أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - إنتاج لنفس البضاعة














المزيد.....

إنتاج لنفس البضاعة


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 3421 - 2011 / 7 / 9 - 17:54
المحور: الادب والفن
    


إنتاج لنفس البضاعة

قصة: نبيل عودة

ادعي المحامي أن موكله غير مذنب إطلاقا، وان الموضوع لا يتعدى نزاع عمل بين الدولة وموكله. وقال أن الدولة تريد لنفسها احتكار أنواع معينة من الأشغال، وهذا يتناقض مع قانون حق الإنسان باختيار مهنته ونوع عمله، وضمان ممارسته لعمله بحرية. من حق الدولة أن تجني حصتها من الأرباح عبر جهاز الضرائب، أما أن تتهم موكلي بممارسة نوع معين من العمل، تدعي انه وقفا عليها،مما يتناقض مع قانون حق الإنسان باختيار مهنته، ورغم ذلك، الدولة تنقض قوانينها وتقدم موكلي للمحاكمة الجنائية، هذا يا سعادة القاضي، تجاوز لكل الأعراف القانونية المشروعة، وللقوانين التي أقرتها الدولة نفسها.ولحقوق الإنسان كما يطرحها القانون، وأيضا حسب القانون الدولي.
كان القاضي، أثناء استماعه لمرافعة المحامي، يبتسم على غير عادته، رغم انه من القضاة العبوسين. عندما أنهى المحامي مرافعته سأله القاضي، والابتسامة تتسع لتمتد نحو أذنيه:
- هل أنهيت مرافعتك الرائعة؟ سأقترح أن تسجل مرافعتك في كتاب القانون القادم كأطرف مرافعة ألقيت في المحاكم. وربما تجد لك مكانا في كتاب جينيس كأغرب ادعاء قدم دفاعا عن متهم.
- هذا من لطفك سيدي القاضي. هل افهم أن موكلي بريء؟
- البراءة موضوع لا علاقة له بمرافعتك الرائعة.
- المرافعة رائعة..؟ ولا تضمن البراءة لهذا الإنسان الذي قضى عمره مخلصا لعمله، وكريما مع أهل بلده؟
- أعترف انه كان مخلصا لعمله، بل وبارعا فيه، لدرجة انه من الصعب كشف طرق وأساليب إنتاجه، ومعرفة المزيف من الصحيح..
- أخاف أن يكون سيدي القاضي يميل لقبول موقف الدولة كما طرحتها النيابة، فهي لم تثبت انه ارتكب جناية، كل ما هنالك انه قام بإنتاج بضاعة مشابهة منافسا الدولة في إنتاجها. هل هذا يختلف عن النزاع بين تاجرين أو أكثر يتاجرون بنفس المواد؟
- للدولة مسؤوليات السهر على حقوق المواطن يا أستاذ ، وصيانة الحقوق الجماعية والفردية، وصيانة أمنها واقتصادها من التلاعب ، وموكلك تجاوز الحد وعرض اقتصاد الدولة للخطر ، وهذه جريمة كبيرة .
- لا استطيع سيدي أن افهم كيف تحمي الدولة هنا حقوق موكلي ، لم يقتل، لم يسرق ، لم يرتكب جرائم جنسية، كل ما هنالك نافس الدولة بإنتاج مشابه؟ انه مجرد اختار عملا الدولة تدعي انه وقف عليها فقط، لأنها تريد تأمين احتكارها لهذا العمل. ولا ننسى سيدي أن هناك قانون ضد الاحتكار. وموكلي أصر على اختيار مجال عمله حسب روح القانون ونصه، لماذا تمنع الدولة هذا الحق من موكلي؟ هل تخاف أن تكسد بضاعتها ؟ وأن يقل الطلب عليها ؟ أعتقد أن موكلي لم يؤثر على نشاط الدولة المشابه، ولم يكن منافسا بحجم يرعب الدولة وهو مستعد لدفع كل مستحقات الضريبة والتأمين، ولكن الدولة ترفض وتصر على عقابه.. فلماذا تصر الدولة على تجريم موكلي ومنعة من ممارسة عمله ونشاطه الإنتاجي ؟
اتسعت ابتسامة القاضي، لدرجة يصعب تصديقها، أين اختفى عبوسه وكشرته وتصرفه الدائم بأنه ملحوق بالوقت. ترى ما الذي يجعله سعيدا مبتسما بل يكاد ينفجر بالضحك ؟ وقال للمحامي بلطافة لا تعرف عنه في جلسات محكمته:
- صدقني أني معجب بخطة دفاعك، عندما أتورط بقضية جنائية، سأوكلك للدفاع عني.
- ستحصل على أفضل خدمة دفاعية، وسأتجاهل انك لم تنصفني بالكثير من القضايا.
- حسنا الآن نعود لموضوعنا، أفهم أن موكلك يعترف بالذنب؟
- موكلي لا يعتبره ذنبا، والقانون ينص على حق النمسان في اختيار عمله بحرية، هذا من جهة، فكيف تفسر أن الدولة تريد تجريمه لأنه نافسها بإنتاج مشابه؟ هل منافسة الدولة في الإنتاج جريمة؟ .. أنا أرى انه ضمن قانون حق اختيار المهنة.
- ولكن الموضوع ليس مهنة، بل الاعتداء على حق للدولة بإدارة شؤون الاقتصاد والمجتمع ، وموكلك سبب فوضى مالية كبيرة ، واغرق السوق ، بأوراق مالية لا قيمة لها، مثيرا أزمة مالية خطيرة ، وبسببه كادت تعم الفوضى في المجتمع وينهار الاقتصاد؟
- فوضى وانهيار اقتصاد ، هذا ادعاء لم تثبته النيابة ولم تثبت صحته بأي حال .. ولم تدعيه الدولة، وعلى فرض أنها ادعت ذلك، هل كل ما تقوله الدولة هو الكتاب المقدس ؟
- عزيزي المحامي المتعلم ، كيف تفسر أن موكلك أنتج عملات مزورة وسوقها خلال سنوات طويلة، أليس هذه جناية ضد الدولة والمجتمع والتسبب بالفوضى في سوق الأوراق المالية ؟
- إطلاقا لا، انه إنتاج لنفس البضاعة، وهذا حق موكلي في اختيار مهنته!!
لسبب ما انفجر الحضور في قاعة المحكمة بضحك صاخب. عبس القاضي للحظة، وثم انفجر ضاحكا لا يقوى على التقاط أنفاسه.
[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عنصريون يشوهون حقائق النكبة الفلسطينية – حيفا نموذجا!!
- لذكرى الشاعر الفلسطيني الراحل والمبدع سميح صباغ
- جمال عبد الناصر والعدوان الثلاثي على مصر حسب يوميات بن غوريو ...
- الحرية لشاليط…والحرية لأسرى الشعب الفلسطيني
- نبيذ لعيد الزواج
- معسكر حربي يملك دولة
- العيش على الحراب- سياسة نتنياهو الرسمية
- -ارض الباسيفلورا الحزينة - تغزو -ارض البرتقال الحزين-
- بين دولة تطور العلوم ودول تشلها الهرطقة
- وجودنا في وطننا، ليس هبة من السلطة !!
- لقاء في الجامعة
- لا تدفنوه .. انه يتحرك..!
- خطاب نتنياهو: السلام أسير عقلية الغيتو الصهيونية
- نهاية الشرق الوسط القديم
- غور الأردن : صورة مصغرة من البوم الجرائم المتراكمة ضد الفلسط ...
- نهج سري للأحتلال في المناطق المحتلة عام 1967 حرم 140 الف فلس ...
- القضاء على المؤامرات بالمجازر ضد الشعب
- أي مستقبل للعالم العربي إذا ظهرت إسرائيل أخرى من ورائه اسمها ...
- قضية مشينة .. تفجرها دورية إسرائيلية جديدة !!
- بشارة الاتفاق على حل النزاع هو اللبنة الأولى للدولة الفلسطين ...


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - إنتاج لنفس البضاعة