|
تسييس القضاء العسكري خيانة
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3405 - 2011 / 6 / 23 - 13:24
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
القضاء العسكري تحول من جهة قضائية إلى هيئة قضائية مستقلة تتمتع بالحصانة و الإستقلالية مثل سائر الهيئات القضائية . هذا ما طلعت به علينا جريدة الأهرام - لسان طغم الإستبداد ، و الفساد ، الحاكمة ، منذ عهد هيكل ، و إلى اليوم - في موقعها على الإنترنت في هذا الشهر ، يونيو 2011 . فماذا تعني عملية التجميل هذه ؟؟؟ سأجيب على ذلك السؤال ببحث ما تعنيه تلك العملية على مستوى الأفراد ، و من خلال ذلك سأصل تلقائياً لما تعنيه على مستوى المجتمع ، و تأثيرها على مصر . على مستوى الأفراد يختلف ما تعنيه تلك العملية التجميلية بإختلاف موقع الأفراد في المجتمع . بالنسبة للعسكريين فإنها لا تعني شيء على الإطلاق ، لأن العسكري الحقيقي لا تهمه تلك المسميات ، و الأوصاف ، لإنه يعلم أن من أولى صفات العسكرية الحقة ، الإنضباط ، و الطاعة ، و هو يعلم أن القضاء العسكري هو أداة لفرض الإنضباط اللازم في صفوف القوات المسلحة ، و بالتالي لا يولي إهتمامه طبيعة القضاء العسكري ، هل هو جهة ، أم هيئة ؟ و هل هو مستقل ، أم إنه يتبع هيئة الأركان على سبيل المثال ؟ و نحن في حزب كل مصر نتفق معه في وجهة نظره هذه . بالنسبة للمدنيين ، فإنها تعني في ظروفنا السياسية الحالية الكثير ، خاصة بعد أن تبينا خواء تلك الخطوة بالنسبة لأفراد القوات المسلحة الذين تتشرب نفوسهم بالروح العسكرية الحقيقية . ظروفنا السياسية الحالية ، في ظل هذه المرحلة غير المستقرة التي تعيشها مصر ، منذ سقط مبارك الأثيم عن عرشه الجمهوري ، نعرفها جيداً ، و يمكن تلخيصها بإنها محاولة مستميته من السلطة للإلتفاف على الثورة للإبقاء على النظام الإستبدادي الفاسد الذي أسسه مبارك ، و مقاومة سلمية صلبة مستميتة هي الأخرى من جانب الشعب لإحباط تلك المحاولة . السلطة تدرك أن ذلك الإلتفاف لن يكتب له النجاح لو ظلت حالة اليقظة الشعبية التي تشهدها مصر الآن على حالها ، أي لو ظلت الأفواه حرة تزعق بإحباطاتها ، و تهتف بآمالها ، و لهذا رأت السلطة إنه من الضروري إخماد تلك اليقظة ، بتكميم تلك الأفواه ، بإستعمال هراوة غليظة مع هؤلاء الذين يعرقلون مسيرة الإلتفاف على الثورة ، هؤلاء الذين يرفضون السير في الطريق الذي حددته السلطة ، هؤلاء الذين لا يريدون الإكتفاء بهذا القدر التافه الذي حققته الثورة ، هؤلاء الذين يتطلعون لمصر أخرى غير تلك التي تريدها السلطة ، و تلك الهراوة ، هي نفس الهراوة التي سبق أن لوح بها مبارك الأثيم ، إنها إحالة المدنيين للقضاء العسكري ، أو تسييس القضاء العسكري . في عملية التجميل التي مر بها القضاء العسكري هذا الشهر ، دلالة على أن هناك نية خبيثة من جانب السلطة للتوسع في إستعمال القضاء العسكري بحق المدنيين ، و أن تلك الهراوة سوف تنهال بشدة في المستقبل ، القريب ، أو المتوسط ، على هامات المستيقظين من أبناء الشعب ، الذين يرفضون إبتلاع تمثيلية الديمقراطية الزائفة ، و يريدون إستئصال الفساد ، و ينادون بمحاسبة حقيقية لمجرمي حقبة مبارك الحالكة ، و يهتفون من أجل ديمقراطية حقيقية ، و يرفضون الإصطفاف حول البرادعي الإنتهازي ، و زمرته للتغيير الزائف التي تضم الكثير من عملاء الأمن ، من كتاب ، و صحفيين ، و الذي تقدمه السلطة على إنه مرشح إجماعي للمعارضة ، أو بالأصح تحاول فرضه عليها فرضاً . السلطة الحالية ، و التي ليست إلا إمتداد لعهد مبارك الأثيم ، تحاول قمع الثورة بقمع الأحرار ، و إرهابهم ، حتى لو كان في الوسائل المتبعة خيانة لمصر . أليس من يعمل بدأب للإيقاع بين الشعب ، و جيشه ، بالإصرار على إستخدام إحدى هيئات القوات المسلحة المصرية كوسيلة للقمع ، للإلتفاف على مطالب الشعب ، خائن لمصر ؟؟؟ أليس من يحاول دق إسفين بين الشعب و الجيش ، من خلال تسييس القضاء العسكري ، لترسيخ حكم إستبدادي ، و حماية كبار مجرمي حقبة مبارك ، خائن لمصر ؟؟؟ إنني عندما أدافع عن حق المدنيين في محاكمات مدنية ، إنما أدافع عن مبدأ ، و ليس أفراد بعينهم ، فهناك من أحيل للقضاء العسكري بسبب كتابات لا أتفق مع محتواها ، مثال على ذلك الدعوة إلى إلغاء التجنيد الإجباري ، و هي دعوة لا أوافق عليها لإنني من أشد أنصار الخدمة الوطنية الإلزامية ، و لإنني أؤمن بأن القوات المسلحة يجب أن تكون لها كلمة مسموعة في مسألة بقاء التجنيد الإجباري ، أو إلغاءه ، أو تخفيض مدته ، و ذلك بعد دراسة وافية - و قد سبق أن أوضحت ذلك في مقال قديم هاجمت فيه نظام البدل النقدي ، بعد ما قيل أن هناك تفكير في تبنيه في تركيا في عهد أردوغان ، أو على الأقل الدعوة لتبنيه ، لأنه نظام يجرد الخدمة العسكرية من شرفها - و لكن من حق صاحب الدعوة لإلغاء نظام التجنيد الإجباري في مصر أن يقف أمام القضاء المدني النزيه ، لو كان في دعوته هذه ، أو في باقي كتاباته ، جريمة ، لأنه القضاء الذي يختص به ، و كذلك الحال لكل المدنيين الذين تمت إحالتهم للقضاء العسكري ، أو سيتم إحالتهم إليه في المستقبل . إنني هنا أدافع عن مبدأ عدالي هام ، يعد أحد أسس الديمقراطية ، فهل هناك ما هو أهم من الدفاع عن العدالة للدفاع عن الديمقراطية ؟؟؟؟؟ للمدني قضائه ، و للعسكري قضائه ، هذا هو المبدأ . في الدفاع عن ذلك المبدأ ليس فقط دفاع عن العدالة ، و ترسيخ للديمقراطية ، و إنما أيضاً حماية للعلاقة الرائعة التي تربط الشعب بجيشه ، أي حماية لمصر . إننا في حزب كل مصر نعمل من أجل حماية مصر من شر الممسكين بمقاليد السلطة حالياً . إننا نتهم المجلس العسكري الحاكم ، و من ورائه المخابرات السليمانية ، بالخيانة ، لإصرارهما على تسييس إحدى جهات ، أو هيئات ، القوات المسلحة المصرية ، و تطويعها لأغراضهما غير الوطنية ، ذلك التسييس الذي إن لم يوقف قد يؤدي إلى الوقيعة بين الشعب و جيشه ، و هو هدف من الواضح أن السلطة تسعى إليه منذ زمن مبارك الأثيم . إنهم لا يجهزون فقط على الثورة . إنهم يطعنون الجيش المصري في ظهره . إنهم يستكملون تدمير مصر .
ملحوظة تعد جزء من المقال : يمكن للقارئ الكريم أن يعود لمقال قديم لكاتب هذه السطور بعنوان : إنه إسفين بين الشعب و جيشه ، و نشر منذ سنوات بعد أن شرع مبارك الأثيم تقديم المدنيين للقضاء العسكري . رسالة تعد هي الأخرى جزء من المقال : لم أنسحب من سباق الرئاسة ، أنا فقط ممنوع من خوضه ، بالتهديدات المتعددة بإعتقالي لو عدت إلى مصر ، و في المنفى تعمل السلطة على تلفيق أي تهمة لي بالتعاون مع نظام أجنبي فاسد صديق لكل أنظمة القمع العربية . حملتي أخوضها بقلمي فقط . حملتي هي جزء من مقالاتي .
المنفى القسري ، و القمعي : بوخارست - رومانيا 23-06-2011
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جهاز المخابرات يجب أن يبتعد عن السياسة و أن يخضع للرقابة
-
في قضية التدخل الإسرائيلي ننتظر حكم القضاء المدني النزيه
-
إنها محاولة يائسة ، بائسة ، لإنقاذ مبارك من حبل المشنقة
-
التعاون مع آل سعود إهانة للثورة و شهدائها
-
نصف بالقائمة و نصف بالفردي ، لن نساوم
-
المجلس العسكري الحاكم دمر سمعته بنفسه
-
لماذا كل هذا الصبر على مجرمي جهاز الشرطة ؟
-
السلفي الحر ، و السلفي الحكومي
-
إستبداد الوصاية يحتاج فتنة طائفية
-
لماذا لا يُحاكم هؤلاء عسكرياً أيضاً ؟
-
لماذا لا يحاكموا عسكرياً هم أيضاً ؟
-
الديمقراطية في مصر هي لصالح أهالي غزة
-
إنتخاب قيادات الحكم المحلي أفضل للأقباط
-
من الخليج أعلن شرف نتيجة الإنتخابات القادمة
-
التهديدات مستمرة ، و التمثيلية لازالت تُعرض
-
حتى لا نسمع بجمعة الشكر ، أو بثلاثاء العرفان
-
أوباما ، ضاع منك السلام ، فلا تضع الديمقراطية ، و حقوق الإنس
...
-
عمر سليمان إختار لمصر النموذج العسكري التركي الأتاتوركي
-
إننا ننتقد سياسات كيان أصبح سياسي
-
لماذا على مصر نصرة الشعب الليبي عسكرياً ؟
المزيد.....
-
قبل موتهم جميعا.. كشف آخر ما فعله مسافران قبل اصطدام طائرة ا
...
-
الصين تعرب عن استيائها الشديد إزاء الرسوم الجمركية الأميركية
...
-
حرب تجارية جديدة: كندا تفرض رسوما على سلع أمريكية بقيمة 155
...
-
دراسة تكتشف أسرار الأذن البشرية
-
دلالات طريقة المشي
-
علماء الفيزياء الكمومية يبتكرون فضاء مكونا من 37 بُعدا
-
واشنطن تريد انتخابات بأوكرانيا إذا توقفت الحرب
-
عشرات الآلاف دون مأوى وفي وضع مأساوي بغزة
-
حراك طلابي في صربيا يُطيح برئيس الوزراء وموسكو وبروكسل تراقب
...
-
الولايات المتحدة تفرض رسوما جمركية على كندا والمكسيك والصين
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|