أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حامد الحمداني - ما أشبه اليوم بالبارحة















المزيد.....

ما أشبه اليوم بالبارحة


حامد الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 1018 - 2004 / 11 / 15 - 08:16
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


لم تكد تفشل محاولة الشواف الانقلابية في الموصل في 8 آذار 1959، وتسيطر قوات الجيش وجماهير الشعب الوطنية على المدينة ، حتى توارت القوى الرجعية خوفاً ورعباً ، وخلال أيام قلائل عاد الهدوء والنظام إلى المدينة ، وشعر أبناء الموصل لأول مرة بالثورة تدخل مدينتهم ، بصورة حقيقية . فلم يكن قد حدث حتى وقوع محاولة الشواف الانقلابية ، أي تغيير جوهري على أوضاع الموصل ، وبقيت العوائل الرجعية ، المرتبطة مصالحها بالنظام السابق ، تحكم الموصل من خلال الأجهزة الإدارية ، وهي وإن كانت قد ركنت إلى الانكفاء بعد الثورة ، لكنها عاودت نشاطها ضد الثورة ، مستغلة الجهاز الأمني والإداري الذي لم يطرأ عليه أي تغير ، والذي كانت تحتل فيه جميع المراكز الحساسة العناصر الرجعية، وبشكل خاص جهاز الأمن الذي أنشأه ورعاه المحتلون البريطانيون.
وعلى أثر حدوث التصدع في جبهة الاتحاد الوطني ، وإبعاد عبد السلام عارف عن مسؤولياته في قيادة الثورة ، عاودت تلك القوى نشاطها التآمري ، مرتدية رداء القومية العربية ، وتحت راية الرئيس عبد الناصر ، التي كانت حتى الأمس القريب ، من أشد أعدائه ، ووضعت نفسها تحت تصرف العقيد الشواف ، الطامح إلى السلطة ، والمتآمر على الثورة وقيادتها .
غير أن انكفاء الرجعية بعد فشل حركة الشواف لم يدم طويلاً بسبب سياسة عبد الكريم قاسم الخاطئة، الذي قلب ظهر المجن لتلك القوى التي حمت الثورة ، ودافعت عنها ، وقدمت التضحيات الجسام من أجل صيانتها ، والحفاظ على مكتسباتها ،وفي المقابل مارس عبد الكريم قاسم سياسة [ عفا الله عما سلف !!] تجاه قوى الردة التي كانت تتربص بالثورة وقيادتها والتي وجدت أن الظروف قد أصبحت مهيأة لممارسة نشاطها التخريبي من جديد .
لقد بادر عبد الكريم قاسم باعتقال أولئك الذين تصدوا لانقلاب الشواف ، مضحين بدمائهم من أجل حماية الثورة ،ودفاعاً عن قيادته هو بالذات ، وأحالهم إلى المجالس العرفية ، وحرض الأهالي على التقدم بالشهادة ضدهم ، عبر مكبرات الصوت المنصوبة على السيارات العسكرية ، والتي كانت تطوف شوارع الموصل ، وتم الحكم على معظمهم بأحكام قاسية وصلت حتى الإعدام . ومن جهة أخرى ، أقدم عبد الكريم قاسم على إلغاء المقاومة الشعبية ، حرس الثورة الأمين، وأجرى تغييرات واسعة في أجهزة الدولة ، أبعد بموجبها كل العناصر الوطنية الصادقة ، والمخلصة للثورة ، وأعاد جميع الذين أُبعدوا على أثر فشل حركة الشواف الانقلابية ، إلى مراكزهم السابقة .وهكذا عاودت الرجعية ، نشاطها المحموم ، مستغلة مواقف عبد الكريم قاسم من القوى الوطنية ، الذين كان لهم الدور الأساسي في إخماد تمرد الشواف . وبادرت تلك العوائل ، تتلمس أفضل السبل للتخلص من العناصر الوطنية، والديمقراطية ، المؤيدة للثورة ووجدت ضالتها في عمليات الاغتيال البشعة التي ذهب ضحيتها المئات من أبناء الموصل البررة ، وأجبرت تلك الحملة الإجرامية عشرات الألوف من العوائل على الهجرة الاضطرارية من المدينة إلى بغداد ، وبقية المدن الأخرى ، مضحية بأملاكها ، وأعمالها ،ووظائفها من أجل النجاة من تلك الحملة المجرمة .
كان المجرمون القتلة يتجولون بأسلحتهم دون خوف من عقاب ، متربصين بالأبرياء ، ليسددوا رصاصاتهم الجبانة إليهم في وضح النهار حيث سقط جراء تلك الأعمال الإجرامية أكثر من 1000 مواطن من الوطنيين الشرفاء ،وكانت الأجهزة الأمنية تتغاضى عن أولئك القتلة المعروفين تماماً من أبناء الموصل ، وكانت تكتفى فقد بإلقاء القبض على جثة القتيل ، وقد استهدف القتلة حياتي مرتين ونجوت بإعجوبة من الاغتيال بمساعدة أحد الأصدقاء الطييبين وهو حي يرزق ويعيش في السويد ،وتمكنت من الخروج من الموصل ، ونقلت عملي إلى محافظة السليمانية في أواخر عام 1960.
واستمرت أعمال القتلة البعثيين وحلفائهم من دعاة القومية المزيفين تتصاعد في الموصل وفي العديد من المدن الأخرى يوماً بعد يوم حتى وقوع انقلاب 8 شباط 1963 .
وكانت قيادات عصابات القتلة تجتمع في أحد البيوت خارج الموصل [ حاوي الكنيسة ] لوضع الخطط وتحديد الأسماء المرشحة للاغتيال ويجري تسليم الأسماء ومحل سكناهم ومقر أعمالهم للعصابات المنفذة للقتل ، وتوسعت أعمال القتل لتشمل إي مواطن لقاء 50 ديناراً لا غير ، أو مجرد وشاية من أحد ، أو بغية الحصول على المال أو الوظيفة أو محل العمل أو دار السكن للشخص المستهدف .
هكذا كانت خطط أولئك البعثيين الذين استهدفوا إضعاف السلطة وتهيئة الظروف المناسبة للإجهاز عليها فيما بعد .
ما أشبه اليوم بالبارحة !! فالعفالقة من أيتام النظام الصدامي اليوم قد لبسوا الجبة والعمامة وتحت العمامة قد حملوا رشاشات الكلاشنكوف والصواريخ والمتفجرات والأحزمة الناسفة ، بل لقد طوروا من أساليب جرائمهم باستخدام السيارات المفخخة وزراعة العبوات الناسفة ليوقعوا أكبر قدر من التخريب والتدمير وقتل الأبرياء بالجملة .
لقد ازداد حقدهم على الشعب أضعافاً مضاعفة بعد أن فقدوا فردوسهم الذي عاشوا في ظله 35 عاماً يتمتعون بهبات وعطايا دكتاتور العراق صدام أبن ابيه على حساب بؤس وعذابات وشقاء الغالبية العظمى من الشعب العراقي الذبيح .
أنهم اليوم قد أصبحوا أكثر استكلاباً من أجل استعادة السلطة ، ويخطئ من يظن أن في الإمكان إعادة هؤلاء إلى جادة الصواب كي يصبحوا مواطنين صالحين !!! .
لقد كان التغاضي عن هذه الزمرة الشرير بعد إسقاط النظام الصدامي مباشرة أحد أكبر الأخطاء التي ارُتكبت ، والتي يدفع اليوم شعبنا بسببها ثمناً غالياً حيث حولت عصابات القتلة حياة شعبنا إلى جحيم.
لقد توارت القوى البعثية وحلفائها من مدعي الإسلام من أعوان بن لادن والسلفيين الغارقين في جهلهم وجرائمهم بحق الإنسانية عن الأنظار لدى سقوط النظام ، وعندما وجدت نفسها في مأمن من الملاحقة والعقاب جراء الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب والوطن بدأت تكشّر عن أنيابها المتعطشة للدماء من جديد ، وكان لترك قوات الاحتلال المعسكرات ومخازن الأسلحة دون حراسة أن مكّنَ هؤلاء القتلة للحصول على مختلف أنواع الأسلحة الفتاكة والتي يستخدمونها اليوم في تفخيخ السيارات وزراعة المتفجرات على جونب الطرق لتزهق المزيد والمزيد من أرواح المواطنين الأبرياء .
وتحولت الفلوجة إلى قلعة الإرهاب التي تنطلق منها تلك العصابات لتعيث في الوطن تقتيلاً وتدميراً ،وأصبحت الموصل وبعقوبة والرمادي وسامراء وتكريت وبيجي مرتعاً لجرائم الإرهابيين .
إن الأنباء الواردة من الموصل تشير إلى تنامي النشاط الإرهابي لعصابة البعث وحلفائه اللادنيين وغلاة السلفية فيها والتي بدأت تتجول بكل حرية في الشوارع والطرقات حاملين مختلف أنواع الأسلحة ومهاجمة مراكز الشرطة التي تمكنت من إحراقها، وتواري أفراد الشرطة عن الأنظار .
ومما يثير القلق ما صرح به نائب محافظ الموصل حيث أعلن أن أغلب أفراد الشرطة هم من تلك العناصر المرتبطة بوشائج مع تلك العصابات ، وقد طالب بحل قوات الشرطة في الموصل وإعادة بناء جهاز جديد بعد تمحيص وتدقيق صارمين قبل قبول المتقدمين للإنخراط في صفوف جهاز الشرطة والتأكد بكونهم لا يرتبطون مع عصابات القتلة وحزبهم الأجرب بأية وشيجة .
وعلى حكومة السيد علاوي أن تدرك أن أيتام النظام الصدامي لا يمكن الثقة بهم والاطمئنان إلى نواياهم أبداً وان تسللهم إلى الأجهزة الأمنية من جيش وشرطة ومخابرات ينطوي على مخاطر جسيمة تهدد مصير ومستقبل العراق وشعبه ، فلا رحمة بالقتلة والمجرمين ، ولا ثقة ولا أمان بأيتام الطاغية الجلاد صدام .



#حامد_الحمداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لمحات من تاريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الثام ...
- لمحات من تأريخ حركة التحرر الكوردية في العراق البعثيون يغدرو ...
- لمحات من تاريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الساد ...
- ثلاثة مقابل كل واحد من الشهداء ياسيادة رئيس الوزراء
- لمحات من تاريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الخام ...
- مقتل أفراد الجيش الخمسين جريمة كبرى لن تمر دون عقاب
- أين برامج الأحزاب التي ستتوجه للانتخابات بموجبها ؟
- لمحات من تأريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الراب ...
- لمحات من حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الثالثة
- الدكتور سلمان شمسة ، رحيل قبل الأوان ـ قصيدة رثاء
- موقف أمريكا بمجلس الأمن يصب في خانة تشجيع الإرهاب
- لمحات من تأريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الثان ...
- لمحات من تأريخ حركة التحرر الكوردية في العراق ـ الحلقة الأول ...
- الإرهاب الفكري مدرسة لتخريج القتلة والمخربين
- الإرهاب خطر جسيم يهدد العالم أجمع ولا حياد في التعامل معه
- الحزم هو السبيل الوحيد لمجابهة الإرهابيين ولا ديمقراطية لأعد ...
- القوى الديمقراطية في العالم العربي والموقف من الأزمة العراقي ...
- مبروك لوزارة التربية ،مدير تربية البصرة يربي لنا جيلاً ديمقر ...
- الرضوخ لمطالب الإرهابيين يشكل ضرراً بالغاً لأمن العراق وشعبه
- مقطوعة شعرية لن أحيد


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حامد الحمداني - ما أشبه اليوم بالبارحة