أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد محمد غازي - رحـيل •• ولا عـودة - قصة قصيرة















المزيد.....

رحـيل •• ولا عـودة - قصة قصيرة


خالد محمد غازي

الحوار المتمدن-العدد: 1018 - 2004 / 11 / 15 - 08:22
المحور: الادب والفن
    


بدت هالة من الارهاق والشحوب علي وجهها وتركزت في عينيها وطلت تجاعيد خفيفة حول خديها •• قالت : معذرة لاقتحامي عزلتك دون موعد أو تمهيد •• لم أنم لعدة ليال بسببه•• لا أدري كيف عشت وهم علاقته•• لا لم يكن وهما أبدا •• كنت مجرد امرأة عابرة في طريقه •• انبهرت به ، وبأدائه المسرحي، إنه ممثل قدير، لم يتنصل من مهنته حتي في حياته الاجتماعية•
لا أخفي أني عشقته •• أثارني هذا المزاج الغريب والثورية التي يتحدث بها •• اليوم شاهدت خيانته بنفسي مع أخري تافهة يدعي أنه تزوجها منذ شهرين •• قرر فجأة أن يتزوجها ويقطع علاقته بي ، هل هي زوجته حقا ؟!
أنا صريحة معك •• لا أدري هل ألمي بسبب الغيرة ؟ أم بسبب اشتياقي له ، وإلي كلامه الحنون، ولمساته الساحرة •• أنا محتاجة إليك فعلا •
عند وصولها لشقته في تلك المنطقة النائية سألته وهي تدلف إلي الداخل : أأنت وحدك أم معك أحد ؟!
ألم تعد قادرا علي تحمل قبح الآخرين فعشت وحدك ؟!
( يارفيق أنت معي •• اكفني بكنفك الذي لايرام فقد تيقنت بك )
لم يكن يدرك " سعيد " أنها علي استعداد لقضاء تلك الامسية معه ، لكنه يدرك أنه منذ فتح لها باب شقته أنه سيسمع منها قصة قديمة أو حكايات مكررة ، ليس من حل لها سوي الانغماس في علاقة جديدة ربما تكون أكثر تأزما مما ستحكيه •
أوسع لها مكانا علي الاريكة الكبيرة في آخر الصالة ، وخلفها النافذة التي تجدد بهوائها إغلاق المكان•
أجهشت بالبكاء •• تصور أنني منذ أعوام لم أبك ربما منذ يوم وفاة والدي •• شيئا ما لم يدركه تحديدا في ملامحها ، كان يدعوه من الداخل للابتسام والضحك ، تظاهر بالجد ، وبترحيبه بها ضيفة •
(أنت أفضل من قصد ، وأجود من أعطي •• استحفظناك واستودعناك أنفسنا وكل شئ أعطيته لنا ، في كنفك لا أمان إلا بك ) •
ذهب إلي المطبخ واحضر زجاجتين عصير مقفلتين •• حين عاد وجدها مستلقية علي الاريكة ، خبأت وجهها بين يديها ، يبدو أنها تخفيه بسبب المساحيق التي ذابت واختلطت بملامح وجهها •• أفسحت له مكانا بجوارها ، لكنه لم يجلس •• فتح لها زجاجة العصير وقدمها لها ، أخذتها وهي تعتدل قليلا في استرخاءتها •حاولت أن تطبق علي يده لكن يده أفلتت منها ، جلس خلف المكتب الصغير الموجود بالصالة علي مقربة منها •
أعتذر عن إزعاجك يا" سعيد " لكنك تعلم أنك صديق عزيز ، صحيح أنني لم ألتق بك منذ ثلاثة أعوام ، لكني أعلم أنك لن تتردد عن مساعدتي ، والوقوف بجانبي ، وخاصة في هذا الموقف التعس الذي وضعت فيه •
ابتسم " سعيد " كأنه يساعدها علي البوح ، فتح زجاجة العصير الخاصة به ، وأخذ يرشفها وهو يواصل الابتسام ••
( ياخفي الالطاف نجني مما أخاف •• اشملني بخفي لطفك•• ملكني زمام نفسي حتي أقودها إلي حمي القرب منك )
لا أدري لم كل هذا العذاب الذي أصابني •• نعم الامر كان بيدي ، لكني لم أعد صغيرة لقد مررت بتجارب من قبل عنيفة ، لكن هذه الحكاية الصبيانية أرقتني ، أخرجت من حقيبة يدها سيجارة وأشعلتها ، وأخذت ترشف منها بعمق •
" سعيد " ألم تحب •• ألم تقع في حبائل تجربة مثل تجربتي ، لا تقل إن عاطفتك قد جفت بابتعادك عن العلاقات الاجتماعية ؟ أخبرني ياسعيد هل بامكاننا أن نعيش بدون عاطفة ••
( بيننا سد •• وليل مسود •• وجبل ممتد •• وطريقا لا يتعدي ) •
صمتت •• عادت للبكاء •• واصلت الحديث وصوتها متهدج " أنت تعلم أنني من إحدي المدن النائية - في عرف أهل العاصمة - وأعشق التمثيل منذ صغري •• أمي تتمني أن أصبح ممثلة مشهورة •• وعندما حضرت للقاهرة منذ عامين مع فريق التمثيل بالجامعة ، تعرفت عليه ، أعجب بأدائي المسرحي ، وتوطدت العلاقة بيننا•• كنت أحضر إليه خصيصا من مدينتي إلي القاهرة يوما كل أسبوع ، هذا اليوم بالنسبة لي يكون أجمل أيام الاسبوع ، بل أجمل أيام العمر •• نشرب •• نرقص ، نغني ، ؛كل شئ نفعله •• قال لي كثيرا إنه يحبني •
منذ أكثر من شهرين لم يتصل بي ، حضرت للعاصمة وجدته رحل عن شقته التي كنا نلتقي فيها •• تعجبت ، رجعت حزينة إلي مدينتي •• منذ أسبوع تمكنت من العثور علي رقم هاتفه الجديد ، وهاتفته ، رحب بي ، وقال إن ظروفا خاصة منعته عني •
اتفقنا علي اللقاء •• تزينت ، لبست ثيابا يشتهي رؤيتي بها ، التقيت به بعد انتهاء مسرحيته التي كان يشارك في عرضها ، خرجت معه امرأة تميل للسمرة قليلا ، قصيرة الشعر ، عرفني بها وقال أنها زوجته تزوجها منذ شهرين ، وقع الخبر علي كالصاعقة ، بعد قليل من وقفتنا •• جميع من حوله يبادلونه الابتسامات والضحكات قال لي : " تريدين أن نوصلك بسبارتنا إلي أي مكان ترغبيتن في طريقنا "••
( استترنا ببهاء نورك •• واستجرنا بسطوة جبروتك •• وبإعزاز عزتك استعذنا )
اعتذرت وغصت في أحزاني ••سرت في الطريق علي غير هدي •• ربما ساعة أو ساعتين أو أكثر •• تنبهت الوقت متأخرة من الليل ، لا أستطيع العودة إلي بلدتي في هذا الوقت •• إلي أين أذهب الآن لأبيت ليلتي ؟ هل أذهب إلي فندق ؟ لم أذهب إلي فندق وحدي في حياتي ؟
وجدت رقم هاتفك في دفتري •• طلبتك •• لا أحد يرد •• لا أدري لماذا قادتني قدماي إلي شقتك ؟
( خابت الرمية عندما استعذنا بك من تقلب القلوب ، وزيغ الهوي ، وممن حشد فعقد ، ورمي فقصد )
لا أدري لماذا انصرف عني ؟ هل هو يكذب ؟ هل هي زوجته حقا ؟ هل مل مني ••؟ أنت القادر يا " سعيد " علي مساعدتي •• ما سر تعاليك ؟ ما سر تفوقك ؟ أجبني !
( بمكنون السر استجرنا •• وبسرادقات سرك استترنا من عواصف الريح )
أغلقت النافذة التي خلفها •• كان مصغيا لكل ما تقول •• سمعها بتفهم ووعي •• أخذ زجاجتي العصير الفارغتين ، ودخل إلي المطبخ ، وجد بعض الاشياء في حالة فوضي أخذ يرتبها ، وبعض فنجاين الشاي والقهوة غسلها ••مر بعض الوقت •• دخل لم يجدها ، وجد ثيابها •• كنزتها •• تنورتها •• جورابها علي الاريكة التي كانت تجلس عليها •• تقدم خطوتين ، نظر الي الداخل ، وجدها مندسة في فراشه•• سحب االباب برفق •• وقرر أن يبيت ليلته علي الاريكة التي كانت تجلس عليها •
ــــــــ
كاتب وصحافي مصري - رئيس تحرير وكالة الصحافة العربية



#خالد_محمد_غازي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نساء نوبل


المزيد.....




- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد محمد غازي - رحـيل •• ولا عـودة - قصة قصيرة