أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنين عمر - أبطال من ورق














المزيد.....

أبطال من ورق


حنين عمر

الحوار المتمدن-العدد: 3405 - 2011 / 6 / 23 - 02:54
المحور: الادب والفن
    


أبطال من ورق
لـ: حنين عمر

حينما دخلت غرفتي في ذلك المساء، جلست أمام المرآة أنزع مكياجي بلا مبالاة وأتذكر تفاصيل الحوار الجميل الذي دار على طاولة محظوظة جمعتني ببعض الكتاب والكاتبات ...هناك على "رصيف الأزهار الذي لا يجيب". لكن بعيدا عن أهمية هذا الحوار على المستوى الثقافي وعن ثرثرتي الطويلة حول مغامراتي في عالم الأدب و قضايا الثقافة العربية، والتي لا أسأم حولها أبدا من تكرار أسطوانتي النقدية الشبيهة بمطولات أم كلثوم ... بعيدا عن كل هذا، كان هناك شيء آخر تماما يشغلني وأنا أغمس "القطنة" في الكريمة و أمررها على وجهي لتعود محملة بسواد الكحل تارة وبأحمر الشفاه تارة أخرى.

كان يشغلني تساؤلٌ عميقٌ عن المعنى الحقيقي لإنسانية الكاتب ، وعن العلاقة الخفية الغريبة بين الـ"الأنا" والـ "الآخر" في معادلة الكتابة، و كنت أفكر في كل الكتّاب الذين منحتني الصدف فرصة أن ألتقيهم وأتعرف عليهم خلال حياتي القصيرة. هؤلاء الذين شاء القدر لي أن أكتشف وجوههم الأخرى وأمزق الورق الذي كان يغطي امتداد المسافة ما بيني وبينهم، هنا لابد لي أن أعترف بأن بعض تلك الوجوه كان جميلا بقدر جمال وجه كتاباتها، بينما بعضها الآخر كانت وجوه كتاباتها أجمل منها بكثير، بينما كان هناك من هو أجمل من كتاباته فغطى جمال روحه على قبح ما يكتب وأصبح صدقه يضيء كل جوانبها المعتمة، وقد يكون هذا حكما عاطفيا جدا مني، وأنا اعرف ذلك ولا أمانع من التصريح بأني امرأة عاطفية تقيس العالم بمسطرة ملتوية. لكن المسطرة المستقيمة في رأسي تقول أيضا: أن القارئ غالبا ما يصنع صورة خيالية ليس فقط للشخصيات الروائية التي يخترعها الكاتب، إنما للكاتب نفسه، بل ويصنع علاقة ما مع هذه الصورة لتصبح بالنسبة له ذات أهمية بالغة، و تتحول إلى ثابت من ثوابت العالم في نظره، لكنه ثابت هش يمكن في أي لحظة أن ينهار حينما يلتقي هذا الأخير بالأصل وجها لوجه فتحترق غالبا الصورة والنيغاتيف معا.

وهنا أتذكر صدمتي الخاصة جدا التي أصبت بها وكان بطلها الكاتب البريطاني المعروف مؤلف حكاية "أليس في بلاد العجائب" التي تعتبر من أشهر قصص الأطفال ،والذي حصلت على نسخة أصلية من كتابه وأنا في الـ11 من عمري كهدية من والدي مقابل تفوقي الدراسي في تلك السنة، وكانت سعادتي بها آنذاك تضاهي سعادة الحصول على سيارة لومبرغيني مكشوفة الآن، لأعرف فيما بعد أن الكاتب لويس كارول هو أحد المشتبه بهم الرئيسيين المرجح كونهم: جاك القاتل التسلسلي الذي روع لندن في القرن الـ18 .
وقد توالت الصدمات الأكبر فيما بعد، حينما دخلت عالم الشعراء والكتاب، وعرفت أن هناك الكثير من الألعاب السحرية والخدع البصرية والإعلامية فيه، لكنني استنتجت في النهاية بعد هذه الخبرة القصيرة، أن الحياة بقدر ما تحتاج إلى أن نكتب.. فإنها تحتاج أيضا إلى أن نكون صادقين فيما نكتب، وصادقين فيما نعيشه فيها أيضا، ولا حاجة لنا بكتاب مصابين بالشيزوفرينيا: يكونون أبطالا على الورق فقط ...وتجارا وسماسرة ومرتزقة وكاذبين وممثلين وبهلوانات سيرك خارجه. ولا اقصد هنا أن المطلوب من الكاتب أن يكون ملاكا، بل لا مانع حتى من أن يكون شيطانا، ولكن فقط فليكن "نفسه" داخل الورق وخارجه، دون أن يحاول استغباءنا ودون أن يصنع الكثير من تماثيل السُكّر لتخفيف مرارة كيانه في عيون الآخرين لأن التاريخ مثل البحر فيه ماء كثير ومفاجآت أكثر.

وفي النهاية أقول فقط: من كانت "نفسه" جميلة بقدر كتاباته، فهو الواصل إلى التطابق الجميل مع ذاته ومع العالم، ذلك النوع من الناس أرواحهم كالسجاد الفارسي الثمين المنقوش بزخارف بديعة :أفكارهم خيوطها...والذكاء هو أن آخذ من كل منهم خيطا حريريا لأضيفه إلى سجادتي، بينما أردد باستمتاع مقولة أندريه جيد الرائعة : " تجرأ على أن تكون نفسك" وأنا أمرر"القطنة" لأمسح مكياج العالم.
حنين//
من سلسلة مقالات صفحة فانيليا - مجلة الصدى



#حنين_عمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لازاريوس بروجكت
- فنجان قهوة
- أنتَ ؟ : أنتَ الذّاكرة
- نقطة...أول العطر!!!
- في مديح المنفى البعيد جدا
- كامل الشياع : ليس كل الموتِ موتا
- سيجارة إخبارية
- ست ُّالشناشيل
- سرطان
- فنجان شاي مع أدونيس والدلباني
- تغريبة النهرين
- سبورة سوداء
- أسوأ مهنة في التاريخ
- بين منفى الجسد ومنفى الروح
- أدباء... أم مهرجون ؟؟؟
- حينما تبتسم الملائكة - 1
- بوابة المغادرة
- رسالة الى تورنتو
- تماثيل من الملح
- على خطى جرش//عمان كمحطة للنزيف المشتهى


المزيد.....




- حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
- فنان عراقي هاجر وطنه المسرح وجد وطنه في مسرح ستوكهولم
- بالسينمات.. فيلم ولاد رزق 3 القاضية بطولة أحمد رزق وآسر ياسي ...
- فعالية أيام الثقافة الإماراتية تقام في العاصمة الروسية موسكو
- الدورة الـ19 من مهرجان موازين.. نجوم الغناء يتألقون بالمغرب ...
- ألف مبروك: خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في ...
- توقيع ديوان - رفيق الروح - للشاعرة أفنان جولاني في القدس
- من -سقط الزند- إلى -اللزوميات-.. أبو العلاء المعري فيلسوف ال ...
- “احــداث قوية” مسلسل صلاح الدين الجزء الثاني الحلقات كاملة م ...
- فيلم -ثلاثة عمالقة- يتصدر إيرادات شباك التذاكر الروسي


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنين عمر - أبطال من ورق