|
الديموقراطية و الوعي الديموقراطي في الكويت
حسين هاني
الحوار المتمدن-العدد: 3413 - 2011 / 7 / 1 - 01:32
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
نعرف أن الديموقراطية في الكويت لم تبلغ رشدها بعد لانعدام قانون الأحزاب و حرية اختيار رئيس وزراء، لكم هل تكم المشكلة حقا في هذي الأمرين؟ لا يمكن أن نجاوب على هذا السؤال بنعم، لأن المشكلة متعلقة بعقلية الشعب بنوابه لا بنقصان النظام الديموقراطي الحالي في الكويت. الشعب الكويتي عقليا مازال منفصل عن بعضه، و أعني بهذا ميل الناس إلى مذاهبهم الدينية منها الشيعية و السنية و إلى قبائلهم و عوائلهم، و هذا ليس بالسيء في نفسه و في ذاته لكنه شيء عندما يكون نتاج تعصب طائفي أعمى. غالبا ما يكون التصويت في الانتخابات لمجلس الأمة مبني على المذهب أو القبيلة بغض النظر كليا عن ما يحمله المرشح في جعبته، و ياليت أصلا أن يكون المرشح غير منحاز لمذهب أو قبيلة. لهذا قد يكون المرشح هو بداية المشكلة لا الناخب، و قد يكون العكس صحيح.
التركيبة الطائفية في الكويت فرضت علينا هذا القدر في الحياة البرلمانية، فتركيبة كل برلمان كويتي معروفة تماما كل انتخابات، فنجد الجمع الديني السلفي و الشيعي و الجمع القبلي و الجمع اللبرالي و الجمع الحكومي. هذه التجمعات بحد ذاتها و بوجودها ليست خطأ بل يُفترض وجودها و بقوة لتكون الكفة متوازنة و إلا لما الديموقراطية؟ المشكلة هي انحياز تلك التجمعات انجياز لا مقوم له لمصالحها و مصالح من تمثل فقط، و تنبع من هنا الطائفية البغيضة بين أبناء و بنات الشعب الكويتي، فالجمع السني السلفي لا يهمه سوى الجمهور السني و توجيه دفة البلد كما يشتهي و كذلك الجمع الشيعي و القبلي و لا نرى أي عملا مشتركا بين هذه الجموع و خطط صادقة لدفع البلد للأمام، إنما الكل منشغل في تسيير البلد كا يريد فنسينا المثل الكويتي القائل: "نوخذين (قبطانين) في سفينة تطبع" لكن صريحين عن عدد النواخذة الحاليين في البلد!
مازال الوعي الديموقراطي في الكويت ضعيف و الصورة البرلمانية تعكس ذلك، فنحن في الكويت لدينا ديموقراطية لكن ليس لدينا ثقافة أو وعي ديموقراطي قويم، لذلك لا يصح أن نطالب أو حتى نفكر بوجود أحزاب سياسية إلا بعد وجود تلك الثقافة المعدومة. أبسط تخيل لوجود أحزاب سياسية هو تحول الكويت بمساحتها الصغيرة إلى ساحة عراك بين حزب سني و حزب شيعي و حزب لبرالي و حزب قبلي و حزب حكومي بالإضافة إلى الفرق المختلفة التي بداخل تلك الأحزب و هذه الأحزاب في التي ذُكرت في أول المقال، فالكويت حاليا غير جاهزة للأحزاب لأن وجود الأحزاب لن يغير شيء في التركيبة البرلمانية، لأن الحزب يجب أن لا يتسم بسمات لا مذهبية ولا قبلية. إذا أردنا ابقاء ديموقراطيتنا البدائية على قيد الحياة و أردنا تربيتها تربية حسنة من بعد تربية سوء يجب أن تنتشر فينا مبادىء عدة مهما أهمها هو أن الكويت ليست محصورة لطائفة دون أخرى بل الكويت دولة لجميع الطوائف و من هذا المبدىء يجب أن نشكل الثقافة الديموقراطية القويمة. من هذا المنطلق يجب على الشعب و النواب أن يغيروا ما بأنفسهم و أن يفهموا أن جزء من النظام لا كله و أن أنانيتهم خراب و تعاونهم على اختلاهم بناء. على الناخب الشيعي أن يعرف أنه لا عيب ولا حرج في التصويت لسني سلفي عادل و كذلك السني السلفي و القبلي و اللبرالي، و أيضا على الناخب السني أن يعرف أنه لا غيب ولا حرج لاعطاء وقته لنصرة قضايا شيعية إن وُجدت و كذلك القبلي لقبائل أخرى و اللبرالي. لتحقيق هذا نحتاج فعلا لثورة ثقافية تغير طريقة تفكيرنا و هذا النوع من الثورات لا يحدث بين ليلة و ضحاها، بل يحتاج لسنين طويلة قد تفوق أو أكثر في أردىء الحالات. هناك ثقافتان عنصريتان يجب أن نزرعهما في الجيل الكويتي الحالي و ما سيأتي بعده ألا و هما التعصب للكويت و كيانها و وجودها في العالم و التعصب للوطن العربي و كيانه و وجوده بالعالم، و الثاني لا يتحقق إلا بالأول و الأول لا يتحقق إلا بإرادة صادقة نابعة من القلب من الشعب الكويتي و ممثليه.
لا حاجة لتكرار تعدد طوائف الكويت السياسية المبنية على خلفيات إما مذهبية أو قبلية، و هذا خطر على الكويت على المدة البعيد، فإذا لم تُذاب المذاهب و القبائل و العوائل مع بعضها البعض سياسيا، ستتطور الخلافات لتصل إلى مرحلة تقسيمات خطيرة بين هذه الطوائف، و هذا خطر جم لأن الكويت صغيرة جدا بمساحتها، و حتى لو كانت الكويت بمساحة روسيا، لا يجب أن نشجع على الاختلاف في الحياة السياسية، بل نشجع على وحدتنا الكويتية التي هي الأهم. نهاية، لا يمكننا بالاستمرار بديموقراطيتنا إذا استمرت الساحة السياسية على نهج الاختلاف الحالي، و ليعلم المذهبيون و القبليون أن عنادهم هو مهلكة لوطننا الجميل.
#حسين_هاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|