أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - مجموعة قصائد / حزيران 2011















المزيد.....



مجموعة قصائد / حزيران 2011


نمر سعدي

الحوار المتمدن-العدد: 3408 - 2011 / 6 / 26 - 16:30
المحور: الادب والفن
    


مجموعة قصائد / حزيران 2011


رجلٌ في الثلاثين


يتأمَّلُ أحلامَهُ واحداً واحداً كأصابعهِ...
وبهجسِ الغريبِ يحدِّثُ آخرَهُ
ثمَّ يحفنُ في شغفٍ طائشٍ باليدينِ وبالمقلتينِ
الذي يتقطَّرُ من ضحكاتِ الصبايا ومن أوجهِ السابلةْ
رجلٌ في الثلاثينَ يغرقُ في ذاتهِ
ها هنا في الصباحِ الربيعيِّ في صخَبِ الحافلةْ.

********

ليسَ لي


ليسَ لي أن أمشِّطَ أمواجَ عينيكِ
بالنظرةِ المستريبةِ والقبلةِ الغائبةْ
ليسَ لي أن أطوِّقَ مرجانَ خصركِ
في الشارعِ العامِ باللهفةِ الصاخبةْ
قلقي كائنٌ ليسَ يوصفُ
قنديلُ شمعٍ فمي
ودمي لا تروِّضهُ نسوةُ الكونِ....
مثلُ الحصانِ العنيدِ تعذِّبهُ المهرةُ السائبةْ
ليسَ لي من حلولِ الحمامِ بفتنةِ جسمكِ
أو في عروقِ الخزامِ...
سوى البسمةِ الكاذبة.

*******

ندَمٌ أعمى


ندَمٌ أعمى هو الشعرُ
بكاءٌ دائمُ الرؤيا
ونبعٌ من فراشاتٍ ومن نارٍ تواسيني وتكويني
رذاذٌ قاحلٌ ينهلُّ كالطفولةِ البيضاءِ من ضحكةِ مزمارٍ...
ثغاءُ الرغبةِ المبحوحُ
بستانُ خرافاتٍ
هلالٌ ناحلٌ أو قاتلٌ كالخنجرِ العاشقِ في خاصرةِ الكونِ
سماءٌ من قرابينَ
حليبٌ زاجلٌ في أخمصِ القلبِ
وماءٌ ذابلٌ في بسمةِ العينينِ
أشياءٌ تجرُّ الروحَ كالخيولِ في المجرَّةِ الخضراءْ.

*********

تكوين


من عالمِ الشعرِ تنهلاَّنِ عيناها
من عالمِ السِحرِ... من أوجاعِ معناها

طُردتُ من جنَّةِ الفردوسِ يا امرأةً
أمشي إلى سقَرِ الدنيا وإيَّاها
ولا أثوبُ ولا ألوي لأشيائي
وفتَّحتْ في يديها وردَ أهوائي
يعبُّ قطرَ دمي في يقظةِ السحَرِ
يربُّهُ.. فعليهِ شبهُ لألاءِ
ورعشةُ القلبِ في الأغصانِ والزهَرِ
تمشي تضعضعُ أحلامي وترضعُها
ودربُ عينيَّ مشبوبٌ بأضواءِ

العمرُ خلفي هواءٌ لا يُعدُّ ولا
يطفو ويرسبُ في ميزانِ إغوائي
وليسَ يبرقُ في عينيَّ مخملُها
ذاكَ الذي نجمهُ في مهجتي تاها
وكانَ صخرةَ معراجي وإسرائي

من عالمِ الشِعرِ تنهلاَّنِ عيناها
من السديمِ ومن غيمِ النعيمِ ومن
رؤى الجحيمِ ومن أبوابِ أعضائي
ومن ظلالِ الأفاعي السودِ في زمنٍ
رمادُهُ نابضٌ في ألفِ عنقاءِ
وحلمُهُ خافقٌ في ألفِ عذراءِ

لكنَّنا آهِ محرومونَ منكِ ولم
نُسقَ السعادةَ والأوهامَ أمواها
معذَّبونَ نجرُّ الروحَ في دعةٍ
محطَّمونَ على فردوسنا الخالي
وفي خرابنا العالي.. نجرُّ سدى
قلوبنا في حروبِ النارِ والماءِ

إنَّ الحياةَ التي عبَّتْ شراييني
ماءٌ ترقرقَ في نفسي فأظماها
من قبلِ تكوينكِ الأسمى وتكويني
وفاتني الوِردُ من عينيكِ والصدَرُ.

********

أُنوثة


أبحثُ في سريَّةٍ موغلةٍ في الحزنِ
مثلَ الناسكِ الممسوسِ بالحكمةِ والصمتِ
فلا أعثرُ في قلبي على حقيقةٍ ملساءِ
كالدُرَّةِ أو كالخزَفِ الرخيصِ
لكنِّي أرى أنوثةَ الأشياءِ في مخدعها
واضحةً جليَّةً حمراءَ مثلَ زنبقِ الهواءْ
ورغمَ ما في الكونِ من ذكورةٍ
لستُ أرى سوى نساءِ الماءْ

*********

في سوريا


في الشمالِ المدجَّجِ بالنارِ والغضبِ المشتعلْ
ليسَ في مصرَ أو تونسَ الكبرياءْ
في الشمالِ المدجَّجِ أعني سوريا.. شمالِ الدماءْ
يسحلونَ الصغارْ
يسحلونَ ملائكةً نائمينْ
وأسمعُ تكسيرَ أضلاعهم تحتَ دبَّابةِ الظالمينْ
في الشمالِ المفخَّخِ بالانتصارِ... ونارِ القُبلْ
الدماءُ تدقُّ النوافذَ دقَّاً عنيفاً
تدقُّ الهواءَ تدقُّ العيونَ تدقُّ السماءَ
وتغتصبُ الفرَحَ المكتملْ

في الشمالِ العصيِّ على ما يخطُّ الرصاصُ
على أضلعِ الحالمينْ
والسياطُ على أوجهِ الناسِ...
ثلَّةُ شرٍّ من الخائنينْ
يقتلونَ الحياةَ بأوجِ الربيعِ وكاملِ فتنتها في الصغارْ
لا مغولٌ همو أو تتارْ
فلماذا إذنْ يزرعونَ الرصاصَ ويغتصبونَ الأمَلْ؟

الدماءُ تدقُّ النوافذَ أو شاشةَ التلفزيونِ
عبرَ قناةِ الجزيرةِ
تلكَ التي لا تُراعي الأحاسيسَ لحظةَ تصويرها للجحيمِ...
اختنقتُ بدمعي... احترقتُ بعاري
وفي الشامِ شبِّيحةٌ وزبانيةٌ غامضونْ
يحرقونَ الرجالَ على مسمعِ الكاميراتِ
ومرأى جميعِ الدُوَلْ
وشبِّيحةٌ يذبحونَ النساءَ كما يذبحونَ فراخَ الحجَلْ
وشبِّيحةٌ يطحنونَ عظامَ الضحايا التي نبتتْ في الشوارعِ
مثلَ سيوفِ القُرنفلِ...
شبِّيحةٌ دمُهم أسودُ اللونِ مثلُ العناكبِ
والعالمُ الحرُّ ينظرُ مثلَ الذي يتفرَّجُ في ساحةِ السينما
على فيلمِ رعبٍ قديمٍ قديمْ
بكلِّ حياديَّةٍ.. وبغيرِ فضولٍ وغيرِ خجلْ

وداعاً وداعاً لأرضِ الأملْ.



***************




مفخَّخةٌ بالحجارةِ والوَرد

إلى فرجينيا وولف






(1)

أراكِ تحملينَ خلفَ خرَزِ الظهرِ هلالاً من فراشاتٍ
وباقاتٍ من الأزهارِ والخبزِ.. وتذهبينَ كالعروسِ
نحوَ النهرِ والبياضِ
يا شفَّافةَ الخطى كتقبيلِ الطيورِ بعضها لبعضها
هناكَ كنتِ تلمعينَ تحتَ سرِّ الماءِ كالزمرُّدِ المهتاجِ
في ظُفرِ ذئابِ الموتِ أو في قلبِ ماءِ الليلِ..

هل أكملتِ في الصباحِ شربَ الشايِ؟
أو كتابةَ الوصيَّةَ السريَّةَ
القصيدةَ / العنقاءَ؟
هل أعددتِ كوكباً صغيراً سابحاً هناكَ في مجرَّةٍ عمياءَ
لاستقبالكِ المنظورِ والمكسورِ مثلَ شهوةِ النارنجِ والرخامِ؟
هل أحرقتِ في مدفأةِ الصقيعِ أضلاعَكِ؟
هل غزَلتِ من دفءِ شرايينكِ معطفاً يُذيبُ الثلجَ
وانتعَلتِ جمرَ الحبِّ في متاهةِ القطبِ ؟
وهل روَّضتِ أحلامكِ في نهايةِ المنامِ
أو غفرتِ للحياةِ
أو كتبتِ ذنبَها على المياهْ؟


(2)

يصرخُ الماءُ فرجينيا ما الذي تفعلين
في الصباحِ المشَبَّعِ حتى أصابعِ أقدامهِ بعبيرِ النعاسْ؟
كانَ عشبٌ حبيبٌ يُتوِّجُ حلمَكِ أو كاحليكِ
وأنتِ مفخَّخةٌ بالحجارةِ والوردِ مثلَ الهلالِ المقدَّسِ
منذورةٌ لضحى المستحيلْ
قيلَ ما قيلَ عنكِ بأنَّكِ كنتِ تمدَّينَ روحكِ
فوقَ الضبابِ الكثيفِ كحبلٍ من القلَقِ المعدنيِّ
وتحضنكِ الهاويةْ

(3)

يصرخُ الماءُ فرجينيا والسماءُ خلاسيَّةُ الجلدِ
والماءُ مشتعلٌ بتلابيبِ قلبكِ حتى الجنونْ
آهِ فرجينيا ما الذي تفعلين؟
صرختي في الليالي غبارٌ مضيءٌ على شجَرٍ واضحٍ
ودمي آخرَ النهرِ يُقعي كذئبٍ قتيلٍ
وأحلامُ جسمي وحولْ
تعرِّي كحوريَّةٍ من ذنوبِ الكتابةِ والندمِ المشتهى
ودعي الماءَ يجري إلى المنتهى
ثُمَّ غوصي إلى قاعِ عقلكِ وانتظري سمَكاً طيِّباً
في الظهيرةِ يأتي لكيْ يصطفي شمسَ عينيكِ
كالدُرَّةِ الذاويةْ

(4)

يصرخُ الماءُ بي في المنامِ
وفي يقظةِ الدمِ عندَ حدودِ الكلامِ
فيهرعُ قلبي بأوتارهِ كرياحِ السنونو
يُبلِّلها مطرُ القافيةْ

(5)

الهواءُ النظيفُ يعذِّبُ روحَكِ بالذكرياتِ
ويستنبتُ العشبُ دمعَ أصابعكِ المخمليَّةِ
فوقَ الطريقِ المؤدِّي إلى موتكِ العبثيِّ كفخِّ الطيورِ..

سماؤكِ عيناكِ
أرضُ الخطيئةِ تنبتُ مثلَ السنابلِ فوقَ خطاكِ
ويبزغُ نجمٌ وحيدٌ لبسمتكِ الصافيةْ
على صفحةِ الماءِ
أيتها المرأةُ / اللغزُ
أيتها القبلةُ الحافيةْ

(6)

تتنفَّسينَ هواءَكِ المنقوعَ مثلَ سفرجلِ الإسفنجِ
بالأوهامِ والرؤيا
فتأخذكِ الإشارةُ نحوَ حبٍّ ما.. وتخذلكِ العبارةُ
في الكتابةِ عن شتاءٍ مرَّ مثلَ البرقِ في عينيكِ
ثُمَّ طفا على أطرافِ روحكِ
مثلَ جسمكِ في البحيرةِ...

أينَ تأخذكِ الكتابةُ من دخانِ اليأسِ
وهيَ حقيقةٌ بيضاءُ نورانيَّةُ المعنى؟
وأينَ وراءَ هذا الليلِ يحملكِ الضبابُ
أو الجنونُ أو الحنينُ إلى سماءِ اللهِ؟
كيفَ تضمِّدينَ بقبلةٍ عمياءَ روحَكِ في الصباحِ؟

بنجمةٍ مشقوقةٍ كالأقحوانةِ فوقَ خصركِ
تَنهضينَ من الرمادِ وتُكملينَ روايةَ الأمواجِ...

ما أبهاكِ نائمةً
كأنَّكِ في المياهِ فراشةٌ بيضاءُ يصرعُها النعاسُ..

تأمَّلي فرجينيا ما حلَّ بالقَمرِ المريضِ
وبالرخامِ القُرمزيِّ حيالَ صمتكِ
كيفَ في الريفِ البعيدِ تفتَّحتْ أزهارُ موتكِ..
يصرخُ الماءُ الوحيدُ الآنَ
لا تُلقي بنفسكِ في سراجِ حقيقةٍ بيضاءَ
لا تُلقي بنفسكِ في السرابْ

(7)

تمشينَ هادئةً على جمرِ الصقيعِ
تمسِّدينَ هناكَ أطفالاً هلاميِّينَ.. هادئةً
وتحتشدينَ بالنورِ الخفيفِ
وتهبطينَ إلى فضاءٍ غائمٍ بالزرقةِ الخضراءِ
تنحلِّينَ في النهرِ العظيمِ كذَّرةٍ من فضَّةٍ
وتواصلينَ الحلمَ هادئةً...
وهادئةً كحبَّةِ حنطةٍ بخميرةِ الأشواقِ تندلعينَ

آهِ كأنَّ روحَكِ لم تزَلْ فينا..
كأنَّكِ لم تذوبي في خضَّمِ اللهِ..
ضلعُكِ مهدُ آلامِ النساءِ
المثقلاتِ بحبرهنَّ وعطرهنَّ وصخرهنَّ إلى القيامةْ

(8)

تمشينَ هادئةً وحالمةً بحبٍّ ما
فتخذلكِ العبارةُ في الكتابةِ عن شتاءٍ مرَّ
مثلَ البرقِ في عينيكِ
ثُمَّ طفا على أطرافِ روحكِ
مثلَ جسمكِ في البحيرةِ...
ها هنا تتوزَّعينَ إلى نساءٍ أخرياتٍ واثقاتٍ
بالجمالِ وبالحياةِ وبالصدودِ
تأمَّلي فرجينيا ما حَلَّ بالقَمرِ المريضِ
وكيفَ في الموتِ البليغِ تفتَّحتْ أزهارُ صمتكِ
كيفَ تنسلِّينَ من طُهرِ الرمادِ الآنَ
ساحرةً كعنقاءٍ وعابقةً برائحةِ الطيورِ أو البحارِ..؟

الآنَ تكتملُ الأنوثةُ فيكِ
حتى لا نرى امرأةً تعذِّبها المحبَّةُ في ثيابكِ...
بلْ حمامةْ.



كانون ثاني 2011


************

للدماءِ رائحةُ الياسمين

(قصيدة إلى محمد البوعزيزي)







محمد البوعزيزي مُشعلُ الثورة التونسيَّة.ومفجِّرُ تسونامي الغضب الذي ما زالَ يزحفُ نحوَ الطغاةِ بقوَّةٍ هائلة. قامَ بحرقِ نفسهِ احتجاجاً على صفعِ شرطيَّةٍ تونسيَّةٍ له أمامَ المارَّة ومصادرةِ عربتهِ الخاصَّة التي كانَ يبيعُ عليها الخضار.
ويلاحظُ القارئُ كيفَ ممدتُ خيطاً رفيعاً بينَ الشرطيَّةِ التي صفعت بوعزيزي وبينَ ليلى بن علي سيِّدةِ تونس المخلوعة.


(1)

أخي بوعزيزي
عندما تنـزلُ المطرقةْ
على رأسِ شعبي وشعبكَ في الساحةِ الضيِّقةْ
قُل لليلى التي صفعتْ يدُها الأفعوانيةُ الدمِ وجهَكَ أو روحَكَ المشرقةْ
اصفعي كيفَ شئتِ فأنتِ وكلُّ الجمالِ الخبيثِ ومالِ الحرامِ إلى المحرقةْ

(2)

أخي في الكفاحْ
طالعاً مثلَ قنديلِ خبزٍ من القمقمِ المتصدِّعِ ملءَ الصباحْ
من دخانِ مراراتِ أيامنا
من خساراتِ أحلامنا
ورمادِ رؤانا وآلامنا
طالعاً من دمِ الطاغيةْ
عارياً.. لابساً روحكَ الحافيةْ
حاضناً جمرةَ الهاويةْ
طازجاً مثلَ قنبلةِ الغازِ في حرمِ الجامعةْ
أخي في الدماءِ وفي القهرِ والفقرِ والغضبِ الحرِّ والنارِ والثورةِ الرائعةْ
قل لليلى التي قتلتكَ التي نهبتكَ التي صفعت يدُها الأفعوانيةُ الدمِ
وجهَكَ أو شمسَ فضَّتكَ المحرقةْ
اقتلي كيفَ شئتِ
انهبي كيفَ شئتِ
اصفعي كيفَ شئتِ
فأنتِ وكلُّ الجمالِ الخبيثِ إلى المشنقةْ

(3)

قُل لليلى وقُل لظلامِ نهارِ الطغاةِ الرهيبِ
وظلمِ الطغاةِ الذي لا يغيبُ هنا أو هناكَ عن الشعبِ
(لا بُدَّ أن يستجيبَ القدَرْ)
لحريَّةِ البشَرِ الطيِّبينَ أو البشَرِ الحالمينْ
بجرعةِ ماءٍ وكسرةِ خبزٍ وضحكِ حياةٍ وهمسِ قمَرْ
( ولا بُدَّ لليلِ أن ينجلي ولا بُدَّ للقيدِ أن ينكسرْ)
أخي في الظلامِ وفي الظلمِ والحلمِ والعدَمِ المنتصرْ
أخي في ربيعِ الحياةِ وخصبِ الدمِ المنتظَرْ

(4)

أخي إنَّ ليلَ الخفافيشِ يخنقُ سوسنةَ الروحِ أو فُلَّ قرطاجَ
يخنقُ بوحَ السنونو الذي يسكنُ الأوردةْ
فتنهارُ فوقي حدائقُ عينيكِ أيتُّها المرأةُ الواحدةْ
وتنهارُ فوقَ خطاياكِ أضلاعيَ / الأعمدةْ
الخفافيشُ تطلعُ من فجوةِ النومِ لي
والأفاعي تُسمِّمُ ماءَ الحنينِ إلى فمِ عاشقةٍ مُجهدةْ
آهِ أيتُّها المرأةُ الواحدةْ

(5)

للدماءِ وللغازِ رائحةُ الياسمينِ الصباحيِّ
ذاكَ المشبَّعِ بالماءِ ملءَ أكفِّ النساءِ على شرفاتِ الندى
قالها ثائرٌ لأخيهِ..
أبٌ لابنهِ
شاعرٌ في خضَّمِ الشموسِ
فتى لجمالِ العروسِ
وأُمٌّ لطفلتها في السريرِ
فتاةٌ تُزيِّنُ آلامها بزُمرُّدةٍ.. وتعلِّقُ أحلامها فوقَ حبلِ الخريفِ
ملاكٌ يعُدُّ العشاءَ الأخيرَ..
هنا للهواءِ وللماءِ للكبرياءِ الأنوثيِّ رائحةُ الياسمينْ

(6)

أخي بوعزيزي
عندما تنـزلُ المطرقةْ
على أُمِّ رأسي ورأسكَ في الساحةِ الضيَّقةْ
قُل لليلى التي اغتصبَتْ ياسمينَ الحياةِ المرصَّعَ بالدمِ في مقلتيكَ
وفُلَّ الصباحِ الأنيقَ على راحتينِ من الجمرِ
لن تهربي من دمي
فأمامَ ذنوبكِ ضيِّقةٌ هذهِ الأرضُ ضيِّقةٌ ضيِّقةْ
والسماواتُ مُغلقةٌ مُغلقةْ.



يناير 2011



الأبيات التي بينَ الأقواس هيَ لشاعر تونس الخالد أبي القاسمِ الشابي


***********

رمادُ الكوابيس




دمي مُصابٌ بدوارِ الحمام
عينايَ بحيرتانِ داميتان
يداي تتقصَّفانِ كغصنينِ يابسينِ من الصفصاف
عاجزتانِ حتَّى عن رفعِ صليبي وحملهِ عدَّةَ أمتار
وفمي مصابٌ بالخرَس
فزبانيةُ مؤسسةِ الرعبِ الوطنيِّ تطاردني بالمسدَّساتِ المسلولة
كأنني العربيُّ الوحيدُ الذي يعيشُ في هذهِ البلادِ التي قدَّسها الربُّ والحاخام
وبالرغمِ من أنني أتحدَّثُ لغةَ شعبِ اللهِ المختارِ لا أقولُ بطلاقةٍ
ولكن بمستوى لا بأسَ بهِ
أجدُ نفسي مصاباً بالخرَسِ وبالصمَمِ
عندما أجادلُ موظفةً بسيطةً تعملُ في هذهِ المؤسسَّةِ

وفي صباحِ أحدِ الأيامِ الرماديَّةِ يحتشدُ رأسي بالعواصفِ والأمطارِ والدموع
فأنا منذُ خلقني اللهُ لا أفلحُ في العثورِ على أملٍ ملائمٍ لحالتي النفسيَّةِ أو الجسديَّةِ
لا أنجحُ إلاَّ في العثورِ على خازوقٍ عظيمٍ يرفعني على بابِ الجحيمِ الأرضيِّ

منذُ تيتَّمتُ وأنا أعيشُ على هامشِ موائدِ اللئام
بشعورِ المطاردِ أو مجرمِ الحربِ أو اللصِّ أوالمارقِ أو الصعلوكِ
أذكرُ مرَّةً قبلَ عامٍ ربمَّا أو أكثر
كيفَ انقضُّوا على بيتي كأنهم خفافيشُ نهارٍ مسعورةٍ
في ذلكَ اليومِ أرعبوا حتى الجمادَ والنباتاتِ المنـزليَّةَ
وعندما اتصَّلوا بي أُصبتُ بالبكَمِ وتحوَّلَ الدمُ في عروقي إلى شرابٍ أحمر
يلمعُ كليزرٍ في ليلٍ بهيم
بينما وحشٌ يكادُ يموتُ من العطشِ يرقبهُ من علٍ كالبومةِ
التي تستعدُّ للانقضاضِ على فريستها الساذجة

في الحقيقةِ اليانعةِ كعينيِّ إبليس
أنني لا أُفرِّقُ بينَ أيِّ انسانٍ وآخرَ
على أساسِ مذهبٍ أو عرقٍ أو قوميَّةٍ أو دينٍ أو لغةٍ أو لونٍ أو شكلٍ
ولكنَّ البشرَ الملعونينَ السفهاءَ يدفعونني إلى التفريقِ بينَ الأخِ وأخيهِ
والزهرةِ وأختها والزوجِ وزوجهِ
وسبِّ آباءِ الجنودِ المرتزقةِ الذينَ اندفعوا كالكلابِ المسعورةِ
للدفاعِ عن قرَفِ البيروقراطيَّةِ على حسابِ إراقةِ دمي
على رصيفِ المدنِ القاسية
ورفعي على صليبِ الفقرِ
في الحقيقةِ الطالعةِ من دمِ الشاعرِ المسكينِ كألفِ شمسٍ ربيعيَّةٍ زرقاءِ
أنني لا أسعى إلى زعزعةِ الاستقرارِ السياسي أو الاقتصادي في هذهِ الكرةِ المأفونة
ولا أدعمُ المنظَّماتِ السريَّةَ أو الثوريَّةَ بأيِّ شكلٍ من الأشكالِ
فلماذا أعيشُ كما كانَ يعيشُ محمَّدُ الماغوطُ في أواخرِ حياتهِ
على فتاتِ الكوابيسِ والأحزانِ والعزلةِ والأحلامِ واليأسِ والجنون

أحلمُ فقط بكتابةِ قصيدةٍ واحدةٍ ليست جميلةً ولا عصماءَ
بقدرِ ما تعبِّرُ بصدقٍ مرهفٍ عن حالتي
وأنا مستلقٍ على كنبةٍ من أوجاعِ الحياةِ
أستمعُ إلى أغنيَّةٍ تركيَّةٍ عذبةٍ لا أفهمُ شيئاً من كلماتها
أحلمُ فقط بحياةٍ تشبهُ حياةَ تشي جيفارا
أحلمُ كما كانَ يحلمُ عشَّاقُ القرونِ الوسطى
بعاطفةٍ محترقةٍ وسذاجةٍ بالغةٍ
كما يحلمُ إبليسُ بالجنَّةِ
وأتخيَّلُ ذراعينِ من النعناعِ تعانقانِ وحدتي
وبحيرتينِ من الزمرُّدِ كعَينيِّ امرأةٍ في لوحةٍ من لوحاتِ رفائيل
تستقبلانِ جسدي التائهَ والمصابَ بألفِ نابٍ وسهمٍ وقوسٍ
وشظيَّةٍ من شظايا الحبِّ

كأنَّ كوابيسَ السامريِّ كلَّها تعشِّشُ في دمي
وتحشو قلبي برمادها غيرِ المرئيِّ.

**********

حيرةُ هاملت




ما سأكتبُ تلكَ هيَ المسألةْ
ما سأفعلهُ
ما سأحملهُ في دمي
من حليبِ البروقِ الصغيرةِ
ما سوفَ يُنبتهُ ماءُ ذاكرتي
مثلَ نبتةِ خُبَّيزةٍ في حدائقِ آذارَ
تلكَ هيَ المشكلةْ

أدُّقُ الهواءَ الذي لا يُدَّقُ
تماماً كأعمىً يفتِّشُ عن شمسِ أنثاهُ
في لعناتِ السرابِ
أدُّقُ الهواءَ المريضَ وأكسرهُ فوقَ عينيَّ
حنظلةً حنظلةْ

ما سأرفعهُ كالصليبِ على غيمةِ الندمِ المرسلةْ
ما سيرفعني فوقَ شوكِ النساءِ الوحيداتِ
يوماً إلى الجلجلةْ
ما سيقتلُ فيَّ انتباهَ الظباءِ
إلى قُبلةِ الصبحِ أو وردةٍ مُقفلةْ
تلكَ هيَ المسألةْ

وجعُ الروحِ بي ليسَ يوصفُ
بحرٌ من التيهِ يسحبني للقرارِ الرهيبِ
وأجملُ ما في مجازِ الرؤى
لهبٌ مُتعبٌ في مرايا الندى وخطايا الكلامِ
وآخرُهُ آكلٌ أوَّلَه
وأجملُ ما في مجازِ الحياةِ-
التي أحرقتني على جذعها مثلَ قدِّيسِ حُبٍّ
يُراودها في القصيدةِ عن نفسها - مقصلةْ

ما سأكتبُ تلكَ هيَ المسألةْ
ما أُفكِّرُ فيهِ هنا في بلادٍ تنامُ على خصرِ قُنبلةٍ مُرجأةْ
وتحلمُ طولَ الحروبِ وطولَ الدماءِ
كما يحلمُ المرهقونَ من الانتصارِ بياقوتةٍ وامرأةْ

ما سأحلمُ فيهِ هو المسألةْ
يومَ لا شمسَ تحرسُ فتنةَ أوفيليا في الظهيرةِ
أو شمعَ أعضائها وبكاءَ يديها
فقط سمكٌ هائجٌ في البحيرةِ
أو أخطبوطٌ قبيحٌ
على وردةٍ تتمدَّدُ في الماءِ ظمآنةً مُهمَلةْ
تتحرَّرُ من طينِ آلامها
ملءَ أحلامها
أيُّ شِعرٍ يليقُ بخفقِ ابتسامتها
كالحمامِ على صفحةِ القمحِ ؟
أو أيُّ نثرٍ سأنثرهُ كالترابِ على قبرها
وهيَ في سحرها موغلةْ ؟
ما سأحلمُ فيهِ هو المسألةْ.


************

هَل في الجسمِ متَّكأٌ لروحكِ ؟






بعبارةٍ شفَّافةٍ كالأقحوانةِ
أو كبوحِ الثلجِ حاولتُ التماهي في القصيدةِ
كيْ أُزيحَ غبارَها المتراكمَ الألفاظِ
لم أجدْ الحقيقةَ في الوضوحِ وفي السرابِ
بلهفةِ المحمولِ فوقَ النهرِ أعبرُ ضفَّتي الأخرى
أُحاولُ أن أُمسِّدَ ذكرياتِ غدي
بما يرِثُ الحمامُ من الحنينِ أو التوجُّعِ...

مُثقلاً كالسندبادِ أجُرُّ صاريتي إلى بحرٍ بلا ماءٍ
وأرفعُ من خطيئاتي بيارقَ لا سماءَ لها
لتخفقَ في هدوءِ الغيمِ
أهجسُ مرَّةً أخرى بهذا الشاعرِ المنسيِّ
يسكنُ فسحةَ اللا وعيِ
هل فعلاً أنايُ الشاعريَّةُ في الحياةِ أنا..؟
وهل من شُرفةٍ لترابِ ذاكرتي
لكَيْ أرتاحَ فوقَ الزهرِ من وجعِ التأمُّلِ
مُرهفاً قلبي إلى اللا شيءِ مثلَ بكاءِ نورسةٍ..؟

وهل متأبِّطاً ندَمي وحزنَ دمي
وسرَّ النشوةِ الكبرى
أطيرُ إلى النهايةِ ؟
ما النهايةُ قلتُ ؟
ما هذا الطريقُ الأوَّلُ الأبديُّ
نحوَ الحبِّ في معراجهِ الأزليِّ ؟
حيثُ خُطايَ تنقرُ وجهَ هذا الليلِ
مثلَ الطائرِ الدوريِّ
تبصرُ صفحةَ الأيامِ كيفَ تشيخُ
من هولِ الذنوبِ
وكيفَ تنحلُّ ابتساماتُ النساءِ
كرغوةِ الصابونِ في ثبجِ الهواءِ
وفي أديمِ العطرِ حينَ يُزاوجُ الليمونَ والنعناعَ..
ملتُ على يدينِ صغيرتينِ تُلوِّحانِ لفتنةِ الإيقاعِ
ملتُ على حريرٍ أجنبيٍّ ناصعٍ كالإثمِ
لا ينصاعُ إلاَّ للغوايةِ
ما الغوايةُ قلتُ ؟
أفراسٌ مطَّهمةٌ تطيرُ إلى حدودِ الغيمِ
والجسدِ المعبَّأِ بالسَفرجلِ والرياحِ...
وألفُ مجمرةٍ يضيءُ بياضُها السحريُّ أنثى الليلِ
في أقصى دماءِ الشاعرِ الملعونِ
أطيارٌ وأزهارٌ مقاتلةٌ
وبحرٌ من رمادِ الجسمِ
أسئلةٌ محنَّطةُ الرؤى في متحفِ الشمعِ القديمِ
وخطوةٌ عمياءُ أو ندَمٌ خجولٌ أبكمٌ...

بإشارةٍ شفَّافةٍ خبَّأتُ برقاً تائباً في مقلتَيْ قلبي
ولم أنبسْ بأيَّةِ رغبةٍ في الحزنِ
أو في نشوةِ الفرَحِ المعتَّقِ دونما سببٍ
ولم أسلُكْ طريقاً سالكاً

مُتأبِّطاً ندَمي وشرَّ إشارتي الأولى وماءَ الشعرِ...
ماءَ القبلةِ المنقوعَ بالنارِ الخفيفةِ والرضابِ الحلوِ..
هل في الجسمِ متَّكأٌ لروحكِ
حينَ تحملُ لعنةَ التعبِ الجميلةَ ألفَ عامٍ؟

صائمٌ جسدي عن الحبِّ
انتظاري صائمٌ ومرتَّبٌ شغفي على رفِّ النهارِ
كما تُرتِّبُ في القصيدةِ نسوةُ الأحلامِ والصُدفِ الصغيرةِ
ما تناثرَ من فراشٍ طائشٍ في الأفقِ
أو أصصَ الزهورِ على اختلاجاتِ الصباحِ
يدايَ صائمتانِ عن حجرِ الفراغِ الناصعِ الشفَّافِ
عن عشبِ التأمُّلِ والرؤى
عينايَ صاريتانِ تشتعلانِ في يمٍّ يؤرجحهُ
غيابُ الطيرِ بينَ سماءِ هاويتينِ
قلبي مركبٌ سكرانُ في أشعارِ رمبو
خرقةٌ جسدي تخاطُ إلى أديمِ الأرضِ مثلُ أبي العلاءِ
وليسَ هذا البحرُ في عينيكِ أقربَ لي إلى الرؤيا
ولا السرُّ المعتَّقُ في الدماءِ وفي غصونِ الروحِ
ليسَ البرُّ أبعدَ لي من الكُحليِّ
حيثُ يدايَ كالمهرِ الجموحِ تطرِّزانِ أهلَّةَ الأشياءِ
في الجسدِ/ الغدِ / الأملِ الذبيحِ
وحيثُ مهدُ الأقحوانِ وقبرُ أسئلتي
وما نثرَ المسيحُ عليَّ من ماءٍ ومن حَبقٍ
تجفِّفهُ خطايا الأرضِ والقلقُ السريعُ

كأنني أمضي إلى ما ليسَ لي
أزنُ الهباءَ بحكمةِ الضلِّيلِ في ميزانِ خسراني
أُروِّضُ وردتي.. تلكَ التي أدمنتُ نشوةَ ذنبها
حتى لتقتُلني مخالبُها
أنا لن أمشِ مثلَ الإبلِ فوقَ صراطِ تحناني
لكَيْ أصلَ الحقيقةَ فوقَ نارِ الحبِّ أو سيفِ السكينةِ...

أطمئنُّ إلى النجومِ المستديرةِ كالفقاعاتِ الصغيرةِ
أطمئنُّ إلى غيومٍ ضاحكاتٍ كابتساماتِ الصبايا...
أو إلى الجبلِ المعبَّأِ بالنشيدِ الليلكيِّ وبالطيورِ
وبالصراخِ الأبكمِ المكتومِ...
من وحلٍ تلفَّعَ بالنصاعةِ شعَّ نجمٌ في مدى جسدي
ومن قُزحٍ بلا جذرٍ شمختُ
كأنني بُرجٌ من الضوءِ الخفيفِ الماءِ

جسمي كوكبٌ في الكونِ يسبحُ
أو كبوحِ الثلجِ ينبضُ في المجرَّةِ
كيفَ صُغتُ عبارتي
ودمي على دَرَجِ الطفولةِ بعدُ لم يحبو
ولم يجدْ القصيدةَ بعدُ في المجهولِ
لم يندمْ على شيءٍ من الأشياءِ أو يفهمْ إشارةْ ؟
الماءُ ملءُ فمي وملءُ دمي وأخيلَتي
فهل لي بعدَ طوفانِ الأحاسيسِ الغريبةِ والرؤى...
هل من عبارة ؟



نيسان – أيَّار 2011


*************

أنهارٌ مُنوَّمة






أيُّ شيءٍ يُنوِّمُ أنهارَكِ الذهبيَّةَ في يقظاتِ الأعالي
ويمنحها لذَّةً لا تُفسَّرُ ؟
كلُّ المجازِ الإيروسيِّ يغدو فقيراً ذليلاً... كرملِ البحارِ
إذا قيسَ يوماً بماءِ ابتسامتكِ السكريِّ
ولكنني حينَ أحلمُ يوماً بأنهاركِ المستغيثةِ
بالكهرمانِ النبيلِ أمامَ يديكِ
أرى قدمي كيفَ تغطسُ في ذهبٍ سائلٍ أخضرَ اللونِ
كالسمكِ المتسلِّحِ بالعنجهيَّةِ والانبهارِ
أرى ندمي وهو يزحفُ فيَّ على وجههِ
أتقرَّى دمي مثلما يتقرَّى
لهيبُ السيوفِ على شفتيَّ أصابعَ ليلايَ
صمتُ الفراشاتِ فوقَ يديَّ
وحلمي يُتوِّجُ قتلايَ بالوردةِ المستحيلةِ
أنهضُ من موتِ رؤيايَ في سكراتِ القبيلةِ
لا اليومَ خمرٌ ولا الغدَ أمرٌ
وليسَ لعينيَّ أن تحملا شبقَ الشعرِ
فوقَ الطريقِ الذي ليسَ يُفضي سوى لمفاتنِ فاطمَ
أو لنداءاتِ ضلِّيلها وكتابِ اليمامِ

سأختمُ ما ظلَّ من مسكِ أنفاسكِ الرخصِ
ثمَّ أصومُ عن الغمغماتِ التي لن تُصادقَ كذبَ نواياكِ
أو ربَّما لن تُصدِّقَ دمعَ التماسيحِ في آخرِ الفجرِ...

ماذا وراءَكِ من قلقٍ ناصعٍ لا يُصاغُ
ومن خضرةٍ لا تنامُ سوى فوقَ صوتي..
ومن رميةٍ حاذقةْ
تتهادى بسهمٍ نحيلٍ وتنشبُ في رئتي العاشقة ؟

أيُّ شيءٍ يُنوِّمُ أسرارَكِ المستقيلةَ من شمسها
في ذرى الروحِ مثلَ السفائنِ مُتعبةً مُتعبةْ ؟

أتراكمُ مثلَ الأهلَّةِ فوقَ سماءِ حزيرانَ
ينهرُها ألفُ ذئبٍ قتيلٍ وتدركها لعنةُ التجربة
كلُّ أفكارِ قلبي وأشعارهِ
سوفَ يُعلنها الحبُّ فيَّ وتنكرها الموهبةْ
كلُّ ما يتراخى وراءَ التماعاتِ وجهكِ يضربني كالزلازلِ
يُشعلُ ما في دمي من هشيمٍ ومن خشَبٍ قاحلٍ
في حياةٍ خلَت كانَ شوقاً عنيفاً إلى قُرطبةْ
ما الذي يتوالدُ من هذهِ اللمسةِ الرعويَّةِ
والضحكةِ المستديرةِ حولَ يديكِ الملوكيَّتينِ
قفيراً من النحلِ يحملُني كيْ أنامَ على غيمةٍ طيِّبةْ ؟

أيُّ شيءٍ يُهوِّمُ بي فوقَ هذي البحيرةِ كالطائرِ المستهامِ
ويمنحني شفقاً من كلامٍ ؟
وأيُّ شتاءاتكِ الأنثويَّةِ يعصفُ بي في مرايا الظلامِ ؟
وأيُّ نداءاتكِ العاطفيَّةِ يرمقني من علٍ كالملاكِ الحنونِ
ويمسحني بالأناشيدِ..
أو برذاذِ البحارِ المشبَّعِ بالدمعِ والاشتهاءِ
كعينيكِ في ذروةِ الحبِّ...؟

هذا الرمادُ قليلٌ على نزوةِ النارِ فينا
وليسَ يُغطِّي كما ورقِ التينِ سوءةَ عنقائنا
لا يُغطِّي الذنوبَ التي يبسَتْ فوقَ أشيائنا...
كلُّ هذا الحطَبْ
ليسَ يكفي ليوقدَ في دمكِ القبلةَ الباردةْ
كلُّ هذا التعَبْ
ليسَ إلاَّ طريقي وفاكهتي وحنيني
الذي كثَّرتهُ الحياةُ لأندلسٍ واحدةْ

أيُّ شيءٍ يُنوِّمُ أنهارَكِ المخمليَّةَ
في هاوياتِ السماءِ وفي شُرفاتِ الأنوثةِ ؟
حتى لتجهشَ بالشمسِ والوردِ والطيرِ والاخضرارِ
وتنحلَّ في عتمةِ الشغفِ الأرجوانيِّ
أو في بكاءِ اليدينِ على دمنا الكهلِ
ماءً كعطرِ السفرجلِ...
مفردةً مفردةْ.




أيَّار 2011

************

شمسُ زليخة






لا تُراودْ زليخةَ عن شمسها في المساءِ
فما دامَ قلبُكَ قدْ قُدَّ من قُبُلٍ
فصَدَقْتَ ... وكانتْ من الكاذبينْ

لا تُراود زليخةَ عن نفسها
فالسماءُ التي أمطرتكَ
زهوراً وناراً
وصخراً وغاراً
ومجداً وعاراً
تميلُ على نقطةٍ من حنينْ

لا تُراودْ زليخةَ
فالعطرُ ما زالَ ينبضُ في معصميها
وفي مقلتيها
تفحُّ فحيحَ الأفاعيَ أنهارُ سودِ العيونْ

قلبُها قبلةٌ فوقَ حبلِ الحياةِ مجفَّفةٌ
ودمائي موزَّعةٌ في الفصولِ
مفرَّقةٌ في الحقولِ
معلَّقةٌ فوقَ حبلِ سرابٍ وطينْ

لا تراودْ زليخةَ
واتركْ لعينيكَ أن تنعما بهدوءٍ رصينْ
بعدَ كلِّ الذي حفَّ روحَكَ من نارها...
آنَ أن تستكينْ

لا ترُاودْ زليخةَ عن شمسها
لا تُراودْ زليخةَ عن مطرٍ زاجلٍ في خطاها
ولا عن شذىً هاطلٍ فوقَ صحراءِ روحكَ
لا عن قميصٍ يشفُّ عن الكهرمانِ العميقِ
ولا عن رخامِ البروقِ
ولا عن بياضِ الغمامِ السحيقِ
ولا عن رؤى عاشقٍ أو نبيٍّ
فما زالَ في كاحلِ الأرضِ
وردٌ ووشمٌ لمعزوفةِ الماءِ
ما زالَ في رمَقِ الشعرِ
بعضُ حليبِ الكلامْ

دَعْ وصايا ابنِ حزمٍ
ودَعْ ما يقولُ الفلاسفةُ القُدماءُ عن الحبِّ..
والجسديِّ الذي ليسَ يوصفُ
إلاَّ بحسِّيةِ الشهدِ فيهِ
ودَعْ فرَسَ النارِ تجري إلى منتهاها
إلى مبتدى النهرِ في دمِكَ المتحدِّرِ
من رفرفاتِ اليمامْ
دَعْ وصايا ابنِ حزمٍ
ودَعْ ما يقولُ الندى الذكريُّ
لأنثى الخزام

سوفَ يلزمُها قمرٌ راعشٌ في الشفاهِ
لتقضمَ تفَّاحةَ الإثمِ
يلزمُها قدَرٌ حارسٌ
أملسٌ كنداءِ المياهِ التي طفرَتْ
من أصابعها ملءَ أسطورةِ الرملِ
يلزمُها شجرٌ عاشقٌ
خافقٌ كالقلوبِ الصغيرةِ
في كلِّ أعضائها
واثقٌ بأنوثتها... كيْ تكونْ




حزيران 2011


***********












#نمر_سعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماريو فاغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- شمسُ زليخة
- أمل دنقل.. يا فرَحَ الشِعرِ المختلَسْ
- تكوين
- قربانُ الفراغِ وهبةُ الحريَّة
- ممدوح عدوان ورؤيا الدماء
- مجموعة قصائد / 8
- أنهارٌ مُنوَّمة
- هَل في الجسمِ متَّكأٌ لروحكِ ؟
- حيرةُ هاملت
- رمادُ الكوابيس
- للدماءِ رائحةُ الياسمين
- مفخَّخةٌ بالحجارةِ والوَرد
- كأنَّ سماءهُ من فضَّةٍ
- مجموعة قصائد ونصوص
- مجموعة قصائد / 7
- مجموعة قصائد جديدة/ 2
- مرثيَّةُ الهاويةْ
- محمد عفيفي مطر.. عبقريَّةُ التنوُّع
- قصائد نابضة


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - مجموعة قصائد / حزيران 2011