أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جواد البشيتي - معالي الوزير.. سعادة النائب!















المزيد.....


معالي الوزير.. سعادة النائب!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3416 - 2011 / 7 / 4 - 11:48
المحور: كتابات ساخرة
    


لماذا (وكيف) جاءت (وتألَّفت) هذه الحكومة؟ ولماذا ذهبت تلك؟ لماذا عَرَفَت هذه الحكومة تعديلاً وزارياً (واسعاً أو ضيِّقاً)؟ ولماذا أخَذَت الأعمار السياسية للحكومات عندنا (ومجالسها النيابية) تَقْصُر؟

إنَّها غيض من فيض من الأسئلة والتساؤلات التي إجاباتها تشغل أذهان المواطنين الأردنيين الذين، في النهار، يتَّخِذون أجسادهم موائد لولائم أفراحهم، وفي الليل، يَشْرَبون دماءهم ترفيهاً.

لكن، هل تلك الأسئلة والتساؤلات من جِنْسٍ "سياسي"؟ وإذا كانت من هذا الجِنْس، فهل من إجابات سياسية عنها؟

لي هذا السؤال، ولكم الجواب؛ لكنَّني أودُّ أنْ أقول (موضِحاً) إنَّني لم أكتب هذه المقالة إلاَّ بعدما تأكَّدتُ أنَّ موضوعها ليس بسياسيٍّ إلاَّ من حيث الشكل، فإنَّ من المَسْخِ للسياسة أنْ تُفْهَم الحكومات عندنا، مجيئاً وذهاباً، على أنَّها أمْرٌ من أُمور السياسة.

ولم أكتبها إلاَّ بعدما سَمِعْتُ "كرسيِّ الوزير" يَرْفَع عقيرته بالشكوى؛ فوالله لقد هَزُلَت؛ ولا اعتراض على مشيئة الله إذ مَسَخَ بعض المواطنين "وزراء".

لا تأسفوا على حكومة رحلت، ولا تتفاءلوا خيراً بحكومة قدمت، فليس من قانون سياسي يَحْكُم تأليف وحل الحكومات عندنا؛ وكأنَّ الفصل بين "الحكومة" و"السياسة" أصبح لتأليف الحكومات وحلها مبدأً.

المأساة، الكامنة في تلك المهزلة، هي أنَّ المستوزِر عندنا (والذي هو وِزْرٌ على الوطن والشعب) يَنْظُر إلى منصب الوزير على أنَّه الغاية التي تبرِّر الوسيلة، والتي من أجلها يهون كل شيء، وأي شيء، فليس بأمرٍ ذي أهمية، بحسب موازينه، أن يُنْقَش على جبين شاغل هذا المنصب عبارة "لا يملك من أمره شيئاً"، وكأنَّه العانس التي استبدَّ بها الشعور بآلام العنوس، فسعت إلى زواجٍ ولو جعلها كالمستجير من الرمضاء بالنار!

العيب، والحقُّ يقال، ليس في الوزير، أو المستوزِر، وإنَّما في "الكرسي الوزاري"؛ فهذا الكرسي، المصنوع بخواص لا سياسية، هو الذي يصنع صاحبه، أي الجالس عليه، على مثاله.

إنَّ "النفوذ"، في معناه الذي تستكرهه "الروح القيادية"، هو الكامن في دوافع وحوافز المستوزِر عندنا، فجُلُّ ما يطمح إليه، ويطمع فيه، هذا المستوزِر إنَّما هو الخروج من الظلمات إلى النور الإعلامي، والسياحة التي تلبس لبوس المهمات الرسمية، والاستمتاع برؤية الناس يحجُّون إليه، مستجدين كرمه، ومستدعين نعمه، والتمتُّع بامتيازات المنصب، واغتنام فرصه، فما نفع الوزارة الزائلة إذا لم تَعُدْ عليه بما ينفعه غداً، أي بعد انتقالها الحتمي منه إلى عضو آخر من أعضاء "المجتمع الوزاري" الواسع، فالمنصب الوزاري كالعملة يتداولها أبناء هذا المجتمع من المواطنين غير العاديين، المختلفين في الوجوه وملامحها فحسب؛ ولا يدوم من هذا المنصب إلاَّ قَصْرٌ، تزدان واجهته بعبارة الفساد الشائعة.. عبارة "هذا من فضل ربِّي"؛ فلقد "أَنْجَز" هذا الوزير، مع سائر زملائه، من الفشل والإخفاق، ومن سوء الإدارة والأداء، ما يكفي لعودته غانماً آمِناً؛ كيف لا وقد ارتضى لنفسه أنْ يكون "آخر من يَعْلَم" ولو في مرتبة "وزير"؟!

ما أسهل أنْ تصبح وزيراً؛ لكن ما أصعب أنْ تكون قائداً، فالنفوذ القيادي يختلف نوعياً عن النفوذ الوزاري، فالقائد لا يمكنه أبداً أنْ يعطي ما يعطيه الوزير؛ لأنَّه فاقِدٌ له؛ والوزير لا يمكنه أبداً أن يعطي ما يعطيه القائد؛ لأنَّه فاقِدٌ له؛ وشتَّان ما بين من يَعْظُم بالمكان ومن يَعْظُم به المكان!

إذا كان "الوزير" عندنا جُمْلَة من الصفات الشخصية غير المستحبَّة، وينبغي لنا التطهُّر منها، فإنني أقول إنَّ الإنسان لا يُوْلَد "وزيراً"، بل يصبح "وزيراً"؛ ويا ليت الوزير عندنا يملك من الجرأة (الأدبية) ما يكفيه شَرَّ تزوير الحقيقة، فيُجيب، في صِدْقٍ وموضوعيةٍ، عن سؤال "كيف أصبح وزيراً؟"؛ ففي الحياة السياسية للمجتمعات والشعوب، لا بد من تمييز "القيادة" من "السلطة"؛ فالقيادة شيء والسلطة شيء؛ والتاريخ لا يجامل أحداً، فلا يفتح بابه على مصراعيه إلاَّ للذين أحرزوا من "التفوُّق القيادي" ما حمله على منحهم يراعه حتى يكتبوا به سطوراً في صفحاته.

وإنَّ صعوبة أنْ يكون المرء قائداً تاريخياً في العالم السياسي الواقعي، وفي هذا الزمن على وجه الخصوص، هي ما تحضُّ محبِّي وعشَّاق السلطة، والذي لا يملكون شيئا من الطاقة الفكرية والسياسية (والشخصية) للقيادة، على "التمثيل السينمائي"، وكأنَّ تمثيلهم، غير المُتقَن، لدور "البطل المطلق"، أي البطل في كل شيء، يمكن أنْ يجعل الناس ينظرون إليهم على أنَّهم قادة!

إنَّهم كالكواكب في مغيب الشمس، يلمعون ويتألقون؛ وفي حضورها يُظلِمون ويأفلون. وقد نظر أبو العلاء المعري في لمعان وتألُّق هذا الصنف من الساسة، الذي لا مثيل له إلا الصنف الجديد من المطربين العرب، كمثل هيفاء وهبي، والذي ما كان ممكنا أنْ يظهر وينتشر في وجود أساطين الغناء العربي، فقال: "يسوسون الأمور بغير عقل فيُنْفذ أمرهم فيقال ساسة"!

الحُكْم، يا معشر وزراء "الباب الدَّوار"، قيادة، وتكليف لا تشريف، وزُهْدٌ عن متاع الغرور، وجهاد يومي في سبيل كبح جماح النفس الأمَّارة بالسوء، ومنصبٌ لا يشغله إلاَّ الثري فكراً، ويغني شاغله عن المال، ويكف عن كونه طريقاً إلى الثراء الفاحش من طريق سرقة ونهب المال العام، ليغدو طريقاً إلى إفقار صاحبه إنْ تولاَّه غنياً، لا طريقاً إلى إغنائه إنْ تولاَّه فقيراً.

نحن ما عاد لدينا، والحمد لله، قيادات تطمع بالتاريخ، أي بدخوله، فتزهد عن "متاع الغرور"، وتسعى في أن تقود وتحكم بما يجعلها من ذوي المجد.

ويكفي أن تعاني قياداتنا ما تعانيه من فقرٍ قيادي حتى يشتد لديها الميل إلى أن تقود وتحكم بما يجعلها من ذوي الثروات الطائلة، التي من الفساد تتَّخِذ لها طريقاً وسبيلاً.

أمَّا إذا تطرَّفْنا في العقلانية والواقعية والموضوعية في النَّظَر إلى الأمور، وغَسَلْنا عقولنا من الأوهام الإيديولوجية والدستورية والقانونية والسياسية، وأرَدْنا، من ثمَّ، تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية، ووصفها بأوصافها الحقيقية، فلا بدَّ لنا، عندئذٍ، من أنْ نَسْتَنْتِج من تجارب الوزارات والوزراء، والمجالس النيابية والنواب، أنْ لا وجود لـ "الدولة"، بمفهومها (وبواقعها) العالمي، عندنا.

وفي قضية الكازينو، والتي فيها، وبها، نرى الوزارة والنيابة على حقيقتهما العارية من كل وهم، تكلَّم بعض النواب من المعسكر المنتصر للحكومة عن "الأكثرية" و"الأقلية" النيابيتين، وكأنَّهم في "حزب لينيني"، فدعوا إلى خضوع "الأقلية" لـ "الأكثرية"؛ فَعَنْ أيِّ "أكثرية" يتكلَّمون؟!

"التمثيل النيابي"، في خلاصته الرَّقمية والرياضية، إنَّما هو "مجلس نواب انتخبه نحو نصف مليون مواطن لا غير"؛ فلقد خُضْنا الانتخابات النيابية، أي انتخاب ممثِّلي الأمَّة أو الشعب أو المجتمع، في طريقة انتخابية، أنْتَجَت مجلس نواب جديد، بـ "قوَّة اقتراع" مقدارها، أو حجمها، نحو نصف مليون مُقْتَرِع لا غير!

بـ "معيار الأرقام والنِسَب"، ليس هذا المجلس بمجلس يملك من الصفة التمثيلية ما يجعله ممثِّلاً للأمَّة أو الشعب أو المجتمع، أو غالبية الناخبين، أو غالبية الناخبين المسجَّلين، أو غالبية المقترعين. إنَّه، بحسب هذا المعيار، يُمثِّل فحسب "الأقليَّة من المقترعين (نحو 40 في المئة من المقترعين)"!

إنَّ نحو 60 في المئة من المقترعين غير ممثَّلين في مجلس النواب ولو بنائب واحد؛ أمَّا الأقليَّة منهم (نحو 40 في المئة من المقترعين) فلها من النواب نحو 104 نواب!

"الأكثرية النيابية" التي تحدَّثوا عنها إنَّما هي "الأقلية"، لجهة وزنها التمثيلي، بوجهيه "العددي" و"السياسي".

وحتى تصبح "النيابة" و"خدمة الشعب" أمرين يصعب تمييز أحدهما من الآخر، لا بدَّ من النأي بهذا المنصب العام وشاغله عن كل امتياز يَجْعَل "النيابة" سنداً للنفس الأمَّارة بالسوء، وطريقاً إلى الانفصال، وإلى مزيدٍ من الانفصال، بين النائب والشعب، فالقانون يجب أن يجعل النائب كالجندي المحامي عن الوطن، أي يَحْمِل "روحه" على راحته، وكالعامل أو الموظَّف الصغير، لا ينال من الأجر والمكافأة إلاَّ ما يكفي لجعل "النيابة" طريقاً إلى فقره إذا ما كان غنياً، وإلى بقائه على فقره إذا ما كان فقيراً، فكل ما يُغْري ضعاف النفوس بـ "النيابة" يجب أن يُنْزَع منها، فلا يسعى لها إلاَّ كل من وطَّن نفسه على "الخدمة المجَّانية" للشعب.

ولا ريب في أنَّ كثيراً من النوَّاب والمرشَّحين النيابيين سيزهدون عن هذا المنصب العام إذا ما تأكَّدوا أنَّه أصبح منصباً مُفْقِراً لصاحبه، متعِباً ومرهِقاً له.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في القرآن.. لا وجود لفكرة -الخلق من العدم-!
- هذه هي خُطَّة بشار للبقاء!
- هذا المسخ والتشويه ل -مادية- المادة!
- هذا التشويه لحقيقة الثورات العربية!
- الفصل بين -الرأسمال- و-الصحافة-!
- -الاقتصاد السياسي الإسلامي-.. حديث خرافة!
- -حزب الله-.. هل اختار أنْ يشارِك بشار مصيره؟!
- -حُرِّيَّة الإرادة- بين -الدِّين- و-العِلْم-!
- هكذا تكلَّم الرئيس بشار!
- في الحركة والسكون
- ميثولوجيا عربية تسمَّى -الإصلاح-!
- المشتبهات في حرِّيتنا الإعلامية!
- في فلسفة -الراتب-!
- الأُمَّة بصفة كونها -مَصْدَر السلطات-!
- سورية.. حتى لا يتحوَّل -الربيع- إلى -خريف-!
- -الاقتصاد السياسي- للإعلام!*
- جبريل يقود -الفرقة الرابعة- في مخيم اليرموك!
- ما معنى -أيلول- المقبل؟
- معنى ما حَدَثَ في الجولان!
- -إصلاح- يسمَّى -إحياء عصر الجواري-!


المزيد.....




- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جواد البشيتي - معالي الوزير.. سعادة النائب!