بيت الشيخ اصبح شاذا

مناف البصري

الحوار المتمدن-العدد: 3423 - 2011 / 7 / 11 - 19:34
المحور: ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس
    

بعد أن باع الشيخ أبو حسين منزله تأسف أهالي المنطقة كثيرا على فقدانه وعائلته ، وسكن المنزل عائلة صغيرة متكونة من 3 أفراد وبادر أهالي المنطقة كعادة العراقيين القديمة بتزويدهم بالحلويات و الطعام تعبيرا عن ترحابهم بالجيران الجدد ، وما أن مرت بضع أيام حتى بدأ أهالي المنطقة بالتساؤل عن تعدد الأشخاص الداخلين للمنزل ولكثرة المركبات التي تقف بالقرب منه وأكثر المواضيع المثيرة لدهشة الأهالي هو أشكال بعض الشباب المريبة وملابسهم الغريبة الأقرب لملابس النساء منها لملابس الرجال ، و بات هذا المنزل الموضوع الشاغل للمنطقة حتى توصلوا وبعد الاستفسار و المراقبة ان هذا المنزل ما هو إلا بيت للدعارة ولكن من نوع جديد غير مألوف في العراق بشكل خاص و منطقة الشرق الاوسط بشكل عام .. انه بيت لدعارة الشاذين جنسيا من الرجال.

ان هذا النوع من الدعارة بعيد كل البعد عن أعراف وتقاليد العراقيين والعرب بشكل عام والغريب في الأمر إن زبائن هذا المنزل كثيرون لدرجة تدعوا للاستغراب ، والمركبات الحديثة التي تتردد على المنزل تدل على ان اغلب الزبائن هم من الأغنياء فليس بإمكان الفقير دفع ما يقارب 150 ألف دينار لليلة واحدة من الشذوذ.

مالذي شد هؤلاء وجعلهم يشذون ويدفعون المال من اجل متعة شاذة ؟؟ .. ان المشكلة الرئيسية في ازدياد ظاهرة الشذوذ الجنسي هو الانغلاق الذي يعيشه العراق بشكل عام والبصرة خصوصا والذي ازداد بعد سقوط النظام السابق في العام 2003 وسيطرة الأحزاب الإسلامية والتي قام بعضها بتهديد وقتل من يعمل بالدعارة من (الغجر ) ما أدى إلى هجرتهم أما إلى خارج العراق أو إلى مناطق عراقية أخرى يأمنون فيها على أنفسهم ولممارسة عملهم ، و منع هؤلاء وتهجيرهم انشأ فراغا لدى بعض الشباب وجعلهم يشذون ويتوجهون الى بيت دعارة الشاذين سابق الذكر.

ومن المعروف إن المجتمعات المنغلقة والتي يصاحبها تشدد ديني يكون فيها الشذوذ الجنسي اكثر من غيره من المجتمعات نظرا لوجود الحواجز بين النساء و الرجال في الدراسة و العمل والمنطقة وحتى مع الاقارب وهذه الحواجز اخذت بالارتفاع يوما بعد يوم حيث عزلت البنات عن الأولاد في المدارس الابتدائية وهناك أفكار طرحت في الآونة الاخيرة لعزل النساء عن الرجال في الجامعات وهذا قد يساعد على زيادة هذا النوع من الشذوذ وذلك لالتجاء الذكور للتقرب من أمثالهم ممن اقتربت هيئتهم بطريقة او بأخرى من الإناث و كذلك تقرب النساء للنساء لاكفاء رغباتهم المكبوتة.

كما إن هناك سبب اجتماعي اخر للشذوذ الجنسي لدى الرجال وقد ظهرت نتائجه اليوم و ستظهر بزيادة ملحوظة في السنوات القادمة وهو فقدان الآباء وتربية الأولاد على يد النساء فقط ، وازدياد أعداد اليتامى جاء بسبب الحروب السابقة و موجات العنف والاغتيالات التي حدثت منذ سقوط النظام السابق قبل 8 أعوام ، ويعتبر فقدان الآباء عامل سلبي قد يسبب الشذوذ لدى الرجال فغالبا ما يشذ الفاقدين لآبائهم في عمر المراهقة وذلك بسبب فقدان القدوة التي تكسبهم الشخصية الذكورية البعيدة عن الشذوذ.

و يعتبر الثراء الفاحش والفقر المدقع سببا اخر من اسباب الشذوذ الجنسي فالغني يبدأ بالشذوذ بسبب الرفاهية المفرطة التي يعيشها والتي تجعله يرغب بتجربة كل شئ سواء برغبة او بدونها ، اما الفقراء فيصعب عليهم الزواج بسبب الحالة المادية السيئة فيلجأ للشذوذ الجنسي الذي قد لا يكلفه شيئا .

ان الحلول للتقليل من هذه الظاهرة التي تغتال مجتمعنا وتزداد بشكل ملحوظ في الاونة الاخيرة قد تبدو بسيطة ولكنها تتطلب وقت طويل وتكمن في تحقيق الامن للتقليل من فقدان الاباء مستقبلا و اعادة المدارس الابتدائية المختلطة ومنع فكرة عزل الرجال عن النساء في الجامعات لكسر الحواجز المتكونة بين الرجال و النساء ، ومن المهم تقليل الفوارق الطبقية بين المجتمع وزيادة دخل الفرد العراقي وتثقيف المجتمع عبر وسائل الاعلام المطبوعة و المسموعة و المرئية حول مضار هذه الظاهرة المجتمعية ، ومن الحلول المهمة توفير اماكن ترفيهية و اماكن خاصة لممارسة الانشطة الرياضة والتشجيع على ممارستها ، وقد تبدو الفكرة القادمة غريبة نوعا ما ولكنها واقعية حقا اذا ما أمعنا التفكير فيها وهي اعادة الغجر لمناطق خاصة لممارسة عملهم ومنحهم اجازة صحية والفحص الدوري للعاملات من الغجر ليذهب الراغبين بأشباع شهواتهم الى هذه المناطق بدلا من التفكير في الشذوذ .

ظاهرة ستبقى ولن تنتهي فهي موجودة منذ الازل ولكن لابد من محاولة التقليل منها وهذه هي مهمة الحكومة لمنع بيوت الدعارة للشاذين وتثقيف المواطن وتبديد الفوارق الطبقية وتعزيز الوضع الامني كل هذا سيسهم بشكل فعال في التقليل من الظاهرة لا إنهاءها تماما فهذا من المستحيلات .


مناف البصري

#مناف_البصري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات