أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - شرفة تطل على جهات أربع-قصة قصيرة















المزيد.....

شرفة تطل على جهات أربع-قصة قصيرة


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3413 - 2011 / 7 / 1 - 10:57
المحور: الادب والفن
    



رضيت رغم وضعي القلق و احتمالاتي المفتوحة على البؤس أن أدفع خمسة آلاف أخرى إضافة للسعر العادي المعلن و المعلق بخط عريض على الحائط وراء ظهر صاحب الفندق قاسي الوجه وكئيب الملامح ، ذلك أن الغرفة الواسعة وذات الموقع الفعال الذي يهيمن على مديات إبصار شاسعة من جهات أربع تبرر قبولي بهذا السعر الباهض وقبولي بالمعلومه التي أسرّها لي بواب العمارة بأن لا أزعج صاحبة الشرفة المقابلة لي من جهة الشمال و أن أتحمل خبث جاري في الغرفة المجاورة لغرفتي من جهة الجنوب لأن تلك صديقة صاحب العمارة وذاك أحد مروجي بضاعته في السوق، وعلى ذلك علي ان أكون حذرا، ولا بد من وصفٍ دقيقٍِ لكي أقنع من يريد لومي بأنني على حق إذ لا يتوفر هذا الموقع بعشرات العمارات الممتدة على طول الشارع فغرفتي ذات الشرفة الأنيقة على شكل حرف ( أل) الإنكليزي ذراعه الطويل إلى جهة الجنوب وذراعه القصير إلى جهة الغرب وتقابل شرفتي من جهة الشرق شرفة طويله مليئة في جهتيها بأكداس من البضاعة البائرة يتخللها باب صغير أما من جهة الجنوب فتلاصق شرفتي شرفة جاري الأصلع و الدميم صنيعة صاحب العمارة والذي لا يتواجد صباحا و أغلب تواجده ليلا و من جهة الشمال تطل على شرفة المرأة الفاتنه و النصَف التي تتكلم بلكنة لم أميزها لكنها لكنة شمالية تشي ببرد وثلوج و التي حذروني من إزعاجها لعلاقتها الحميمة بصاحب العمارة وهي مشغولة دائما بأصص زهورها وحاويات الرمل التي ينبثق منها ذلك العشب الأخضر الطري، أما من جهة الغرب فتلتوي شرفتي لتلاصق شرفة الشقة التي لا أثر فيها لزهرية أوأية ألوان بهيجة كل ما يميزها ذلك الطلاء ذو اللون الرملي الفاقع تنتصب فيها منضدة وكرسيان باللون ذاته كما إنني أرى وعاء فحم وأدوات أركيلة تالفة ودلّة مع موقدها المعدني لعمل القهوة العربية وهكذا ترون أن شرفتي مميزه لأنها تطل على الجهات الأربع، ورأيت أنها المكان المثالي لعزلة مؤقتة تسمح لي بمراجعة شاملة لأسباب الفوضى في بيتي الذي تحول إلى ساحة حرب بين أولادي ولم أعد مسيطرا عليهم إذأن كلا منهم يريد أن يسيطر على إخوته بأعذار شتى تارة بذريعة تاريخ الميلاد وأخرى بالطول أو اللون وهذا الذي أنفقت سنين عمري عليه ليكون طبيبا أفاخر به ، يقلب لي ظهر المجن و يحرض على الفوضى في بيتي متمنيا موتي ليبيع البيت وليأخذ حصته ويهاجر مع زوجته الأجنبية الشقراء بمبلغ محترم من الدولارات يعيش حياته هناك في بلد زوجته ،لهذا قررت أن امنح نفسي بعض العزلة أفكر بما علي اتخاذه من قرارات قبل أن تختلط الأمور ويقع المحضور وأكون عرضة للشامتين وهكذا كنت أقضي صباحي جالسا في شرفتي المطلة على الجهات الأربع مفكرا و مراقبا ومتحسبا ، أعلل و أستنتج لعلي أخرج بقرار صائب، مرّ علي تسعة أيام بلياليها ولم أستطع أن أحثّ فكري على رؤيةٍ ما لمشاكل بيتي لأنشغال بالي بما يحدث حول شرفتي التي تطل على الجميع فليومين متتاليين وجدتُ أكياس قمامة ملقاة إلى شرفتي من جهة جاري الجنوبي المستأسد بصلته بصاحب العمارة كما إنني سجلت سرقة قميصي القطني باهض الثمن حيث كنت غسلته لأول مرة وعلقته على مقربة من شرفة جاري الجنوبي لوفرة الشمس هناك ، وحيث لا أحد البتتة يستطيع الوصول إلى قميصي و إلقاء نفاياته إلى شرفتي نبهته لذلك فأنكر ذلك بشدة واتهمني بشتى التهم بل وهددني مشيرا لعلاقته بصاحب العمارة فاضطررت للسكوت و الإبتعاد عن جهة شرفتي الجنوبية ونقلت كرسيي إلى أقصى الجهة الغربية من الشرفة علّي أستطيع الخلود لنفسي والتفكير بهدوء لكنني عانيت من جارتي المترهلة السمينة التي تجلس في شرفتها ذات اللون الصحراوي تدخن أركيلتها بالمعسل ذي الرائحة النتنة الخانقة كما إن شررا يتطاير من وعاء أركيلتها باتجاهي كلما تضيف جمرا لرأس تلك الأركيلة القبيحة لذلك لم يعد بمستطاعي أن أصمد فهجرت مكاني في غرب الشرفة ولم أعد أفكر بالعودة إليه ، قلت في سري ربما الجهة المقابلة للشرق حيث تقابلني تلك الشرفة الطويلة في العمارة على الجانب الآخر من الشارع و المملوءة بالأنقاض وصناديق لسلع بائرة كاسدة ، لربما تنفع في حثي على التأمل ، لكنني بدأت أنشغل بما يحصل هناك من أعمال مريبة نبهني إليها بالصدفة الحديث العابر الذي سمعته بين اثنين في المقهى تحت العمارة أثناء تناولي لقدح الشاي اليومي قال لرفيقه إنهم يزيفون تاريخ إنتاج العلب و يسربونها( للشورجة)* بعلب جديده تحمل تواريخ إنتاج حديثة ياللعنة لم يكن أحد لينتبه لذلك مع هذا الكم الهائل من صور المقدسين و رقع آيات الذكر الحكيم المكتوبة بشتى الألوان و أولئك الناس الذين تبدو عليهم كل عدة الوقار المعروفة فصرت كلما أنظر لهذه الشرفة أصاب بالغثيان و يضطرب تفكيري ولا أستطيع التفكير بمشكلتي ، لذلك ما كان علي إلا أن أنتقل في يوم آخر إلى جهة الشمال مقابلا تلك الشرفة المليئة بأصص الزهور وحاويات الرمل المعشب باللون الأخضر البهيج ، أشم أريج الزهر و أمتع بصري بلون العشب ورائحته وقد لمت نفسي كثيرا على عدم اختياري لهذا المكان قبل هذه اللحظة لكنني تذكرت أنهم حذروني من أن أزعج صاحبة الشرفة لعلاقتها الحميمة بصاحب العمارة حتى إن إبنها اليافع يسرح ويمرح في العمارة دون رقيب وحسيب فقلت ، سوف لن أتجاوز حدودي مع هذه النَصَف الفاتنة لكن رغم سنواتي الستين فقد بدأ قلبي يخفق قليلا كلما ظهرت هذه الفاتنة تسقي أصيصها بإبريق السقي الأزرق الجميل كاشفة عن تقاسيم جسد جميل عند انحنائتها لسقي زهورها و لربما رأيت منها بعض التساهل تجاهي عندما كانت ترمقني بنظرة مقصودة وتردفها بشبح ابتسامة رقيقة ذلك جعلني أنشغل عن تفكيري بمشاكل بيتي مؤقتا على الأقل ورحت أراقب حركاتها وابتساماتها المغرية والمغوية بين الفينة والفينة منصتا لصوتها الجهور بتلك اللكنة الشمالية المحببةو بعد ساعة من الأنس أرجع لغرفتي كل يوم لأجد جزءا من مقتنياتي قد فقد ففي اليوم الأول فقدت المكواة واليوم الثاني المدفأة الكهربائة الصغيرة ، ثم بعض النقود التي كنت أضعها على الطاولة في وسط الغرفة و يوم فقدت مبلغا محترما من المال كنت متأكدا من وجوده بجيب سترتي الداخلي المعلقة على شماعة الملابس لا حظت إبنها المدلل يتجه من عمارتنا إلى عمارتهم وهو يتلفت بشكل مريب وينظر بشكل مستمر نحو مكان جلوسي في الشرفة حيث كنت أراقب أمه الجميلة ، بعدها شعرت بخيبة كبيره من شرفتي المميزة التي تطل على جهات أربع إذ لم أستطع التفكير بحل لمشاكل أولادي ولو للحظة واحده قررت بعدها أن لا فائده و علي أن أرجع إلى البيت و أحاول حل مشاكل أولادي ببيتي .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*سوق البيع بالجمله في بغداد



#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وصايا- تهويمات
- حلم وردي- قصة قصيرة
- سراب- تهويمات
- براعة الماء-قصة قصيرة
- يا نون يونس- قصيدة
- يانديمي-قصيدة
- صرصار- قصة قصيرة
- شيطان الآن-نص تهويمي
- أخدود النار
- يا خليّ الفؤاد-قصيدة
- أوراق التوت- تهويمات
- محنة الماء- قصيدة
- مزمور لسيد الأنهار- تهويمات
- براءة-قصيدة
- كذبة هوى
- مزامير-نص صامت
- تعالوا خذوا قلبي -قصيدة
- العربة -قصة قصيرة
- نظارة سوداء -قصة قصيره
- لما ذكرتكِ -قصيدة


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - شرفة تطل على جهات أربع-قصة قصيرة