أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - نعيم إيليا - الحقيقة بين التلجلج واللجاجة















المزيد.....

الحقيقة بين التلجلج واللجاجة


نعيم إيليا

الحوار المتمدن-العدد: 3424 - 2011 / 7 / 12 - 02:40
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


تطرح الورقة التي كتبها أخي الأستاذ حسين علوان حسين تحت عنوان (دفاع عن المادية التاريخية...) والتي جاءت ردّاً على انتقادي للشخصية الماركسية، وطعني - في حديث لي سابق - على مبدأ الصراع الطبقي بمفهومه الماركسي، جملةً من النقاط الخلافية بيننا، سأتقصى عدداً منها متوخياً الإيجاز ما استطعت إليه، متحاشياً الإطناب الممل في إيراد التفاصيل، متوكلاً على نباهة القارئ:
يذمُّ الأستاذ حسين في ضجر وتأفف - وفي تهكم أحياناً - إسرافي في صبِّ النعوت الشنيعة على هامة الماركسيّ، نافياً بحزم وإصرار أن تكون هذه النعوت مما يليق به، وينطبق عليه. ويصفها بأنها تُهَمٌ ملفقة تعميمية، ربما كان غرضها تشويه صورة الماركسي؛ كي يكون هذا التشويه من ثمَّ مدخلاً إلى تشويه النظرية الماركسية جملة وتفصيلا، ثم يطالب بإثبات صحة نسبتها إلى الماركسي بالإحصاء أو الوقائع. وهو في هذه الأثناء عاكف على برهانٍ من (البيان) يسوقه لتفنيد ما ألحقتُه بالشخصية الماركسية من النعوت (المهذبة).
إنّه لمن حقّ الأستاذ حسين، بلا شك، أن يطالبني بالإتيان بالدليل على أن الصفات التي ألحقتها بالشخصية الماركسية، تنطبق بصدق عليها، هذه مسألة لا يمارى فيها، وإلا فإن كلامي - إن أنا لم آتِ بالدليل – لن يعدو التجني والتحامل والتخرص البليد. ولكنني مع ذلك لن أسرد جميع الصفات تباعاً مؤيداً إياها بالشواهد الدالة على صدق نسبتها إلى الماركسي كما طالبني؛ لأن ذلك سيأخذ مني ومن القارئ وقتاً طويلا، بل سأكتفي بصفة واحدة وعسى أن تغني عن الأخريات! ثم أمضي بعدها إلى معالجة مسائل مهمة مشوقة وردت في ورقته القيمة.
في البدء لا محيد لي من أن أقف متمهلاً على صورة البرهان الذي جاء به من (البيان) ليكون لي مفحماً حين ادعيت على الماركسي خضوعه الذليل للماركسية خضوعاً أقرب إلى خضوع المؤمن لعقيدته على كل حال؛ وغرضي من ذلك التحقق من سلامة البرهان ومدى مناسبته لمقتضاه. فلا خير في برهان يحيد عن غايته.
يحدثنا الأستاذ حسين عن إنغلز، فيقول:
" بعد وفاة ماركس بخمس سنين ، و في الطبعة الإنكليزية للبيان الشيوعي ، يدرج إنجلز ملاحظته أدناه بخصوص جملة :" إن تاريخ كل المجتمع الذي وجد لحد الآن هو تاريخ الصراعات الطبقية ."
The history of all hitherto existing society(2) is the history of class struggles.
(و ليس الترجمة غير الدقيقة التي يعتمدها الإستاذ نعيم إيليا أعلاه) و ذلك بوضع إشارة رقم (2) بعد كلمة "المجتمع" للهامش المفصل التالي :
"المقصود هنا هو : "كل التاريخ المكتوب"(بتوكيد إنجلز على مفردة : المكتوب) . في عام 1847 (و هو تاريخ كتابة الجملة أعلاه) ، كان كل مجتمع ما قبل التاريخ ، و النظام الإجتماعي الذي وجد قبل التاريخ المكتوب ، غير معروفين . بعد ذلك ، إكتشف أوگست فون هاكسهافن (1792-1866) الملكية الجماعية للأرض في روسيا ، و أثبت گيورگ لودفيك فون ماورر أنها (أي الملكية الجماعية للأرض) كانت الأساس الإجتماعي الذي انطلقت منه كل الأجناس التيوتونية في التاريخ ، و قريباً من تلك الفترة ، فقد وُجد أن المجاميع القروية هي الشكل البدائي للمجتمع ، أو أنها كانت كذلك ، في كل مكان من الهند إلى أيرلندا . و لقد أُميط اللثام عن النظام الداخلي لنظام المشاعة البدائية ، بشكله النمطي ، من طرف لويس هنري مورگن (1818-1861) ، و الذي توَّجَهُ باكتشافه للطبيعة الحقيقة للعشيرة و لعلاقتها بالقبيلة . و مع تفكك الجماعات البدائية، بدأ المجتمع يتمايز إلى طبقات منفصلة أولاً ، و متناحرة أخيراً. و قد حاولتُ أعادة اقتفاء آثار هذا التفكك في (كتابي) "أصل العائلة ، و الملكية الخاصة ، و الدولة "، الطبعة الثانية ، شتوتگارت 1886"
ثمّ يعقب ذلك استفهام منه يستهجن فيه أن رميتُ الماركسيَّ بالانقياد والخضوع لعقيدته؛ ويستنكر فيه كيف أعرضت عن الحقّ وهو أبلج - في حسبانه -:
"أين دلالات فحوى النص أعلاه من إدعاء الأستاذ نعيم إيليا بـ"إلتزام الشخصية الماركسية بالعقيدة الماركسية ومسلماتها إلى حد الخضوع لها خضوعاً يحاكي خضوع العبد الذليل لربه في العقائد الدينية؟".
وتجنباً للإطالة - كما وعدت – سأبادر إلى إجابة السؤال إجابة مباشرة بلا مقدمات، فأقول متسائلاً أيضاً:
وهل هذا (البرهان) الذي يسوقه الأستاذ هنا، وهو مطمئن إليه كل هذا الاطمئنان، سليم من الأذى؟ هل هو راسخ في محله قبل كل شيء؟
إننا لسنا في حاجة إلى تفحص البرهان الشاهد طويلاً، ولا إلى إنعام التفكير فيه، يكفي أن نشخِّص على عجل بعده الدلاليَّ وما يرمي إليه؛ لنتبين بجلاء أن مداه، لا يبلغ غير حقيقة واحدة بسيطة لا تفيد شيئاً سوى الاستدراك والتوضيح. فإنّ إنغلز حين أحسّ أنّ لفظة "كل المجتمعات" Die Geschichte aller bisherigen Gesellschaft ist die Geschichte von Klassenkämpfen“
الواردة في عبارتهما في مستهل كتابهما (البيان الشيوعي) تفتقر إلى الدقة والتحديد وتحتمل التوسيع، عمد إلى الاستدراك عليها بالإيضاح وإزالة اللبس والتحديد؛ فأخرج المجتمعات البدائية من التصنيف الماركسي المعروف للمجتمعات الإنسانية؛ كي لا يتوهم القارئ أنّهما يقولان بوجود تناقضات طبقية في المجتمع البدائي المشاعي؛ وهو اعتقاد – كما يعلم القارئ - مرفوض لديهما كليهما.
فهل مثل هذا الشاهد يصلح لأن يقوم برهاناً على مرونة الماركسي وتحرره من عبودية الالتزام بعقيدته؟
وبصيغة أخرى، هل في توضيح فكرة مشتبهة وفي جلاء غموضها ولبسها، مرونة وحرية وإقرار بالخطأ!؟
أإذا قال المتنبي – مثلاً - إنه أراد الشائلة من قوله: "ومصبوحة لبن الشائل"، عُدَّ قوله الموضّح اعترافاً بخطئه وتصويباً له؟
الأستاذ حسين يجيب بثقة قائلاً: نعم! إنّ لفي هذا التوضيح – ولا أقول التصحيح كما يقول هو – برهاناً على الحرية الفكرية والشجاعة التي يتمتع بهما عقل الماركسيّ بإزاء عقيدته:
" لو كان إنجلز "يخضع خضوع العبد الذليل لربه في العقائد الدينية" مثلما يزعم الأستاذ نعيم إيليا لما تجشم عناء تصحيح قول ماركس و قوله".
وهو غافل عن حقيقة الماركسي المتحزب، الذي لا يملك حرية عقلية تبيح له أن يمسّ بالنقد والتسفيه مبدأ واحداً من مبادئ الماركسية، ولو كان هذا المبدأ يعوق تقدمه الفكري أو يزري بالحقيقة وقد تكشفت أنوارها البهية لبصيرته، ولا أن يصرح، إذا وقعت عينه على خطأ يرتكبه ماركس أو إنغلز، أنهما أخطأا، فهما عنده منزهان. وهو إن تلمّس بعقله هذا الخطأ الذي بدر منهما، تحاشى أن يسميه باسمه تهيباً، وجعل يعلله ويخرّجه ويؤوّله مستعيناً بمنهجه الاعتذاري زاعماً أنه رأي يحتمل التجديد والتطوير والتأويل والتعديل بحسب وصايا مؤسسي الماركسية نفسهما، تماماً مثلما يفعل ذلك المؤمن بعقيدته حين يرى عقيدته تصطدم بما يكذِّبها من التاريخ والعقل والواقع المعيش.
ولعلي أضرب لذلك مثلاً: حتمية انتصار الشيوعية في البلدان الرأسمالية المتطورة، وهي فكرة أجهد فيها ماركس عقله، ونذر لها عمره في مؤلفه المعروف (رأس المال) حتى استنبطها من تحليلاته ودراساته لقوانين الاقتصاد الرأسمالي، فإذا هي نبوءة خائبة كنبوءة (تأبير النخل) وفكرة خيالية لا اتصال لها بالعلم ولا بالاقتصاد السياسي الصحيح من قريب. فلما قامت الثورات الشيوعية في البلدان المتخلفة كروسيا والصين وكوريا الشمالية وافغانستان وموزامبيق واثيوبيا وكوبا على خلاف النتيجة (الحتمية!) التي استنتجها ماركس من تحليلاته ودراساته المطولة المرهقة، لم يكذِّب أحد من الشيوعين نتيجته الخاطئة، وإنما اعتذروا له وللخطأ الذي ارتكبه بحجة امتلاك الماركسية قابلية التطوير والتجديد والتعديل بما يتلاءم مع واقع البلدان غير الرأسمالية، وهذا ما عبر عنه أستاذنا حسين بقوله: "مسلمات الماركسية تحكمها وقائع تاريخ البشر ، و الواقع المعاش الملموس . و حيثما لا تتطابق وقائع التاريخ أو الحاضر مع أي نص لماركس و إنجلز ، فأن على الماركسي ليس فقط أن يعدّل نصوص ماركس و إنجلز ، بل و أن يعدّل معها أي إستنتاج لهما يمكن أن يكون قد أستند عليها".
وهذا اعتذار غير مقبول، لأنه يسمي الأشياء بغير أسمائها الحقيقية. فلو لم تكن هذه النتيجة، التي أفنى ماركس حياته في طلبها عبثاً، خاطئة، فما منع الشيوعية أن تنتصر في أوروبا الغربية والولايات المتحدة؟ وهل "تعديل" هذه النتيجة الخاطئة، ينقذها من ورطتها، ويكسو عريها رداء (العبقرية) القشيب!؟ وفضلاً عن ذلك فإنه يطرح سؤالاً صعباً: ما الفائدة من الماركسية إذن، ما دامت كبرى مبادئها ونظرياتها وحقائقها عرضة في كل حين للجرح والتعديل والتغيير والحذف؟ وما دامت لا تستجيب في مبادئها وأسسها العامة الرئيسة لمعطيات الحاضر والمستقبل؟ وما دامت قد فشلت قبل ذلك في تحقيق أهدافها في الماضي وفي الحاضر؟
ترى، أليس من الأجدى الاستغناء عنها والبحث عن نظرية اقتصادية سياسية فلسفية جديدة لا يعتريها ضعف أو وهن؟
أليس هذا أيضاً ما ننصح به أهل الدين إذا أسرفوا في تأويل دينهم وأخرجوه عن حقيقته؟
فإذا تركت هذا جانباً، وعرّجت على بعض رأيه، وقعت منه على ما ينقض الماركسية، التي يدفع عنها الشبهات ببسالة، من حيث لا يحتسب، ووقعت منه على تهافت وعلى ضعف، فمنه قوله:
"و لكن هل صحيح أن القانون العام للماركسية هو الصراع الطبقي مثلما يريد الأستاذ نعيم إيليا إيهامنا به ؟ بالطبع لا ، لأن القانون العام للماركسية هو "تطور المجتمعات عبر التغيير بتحسين وسائط إنتاج مستلزمات العيش، لقد كان ماركس أول من قال بكون الحاجة لإنتاج مستلزمات العيش هي الأساس في فهم المجتمع البشري و التطور التاريخي".
فإذا لم يكن الصراع الطبقي هو القانون العام لحركة المجتمعات الإنسانية، فلماذا ينظر الأستاذ إلى قول ماركس وإنغلز بعين التقدير والإعجاب؟ ولماذا يعترض على النقد الموجه إليهما إذ اعتبرا تاريخ كلِّ المجتمعات قائماً على مبدأ الصراع الطبقي - ما خلا المجتمع المشاعي على رأي إنغلز - ؟ " Die Geschichte all er bisherigen Gesellschaft ist die Geschichte von Klassenkämpfen“
وهل ماركس حقاً هو أول من قال "بكون الحاجة لإنتاج مستلزمات العيش هي الأساس في فهم المجتمع؟ أشك في ذلك!
فإن تكن الحاجة هي الأساس، فكيف يوفق أستاذنا بينها وبين مبدأ صراع الطبقات الذي هو الأساس عنده، كما جاء في الفقرة أعلاه من البيان بلغته الأصلية. لماذا لم يذكر ماركس الحاجة هنا بدلاً من ذكره الصراع الطبقي، ما دامت الحاجة، هي الأصل في "فهم المجتمع البشري وتطوره التاريخي"؟
ولنفترض هنا أن مبدأ الحاجة مرجح عنده، ألن ينقض هذا بناءه (الشامخ) الذي شاده على أساس الاقتصاد، أي البناء التحتي؟ لأنّ الحاجات غرائز وليست شكلاً من أشكال العلاقات الاقتصادية.
إنّ تحليل الأستاذ حسين لقانون الحاجة الغريزي كما ورد عند مؤسسي الماركسية، لا يؤكد إلا تناقض ماركس وإنغلز أو اضطرابهما في فهم الحركة الأولى للتاريخ الإنساني وتطوره؛ فهما إذ يمنحان الصراع الطبقي رتبة الأولوية، يعودان فينتزعانها منه ليمنحاها لقانون الحاجة:
"علماً بأن إعتبار إنتاج المستلزمات الضرورية للعيش هو القانون الأول للمادية التاريخية أمر معروف و متواتر في مختلف مؤلفات ماركس و إنجلز . ففي مقدمته لـ "أصل العائلة و الملكية الخاصة و الدولة" (1884) مثلاً ، يقول لنا إنجلز " وفقاً للمفهوم المادي ، فان العامل المحدد الأساس في التاريخ هو – في التحليل النهائي – إنتاج و إعادة إنتاج الضرورات ألمعاشيه الأساسية للحياة . و لهذا العامل صفة مزدوجة . فمن ناحية فأنه يشتمل على أنتاج مستلزمات العيش كمواد المأكل و الملبس و المسكن و الأدوات الضرورية لذلك الإنتاج ، و هو من ناحية أخرى فأنه يشتمل على أنتاج البشر أنفسهم و تكاثرهم كنوع"
وقد كنت أشرت في أحاديثي إلى أنّ الحاجة هي الأصل في حركة المجتمع أيّ مجتمع، وما الصراع الطبقي إلا حدث عارض من الأحداث العابرة في حياة البشر ربما تجلّى في عصر ماركس، ثم توارى.
فإذا كانت الماركسية على رأيي – والصحيح أن أقول: أنا على رأيها - فلماذا يجادلني الأستاذ في رأيي، ويعرض في الوقت نفسه رأياً يتفق مع رأيي أكثر من اتفاقه مع النظرية الماركسية التي تحلّل جميع الوقائع على ضوء الصراع الطبقي، والشواهد من أدبيات الماركسية على ذلك لا تحصى ؟:
"هناك الصراع القومي و الصراع الديني و العرقي سواء منه الأهلي أو العابر للحدود ، و الصراع لإحتلال و ضم المزيد من الأراضي و البلدان لنهب ثرواتها و شعوبها و الاستحواذ على المزيد من العبيد أو قوة العمل الرخيصة ، و هناك الصراع على الحدود ، و الصراع لكسب النفوذ السياسي – الإقتصادي ، و الصراع للهيمنة على أسواق العالم و الموارد الطبيعية فوق الأرض و تحتها و في الفضاء و تحت البحار، علاوة على صراع الإرادات ، و الصراع لتدمير أو إخضاع أقوى المنافسين دولاً و جماعات لضمان السيطرة و استمرار الوجود ، و هناك الصراعات التحررية و الاستقلالية ، ووو الخ ، علاوة على الصراع الطبقي".
ولماذا يعبث الأستاذ برأيي في مرح، ولا يرى تناقض ماركس - حين يجعل الصراع أصلاً ثم يجعله فرعاً في عين اللحظة - أحرى بالعبث!؟:
"إذا كان الصراع الطبقي أمراً بديهياً عند الماركسيين - مثلما يعلمنا الأستاذ نعيم إيليا - فلماذا يقول لنا ماركس في نفس مقدمته المشار إليها أعلاه بأن الشيوعية هي التي تضع النهاية للصراعات الإجتماعية"
ولا أملك نفسي هنا من أن أظهر الدهشة والعجب وأنا أرى الأستاذ حسين على قوة عقله، ولطف بيانه، ودقة إحساسه، ولا سيما في أدبه القصصي، عاجزاً عن تحرّي الحقيقة في قول ماركس:
"في الإنتاج الإجتماعي لمقومات وجودهم ، يدخل البشر بالضرورة في علاقات محددة مستقلة عن إرادتهم ، و تلك هي علاقات الإنتاج المناسبة للمرحلة المعطاة في تطور قواهم المادية للإنتاج . و من مجمل علاقات الإنتاج هذه تتألف البنية الإقتصادية للمجتمع ، و هي الأساس الحقيقي الذي يقوم عليه البناء الفوقي القانوني و السياسي و الذي تتناسب معه أشكال محددة من الوعي الاجتماعي"
وعلى طرح السؤال المهم: هل علاقات الإنتاج هي "الأساس الذي يقوم عليه البناء الفوقي" فعلاً ؟
وهو السؤال الذي سيميط اللثام عن وجه الحقيقة الجميل، إن يطرح: إن علاقات الإنتاج ليست أساس البناء الفوقي، وإلا كانت سابقة على وعي الإنسان وغرائزه، وهذا من المحال. وإنما هي من إبداع عقل الإنسان تتشكل برغباته وإرادته وغرائزه، وما دامت من إبداع عقل الإنسان وغرائزه، فهي إذن البناء الفوقي لا التحتي.
وأعجب بأشد مما عجبت من قوله السابق، كيف خانه المنطق عند الرد على قولي التالي!:
" إنَّ الحتمية تحمل شروط تحققها في ذاتها، ولا تحتاج إلى شروط خارجية، مثلها مثل قانون الجاذبية. وعلى هذا، فما دام (قانون) الصراع الطبقي، ليس حتمياً، فلا يصح أن يدعى قانوناً".
وشرع يصرخ في وجهي موبخاً إياي على جهلي:
"لكل قانون عام شروطه اللازمة للتحقق ، ولذلك فإنه لا يتحقق متى ما إنتفت تلك الشروط . و حتمية القانون ترتبط كذلك بموجبات تحققه . هذه الحقيقة البسيطة يعرفها طلاب المتوسطة و لا تفيد هنا اللجاجة المتمنطقة بشيء . مثال : الجسم الطائف يفقد من وزنه بقدر وزن السائل الذي يزيحه . قانون أرخميدس هذا يتطلب تحققه و حتميته توفر الشروط الأدناه : 1. وجود جسم ، 2. وجود سائل (مائع ، غاز)، 3. وضع هذا الجسم (1) في السائل (2). و في حالة غياب أي واحد من الشروط أعلاه ، فستنتهي مفعوليته ، و معها تنتفي حتمية القانون"
ولو أنه تأمل المسألة بروية، لأدرك أنني على حق غير مستوجب توبيخاً، بل هو الذي يجانب الحقّ والصواب؛ إذ يضع للقانون شروطاً إن توفرت له ظهر القانون إلى الوجود، وإن لم تتوفر، عدم الوجودَ. وهذا من المحال! كأن يقول إذا وُجد الضوء، وجدت الشمس، وإن غاب الضوء، غابت الشمس عن الوجود. إن الشمس موجودة ووجودها ليس مشروطاً بالضوء فهي والضوء شيء واحد، أو وجود واحد. وكذا قانون أرخميدس فإنه موجود وليس مشروطاً بوجود الماء، لأنه والماء شيء واحد، فلا ماء بلا قانون أرخميدس، ولا قانون بلا ماء. وكذا الصراع فإنه في جبلة الإنسان، ومن المحال ألا يكون صراعٌ والإنسان موجود، أو أن يكون الإنسان ولا يكون صراعٌ.
وأخيراً: إذا كان الماركسيون كما يزعم أستاذنا: "يفهمون تماماً بأن كتابات ماركس و إنجلز لا تقدم سوى وجهة نظر لفهم هذا العالم ، و لتغيير هذا العالم بإلغاء إستغلال الإنسان لأخيه الإنسان" .
فما بال الماركسيين يتحدثون عن نظرية علمية مشيدة على قوانين حتمية تتحكم بالمجتمعات البشرية والكون، اكتشفها ماركس وإنغلز!
كيف يمكن لوجهة نظر أن تمنحنا فهماً للعالم على حقيقته، وقدرة على تفسيره وتغييره؛ وما هي إلا وجهة نظر!



#نعيم_إيليا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأستاذ حسين علوان متلجلجاً داخل شرك المنطق
- شامل عبد العزيز بين أحضان المسيحية
- سامي لبيب والرصافي خلف قضبان الوعي
- ضد عبد القادر أنيس وفاتن واصل
- إلى الأستاذ جواد البشيتي. ردٌّ على ردّ
- بؤس الفلسفة الماركسية (6)
- بؤس الفلسفة الماركسية (5)
- بؤس الفلسفة الماركسية (4)
- بؤس الفلسفة الماركسية (3)
- بؤس الفلسفة الماركسية (2)
- بؤس الفلسفة الماركسية
- نقد نقد النظرية الماركسية
- إلهٌ جديد
- حنَّا هاشول يصرخ في الوادي
- حياتي في خطر. قصة قصيرة


المزيد.....




- عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و ...
- في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در ...
- حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
- تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا ...
- تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال ...
- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - نعيم إيليا - الحقيقة بين التلجلج واللجاجة