عبدالكريم هداد
(Abdulkarim Hadad)
الحوار المتمدن-العدد: 3417 - 2011 / 7 / 5 - 15:27
المحور:
الادب والفن
وما إن اشتدتْ أعواد اجسادنا ، سبقنا بلهفة دروب المراهقة يقظين، وقد لمسنا حلم الوطن، بما يشبه لذة الأطفال، وأقرب الى رقصة الجنون، حينها كانت أغنيتهم تسابق الضجيج العالي، بعلو مكبرات الصوت، وهي تتكرر عبر إذاعة بعث العفالقة، فرحة منتشية بتلويثها الأثير، وهي تتأطر بفكرة إلغاء الآخر وآراءه " ماهو منه يا شعبنا، ولاله مسكن ويهلنه، ولا حلال اعليه ميْ دجلة وفرات، المايشد حزامه ويشدة حزمنا..!".
ومع يفاعة العمر، كان سيل الدم العراقي يشتدّ في رؤية الوضوح بما هو قادم، والشوارع بدأ إحتلالها بيافطات التبريك والتهاني للحزب الواحد الأحد، مبشرة بصعود سلطة دموية لا تمثل إلا فكرها الفاشي، كانت الأغنية تزمجر مهلهلة مبتهجة مع الإصرار" اشراع صار النا البعث، واحنه السفينة..!".
وعندما لوّحَ " قائد الضرورة" من شرفات القصر الجمهوري بنصره في إستلام السلطة، كان لنا أن نختارالموقف الأخلاقي مع شرفاء كلمة الحق وأصدقائنا المغييبين ومعارفنا المختفين، وهو مسار إنساني نمارسه بوعي ودراية، لكن أغنيتهم وحدها كانت تهتف لمن كان يليق بهم " صفن يالبيض اشهود النه، صدام حسين يلوگ النا..!".
وحين بدأ الخراب المبرمج والبطش العلني، الذي أحرق أخضرالبلاد ومقدراتها، في حرب تعنوَنتْ بإسم الطاغية وحده، كانت أغنيتهم تلوك جثث شبيبتنا بطعم بارود البوابة الشرقية "هيه ياسعد يا جدنا، يالرايتك من عدنا..!".
ومابين حزن الأمهات والحبيبات والطفولة والمزارع والمصانع والمدارس ورفات المقابر والسجون والمنافي وأقبية التعذيب، كانت حفلات الردح التي تقودها هلوسة الإرتزاق " العزيز انت، إنت..!" لتزيد في بيانها مرادفة بالصوت ذاته " بين الشعب وبينك، عهد وشفته بعينك.... وكل مصباح بشارة والله، تلاله ويجبينك والله..! "
يالها من أغنيات..! ولدت تحت خيمة الفاشية، فكانت نخسة في حضرة سلطان جائر.إغنيات كانت شاتمة وكارهة وحاقدة على كل من لم ينزوِ تحت لواء سلطانهم وحزبه الفاشي. أغنيات مبجلة ومبسملة بإسمِ والي نعمتهم وقاتل أمة ووطن، مازال حتى الحين صغاره ينشدون بها حباً..!.
#عبدالكريم_هداد (هاشتاغ)
Abdulkarim_Hadad#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟