|
ـ( الشاي ليس بطيئاً ) 5- تَحتَ لِحافِ صَمتي
منذر مصري
الحوار المتمدن-العدد: 1020 - 2004 / 11 / 17 - 11:22
المحور:
الادب والفن
يحتوي هذا القسم أربع قصائد فقط ، وهي على قلة عددها ليست بذلك الطول، إلا أنها أكثر القصائد دسامة وحسية في الكتاب بمجمله. أنا الذي كثيراً ما سمعت نفسي أردد : ( عندما لا أكون حسياً في كتابتي، أكون في أسوأ أحوالي ). المقطع السادس في القصيدة الثالثة ( يغسل فمه بحبة عنب ) كالتالي:
( يَهزَأُ مِن صَلاتي لأَنَّ كَلِماتي ... يَقول تَخرُجُ مِن فَمي وإذا دَعَوتُهُ مِن تَحتِ لِحافِ صَمتي يَمُدُّ يَدَهُ ويَجُسُّ بأَصابعِهِ قلبي ) ولكنه حقيقة، كان يجس بأصابعه ....احزروا ماذا ؟ أشياء كهذه ، رغم ما يعرف عني من مباشرة وواقعية، جعلتني أعلم أن الشعر حقاً ( فن ملتو ) ــــــــــــ
5- تَحتَ لِحافِ صَمتي ــــــــــــ
- صِدقُ حَيَوانِيَّتي ــــــــــــ
عَلى سَرابِ بَلاطِكِ تنْزلِقُ مَخالِبي . / وَأَنتِ لا تَنظُرينَ إلَيّ بِلَمعَةِ كَتِفِكِ أَصَبتِني . / عِندما رَضيتِ بِفُتورٍ أَن تَضَعيني في قَفَصِكِ كانَ هَمِّيَ أَن أُثبِتَ لَكِ صِدقَ حَيَوانيَّتي . / ولَو استَغرَقَني جَميعَ ما أَعطَيتِني مِن ياقوتِ الوَقت أَرَدتُ أَن أَقومَ بِطُقوسِ صَلاتي كامِلَةً أَن أَجثو أَمامَكِ راكِعاً عَلى رُكبَتَيّ وأَدُسَّ وَجهي في صَحنِ بَطنِكِ . / ( لا أُريدُكَ عَبداً ) قُلتِ لي ( أُريدُكَ عاشِقاً ) عِندَها أُسقِطَ في يَدي . / تَعصِرينَ لي قَطرَةَ حَليبٍ مِن ثَديِكِ الأَيَسَر في فِنجانِ قَهوَتي . / مَدَدتِ يَدَكِ لِتُلَقِّميني الحَلوى بأَصابِعِكِ خَيبَتي لَم تَفتَح فَمي . / لَيلٌ أَسوَدُ يَلُفُّ بِساعِدَيهِ المُظلِمَتين نَهارَ خَصرِكِ النَّحيل . / نَظرَةً نَظرَة كاَنَ يَذوبُ ثُمَّ يَسيلُ عَمائي .. ـــــــــــــ 18-5-1997
- أَطعَنُهُ ولا أُريدُ قَتلَه ــــــــــــ
مُحيطاً بساعِدَيَّ عُنقَه وبِساقَيَّ خَصرَه دُونَ هَذا - ولَو لِلَحظَةٍ - ما كُنتُ أَستَطيعُ التَّعَلُّقَ بِه . / يَختَرِعُ وَجهاً لِكُلِّ نَظرَة وجِسمُهُ يُبَدِّلُهُ بِلَمسَة . / جِلدُهُ أُحِسُّهُ تارَةً رِيشاً وَتارَةً أُحِسُّهُ وَبراً وَتارَةً حَراشِفَ . / اتَّصَلتُ بِكِ البارِحَة أَجابَت عَلى الهاتِف أَفعى يا اللَّه الآن أَذكُر كُنتُ نِصفَ نائمٍ حينَ سَمِعتُ فَحيحاً وأَنتِ تَزحَفينَ مُنسَلَّةً مِنَ السَّرير . / بِأُمِّ عَيني رَأَيتُه مَساءَ دَعَوتِني إلى وَجارِكِ فَصَعِدتُ الدَّرَجَ مُتَخَفِّياً كَي لا يَعرِفَني أَحَد لَكِنَّ قِطَّاً أَسوَدَ كان يَلحَقُني حَريصاً أَن يَشُمَّ بِخَيشُومِهِ اللاَّمِعِ الدَّقيق مَوقِعَ كُلِّ خُطوةٍ مِن خُطُواتي ثُمَّ يَحُكَّهُ بِمِخلَبِه وعِندَما دَخَلتُ مِنَ الباب الَّذي تَرَكتِهِ لي مُوارَباً تَسَلَّلَ خَلفي وبعدَ هذا اختَفى وظَهَرتِ أَنتِ . / يا اللَّه الآنَ أَذكُر كُنتِ كُلَّما ولَجتُكِ تَمُوئين . / دَمُكِ حَليبٌ ولَحمُكِ تُفَّاح لَكِنِّي يَوماً لَمَحتُ تَحتَ نَظرتِكِ أَنياب . / وإذا سَنَحَت لي فُرصَةٌ وقَفَزتُ عَلى ظَهرِهِ أَبغي عَلى غَفلَةٍ مِنهُ رُكوبَه بَعدَ هَزَّةٍ أَو هَزَّتَين يَقلِبُني وبِحَوافِرِه يَدوسُني . / وإذا أَطعَمتُهُ بيَدي يأكُلُ ويَعَضُّ يَدي وإذا خَطَرَ لي أَن أُلَقِّمَهُ الطَّعامَ بِفَمي يَفتَحُ فَمَهُ ويَنهَشُ فَمي . / كَيفَ أُفهِمُكِ هذا ؟ مَرَّةً استَلَلتُ سِكِّيني ورُحتُ أَطعَنُه وأَنا أَقولُ لِنَفسي حتَّى وإن طَعَنتُهُ وطَعَنتُهُ وطَعَنتُهُ فإنِّي لا أَعني حَتماً أُريدُ قَتلَه .. ـــــــــــــ 4-7-1996
- يَغسُلُ فَمَهُ بِحَبَّةِ عِنَب ــــــــــــ
أَ أَعبُدُه وإن كانَ حَقَّاً مَوجوداً وإذا وَضَعَ يَدَهُ المثقوبَةَ عَلى ثَديي وبشَفَتَيهِ الشَّاحبَتَينِ المُرتَعِشَتَين أَطبَقَ عَلى فَمي أَ أَقَبِّلُه وَأُولَعُ ناراً ؟ / يَرِقُّ مَعي دُونَما سَبَبٍ ضاحِكاً يَستَيقِظُ قَبلي لِيُعِدَّ لي إفطاري العَسَلُ يُلعِقُني بإصبَعِه وعِندَ الظُّهرِ أَعودُ فأَجِدُهُ يُمَزِّقُ السَّتائر ويَرمي قُدورَ المَطبَخِ أَرضاً وحينَ يَراني يَخطِفُ ما أَحضَرتُهُ مَعي ويَدُوسُهُ بقَدَمِه . / لا يَرضى بي إلاَّ عَبداً غَيرَ راضٍ عَنه . / إن أَرادَ مَديِحي يَصيحُ هازِلاً : ( أَنتَ مَجنون ! ) . / يُعطِيني فَمَه وهو يُدبِرُ عَنِّي وَجهَه . / يَهزَأُ مِن صَلاتي لأَنَّ كَلِماتي ... يَقول تَخرُجُ مِن فَمي وإذا دَعَوتُهُ مِن تَحتِ لِحافِ صَمتي يَمُدُّ يَدَهُ ويَجُسُّ بأَصابعِهِ قَلبي . / لي أَن آخُذَ عن طِيبِ خاطِرٍ ما يُعطِيَني شَراً وأَذيَّةً لأَنِّي أَستَحِقُّه أَمَّا عَطفُه فَأَسرِقُه . / بَعدَ كُلِّ قُبلة يَغسِلُ فَمَهُ بِحَبَّةِ عِنَب . / يَلومُني لَم آتِ ولَيسَ بَينَنا مَوعِدٌ وهُوَ لَم يَأتِ لأَنَّهُ اتَّصَلَ بي قَبلَ مَوعِدِنا بِساعَتَين أَو بَعدَ مَوعِدِنا بثَلاثِ ساعات ولَم يَجِدني . / أَذهَبُ إلى مَكانٍ آمُلُ رُؤيتَه فلا أَجِدُه أَقولُ في نَفسي : ( ماذا أَفعَلُ هُنا ! ) وإذا جاءَ أَوَّلُ ما يَقولُهُ لي : ( ماذا تَفعَلُ هُنا ! ) . / فإذا غابَ عَنِّي يَومَين يَقولُ : ( هذا يَعني أَنَّكَ تَستَطيعُ أَن تَحيا بِدُوني سَنَةً ) وإذا غابَ أُسبوعاً وبَقَيتُ حَيَّاً فَهذا يَعني لَهُ أَنِّي أَستَطيعُ أَن أَحيا بِدُونِهِ إلى الأَبَد . / يَسأَلُني : ( هَل افتَقَدتَني ؟ ) أُجيبُ : ( كَثيراً ) يُهَمهِمُ : ( كَثيراً قَليل ) . / كُلَّما نَضَجَت بي ثَمَرَةٌ مِن حُبِّهِ أَقطُفُها وأُدنيها مِن فَمِه مُمسِكاً بِها مِن غُصنِها : ( ليسَت لي كُلْها وَحدَك ) أَو : ( خُذها بَعيداً عَنِّي وكُلْها مَع غَيري ) أَو رُبما يَقول : ( دَعْها آكُلُها غَداً ) فتَفسُدُ وتَموت لأَنَّهُ يَوماً لَم يَأتِ يَومٌ وقالَ عَنهُ إنَّهُ غَدُه . / إذا فَتَحَ لي بابَ بَيتِهِ يَشُدُّني مِن شَعري ويُدخِلُني يَدفَعُني في الظَّلام وهُوَ يَقِفُ وَرائي فَإذا ارتَطَمتُ بِحائطٍ أَو كُرسِيٍّ أَو طاوِلَة أَمُدُّ يَدي لأَتَمَسَّكَ بِهِ فلا أَجِدُ إلاَّ الفَراغَ أَتَمَسَّكُ بِهِ وما أَن أَجلِسَ لاهِثاً عَلى طَرَفِ السَّرير حَتَّى أَسمَعَهُ يَزجُرُني : ( أَ كُلَّما سنَحَت لَكَ فُرصَةٌ تَنتَهِزُها إنَّكَ لَم تَأتِ لأَنِّي رَجَوتُكَ أَن تَأتي بَل لأَنَّكَ تُحِبُّ أَن تَأتي لا تَهُمُّكَ لَذَّتي سِوى لأَنَّها شَرطُ لَذَّتِكَ ! ) وأَنا بِجِوارِهِ أَتَنَفََّسُ بَصيصَ رائحَةِ إبطَيه .. ـــــــــــــ 6-8-1997
- حُبُّكِ الرَّاكِدُ في الصَّحن ــــــــــــ
كُنتُ أَحسَبُهُ يَكرَهُني أَو حَتَّى لا يُبالي بي لِهَذا غَدَرَني حُبُّه . / لأَنَّهُ عِندَما ناداني تَظاهَرتُ بأَنِّي لا أَسمَعُه قُلتُ في نَفسي : ( لَدَيَّ وَقت غَداً أَسمَعُه وَ أَستَجيب ) . / مَكانَ المِسمار وَسَطَ راحَتي بَصَقَ ثُمَّ لَعَقَ خَليطَ بِصاقِهِ وَدَمي بلِسانِه . / ( إذا جَرَحتَني أَنتَ ما يَقطُرُ مِن جُرحي ) نَقَبَ إصبَعَهُ بِدَبُّوس وخَطَّ لي هَذا بِدَمِه . / في المَطبَخ واقِفاً أَمامَ المَغسَلةِ تَجِدُني أَغسِلُ بَعدَ كُلِّ عَشاءٍ الأَطباقَ والكُؤوس وكَي يَتأَكَّدَ لَهُ أَنِّي غَسَلتُها باللِّيفَةِ والصَّابون أُبقي عَلى حَوَافِّها قَليلاً مِنَ الرَّغوةِ . / أُحِسُّهُ مِن مَلمَسِ المَاء . / تُفَضِّلينَ أَن تَجلِسَ المِروَحَةُ عَلى الكُرسِيِّ بِجِوارِكِ بَدَلاً مِنِّي . / يا لِحُبِّكِ الرَّاكِدِ في الصَّحن . / يَترُكُني إلى أَن نَلتَقي يَوماً أَنا عَلى رَأسِ جَبَلٍ أَجرَد وهُوَ عَلى ظَهرِ غَيمَةٍ سَوداء .. ـــــــــــــ 20-8-1997 ـــــــــــــــــــــــــــــــــ يتبع الحلقة ( 6 من 8 )
#منذر_مصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ـ ( الشاي ليس بطيئاً ) 4- عَبَّاس وَالوَطواط في بَيروت ، وَر
...
-
الشاي ليس بطيئاً - 3-... حُلواً ومُرَّاً بِطَعمِ الصَّدَ
-
الشاي ليس بطيئاً - 2- هدايا البخيل
-
الشاي ليس بطيئاً ) 1- يَحسَبُني الدُّخانُ نافِذَة )
-
الشاي ليس بطيئاً ) بالمجان )
-
رامبو الأزعر بالعربية
-
( يوم التمديد 3/9/2004 - ( 2 من 2
-
هل إسلام تركيا... هو وحده طرفا المعادلة !
-
النص الكامل لمقابلتي مع عباس بيضون.
-
يوم التمديد 3/9/2004-( 1 من 2 )ـ
-
مهرجان ، مهرجون، مهرجنون !!
-
صاح الحشد : اقتلوه اقتلوه
-
أطول وأسوأ قصيدة في الشعر العربي الحديث ( 6 – الأخير ) – لمن
...
-
أطول وأسوأ قصيدة في الشعر العربي الحديث ( 5 ) – لمن العالم ؟
-
أطول وأسوأ قصيدة في الشعر العربي الحديث (4 ) - لمن العالم ؟
-
أطول وأَسوأ قصيدة في الشعر العربي الحديث ( 3 ) لِمن العالَم
...
-
أَطول وأَسوأ قصيدة في الشِّعر العربي الحديث: ( 2 ) - لِمَن ا
...
-
أطول وأسوأ قصيدة في الشعر العربي الحديث: ( 1 )
-
شيء ضاع مني
-
عُذراً محمود دَرويش: ليس بِمُكنسة بل بِمِكنَسَة
المزيد.....
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|