أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد القادر أنيس - هل في الإسلام مواطنة: قراءة في فكر راشد الغنوشي 5















المزيد.....

هل في الإسلام مواطنة: قراءة في فكر راشد الغنوشي 5


عبد القادر أنيس

الحوار المتمدن-العدد: 3416 - 2011 / 7 / 4 - 23:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذه قراءة في النقطة الثامنة في مقالة المفكر الإسلامي التونسي راشد الغنوشي (الإسلام والمواطنة):
http://www.ghannoushi.net/index.php?option=com_content&view=article&id=417:mouatana&catid=25:fikr&Itemid=2
يقو في هذه النقطة ((ولأن معظم مجالات التدبير لإدارة شؤون الناس هي من أمور الدنيا التي أهّل الله العقل الإنساني لاكتشاف سننها وبالخصوص إذا هو اهتدى بأنوار الوحي، فلا ضير على المسلمين إذن أن "يقتبسوا" من كل التجارب البشرية ما أثّلته من خبراتها مما هو نافع ويصلح لأن يجسد جانبا أو أكثر من مقاصد شريعتنا في العدل والحرية والمساواة وحفظ الأديان والأنفس والعقول والأعراض والأموال، بما يستبقي مجالات تبادل التأثر والتأثير مفتوحة على مصارعها مع كل الحضارات..)).
في هذه النقطة لا يتريث الغنوشي كثيرا ليبدأ استغفالنا بكلام معسول يبدو في الظاهر حصيفا متفتحا معقولا رغم ما فيه من خلل. فهو ما أن يقول: ((ولأن معظم مجالات التدبير لإدارة شؤون الناس هي من أمور الدنيا التي أهّل الله العقل الإنساني لاكتشاف سننها))، حتى يتراجع عنه ليؤكد ((وبالخصوص إذا هو اهتدى بأنوار الوحي)).
هكذا هم الإسلاميون، لا بد أن يغرزوا مسمار جحا في كل قضية عصرية يتناولونها حتى يتمكنوا في أية لحظة من التراجع عن الوعود والمواثيق والعودة إلى فرض موروثهم الديني حينما تحين الفرصة، مثلما يفعلون بحق الرجعة الظالم تجاه المرأة.
حكاية مسمار جحا عندنا في الجزائر مفادها أن جحا كان من عادته الماكرة أن يبيع منزلا ثم يسترده بطريقة يختلط فيها الذكاء مع الحيلة مع الخداع، ومنذ البداية كان جحا يبيّت لخداع الشاري واسترجاع المنزل منه بثمن بخس. كان جحا يلجأ إلى التنازل خلال المساومة حول السعر حد الإغراء، ولكنه يشترط فقط عدم المساس بمسمار غرزه في أحد الجدران داخل البيت كما يشترط أن يبقى حرا في التصرف بهذا المسمار متى شاء وكيفما شاء ليعلق عليه ما شاء. بالإضافة إلى هذا الشرط كان جحا يشترط أيضا على الشاري، إذا أراد بيع المنزل أن يكون جحا هو المخول الوحيد بالشراء. الشاري الساذج المخدوع بسعر المنزل المغري يعتبر المسألة هينة. مسمار؟ ولو، ماذا بوسع جحا أن يعلق عليه؟ ثم لماذا أبيع المنزل؟ وأين سأذهب؟ وهكذا يقع الشاري ضحية خدعة جحا.
كان جحا يحرص كل الحرص على إشهاد الشهود وخاصة ما تعلق في حقه في مسماره. وبعد أن يستقر الشاري في البيت يأتيه جحا حاملا جيفة ثعلب يريد تعليقها على المسمار. يحتج الشاري، لكن الاتفاق هو الاتفاق، ومن العار خيانة الكلمة والعهد أمام الناس. ويعلق جحا الجيفة ويحرص على ألا يتم إخراجها. ويصبر أهل البيت حتى تجف وتزول الروائح الكريهة، ولكن جحا يباغتهم مرة ومرة بجيف أخرى ليضطرهم إلى التخلي له عن المنزل بأبخس الأثمان.
طبعا القصة شعبية، وهي لا تلتزم بكل شروط المنطق كما هي عادة القصص الشعبية. ومع ذلك فهي مناسبة تماما لتكون عبرة لنا تجاه خدع الإسلاميين.
فقبولنا لهم كشركاء محترمين في اللعبة الديمقراطية مع القبول بشروطهم المسمارية ((وبالخصوص إذا هو اهتدى بأنوار الوحي))، وهي شروط تتخذ أشكالا مختلفة مثل (دولة مدنية ديمقراطية في إطار المبادئ الإسلامية) ومثل (الإسلام دين الدولة) ومثل (الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد للتشريع)، وحتى لو وافقوا بعلمنة الدولة دون علمنة التعليم والتربية وقوانين الأحوال الشخصية وغيرها، فقبولنا ساذج ومحفوف بكل أنواع المخاطر، لأنه سيكون من السهل على الإسلاميين أن يُفعّلوا، كما قال الغنوشي، هذه المسامير التي يبدو بعضها في الظاهر بسيطا مثل (في إطار المبادئ الإسلامية كما رأينا في مقال سابق حول تصريح البرادعي وفكر منصف المرزوقي وهو يتنازل تنازلا خطيرا لا يليق بعلماني بقوله: ))ولا مجال لمنع تدريس التربية الإسلامية في مناهجنا وهي جزء من تراثنا الثقافي وهويتنا...)).
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=263371
وبينما يقول الغنوشي كلاما واضحا لا لبس فيه: ((أن الإسلاميين لا يحتاجون للقيام بانقلابات على الدول القائمة لتحويلها إلى دول إسلامية، وإنما يحتاجون إلى تفعيل دساتير هذه الدول والتي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد أو الرئيسي للتشريع.)).
http://www.ghannoushi.net/index.php?option=com_content&view=article&id=99:aslamat-alduwal-bitaf3eel-aldasateer&catid=1:dialouge&Itemid=3
ومع ذلك فوصفي لقول الغنوشي ((ولأن معظم مجالات التدبير لإدارة شؤون الناس هي من أمور الدنيا التي أهّل الله العقل الإنساني لاكتشاف سننها)) بأنه كلام معسول يبدو في الظاهر حصيفا متفتحا معقولا، هو الآخر تنازل مني لا يليق ولهذا قلت (في الظاهر). فهل إن ((معظم مجالات التدبير لإدارة شؤون الناس هي من أمور الدنيا التي أهّل الله العقل الإنساني لاكتشاف سننها)). تاريخ الإنسان لا يقول هذا ولا يقبله. عقل الإنسان تطور عبر ملايين السنين شبر شبر، خطوة خطوة، زنقة زنقة، كما يقول القذافي. هو تطور بطيء ومرير وقاس ووحشي ومليء بالمآسي والخيبات والضياع والدماء والدموع وليس بين أيدينا دليل واحد على أن قوة غيبية تدخلت في مكان ما وزمان ما لتمد يد العون لهذا الكائن الشقي. ولم يأت العقل ولا التطور كهبة إلهية دفعة واحدة كما تتصور نظرية الخلق الآدمية. ولم يعد عالم محترم يصدق هذه الحكاية. ولهذا فالسماح بتدريس التربية الإسلامية في مدارسنا التي تحرص على حشو أدمغة ناشئتنا بهذه الحكاية في الحصة الأولى ثم ينتقل الصبي إلى الحصة الثانية مع مادة العلوم الطبيعية فيدرس تطور الحياة على الأرض ونظرية التطور ثم ينتقل إلى مادة الجغرافيا فيدرس الأحقاب الجيولوجيا وعمر الأرض ثم ينتقل إلى مادة التاريخ فيدرس تاريخ المجتمعات البشرية وهي تخوض غمار الحياة من التوحش إلى التمكن ثم ينتقل إلى مادة الفيزياء فيدرس أن المادة لا تفنى ولا تخلق من عدم، كل هذا لا بد أن يصيب عقول أبنائنا في الصميم، خاصة مع غياب الفكر النقدي لدى معلمينا وعجزهم التام عن إضفاء شيء من التفلسف على هذه المواد.
الله إذن لم يؤهل العقل الإنساني لاكتشاف سننها كما يقول الغنوشي. وكيف يكون ذلك، بينما حتى التعاليم التي وردت في الكتب المقدسة المنسوبة إليه متهافتة رغم أنها صادرة عن عقل لا حدود لحكمته وعدله ورحمته كما يزعمون؟
يعود الغنوشي في هذه الفقرة إلى الحيلة نفسها ليسترجع باليسرى ما قدمه باليمنى. يقول: ((فلا ضير على المسلمين إذن أن "يقتبسوا" من كل التجارب البشرية ما أثّلته من خبراتها مما هو نافع ويصلح لأن يجسد جانبا أو أكثر من مقاصد شريعتنا في العدل والحرية والمساواة وحفظ الأديان والأنفس والعقول والأعراض والأموال، بما يستبقي مجالات تبادل التأثر والتأثير مفتوحة على مصارعها مع كل الحضارات)).
في الظاهر يبدو الغنوشي وهو يقول: ((فلا ضير على المسلمين إذن أن "يقتبسوا" من كل التجارب البشرية ما أثّلته من خبراتها مما هو نافع))، مفكرا متفتحا على العصر، مستعدا للأخذ والعطاء، ولكنه عندما يضيف ((ويصلح لأن يجسد جانبا أو أكثر من مقاصد شريعتنا في العدل والحرية والمساواة وحفظ الأديان والأنفس والعقول والأعراض والأموال، بما يستبقي مجالات تبادل التأثر والتأثير مفتوحة على مصارعها مع كل الحضارات))؛ إنما يفعل ما فعل جحا وهو يغرز مسماره في الحائط بينما يغرس الغنوشي مسماره في الدولة والحياة السياسية. فإذا كان ما نأخذ من الغير يصلح لأن يجسد جانبا أو أكثر من مقاصد شريعتنا في العدل والحرية والمساواة وحفظ الأديان والأنفس والعقول والأعراض والأموال، فلماذا لا نفعّل، كما يقول،هذا الجانب دون الحاجة إلى الاقتباس؟ بل لماذا لم نقم بهذا التفعيل من قبل ولا نتريث حتى نكون في حاجة إلى هذا الاقتباس لو كان في شريعتنا من (العدل والحرية والمساواة وحفظ الأديان والأنفس والعقول والأعراض والأموال) ما هو جدير بأن نخضع التجارب المقتبسة له؟
وطبعا يستحيل التوفيق بين هذا المطلب الإسلامي القروسطي (حفظ الأديان والأنفس والعقول والأعراض والأموال) وبين مطالب حقوق الإنسان الحديثة. وحتى في هذا الكلام لا يخفى على القارئ النبيه ما فيه من غش وخداع. الصياغة الإسلامية المعهودة تأتي دائما في المفرد (حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال)، فلماذا جاء بها الغنوشي في الجمع؟ المقصود بالجمع في رأيي هو الدين وجمعه أديان، والهدف هو إيهام الناس بأن دولته الإسلامية تقبل التعايش مع الأديان الأخرى غير الإسلام وتحترم أهلها وتحفظها. لكن، ألا ينص الإسلام على أن (الدين عند الله الإسلام)، وأن محمدا آخر النبيين، وأن لا دين بعده صحيح؟ فلماذا يخرج الغنوشي عما هو معلوم من دينه، لولا أن الحرب خدعة وأنه يجوز له ولغيره من الإسلاميين أن يحتالوا ويخدعوا مادام ذلك هدفه (غاية شريفة سامية) عزيزة عليهم: الدولة الإسلامية، وبعدها تعود حليمة إلى عادتها القديمة؟
ماذا يعني اليوم حفظ الدين مثلا بينما حقوق الإنسان التي صادقت عليها الأمم المتحدة تحمي حقوق الإنسان في الاعتقاد، وتعطيها الأولوية على حقوق الدين إذا كان فيها ما يمس بأهلية الإنسان وكرامته وحقه في ((في ممارسة حرية الفكر والاعتقاد والدين وكذلك كل الحرية في تغيير دينه ومعتقده وله حرية التعبير عن دينه ومعتقده إما بشكل فردي أو ضمن جماعات علناً أو بشكل غير علني وممارسة الدعوة والعبادة والطقوس والشعائر. ...))
http://www1.umn.edu/humanrts/arabic/SGreligion.html
وهي حقوق يتحفظ عليها الإسلاميون كما تتحفظ عليها حكوماتنا الاستبدادية.
يتبع



#عبد_القادر_أنيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل في الإسلام مواطنة؟ قراءة في فكر راشد الغنوشي
- راشد الغنوشي هل في الإسلام مواطنة؟ 3
- راشد الغنوشي: هل في الإسلام مواطنة 2
- قراءة في فكر راشد الغنوشي: هل في الإسلام مواطنة
- العلمانية مفهوم للترك أم للتبني؟ 2
- العلمانية: مفهوم للترك أم للتبني؟
- انتفاضة الشباب في الجزائر من وجهة نظر لبرالية ويساري
- قراءة (2) في مقال ((الماركسية والتنوير المزيف)) لوليد مهدي
- قراءة في مقال ((الماركسية ُ والتنويرُ المزيفُ)) لوليد مهدي
- قراءة في مقال -الحزب الديمقراطي الاشتراكي الإسلامي هو الحل- ...
- قراءة في مانيفستو المسلم المعاصر لجمال البنا (تابع)
- قراءة في -مانيفستو المسلم المعاصر- لجمال البنا.
- هل تصح المقارنة بين الشريعة الإسلامية وتجارب البشر؟
- هل طبقت الشريعة الإسلامية في حياة المسلمين ماضيا وحاضرا؟
- حول صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان
- حوار الطرشان بين الفيلسوف ورجل الدين
- تطبيق الشريعة يعني مزيدا من الاستبداد والتخلف؟
- مفاضلة بين أخلاق العلمانية وأخلاق الإسلام
- حوار مع القرضاوي 16: العلمانية والعبادة
- حوار مع القرضاوي15: العلمانية والعقدية (تتمة)


المزيد.....




- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد القادر أنيس - هل في الإسلام مواطنة: قراءة في فكر راشد الغنوشي 5