أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - العصابات المسلحة غير موجودة، و-الحوار- خدعة!















المزيد.....

العصابات المسلحة غير موجودة، و-الحوار- خدعة!


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3415 - 2011 / 7 / 3 - 17:08
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


النقطة التي يبدو أن المتكلمين باسم النظام السوري يركزون عليها اليوم هي أن العمليات العسكرية والأمنية موجهة ضد عصابات مسلحة منظمة منتشرة في البلاد. تحولت هذه النقطة إلى حجر الأساس في السردية الرسمية الموجهة للداخل المحلي، وأكثر منه للخارج الدولي. لكن هذا غير صحيح. ليس هناك عصابات مسلحة منظمة في سورية. والعمليات الأمنية والعسكرية توجهت أولا وأساسا ضد متظاهرين سلميين. ومن اعتقلوا وتعرضوا للتعذيب، ومن هم في السجون الآن، هم متظاهرون سلميون، يطالبون بالحرية. ولم يحصل أن خرجت أية مظاهرة سلمية دون أن يتعرض المشاركون فيها للاعتقال والضرب والإهانات، وللتعذيب في المقرات الأمنية.
قد نلاحظ أنه منذ أكثر من شهر توقف الكلام الحكومي عن إمارات سلفية مسلحة. ربما تبدى لصناعة التلفيق الرسمية أن إمارات سلفية لا تصدر بيانا واحدا، أو يطلق أمراءها تصريحا ما، أو تنشئ موقعا على شبكة الانترنت، أو تبلغ "رعاياها" بما تريد بصورة ما، هي أمر يصعب ابتلاعه. مع ذلك تصر متكلمة من ذوي القرب على ترداد هذه السيرة لمنابر أميركية: "هناك مجموعة منظمة هي على الأغلب من المتطرفين الدينيين الذين ينفّذون عمليات الاغتيال والقتل". أكثر السوريين على علم بوجود "مجموعة منظمة"، تنفذ "عمليات الاغتيال والقتل"، و"مآثرها" موثقة بصورة تضع جرائمها فوق كل ريب. ورغم أن هذه المجموعة متطرفة جدا، إلا أنه يصعب، "على الأغلب"، اعتبارها من "المتطرفين الدينيين". الواقع أن كلام السيدة إلى "سكاي نيوز" الأميركية يصلح لإثبات لوجود مجموعات مسلحة متطرفة دينيا بقدر ما تصلح حكايات الأطفال برهانا على وجود البعبع والعفريت. ولها الوظيفة نفسها أيضا: تخويف السامعين من عالم غريب شرير لا يزيده خفاءه إلا شرا وغرابة. هو نفسه العالم الذي لا يكف عن التأمر عليـ"نا"!
أما حين يجري الكلام بالعربية، فصارت تسقط منه كلمتا السلفية والإمارات، لتبقى جماعات مسلحة غير متعينة، ولا ملامح لها من أي نوع. جماعات تمارس التخريب العبثي دونما سبب، وتندرج في مؤامرة لا تُعرف أطرافها أو القوى المحركة لها، وليس لها قضية أو دعوة تتجاوز القتل العشوائي للمدنيين والعسكريين. والمريب أنها تنشط في المناطق التي تشهد احتجاجات سلمية نشطة، وتتجنب بصورة مريبة أكثر "المسيرات الشعبية العفوية" التي ينظمها النظام. وهي فوق هذا كله كبيرة الحجم وقوية، تتصيد عناصر الأمن وقوى الجيش بالعشرات والمئات بكل سهولة.
على أن هناك عنصرا غير مختلق تماما في سردية الجماعات المسلحة. حصل في غير حالة أن دافع عن أنفسهم بالسلاح أناس غاضبون مما تعرضت له بلداتهم وأسرهم بالذات. وحصلت غير حالة من انشقاق مراتب متوسطة ودنيا في الجيش ونشبت مواجهات بالسلاح بين الطرفين. لكن هذه ليست جماعات مسلحة منظمة. ولم يجر تلفيق هذه السردية إلا للخلط بينها وبين النشاط الاحتجاجي السلمي الذي هو "النبأ العظيم" من سورية منذ 15 أسبوعا. لطيف أن السيدة نفسها استطاعت القول لمحطة سي إن إن الأميركية إن "هناك الكثير من التلفيقات عن قوات الأمن". يصعب إهانة مئات ألوف السوريين أكثر مما بكلام كهذا يبدو مدافعا عن الإنصاف!
لكن ألا يبدو هذا الانشغال بقضية الجماعات المسلحة متأخرا عن وقته؟ وهل من جدوى للرد على إعلام قائم جوهريا على احتقار الشعب وعبادة النظام؟ أو على متكلمين رسميين لا قضية لهم ولا مبدأ؟ إنه لمن نكد الدنيا على المرء أن يجد نفسه مضطرا لتفنيد أقوال جهة لم تتهيب الكذب يوما. لكن لا بد مما ليس منه بد.
نفعل ذلك لأن هذه السردية الكاذبة تحظى بحياة متجددة في الآونة الأخيرة. في حديثها نفسه لسي إن إن الأميركية، قالت السيدة المتكلمة: "عندما يكون لديك مناخ من العنف تقع أضرار جانبية، لكننا نأمل أن نكون قادرين على عزل أي جماعة مسلحة أو عنيفة من خلال الإسراع في إجراء الحوار الوطني، والعمل معاً والمجتمع الدولي للتغلب على هذه المشكلة الكبيرة». نضرب صفحا عن أن بين الآثار الجانبية فوق 1650 من الضحايا المدنيين، ونحو 15 ألف من اللاجئين في تركيا ولبنان، فضلا عن عشرات الألوف ممن مروا بتجربة اعتقال، وتعرض أكثرهم لتعذيب متطرف في قسوته. لكن كيف لا نلاحظ هذا الكلام الغريب عن "العمل معا والمجتمع الدولي" في مواجهة "المشكلة الكبيرة"، أي الجماعات المسلحة؟ ما يثير الريبة ليس التطلع إلى الشراكة مع مجتمع دولي، لطالما وصف بأنه متآمر، بل عطف هذه الشراكة على "الحوار الوطني" و"عزل الجماعات المسلحة".
تبدو هذه عناصر استراتيجية جديدة من قبل النظام، تجمع بين ممارسة العنف ضد الانتفاضة بذريعة الجماعات المسلحة، مع إطلاق "حوار" في الداخل، وخطب ود "المجتمع الدولي". ويبدو أن أطرافا فاعلة في "المجتمع الدولي"، الأميركيين بالخصوص، على استعداد لشراء هذه الاستراتيجية الجديدة. سارعت متكلمة باسم الخارجية الأميركية إلى وصف اجتماع مستقلين في فندق سميراميس في دمشق، في 27 من الشهر المنقضي، بأنه "حدث مهم"، وثنى على ذلك متكلم فرنسي بكلام مشابه. نذكر الاجتماع، الذي يبدو أن عقده في مكان نخبوي ودعوة وسائل الإعلام المتاحة لتغطيته، يصنعان منها "حدثا مهما"، جاهزا للاندراج ضمن هذه الاستراتيجية الجديدة.
لندع جانبا منطق التخوين. هذا إفساد للنقاش حول اجتماع هو مبادرة سياسية ويتعين أن يقيم بوصفه كذلك. وكمبادرة سياسية، يبدو أن الاجتماع لبى حاجة النظام إلى إعطاء انطباع، إلى "المجتمع الدولي" أولا، بأنه منفتح على "المسيرة نحو الديمقراطية" (بلغة المتكلمة إياها)، وأن المشاركة في اجتماعات مثله عنصر في هذه "المسيرة" المزعومة، ما يتضمن نفي اللامشاركة والانتفاضة إلى عالم التطرف والسلبية. وفي المحصلة، تتحول اجتماعات من هذا الصنف، وبصرف النظر عن نيات المشاركين وأقوالهم، إلى ورقة بيد النظام للضغط على الانتفاضة، بدل أن تكون ورقة بيد الانتفاضة للضغط على النظام. ويبدو واضحا الآن، بعد يومين من الاجتماع، أنه كان عنصرا في ديناميكية سياسية وإعلامية أعادت النظام إلى مركز الحدث على حساب الانتفاضة. من هذا الباب يمكن القول إنه في المحصلة كان مبادرة فرعية، حسمت من حساب المبادرة السورية الكبرى، الانتفاضة، ولم تضف إليه.
وإنما على المبادرة الكبرى يُعوّل من أجل تغيير سورية. هذا يتجاوز جذريا "إصلاحات" النظام ومناوراته، ولا يتدنى عن تغييره، أشخاصا وعقلية وقواعد عمل. هنا الوضوح، وهنا الرحابة، وهنا "جراثيم" حياة فكرية وأخلاقية متجددة.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مجلة رواق الشباب
- طور ثان من أطوار الأزمة الوطنية السورية؟
- بصدد بعض خصائص الانتفاضة السورية
- مكونان مدني وأهلي في الانتفاضة السورية
- ثلاثة أشهر على الانتفاضة... أية آفاق؟
- ما هي نقطة التحول السياسي في سورية اليوم؟
- حوار في الشأن السوري...
- في شأن الانتفاضة السورية وسياستها
- المسألة السورية والمستقبل
- المحنة السورية التي طال أمدها...
- في نقد السؤال عن البديل في سورية
- ثورة ضد الإقطاعيين الجدد
- العودة إلى الوراء ممتنعة، التقدم إلى الأمام صعب، لكن لا بد م ...
- في بعض أصول الأزمة الوطنية السورية الراهنة
- الديمقراطية أو البريرية؟ لا بديل آخر
- حوار: اللي يجرب المجرب...!
- سجين دمشق
- الانتفاضة الشعبية وإعادة بناء النظام السياسي في سورية
- أزمة وطنية يمكنها أن تكون فرصة تجدد وطني
- حوار عن سورية


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - العصابات المسلحة غير موجودة، و-الحوار- خدعة!