أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ابراهيم ابراش - ثورات ... ولكن















المزيد.....

ثورات ... ولكن


ابراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 3412 - 2011 / 6 / 30 - 18:43
المحور: القضية الفلسطينية
    


ارتبط مصطلح الثورة في الخطاب والعقل السياسي العربي بنوعين من المضامين والإيحاءات :
الأول : سلبي مستمد من التجربة التاريخية ما بعد الاستقلال حيث شهدت الشعوب العربية سلسلة من الانقلابات العسكرية تم توصيفها من العسكر (الثوار) و مواليهم بأنها ثورات شعبية أو ثورة الشعب ضد الاستبداد والدكتاتورية ،فيما نتائج الانقلابات (الثورات )أكدت بأنها لم تكن سوى صراع على السلطة لم تغير كثيرا من واقع حال الشعوب ومن النظام السياسي إلا بتغيير شخص الحاكم في نفس بنية النظام والمجتمع أو بتغيير النظام السياسي من ملكي إلى جمهوري وهذا بحد ذاته ليس منجزا حيث أثبتت التجربة التاريخية في العالم وفي الحالة العربية بأن المشكلة لا تكمن في النظام الملكي بحد ذاته بل ببنية النظام وبالنخب الحاكمة وقدرة النظام السياسي على التعامل مع الاستحقاقات الديمقراطية والأخذ بعين الاعتبار مصالح الجمهور ،كما أن التجربة التاريخية أكدت أن الأنظمة الملكية أكثر استقرارا من الأنظمة الجمهورية ،وكان يمكن للتحول الديمقراطي والحداثي أن يكون أكثر جدوى في ظل الملكيات مما آل إليه الحال في الأنظمة الجمهورية،والمتابع للمشهد العربي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا سيلمس أن الأزمة تكمن في الأنظمة الجمهورية (الثورية ) أكثر مما هي في الأنظمة الملكية.
الثاني: إيجابي ولكنه مستمد من ثقافة ماضوية لا تخلو من رومانسية وتطهرية ومن التشوقات والمأمول أكثر مما هو مستمد من رؤية واقعية عقلانية محيطة بالمتغيرات السياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم .هذه الرؤية تربط بين الثورة والفكر الثوري اليساري أو القومي التقدمي المعادي للاستعمار والإمبريالية وللتبعية ،والمُضخِم في المقابل لدور الجماهير في الفعل السياسي وفي الاستقلالية .
لا نشكك بالحق في الثورة ولا ندافع عن أي نظام أو حاكم عربي لأن ما وصل إليه حالنا العربي من تأزم يشمل كل مناحي الحياة يعود لهذه النظم ونخبها السياسية ،فكيف لأحد أن يدافع عن شخص مثل القذافي الذي حوَّل ليبيا لحقل تجارب لفكره المريض ونصب نفسه عميدا للحكام العرب ،وكأن طول عمر الحاكم في السلطة بات ميزة تستحق الفخر بها ! والذي نصب نفسه ملك ملوك إفريقيا حتى أنه كان يخاطب الحكام العرب باستعلاء وبشيء من التأفف لأنه تنازل وقُبِل الجلوس معهم ! وعندما دقت ساعة الحقيقة بثورة الشعب عليه لم يجد معه أحد من الحكام العرب الذين نصب نفسه عميدا لهم ،ولا من ملوك أفريقيا الذين نصب نفسه ملكا عليهم !.نفس الأمر بالنسبة لبقية الزعماء العرب كمبارك الذي حول مصر الحضارة والتاريخ والإبداع إلى مزرعة لأسرته وللحزب الحاكم،وجعل الشعب المصري الذي كان يفترض أن يكبر مفتخرا بماضيه وحضارته،يصغر نتيجة الواقع الذي صيره إليه نظام مبارك.وليس حال النظام ألبعثي السوري بالأفضل حيث كل مساوئ الأنظمة العربية متواجدة فيه ولكنه طوال أربعة عقود يحاول أن يخفيها تحت شعارات الصمود والثورة والممانعة.
الجمهور العربي وبعد نشوة الفرحة التي أحدثتها مفاجئة الثورة التونسية ثم المصرية بعد رحيل الرئيسين بن علي ومبارك بات اليوم يعيش حالة من الترقب الحذر بل حالة من ألا يقين بالنسبة لسيرورة وصيرورة الأحداث (الثورات) في بقية الدول العربية ،ليبيا واليمن وسوريا والبحرين ،بل إن إرهاصات الثورة في بلدان عربية أخرى تراجعت بعدما رأت الجماهير ما يحدث في البلدان التي قامت بها الثورة،وأخطر تحول في مسار الحراك الثوري الراهن ما تشهده ليبيا من تدخل عسكري أمريكي أطلسي مباشر في مجريات الأحداث.فكيف يمكن التوفيق بين الثورة بمضامينها الثورية التحررية من جانب والوصاية والتوجيه الغربي للثورة من جانب آخر؟وما طبيعة وتوجهات النظام الذي سيؤسس بعد ثورة مدعومة أمريكيا وأطلسيا؟.
التدخل العسكري الغربي المباشر في مجريات الثورة الليبية وغير المباشر في سوريا واليمن والبحرين من خلال الإعلام والتحريض والعقوبات ومن خلال دول حليفة لواشنطن، يجعل المواطن العربية حائرا أمام تشخيص ما يجري .ففي الوقت الذي تتجه عواطفه مع الثورة والثوار متمنيا نجاح الشعوب في تغيير كل الأنظمة القائمة ،فإن عقله يدفعه للتفكير باتجاه آخر،التفكير بما دعت وبشرت به واشنطن منذ وقت قريب بما سميَّ بـ (الفوضى الخلاقة) والتي تعنى في الإستراتيجية الأمريكية خلخلة الواقع الجغرافي والسياسي والاجتماعي للعالم العربي بخلق حالة من الفوضى تسمح للغرب وخصوصا واشنطن للتدخل لإعادة بناء الخارطة الجغرافية والسياسية والثقافية في المنطقة خدمة لمصالح الغرب وإسرائيل بالتأكيد.
ما يعزز من التخوفات مما يجري، بالإضافة لمحاولات الغرب ركوب موجة الثورة متحالفا مع قوى سياسية محلية، هو عدم اتضاح هوية الثوار وإيديولوجيتهم والرسالة التي يحملونها والنظام الذي يتوقون لتأسيسه على أنقاض النظام القائم.لا يكفي في الثورات أن يخرج الشعب إلى الشارع ،فالشعب وقود الثورة وسيتم استنفاذه عندما يعود الناس لبيوتهم بعد يوم أو شهر أو أشهر،الجماهير التي تخرج للشارع أداة ولكن هناك العقل المخَطِط والمدبر والموجه للحراك الشعبي،ولا يكفي فيمن ينطقون باسم الثورة أن يقولوا بأنهم يمثلون الشعب بل عليهم تحديد هويتهم وإيديولوجيتهم وعلاقاتهم وتحالفاتهم الخارجية وشكل النظام السياسي الذي يريدون.وهنا نذكر بأن كل الثورات الكبرى كانت بمضامين طبقية أو أيديولوجية،فالثورة الفرنسية حملت فكر وقيم الطبقة البرجوازية الجديدة والفكر الليبرالي،والثورة الروسية كانت بمضامين طبقية أيديولوجية،والثورة الإيرانية كانت بمضامين أيديولوجية إسلامية،وبالنسبة لثورات أوروبا الشرقية فإن النظام القديم بدأ بالانهيار قبل قيام الثورة.
قد يكون تحديد مضمون وأيديولوجية أمرا صعبا لان العفوية والاندفاع واقتناص ظروف اللحظة التاريخية من ميزة الثورات،ولان زمن الأيديولوجيا تراجع،ولكن لا يجوز أن يستمر الغموض لفترة طويلة،ومع إدراكنا لتغير الظروف والأحوال وحضور المكوِّن الوطني الديمقراطي بشكل غير مسبوق في تاريخ الثورات،إلا أن القول بالديمقراطية وحده لا يكفي ،فتحت عباءة شعارات الديمقراطية قد تكمن قوى أكثر استبدادا من الأنظمة الراهنة.
نقول نعم للحراك الشعبي ونعم للثورة،ولكن الأمر يحتاج لثقافة ثورة تنتشر شعبيا للجمهور ولا تبقى نخبوية،فكر وثقافة يؤصلان للثورة ضمن معطيات وثقافة العصر ،وإن كان من المهم أن تكون الثورة منفتحة على كل دول العالم وثقافة العالم بما في ذلك الغرب ،إلا انه يجب الحذر من ان تقع الثورات تحت وصاية الغرب وواشنطن لان مواقف هؤلاء من قضايانا المصيرية ما زالت غير ودية إن لم تكن معادية .نأمل ألا تصاب شعوبنا بنكسة جديدة بحيث تصبح أمام مفاضلة خطيرة :إما الاستبداد أو الفوضى غير الخلاقة والاستعمار الجديد.



#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى يكون أيلول استحقاقا
- الثورات العربية وحسابات الربح والخسارة فلسطينيا
- المصالحة الفلسطينية من إرادة التوقيع لإرادة التنفيذ
- صفقة المصالحة
- استحقاقات أيلول بين الحقيقة والسراب
- بعد اغتيال المتضامن الإيطالي أريغوني :غزة إلى أين؟
- التهدئة بين غزة وإسرائيل:واقعية متأخرة أم مخطط مرسوم؟
- لا مصالحة وطنية بدون استقلالية القرار الوطني
- الثورات العربية كنتاج لفشل الديمقراطية الأبوية والموجهة
- التدخل الغربي يقطع الطريق على المد الثوري العربي
- ثورة شباب فلسطين:إنجازات تحققت واخرى قادمة
- ثورة شباب فلسطين بين التهوين والتهويل
- حتى لا تنزلق الثورات العربية نحو حالة الفوضى (الخلاقة) الأمر ...
- شباب فلسطين لا يقلدون غيرهم بل يصححون مسار ثورة شعبهم
- ثورة فلسطينية لإنهاء الانقسام أصبحت ضرورة وطنية بعد انغلاق أ ...
- الثورة المصرية:تبدد أوهاما وتحيي آمالا وتثير تخوفات
- الثورة المصرية بين وطنية المطالب وقومية التداعيات
- تداعيات إستراتيجية محتملة للأحداث في مصر على الصراع في الشرق ...
- الثورتان التونسية والمصرية من منظور سسيولوجيا الثورة
- الثورة التونسية :ثورة لإصلاح النظام السياسي وليس لتغييره


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ابراهيم ابراش - ثورات ... ولكن