية – أو حتى المستقرأ عنها قبل التصريح بها ، بينما في حقيقتها تقف جوهرا في مسلكيتها على نهج القوة للرأسمال المعلم بها ، خاصة وهو الموظف عبر مؤسسات متطورة تمنح لهذا الرأسمال أن ينمو باضطراد ، وهنا بيت القصيد حينما نجد التعارض الفاضح بين أقوال الإدارة الأمريكية وأفعالها ، فأقوالها تتحرك في إطار المستوى الإنساني الأعلى لحقوق الإنسان وحاجاته المعاصرة ، بينما أفعالها تتخندق في فرض تفوقها عبر التسلح كأمر واقع ، أو عبر مساندة الأنظمة الباطشة الفاسدة من دول العالم الثالث ، رغم أن حقيقة ما تحتاجه عكس ذلك ، فمثل هذه الأنظمة والحكام الديكتاتوريين ترتفع ممارساتهم إلى ماهو مناهض للقانون الدولي – الذي صنعته ودعمته القوى الإمبريالية كمرحلة لتطور الحضارة الإنسانية التي هي قائدتها – ومن جانب آخر يتمثل بلا أهلية هؤلاء الحكام وأنظمتهم الاستبدادية الفاسدة ، والتي تتمثل بما يسببونه من إفقار لمجتمعاتهم ، ونزعاتهم لإنهاء الدولة ، وتغييبهم للدستور والقانون وهو مايعيق ثبات النمطية للتعامل معها ، حيث تصبح مثل هذه الأنظمة تمثل بنية إعاقة لها أكثر من كونها مفيدة لها ، وإذا بهذه الإدارة تستعدي شعوبا بتدعيم حكامها الظالمين بما يحقق لهم استمرارية تجبرهم على شعوبهم ونهب ثرواتهم ، وهي من جانب آخر تنادي بالعدالة والتسامح والسلام والحوار – وهو مالا نجده بهذه الفجاجة عند الإمبرياليات الأخرى الأوروبية – وإن كنا نرى ظهورا إسترضائيا تبعيا مستحيا من بريطانيا ، فرنسا وألمانيا في دعم الصلف الأمريكي لاستعراض القوة أو فرض الأمر الواقع بالقوة – وهو أمر مفهوم يكشف بأن الغطاء البرجوازي الأوروبي هنا يرجع لفارق قوة الرأسمال والنفوذ على العالم ، ولكون أن العالم الجديد المستهدف قيامه يبنى على إعادة اقتسام العالم بين قوى المركز ، ولحقيقة ثبات لعبة التوازن على الأصل القديم الذي يقوم على قوة وضخامة الرأسمال والتفوق العسكري بين بلدان المركز المتنافسة خلال لعبة الاقتسام ، والتي تمثل معادلة مختلة لها في صالح الولايات المتحدة الأمريكية ، وهو تنافس لا يقوم على الأسس البرجوازية التي تبنى فيها المنافسة على القوة الاقتصادية في السوق ، وعلى طابع وطبيعة دورة عملية الإنتاج الصناعي والتسلل الثقافي لطابع المعرفة العصرية المغطاة بمسوح مؤنسة تضاد وحشية رأس المال ، هنا نفهم أن التمسح الأوروبي الداعم إستحياءا لأمريكا يرجع إلى كونها لم تتهيأ بعد للندية لبدء اقتسام العالم ، فتخلق واقعا تقاربيا مع أمريكا ، التي بطبيعتها التاريخية الاجتماعية غير الأصيلة المؤسسة لنمط الإنتاج الرأسمالي ، فإنها من حيث كونها خالقة للبرجوازية العالمية وأسلوب إنتاجها تصبح مستهدفة بالوحشية التقليدية للإدارة الأمريكية في تصفيتها من لعبة التنافس ، ومن جانب آخر يتدعم هذا النهج التصوفوي للمنافسين عبر الإرث الإمبريالي غير المؤنسن اجتماعيا لدى الإدارة الأمريكية بطابعها الفاشي الجديد للإمبريالية العالمية ، وهو الطابع الذي أستهلك تاريخيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لنهج الإمبرياليات الأوروبية ، التي معها تهذبت الرأسمالية بفعل تطور الوعي الاجتماعي البرجوازي المحول واقعيا إلى قوانين مقيدة لوحشية الرأسمال . ونعد في مواضيع قادمة بحث المفصلات الكاشفة للإدارة الأمريكية بطبيعتها البرجوازية الفاشلة الفاقدة لبعد الأصالة لخالقة نمط أسلوب الإنتاج الرأسمالي .
#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بيان لملتقى تعز – عدن
-
ما وراء سقوط المبادرة الخليجية ( 5 ) لليمن
-
قفوا . . إنها الثورة
-
مبتذلات حكم الطاغوت
-
بيان مناشدة
-
اليمن . . مهيآت التغيير ( 1 ) : على نطاق المحليات
-
مصر : الثورة . . وخطر سرقتها
-
مناشدة
-
تعز الحرية والإنقاذ
-
استنهاض من الصمت نص شعري
-
لعنات التمزق القريب . . للولايات المتحدة الأمريكية
-
اليمن : بين السياسة والواقع . . أنشوطه الانقلاب والتحول
-
الجزائر وتونس. . فاتحة التحولات الواقعية
-
مغالطات العولمة المحلية على الاس الخارجي موضوع فكري
-
مشاركة في إجابة التساؤلات/أهمية وإمكانية إطلاق فضائية اليسار
...
-
فضائية يسارية علمانية/تأسيس تعويضي لبناء الندية
-
إشكاليات الإعاقة في حل معضلات الواقع العربي ( مطلوب المشاركة
...
-
إشكاليات الإعاقة في حل معضلات الواقع العربي ( مطلوب المشاركة
...
-
القرار
-
إشكاليات الإعاقة في حل معضلات الواقع ( مطلوب المشاركة في الح
...
المزيد.....
-
السجن 11 عاما لسيناتور أمريكي سابق لتلقيه رشاوى من رجال أعما
...
-
مبعوث ترامب: على مصر والأردن تقديم بديل لرفض استقبال الفلسطي
...
-
المقاومة الفلسطينية وأسطورة ترامب
-
هيغسيث: إسرائيل حليف مثالي للولايات المتحدة
-
علماء يكشفون كيف وصلت الحياة إلى الأرض
-
ماسك يرد على ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام
-
برلماني أوكراني: زيلينسكي يركز جهوده على محاربة منافسيه السي
...
-
رئيس جنوب إفريقيا يحذر نظيره الرواندي من عواقب الفشل في وقف
...
-
مستشار سابق في البنتاغون: على واشنطن وموسكو إبرام اتفاقية أم
...
-
منعا للتضليل.. الخارجية الروسية تدعو إلى التحقق بعناية من تص
...
المزيد.....
-
Express To Impress عبر لتؤثر
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
المزيد.....
|