|
حتى لاتمزق اللوحات
فليحة حسن
الحوار المتمدن-العدد: 3423 - 2011 / 7 / 11 - 14:11
المحور:
الادب والفن
تحت عنوان ( ثقافة الأطفال هي اللبنة الأولى في بناء صرح ثقافة المجتمع المتطور ) انعقد مؤتمر ثقافة الأطفال الأول في العاصمة بغداد من 2-3 / 8 / 2010 وقد شارك فيه العديد من الباحثين المهتمين بثقافة الطفل والمختصين بها و منهم الأساتذة زهير البياتي وكاظم سعد الدين وعبد الستار ياسين وطاهرة داخل وحسين علي هارف وشذى العاملي وعقيل مهدي وسليم الجزائري بينما تناوب على رئاسة المؤتمر في جلساته الثلاث الأساتذة فاضل ثامر وعبد الرزاق المطلبي وعلي الفواز،وقد تناول المؤتمر جوانب ثقافة الطفل المختلفة والمتمثلة بالمسرح المدرسي ومسرح الطفل والعاب الأطفال والطفل والتلفاز والنشاط المدرسي وثقافة ذوي الاحتياجات الخاصة والكتاب الموجه للطفل وغيرها من الموضوعات المهمة والتي تشكل أسس ثقافة الطفل وتدخل في تكوين شخصيته، وحين تناول احد الباحثين موضوعة الرسم وأهميته في حياة الأطفال وأكد على أهمية إشراك الأطفال في المعارض المدرسية ووجوب إعطاء درس الفنية أهمية خاصة قفزت الى ذاكرتي حادثة عشتها بعد التغيير وتحديداً في عام 2007 حين كنت مدعوة الى حضور احد المعارض التي أقامتها مديرية التربية في مدينتي وساهمت زميلتي مدرسة الفنية وطلاب بعض المدارس ومنهم مدرستي فيها ، فحين أتم السيد المسؤول الذي أقيم ذلك المعرض تحت رعايته مراسيم الافتتاح وغادرنا الى مقر عمله وهرعتْ الجموع من مدرسين ومدراء وطلاب مشاركين الى توديعه هو وحمايته التي احتلت كل ركن في المعرض، انتبهتُ الى أن يد إحدى الطالبات امتدتْ الى لوحة واقتلعتها من إطارها الكارتوني المحيط بها ومزقتها الى قطعتين وهي غاضبة، لم أتمالك نفسي وأنا أرى هذا المشهد بل أسرعت الى تلك الطالبة وبدأت اسألها عن سبب فعلتها تلك فأجابتْ وهي تشيح بوجهها عني( لوحتي ليست محتشمة) ، حينها لم انتبه هل أن هذه الطالبة كانت قد شاهدتْ ملامح وجهي التي ارتسم عليها الاستغراب أم إن عينيها بقيتْ مسمّرة على اللوحة الممزقة ، مددتُ يدي إليها وطلبتُ اللوحة وبدأتُ أتأملها بعد أن قرّبتُ النصفين الى بعضهما البعض فبدتْ لي لوحة لوجه مبتسم لطفلة صغيرة بشعر أشقر جميل ،اجل لوحة لم يظهر منها سوى الوجه والشعر فقط ، تركتْ الطالبة اللوحة بيدي وتوارتْ بين الطالبات الحاضرات فأخذتُ اللوحة وتوجهتُ بها الى زميلتي مدرسة الفنية التي تساءلتْ بعصبية عن َمنْ مزقها فرويتُ لها ما كنتُ قد رأيت فأكملتْ لي الأخيرة ما حصل لتلك الطالبة حيث أن السيد المسؤول كان لابد له وهو يطّلع على لوحات المعرض أن يسهم بإصدار بعض التعليقات على اللوحات المعروضة كلها أو بعضها لُيشعر من أقام المعرض أو ساهم فيه انه ممن يمتلكون ثقافة شاملة ويبين لهم إن فن الرسم طبعاً ليس ببعيد عن ثقافته وحين رأى لوحة الطفلة الشقراء علّق عليها قائلاً " لو انك رسمتها بحجاب ولم يظهرلنا شعرها لكانت أجمل وأحلى"، فسمعته الطالبة ، في صباح اليوم التالي ذهبتُ الى الصف الأول صف الطالبة الفنانة واستأذنتُ مدرسة المادة التي كانت تلقي الدرس وأخبرتُ الطالبات إن مديرية التربية قد اختارتْ لوحة زينب ( الطفلة الشقراء ) كأفضل لوحة ورشحتها للمشاركة في معارض أخرى وبعثتْ لها بهدية عبارة عن( سيت ألوان مائية وفرش ودفتر رسم من الحجم الكبير)، سلمتُ زينب الهدية المتواضعة تلك أمام الطالبات اللواتي صفقن لها فرحات والرائع في الأمر إن الموقف انطلى على زينب فلم تسأل عن كيفية الاختيار ومتى وقع وأين؟ ولم تسألِ ٍلمَ بعثوا هديتها بيدي ؟ فقط كادتْ أن تطير فرحاً عند استلامها والجميل في الأمر أيضاً إنني اشعر بشعور مماثل كلّما وقفتُ متأملة لتلك اللوحة المعلقة على جدران غرفتي والشريط الشفاف يربط ملامحها الجميلة ، من كل ما حكيتُ أريد أن أقول إذا كان من يولّونه مسؤولية رعاية الأنشطة الفنية والرسم لا يرضى أن تعرض في المعارض المدرسية غير لوحات محجبة فكيف سيبني الطفل شخصيته ويعبر عن أفكاره ويطور مهارته وهو من يعول عليه بناء مجتمع جديد ابرز ملامحه حرية التعبير ؟ وإذا كان الحال هكذا مع الرسم فكيف يتعامل المسؤولون مع الأنشطة الأخرى كالموسيقى والإنشاد ورقص البالية مثلاً وهي تعدّ من الأنشطة المدرسية أيضاً؟ ثم أليس الإنسان وكما يقول علم النفس يغني قبل أن يتكلم ويرسم قبل أن يكتب ويرقص قبل أن يمشي ؟ ملحوظة أمنيتي أن أجد من بين حاضري هذه المؤتمرات شخصيات مسؤولة في الدولة لكي يتعرفوا على الأسس التي تسهم في ثقافة الطفل العراقي ومن ثم يعملوا على اختيار أشخاصاً أكفاء قادرين على العمل في هذا المرفق الحيوي بدلا من اختيارهم لأشخاص لا تتقن غير إطلاق الكلمات العابرة غير المسؤولة التي تقتل في أطفالنا مواهبهم .
#فليحة_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رحيم الغالبي... لن اتذكرك ميتاً أبدا ً!
-
هل القراءة تحتضر.....؟
-
الشاعر والملك
-
المساواتية
-
حالة خاصة
-
الثقافة والمثاقفة
-
جغرافية النص ....أينها؟
-
المرأة والشعر
-
من يصنع من...؟
-
لماذا.... المابعد ؟
-
لاعالمية بالمصادفة ؛
-
لا كونية عند استيعاب الكون ؛
-
عنوانات
-
مهرجانات
-
الذاتية
-
انطباعية ام .....مرآة الناقد؟
-
نكتب نطبع نوزع
-
القصة القصيرة والنقد
-
رواية معاصرة
-
موت البطل
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|