|
النبوغ المغربي الجديد !
محمد المراكشي
الحوار المتمدن-العدد: 3407 - 2011 / 6 / 25 - 16:02
المحور:
كتابات ساخرة
أعتذر من روح العالم العلامة عبد الله كنون إن اخذت عنوان بحثه الراقي الذي أحب من خلاله أن يضع المغاربة على الخارطة،و القصد أني أرى أن الباحث الراحل لو عاش إلى اليوم ما أحب أن يبحث بحثه أو يضيع الوقت الثمين في اكتشاف نبوغ مغاربة العصر الحديث ! ما يدفعني للقول هو أصبحنا نراه و ننام على وقعه و نستفيق على بشائره ، ذاك المغرب الرائع البهي الآتي بعد زمن ! مغرب تتضح معالم غده من هذا الحاضر الذي أدع عني اختيار لونه ! كل منا يختار اللون المناسب الذي لا يجعل عينيه تريان غيره ! للمغرب القادم صور كثيرة ،فتلك العروسة التي تناولت المواقع مقاطع من إجاباتها الخارقة للعادة في برنامج تلفزي تافه ،أبرزت الكم الهائل من الذكاء و النبوغ الذي نتوفر عليه في بلادنا حين تلمس وهي مغمضة العينين أرنبا فتجيب أنه حمار ! كيف يمكنك أن تشاهد التلفزيون بعدها ،ألتقارن من تناقش وزيرها بكل ثقة في النفس و قدرة على البوح و النقد أم لتشاهد عروسة اخرى تحلم بمنزل جديد لتجيب بذكائها الخارق عن موقف جديد ! لقد استغربت كثيرا حين رأيت المقطع التلفزي و تمنيت لو أن مقدمة البرنامج أو غيرها طلب منها تحديد شخص باللمس من المتواجدين في "البلاطو".. ! للمغرب صور أخرى ،من أروعها صورة ذاك المثقف المقجوج بشاله الأحمر الصوفي في عز الحر بمهرجان مسرحي قديم بورزازات..كنا نشاهد العروض المسرحية و نناقشها بعد ذلك بيوم .. وكان الجميع مشاركا مباشرا في إطار فرقة ما إلا السيد المثقف و مصور نزل من السماء ! استطاع المثقف إقناع المنظمين بثقافته من خلال بضع أسطر منشورة باسمه في جرائد مغمورة ،بينما المصور ظل يزبد و يرغد إلى أن تركوه و حاله يأخذ الصور التي شاء ! لم يكن المنظمون أغبياء فالمثقف و المصور وجهان مرسولان لعملة واحدة ! الغريب هو أن السيد المثقف يتحفنا كل يوم بتدخل نجده أروع من المسرحية التي يناقشها ! و أكاد أجزم أنه الشخص الوحيد الذي قدم كوميديا ضمن مهرجان تراجيدي بامتياز ! تصوروا أنه ختم ملهاته بتدخل تمنى فيه أن يتشرف برؤية المخرج المسرحي السيد جماعي ! و للعلم فقط فإن أغلب الفرق كانت تقوم باخراج جماعي و تكتبها في ملصقات عروضها ،بينما نابغة المثقفين ظن أن جماعي تلك تدل على مخرج معروف رأى له أعمالا كثيرة فهو غزير الانتاج المشتت على ربوع البلاد ! ثم للمغرب صورة الأمس فقط ،تلك التلميذة النابغة البارعة أو ذاك التلميذ النابغ البارع الذي كتب وهو يجتاز امتحان الفلسفة في إطار البكالوريا جوابا رائعا جامعا مانعا مختزلا للمغرب الجديد ! لم يتعب نفسه و لو دقيقة كاملة ليحطم الرقم القياسي في الاجابة عن فلسفة وزارة التربية المغربية ،و اختصر الطريق إلى النجاح وفق أعراف المغرب الحداثي ! لكنه و هو يكتب أبان عن عدة مواضع تثير نقع العبقرية التي يمتاز بها تلاميذنا ،فهو أولا أظهر أن البكالوريا المغربية لم تعد ذلك البعبع الذي يفكر فيه الشباب طوال الليل و النهار ليصطدموا بعد طول عناء و انتظار مع أسئلة لواجتمعت الانس و الجن و علماء الأرض ما أجابوا عنها بما يجعل المصحح يمنحك نقطة موجبة للنجاح ! فهي صارت الآن مجرد محطة يومية عادية تعادل الجلوس في أي سيبركافي أو أمام أي محل لبيع السراويل التي تظهر نصف إست الفتى ! لم تعد مهمة تلك البكالوريا التي لا تؤدي بصاحبها إلى أي مكان يحلم به ،بل إنها لم تعد مهمة لأن أغلب شبابنا لم تعد له أية أحلام ! حتى حلم الهجرة السرية وئد بعمل رائع لدركي البحار المجتهد ! حين شاهدت صورة ورقة الامتحان التي كتبت عليها الاجابة اكتشفت الكم الهائل من النبوغ الذي جعل التلميذ يتحول من ممتحن يريد النجاح إلى براح يريد أن يكسب دون إجابة.إن المسكين ظن أنه بمجرد أن يرى المصحح إجابته فإنه سيمنحه أعلى نقطة في الفلسفة،و لعمري لو كنت المصحح لأعطيته كل النقط الموجودة في جعبتي لأنه حقق بالفعل ما تصبو إليه وزارة التربية في دروس المواطنة منذ عصر و نيف ! إنها التربية على الانتهازية هي التي جعلت ذاك التلميذ يتصور أنه ناجح لا محالة إن هو كتب عبارة :(عاش محمد سادس)أو مجد الدستور وقال:(نعم لدستور المغربي)أو رفض حركة التغيير في قوله:(لا لحركة 20فبراير)... ! لكن رعب أمثال هؤلاء الأبواق الرخيصة التي تأخذ لمجرد القول أو تتوقع المن و المكرمات نتيجة فعل لا تفقه عن مضمونه شيئا هو الذي يجعلنا نخاف على مغرب المستقبل من هؤلاء الكوانب* و البوجاديين* الذي إن وصلوا بالغش إلى البكالوريا تفضحهم كتابتهم حين لا يستطيعون كتابة جملة دون أخطاء إملائية أو حتى دون التمييز بين" ال " الشمسية و "ال" القمرية كما في لافتة فلسفة هذا المناصر النابغة ! أنهي بالقول المغربي الشائع: مع من حـاركـيـن احـنا !؟؟* ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الكوانب/البوجاديين:الذين يتميزون بالبلادة و الغباء الكثير. مع من حاركين احنا: بمعنى على من نعول!
#محمد_المراكشي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مناصرو الضوصطور و النموذج الاسباني !
-
أحزاب وازنة فعلا !
-
ساركوزي يقول نعم للدستور !
-
تعددية دستورية !..
-
سياسيو الهيدلاينز !
-
حين يتأخر المثقفون.. !
-
ضحك كالبكاء..(إلى من يتذكر السبت الأسود بسيدي إفني)
-
إشهد يا حزيران !
-
لا أحد يحب أن يموت !
-
رأس نتنياهو لا تصلح لشيء !
-
جحا الذي بيننا..!
-
وزارة التعليم لا تحسن الحساب !!
-
إنتلجنسيا البسوس !!
-
ستراوس كان وسمراء من قوم عيسى !
-
العصا و الجزرة على الطريقة العربية !
-
ضربني الحائط..!
-
الزمزمي و الزوجة الميتة..!
-
حيا الله من يانا.. !
-
الحب في زمن الموت..
-
درس فرانكو...
المزيد.....
-
مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
-
اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار
...
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|