أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد ال ابو عيون - من نافذة امي














المزيد.....

من نافذة امي


احمد ال ابو عيون

الحوار المتمدن-العدد: 3423 - 2011 / 7 / 11 - 23:54
المحور: الادب والفن
    


من نافذة أمي

حيث ترقد أمي في أحدى مستشفيات الهند بسبب مرض السرطان، اطل من نافذة غرفتها على عالمين مختلفين، فيهما من البهجة والسرور، ما يشرح الصدر، ويشفي النفس، ويعالج الروح، وفيهما من الألم والحيرة ما يجعلك تتحول إلى وحش كاسر حيث تخرج من إنسانيتك .
حيث المشهد الأول وأنا انظر إلى العالم الخارجي من خلال زجاج النافذة، حيث الخضرة والأشجار الباسقة والحدائق المنسقة ذات الزهور بمختلف ألوانها وأصنافها وهي تبعث بعطرها في الصباح بشكل عجيب لا تتصوره، وفي فترة الظهيرة تتحول إلى ملعب في الهواء الطلق للعبة (الكريكت) المشهورة في الهند، فتعلوا صيحات الأولاد والمشجعين من حولهم ، أما حركة الناس والمارة فهي أشبه بيوم الحشر حيث يهرع الناس إلى أماكن عملهم في ساعة مبكرة من الصباح، ولا يعودون إلا في نهاية اليوم في عمل دءوب وإخلاص عجيب وخدمة وطاعة وهدوء واحترام لا يمكن أن تتصوره من أناس لهم عبادة خاصة وعقائد مختلفة كليا عن دين واعتقاد بلداننا وهذا كله على الأرض.
أما في السماء فهناك عجيبة من عجائب الهند التي تتجاوز السبعة حيث اطل من النافذة على عشرات الطائرات وهي تقف أو تسير ببطء شديد في السماء في طابور يشبه طابور استلام الحصة التموينية عندنا، تقف هذه الطائرات تنتظر دورها للهبوط في احد مدارج مطار (انديرا غاندي) حيث تقدم اغلبها من جهة المحيط الهندي أو أجواء أفغانستان أو إيران أو غيرها، وهذه الزحمة تدل على إن هناك رغبة كبيرة لدى سكان كثيرا من الدول لزيارة الهند وبالذات العاصمة دلهي لذلك تجد التعايش مع جنسيات وقوميات وأجناس وألوان من دول مختلفة مسالة جدا طبيعية وهذا كله لعالم خارج النافذة .
أما من داخل الغرفة حيث يقسم العالم إلى عالمان عالم المرضى (عراقيين ،أفغان ، هنود) وعالم الخدمة لأولئك المرضى (الطبيب ، الممرضون ، الإدارة ، التنظيف ، المترجم) مجموعة الطبيب والإدارة والممرضون والتنظيف هم نفس الأشخاص الذين يأتون في ساعة مبكرة من الصباح لخدمة الراقدين واحتياجاتهم ولا استطيع أن اصف الإنسانية التي يتعاملون بها مع المرضى ومن يرافقهم لأنها كحالة عملية واقعية بعيدة عن مثالياتنا التي نقراءها في الكتب ونشاهدها في مستشفياتنا وشوارعنا يوميا .
حيث يضطرك التعامل والخدمة المقدمة للمريض إلى الخجل من نفسك، فتبادر مسرعا إلى قضاء بعض حوائج المريض والتخفيف على الكادر وتتعامل معهم باحترام أكثر ولطف أكثر.
أما الصنف الأخير فهو الواسطة بين المريض وهذا العالم اللطيف، سواء في الخارج أو في داخل المستشفى ،ومن هذا الصنف تبدأ رحلة المعاناة وفي أي رحلة للهند تبدأ من المترجم وتنتهي عنده لأنة يملك مفاتيح الكلام والتفاهم، ورغم انك تملك حفنة من النقود لكنها لا تؤدي أي غرض لولا وسيلة اللغة والتفاهم مع الآخرين حيث يملكها هو ولكنه يقطرها عليك تقطيرا دقيقا قطرة قطرة يحول نفسه إلى ضرورة ويجعل من نفسه رب الأرباب وملك الملوك فيأخذك برحلة طويلة من المواعيد الكاذبة ويسرق وقتك ومالك كما ويسرق ويصادر أو يحاول أن يصادر خياراتك بعرضه لخيارات محددة في أي تعامل سواء في المستشفى أو في شراء أي شيء من الخارج.
أنها للأسف النسخة العراقية المصدرة للخارج بل انه النموذج الأسوأ المصدر للخارج حيث تكره التعامل مع عراقي بسبب هذه المشكلة وتقودك إلى عدة أسئلة محيرة عن تركيبتنا الاجتماعية وألاخلاقية والسياسية والدينية وتغلق عليك كل الأبواب والنوافذ إلا نافذة إلى السماء مفتوحة كنافذة غرفة أمي .



#احمد_ال_ابو_عيون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد ال ابو عيون - من نافذة امي