|
القاص والروائي نزار عبدالستار :في فرانكفورت كردستان حازت على احترام وتقدير الالمان والعالم .
عبدالكريم الكيلاني
شاعر وروائي
(Abdulkareem Al Gilany)
الحوار المتمدن-العدد: 1016 - 2004 / 11 / 13 - 09:41
المحور:
مقابلات و حوارات
القاص والروائي نزار عبدالستار من الاسماء الواضحة في المشهد الادبي العراقي يتميز ابداعه بخصوصية مكانية وفضائية ضمن بناء يستمد مادته من مزج الخيال بالواقع . اصدر كتاب المطر وغبار الخيول عام 1995 ثم اعقبه بروايته الاولى ( ليلة الملاك ) في عام 1999 لينال عنها جائزة افضل رواية عراقية للعام نفسه وفي عام 2002 اصدر كتابه الثالث وهو مجموعة قصصية بعنوان ( رائحة السينما ) . التقته ينابيع على خلفية انجازه الادبي ومشاركته الاخيرة بمعرض فرانكفورت للكتاب في المانيا . · شكلت قصصك ظاهرة ميزتك عن جيلك وربما هي في المنظور الحالي تعد مغامرة الا ان خصوصيتك كانت في جوهرها ترتكز على قراءتك الخاصة للتاريخ والمثيولوجيا ثم قدرتك علىاستنباط العوالم المرتبطة بالحاضر . بمعنى ان واقعيتك تستمد وجودها من خرافة الماضي ومن اسطورة الواقع . ماهي مبررات هذا الاشتغال .؟
- الماضي باعتباره احد افعالنا المهمة هو اشكالية على درجة عالية من الخطورة وسبب هذه الاشكالية هو حاجتنا
الملحة الى رؤية واضحة تعيد لنا الثقة والامل . في السابق كنا نواجه صعوبة في اكتشاف الواقع واعادة خلقه لاسباب عدة منها سيطرة الدولة على الادب والالتزام بايديولوجيا متخلفة عن العالم والحياة اضافة الى فرض صورة احادية وهي مثالية الى حد التطرف والموت لذلك كانت الكتابة خطابا عائما يفتقر الى المصداقية . جيلنا واجه متغيرات واقعنا السفلي او الاصح انه تحمل مسؤولية مناهضة الخطوط الحمر . حدث هذا في العقد الاخير من القرن العشرين . هذه المتغيرات جاءت على شكل حروب وانقلابات اجتماعية كما اننا عشنا عملية تدمير عالمنا الفوقي المتحضر مما خلق لنا تجربة خاصة يكفي ان نصفها بالتجربة العراقية لتحيلك فورا الى صورة تلسكوبية للكون . لقد وجدنا انفسنا فجأة في عزلة تامة وانقطعت صلتنا الخارجية بالعالم لذلك وجدنا ضرورة لاعادة فحص الماضي . هناك من فعل ذلك بطرق مختلفة . العراق كله في تلك المرحلة بدأ يفكر بالذي يمكن ان يفعله بما تبقى له وهذا ماانتبهت اليه في وقت مبكر . لقد مكنتنا العزلة من اعادة القراءة والبحث عن اشياء كنا قد اهملناها وبقيت مركونة في زوايا النسيان . ماوجدته امامي هو هذا الكم الهائل من الطابوق والطين المعلم بالمسامير الكتابية والثيران المجنحة والاسوار المتهدمة والبوابات التي لاتدخلها سوى الريح وبدأت ابحث في علاقة هذا بي . واكتشفت انني استطيع ان اتكلم واستطيع ان اصور الحاضر من خلال الماضي . مافعلته في كتاباتي هو هدم للزمن التتابعي من خلال المزج بين زمنين وتجسيد الدكتاتور في شخصيات تاريخية نحن نحترمها ونقدسها . كان لابد من ابتكار خدعة تجعلني اكتب مااريد دون ترك دليل على انني ضد هذا وذاك .
· في كتاباتك يظهر الحزن العراقي بشكل كبير وتكاد اعمالك تبدو منتمية الىعالم منهار تماما وتسجل لمرحلة هامةفي تاريخك الروائي كيف ترى ذلك ؟؟ .
- نعم فهذا هو الاختلاف . الكتابة في العراق كانت تحاكي الكمال الموجود في عقل الدولة . كانوا يكتبون عن مثالية عجيبة . انا احد الذين سحقوا تحت عجلات الحروب البشعة لذلك تكلمت عن عراقيتي في زمن القهر وفي زمن العزلة . كتبت عن سقوط القيمة الانسانية وهذا شكل مغايرة واضحة عن السائد . الكتابة في الحقيقة هي تفاعل مع الحياة وليست اداة اعتداء . انها تنبع من تعايشك مع الحقيقة ومن التجربة باعتبارها الانعكاس . ان تكون حزينا وفقيرا ومتخلفا ومقهورا هذا يعني انك تعيش في ظل نظام فاشل وفي دولة ظالمة . هذه هي الكتابة وهذا هو مفعولها .
· في رواية ليلة الملاك هناك أمل . انت وضعت أملك في الطفولة والجيل الجديد ودعوت الى التغيير وهذه الدعوة
تعتبر فريدة وجريئة في آن واحد خاصة وأن هذه الرواية ظهرت في وقت شهد سيطرة كاملة من قبل دكتاتور العراق وقد جاءت كلمتك في صيغة ادانة للحرب ، وفي قصة صندوق الاماني كنت شديد اليأس من خلال حلم بسيط ينتهي بالفشل وزوال الانسان . كيف تفسر هذا ؟
- اذا كنت تقصد التناقض فانا لاارى ذلك والدليل على هذا هو طرحك انت . في ليلة الملاك هناك ثقة ورغبة في التغيير وقد وضعت الامل في الجيل الجديد . نحن لن نستطيع انقاذ العراق . من سيفعل هذا هم اطفالنا . الجيل القادم .. ماسنفعله هو تطهير العراق من الالغام وبعدها ياتي دور الاجيال لتنهض بالبلد . اما في صندوق الاماني فقد قلت ان جيل الحرب انتهى في حلم لن يتحقق . انا ارى ان البداية الحقيقة ستكون مع الولادة الجديدة للانسان العراقي .
· بعض النقاد ، من الذين فضلوا الصمت ، يتهمون القصة العراقية الجديدة بالتقليد ، وانها استفادت كثيرا من بورخس والواقعية السحرية لذلك فهم يعتبرونها موجة عابرة , مارأيك؟؟
- الاستفادة حقيقية ولكنها لاتقترب من التقليد . المشكلة ان لااحد يريد ان يعترف ان العالم قد تغير ، ونحن ايضا قد تغيرنا ولابد ان يخرج منا من يقول ذلك . في الماضي كنا نقرأ للفرنسي والانكليزي والروسي والامريكي والان نقرأ للياباني والكولمبي والهندي والصيني والتايلندي والفنزولي ... قارة افريقيا اصبحت تصدر العباقرة بدلا من الكاكاو والعاج .. لقد تمكن اليابانيون من اعادة خلق ثقافتهم القومية ونشرها بصيغ جديدة وقبلهم فعل ذلك كتاب امريكا اللاتينية حين اعادوا بعث ادبهم الشعبي بشكل جديد رغم انهم يتكلمون ويكتبون بلغة استعمارية . مافعله جيل الستينات هو انه نقل الينا الوجودية والشيئية والسريالية ، وكان هذا هو ردهم على الامية والمرض والفقر والتخلف الاجتماعي والاقتصادي والهزيمة . مانريده الان هو ان نكون الصوت وليس الصدى لذلك انتبهنا الى ضرورة ان نفعل مافعله ادباء دول الجنوب الارضي . فحين اقول انني اكتب القصة فلابد ان تكون هذه القصة عراقية وعراقيتها تعكس حضارتي وثقافتي ووجودي الانساني وتفاعلاتي مع البيئة . من هذه المكونات احصل على وسيلتي في القص . هناك مايميزنا وهذا مايجب البحث عنه واظهاره للعالم . ان ماجعل بورخس وماركيز وكاواباتا واكتافيو باث بهذه الاهمية هو انهم عرفوا كل شيءعن اوطانهم ومافعلناه هو اننا اعدنا اكتشاف العراق بكل مافيه وبعد ذلك بدأنا نكتب .
· شاركت مؤخرا في معرض فرانكفورت للكتاب في المانيا ماهي انطباعاتك حول هذا المعرض العالمي ؟ - شاركت في المعرض بصفتي الادبية وذلك بدعوة موجهة من معهد جوتة في المانيا و وزارة الخارجية الالمانية . المعرض كان فرصة كبيرة وفريدة من نوعها وقد وفر الالمان للعرب باعتبارهم ضيوف شرف الدورة الاخيرة فرصة تاريخية لتقريب وجهات النظر بين الشرق والغرب . اهمية هذا المعرض تكمن في موضوعيته وفي توفر فرصة جادة للحوار . الا ان هذا لم يحدث وفق الصورة التي تمناها الالمان وسعوا بجدية لتحقيقها . وكما في كل مرة ادخلنا السياسة في الموضوع واهملنا الغاية التي من اجلها ذهبنا الى المانيا . عاد العرب بصدمة كبيرة وصدمتهم كانت حضارية في المقام الاول . الغرب يعرف عن ماضينا الكثير ويعرف ايضا الحضارة الاسلامية بشكل دقيق ولكن المشكلة اننا فشلنا في الحوار عن الحاضر واكتشفنا الفروق الحضارية الواسعة بين امة تهتم بالمفكرين والادباء وبين دول تقتل مبدعيها وتحاربهم . .اكتشفنا الفرق القرائي الهائل . هم يستهلكون الكتاب بطريقة تختلف عنا كثيرا بينما نحن نعاني من الامية والجهل . لقد استطعت علىالمستوى الشخصي ان اعود من فرانكفورت بتجربة جديدة وهذا ماحدث فعلا من خلال الحوارات العديدة التي اجريتها مع كتاب المان واصحاب دور نشر عالمية .وايضا في الامسية التي اقامتها الاكاديمية الالمانية للغة والادب للوفد العراقي وقرأت فيها قصصي للجمهور الالماني . · هل زرت جناح كردستان في المعرض ؟
- نعم وشاهدت عن كثب الجهد البارز الذي بذل من اجل ان يظهر بشكل متميز ويعتبر جناح كردستان هو الممثل الوحيد للعراق في المعرض من خلال المطبوعات التي عرضت . لقد حازت كردستان على احترام وتقدير الالمان والعالم من خلال ماقامت به في فرانكفورت . لقد شارك العراق بتمثيل هامشي وبسيط تمثل في دار الشؤون الثقافية التي حملت كمية قليلة جدا من الكتب ولكن جناح كردستان كان الاكبر والاكثر جذبا للزوار حتى ان الصحافة الالمانية اشادت به اكثر من مرة وقامت القنوات التلفزيونية العالمية باعداد تقارير عديدة عنه . لقد كان جناح كردستان هو الممثل الحقيقي عن العراق وقد قمت شخصيا باصطحاب مجموعة من الكتاب العرب من مصر والاردن ولبنان الى الجناح والتعريف بالادب الكردي والمجهود البارز الذي تبذله وزارة ثقافة كردستان ودور النشر الكردية من اجل تعميم الثقافة وجعلها السمة الابرز للانسان العراقي الجديد . أجرى الحوار : عبدالكريم الكيلاني
#عبدالكريم_الكيلاني (هاشتاغ)
Abdulkareem_Al_Gilany#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مابعد الهشيم
-
لماذا لايكون النشيد الوطني العراقي باللغتين العربية والكردية
-
بالحب وحده يحيا الانسان
-
أدونيس والعائلة السعيدة
-
حوار صريح مع المذيعة ومقدمة البرامج فرقد ملكو
-
حوار مع الشاعر العراقي المبدع .. عدنان الصائغ
-
حوار مع الروائي .. ابراهيم سليمان نادر
-
سجف على الوجه
-
الغربه
-
حوار صريح مع الروائي بيات محمد مرعي
-
التشكيل الجمالي في الروي المزدوج
-
حوار مع القاصة الروائية الاردنية رقية كنعان
-
الفنان التشكيلي العالمي .. بديوي .. في حوار صريح
-
سيدة المطر
-
حوار مع الفنانة .. بشرى الفائزة بجائزة الاوسكار في مهرجان ال
...
-
المركز الثقافي الكردي في الموصل
-
حوار مع المخرج التلفزيوني غازي فيصل
-
عري القناديل
-
المتخيل ألشعري في المجموعة الشعرية ( هذا التعري قبل قدوم الب
...
-
حوار مع الشاعرة والصحفية سعدية مفرح
المزيد.....
-
ماذا نعرف عن صاروخ -أوريشنيك- الذي استخدمته روسيا لأول مرة ف
...
-
زنازين في الطريق إلى القصر الرئاسي بالسنغال
-
-خطوة مهمة-.. بايدن يشيد باتفاق كوب29
-
الأمن الأردني يعلن مقتل مطلق النار في منطقة الرابية بعمان
-
ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان وإطلاق مسيّرة بات
...
-
إغلاق الطرق المؤدية للسفارة الإسرائيلية بعمّان بعد إطلاق نار
...
-
قمة المناخ -كوب29-.. اتفاق بـ 300 مليار دولار وسط انتقادات
-
دوي طلقات قرب سفارة إسرائيل في عمان.. والأمن الأردني يطوق مح
...
-
كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع
...
-
-كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|