|
عرفات رحل في الوقت المناسب
أشرف عبد القادر
الحوار المتمدن-العدد: 1016 - 2004 / 11 / 13 - 12:57
المحور:
القضية الفلسطينية
لا أحد يستطيع أن يقلل من أهمية تاريخ عرفات والكاريزما التي كان يتمتع بها والتي يصعب على أي شخص آخر أن يحصل على كل هذا القدر من الحب والتعاطف، ولكنه رحل في وقت هام جداً وحساس جداً يمر به العالم العربي والشرق والأوسط، الجديد، فكما نعلم أن كل من تل أبيب وواشنطن قد رفضتا التعامل معه لإتمام العملية السلمية ، خاصة بعد عسكرة الانتفاضة، فعرفات رحل في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط مخاضاً جديداً وتغييراً جذرياً،بعد سقوط نظام صدام حسين ونجاح جورج بوش لفترة رئاسة ثانية، فالفترة القادمة محتاجة لقيادة جديدة وعقلية جديدة ورؤية جديدة، وأعتقد أنه آن الأوان لتنفيذ خارطة الطريق بعد أن زال سبب الرفض الذي كانت تتعلل به واشنطن وتل أبيب، وفلسطين به كثير من الرجال الذين يستطيعون إكمال المسيرة السلمية إتماماً لما بدأه عرفات، كمحمد دحلان، وجبريل الرجوب،وأبو مازن، وأبو العلاء، وأضم صوتي إلى صوت العفيف الأخضر في مطالبة رؤساء الدول العربية ورؤساء الدول الأوربية وأمريكا وروسيا والصين بالتدخل للضغط على إسرائيل لإطلاق سراح مروان البرغوثي ذي المصداقية والشعبية الهائلتين للإنضمام إلى القيادة الفلسطينية الواقعية لقيادة الشعب الفلسطيني للحصول على دولة قابلة للحياة.فعلي القيادة الجديدة أن تراعي الآتي: • أخذ العبرة من الماضي ومعرفة أننا لم نسترد شبراً واحداً من الأراضي العربية المحتلة إلا بالسلام، لأنه بالسلام نسمع صوت العقل، أما بالحروب فلا نسمع إلا صوت القنابل والمدافع،فمصر لم تسترد سيناء إلا بالسلام،ولا حل للقضية الفلسطينية وإقامة دولتين إلا بالسلام، ولن نسترد الجولان إلا بالسلام وعلى طاولة المفاوضات، ومغالط من يقول غير ذلك،فعلى القيادة الجديدة أن تعرف أن السلام هو خيارنا الإستراتيجي الوحيد. • ضرورة وقف انتفاضة العمليات الانتحارية التي أضرت بالشعب الفلسطيني وبقضيته العادلة أكثر مما أفادته، والتي كان من نتيجتها موت عرفات محاصراً معزولاً في رام الله، ولعلهم يأخذون الدرس من ذلك، فمن حق الشعب الفلسطيني أن يقيم دولته المستقلة القابلة للحياة، كما إن من حق الشعب اليهودي أن يعيش في أمان في دولته المستقلة جنباً إلى جنب مع الدولة الفلسطينية المسالمة الديمقراطية، فالخطأ الفادح الذي ارتكبه عرفات وكل من حماس والجهاد الإسلامي هو عسكرة الانتفاضة، ففقدوا تعاطف العالم كله معهم ومع قضيتهم العادلة،لأنهم يشاهدون جيشين يتحاربان، في حين أنه وقبل الانتفاضة كان الأوربيون يتعاطفون مع الشعب الفلسطيني وهم يشاهدونه يذبح على أيدي الجنود الإسرائيليين، ولا أنسي نصيحة نيلسون مانديلا لأبو عمار بأن يجعل انتفاضته بيضاء وسلمية دون إراقة دماء، ولكن عرفات ظل ولآخر يوم في حياته يفكر بعقلية رجل حرب العصابات. وكيف ننسي أن مشهداً واحداً مؤثراً يمكن أن يؤثر على الرأي العام العالمي ويجعله في صفك، كصورة الطفل محمد الدرة وهو يقتل على أيدي جنود الإحتلال. فمن حق الفلسطينيون أن يتظاهروا ويعرضوا قضيتهم العادلة في كل المحافل الدولية لأن قضيتهم عادلة دون إراقة دماء بريئة تلوث عدالة قضيتهم وتؤخر استحقاق استقلالهم. • على قادة حماس والجهاد الإسلامي أن يكفا عن التخطيط وتنفيذ عملياتهم الانتحارية في المدنيين الإسرائيليين التي لن تحرر شبراً واحداً من أراضي فلسطين السليبة، بل أخرت –إن لم تكن نحرت – الشعب الفلسطيني وحقه في دولة مستقلة وقابلة للحياة. • على القيادة الفلسطينية الجديدة أن تستمع إلى صوت العقل وحساب المصالح القومية وتبتعد عن لغة الشعارات الرنانة، لأنه بقدر ما تكون الشعارات رنانة وعالية الصوت بقدر ما تكون جوفاء، وأسأل: هل حققت الشعارات المرفوعة منذ العام 1948 أي هدف من أهدافنا؟ هل رمينا بإسرائيل ومن وراء إسرائيل في البحر؟ كما كنا نسمع في الخطب النارية، علينا أن نستغل الفرص التي تعرض علينا بحساب موازين القوي الدولية والإقليمية، لأن ما كان يصلح لفترة معينة في ظروف معينة لا ينفع بالضرورة لنا في ظروف أخرى،فلو كان أبو عمار –رحمه الله- قد وقع على مقترحات كلينتون التي أعطت الشعب الفلسطيني 97% من أراضي الضفة الغربية وكامل غزة لكانت الدولة الفلفسطينية قائمة الآن، ولكنه لم يستغل الفرصة وأسف بعد مضي 22 شهراً على تفويته لهذه الفرصة، وطلب من الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة جورج بوش تعرضها مرة أخرى عليه، ولكن ما فات مات.فعلي القيادة الجديدة إقتناص الفرص في الوقت المناسب مراعاة لمصالح الشعب الفلسطيني أولاً وأخيراً الذي يطول عذابه منذ العام 1948. • على القيادة الفلسطينية الجديدة أن تتخلي عن أسلوب أخذ الثأر البغيض الذي نهانا عنه ديننا الحنيف، فالملاحظ في العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية منذ سنين أنها قائمة على سياسة الأخذ بالثأر، عملية انتحارية تنفذها حماس أو الجهاد الإسلامي، يرد عليها شارون بعملية عسكرية واسعة النطاق وهكذا دواليك، ولم يسأل أحدهما سؤالاً مهماً :هل تخدم هذه العمليات هدفنا الأساسي ، وهو إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة؟ لا أحد يجيب.المهم أن نشفي غليلنا بدمائهم. الوقت الآن مناسباً - كما لم يكن مناسباً في أي وقت مضي - برحيل أبو عمار لإيجاد حلاً عادلاً للقضية الفلسطينية ، فلقد رحل الرجل في وقت هام جداً لترتيب الشرق الأوسط الجديد،رحل الرجل الذي كانت تتعلل به تل أبيب وواشنطن بأنه العقبة أمام إحلال السلام، أعرف أنه لا يوجد حل سيرضي الطرفين، ولكن لابد لكلا الطرفين من تقديم تنازلات مؤلمة لنريح الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي من شبح الإرهاب والحرب، لابد من إتخاذ قرارات جريئة وحاسمة من الطرفين، ولن يتثني ذلك إلا بضغط شديد من أمريكا والاتحاد الأوربي، لأن كلا الطرفين لم ينضج بعد للسلام، فلإحلال السلام لابد من مرونة فكرية وتساهل من الطرفين لحل هذا الصراع الذي طال أمده أكثر مما ينبغي، الصراع الذي يمثل بؤرة الإرهاب في الشرق الأوسط ،الصراع الذي يتخذ منه المتأسلمون قميص عثمان لإعلان الحرب على دول العالم المتقدم،الصراع الذي أصبح ذريعة لكل إرهابي العالم فيتمسحون به وبإنحياز أمريكا والغرب لإسرائيل. رحمة الله على روح أبو عمار، وليسكنه الله فسيح جناته، وتحية له ولمشواره النضالي الكبير. ولعل موته يكون سبباً في حل القضية الفلسطينية. ورب ضارة نافعة. [email protected]
#أشرف_عبد_القادر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة تهنئة لجورج بوش
-
سيف التكفير البغيض
-
لنا ديننا الحنيف ولكم دينكم العنيف
-
الحجاب والقبعة
-
نص إدانته ورده عليها ! المفكر الإسلامي جمال البنا يلقي حجراً
...
-
أقباط مصر ليسوا عورة !
-
القدوة الحسنة
-
مصر : حكومة الفرصة الأخيرة والرئيس المنتظر
-
حرب الظلاميين الفيروسية ضد المسلمين المستنيرين
-
إذا وصلوا إلى الحكم: ماذا سيفعل الإخوان بأقباط مصر..؟
-
التجربة التونسية رائدة في مكافحة الفقر
-
تعليق علي : -الحملة اللاأخلاقية الظالمة- ضد رمز -الاعتدال وا
...
-
المأزق العربي العرب في مواجهة الاستراتيجية الأمريكية الجديدة
-
مؤتمر -الحداثة والحداثة العربية- خطوة على طريق الحداثة
-
زعيم ثورة الفاتح والفتح الجديد
-
شافعي مصر المستشار محمد سعيد العشماوي مرشح للاغتيال
-
نداء عاجل للرئيس مبارك لحماية المستشار محمد سعيد العشماوي ال
...
-
أسباب عدم قيام حوار عربي – عربي ناجح
-
المرأة لعبة المتأسلمين
-
الحجاب وحجب العقل
المزيد.....
-
فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني
...
-
إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش
...
-
تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن
...
-
الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل
...
-
تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
-
بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
-
تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال
...
-
-التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين
...
-
مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب
...
-
كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|