أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل جمعة - أرتجلُ الحب














المزيد.....

أرتجلُ الحب


أمل جمعة
(Amal Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 3418 - 2011 / 7 / 6 - 15:31
المحور: الادب والفن
    


أرتجلُ الحب، هكذا، كحلم طفلٍ بقطعة حلوى بحجم بيته، وأرتجلُ النهاية بذهن محاربٍ شهم مسحَ مدينة الأعداء بسيفه وحنّ على زهرة بنفسجية تكاد تبزغُ، بكى لوحدتها، انحنى يقبل أوراقها بروح متعبد.

أرتجلُ الحب، كريماً وفائضاً كدعوة مقهور. كحليب مرضعة أسكتت الحربُ صراخ رضيعها وضايقها دفء الحليب الذي يأبى التخثر، يسيل مخترقاً عيون الأعداء والأصدقاء وذوي القربى والمساكين وعقيمات لم يحْبّلّنَ إلا للضرورة، وقت النعاس وقبل النوم وفي إيماءات الحلم.

أرتجلُ الحب حزيناً وخاطفاً كسيدة فارقها الصبا والزوج في ذات اللحظة، فسرقت رسائل المراهقات من صناديق البريد وحولتها لنفسها. كطعم الفرح الكاذب الذي اجتاح بيتها تلك السيدة الستينية بفارق لحظات قصيرة قبل أن يلقوا بولدها البكر في باحة المنزل مقتولاً وغارقا ًبدمه، كان الفرح لهاتف في الظهيرة. قالت صاحبته: أزف لك البشرى لقد رأيته عريساً الليلة فردت مفتونة ومصدقة: وأنا كذلك".

أرتجلُ الحب، مقصوصاً مثل خيبة عروس جاء عريسها بالموعد تماماً ولكنها تعثرت وسقطت وهي تقف لاستقباله فوق الطاولة الضيقة، لم تكسر ساقها كما خشيت فوجئت بأنها سليمة تماماً، لكن غادرها الفرح فقد رمقت في عيون صبية صمت مريب لم تستطع تفسيره حتى الآن.

أرتجل الحب،كاملاً وبهياً وفائضاً وزائداً عن حاجتي أكدسه فوق الرفوف وفي قعر الخزائن وفي طيات ثوبي وأدسه خلسة في حقيبة صديقتي وفي زهرية الورد وعلى نوافذ المدارس المسيجة بإحكام وأنثره في الطرقات، ألقيه مثل الياسمين المبعثر مساءً في حديقتي ،وتماماً عندما أوشك على الصراخ والاعتراف بنخز شوكة القلب تدوسني شاحنة مسرعة محملة بشتائم وسباب سائقها ،فأرتجل الصمت المذهول شكراً لأنني لا زلت أسمع سبابه ولازلت أحيا.

أرتجلُ الحب، بأخطاء نحوية فادحة ولغة دارجة ومعنى مبحوح قاله ألف قيس لألف ليلى ، بخجل مراهقة غير محظوظة، قابلها من تمنت وقد تشوه وجهها ببثور طارئة/ خافت نقيصة جمالها وقبل أن يهمس دارت على أعقابها بعكس رغبة القلب/ تحس دهشته تخترق ظهرها وترى في ظلها المتسارع خطواته المرتبكة تذهب بعيداً،تتحسس رسالته فوق قلبها ، تنظر لها للمرة الأخيرة قبل أن ترى فُتاتَها يتطاير في الهواء وتدوسه الأقدام.

أرتجلُ الحب مختصراً كوجبة عامل أعزب، فالوقت قليل لا يصلح للحنين ،ولا تكفي الساعة الأخيرة لمحكوم بالإعدام ليتذكر كم مر سريعاً دون أن ينتبه لحفيف ثوب كان يلامس ظلّه على الأرض ويمتزج معه ويرسم له شكلا أخر ‘ولكن لا وقت لديه ليتمهل في الذكريات ويرتشفها قطرة قطرة، لا وقت لدية للندم أو الاعتذار/ فهو محكوم أيضاً بإلحاح الذاكرة وسطوتها واختصاراتها المدوية في زمنه القليل.

أرتجل الحب، خائباً منذ البداية ومرهوناً بوردٍ مؤجل "أجلت الصبية وردها للعام القادم "فالمطر قليل وبخيل وكذا العشاق كسالى ومرهقون،لا وقت لديهم ليزرعوا الدرب بالتنهدات كما ظنّت،ولا صبر لديهم لتخلع عنها ما تكدس من وجع الانتظار، لم تذبل عيونهم على المنعطفات بتردد أول الهوى وبحسم شوكة القلب النافرة كدقة طبل.
ارتجلُ الحب، بسوء ظن متوارث، كلمّا حَكت الريبة ذهن الصبية جَفل القلب،تقف بيأس عروس البحر وترتجل رقصتها الأخيرة حافية، دامية القدمين كزهور حمراء انتشرت بخجل بين أعشاب فقيرة على تله صحراوية ناجت الربيع باخضرارٍ مسروق.
أرتجل وأرتجل وأرتجل،يضحك المتفرجون يفيض المسرح بسخريتهم وقهقهاتهم، ينسلون لاهثين لا يتذكر أحدهم أن يرمي بوردة أو قبعة أو... ستؤجل الصبية وردها للعام القادم وترتجل أغنية لانتظارها.
آذار
2010



#أمل_جمعة (هاشتاغ)       Amal_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كأنها قلادة من الماس
- إعتزال
- سِر الغَجرية
- تلك الأشياء الصغيرة
- الذي لا يأتي
- ندم الخميس
- الطائرة ألقت بكومة رسائلي
- نص - مملكة اليمامات
- الخوف


المزيد.....




- قبل إيطاليا بقرون.. الفوكاتشا تقليد خبز قديم يعود لبلاد الهل ...
- ميركل: بوتين يجيد اللغة الألمانية أكثر مما أجيد أنا الروسية ...
- حفل توقيع جماعي لكتاب بصريين
- عبجي : ألبوم -كارنيه دي فوياج- رحلة موسيقية مستوحاة من أسفار ...
- قصص البطولة والمقاومة: شعراء ومحاربون من برقة في مواجهة الاح ...
- الخبز في كشمير.. إرث طهوي يُعيد صياغة هوية منطقة متنازع عليه ...
- تعرف على مصطلحات السينما المختلفة في -مراجعات ريتا-
- مكتبة متنقلة تجوب شوارع الموصل العراقية للتشجيع على القراءة ...
- دونيتسك تحتضن مسابقة -جمال دونباس-2024- (صور)
- وفاة الروائية البريطانية باربرا تايلور برادفورد عن 91 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل جمعة - أرتجلُ الحب