رحمن خضير عباس
الحوار المتمدن-العدد: 3404 - 2011 / 6 / 22 - 09:13
المحور:
الادب والفن
حينما سلّم رحيم الغالبي روحه -طواعية- للموت ,نسي في زوايا بيته كأسا غير مترعة , واوراقا مبعثرة, ومشاريع صغيرة لم تنجز ,كما ترك جسره الطيني معلقا في رفوف الأصدقاء . هذا الرجل الستيني لم يغادر عش الطفولة ابدا ,كان يبكي ويضحك ويلعب ببراءة . لم يبرح مدينته او يغادرها في اسوء فواجعها , بقي فيها وكأنه قد ربط بحبلها السري , قيل له يارحيم اذهب الى ارض الله الواسعة , حيث الحياة هناك فيها ما لذ وطاب . اجابهم بسخرية , انه لايتنفس الا هواء الشطرة , وبغيرها سيموت حتما ...في سبعينات القرن الماضي كان يلتهم الأفكار والحروف . كان يقرأ بشراهة جعلته ينأى عن مطامح الشباب ومناطق لهوهم , كان يكتب بصمت , ويتعاطى الشعر بصمت ايضا , لم ندر بانه كان ينزف الكلمات وكأنه يحترق بالمعاني . في مرحلة حرجة حيث عاد البعثيون من جديد , تحت شعارات استفزازية تؤكد على انهم سيحتكرون الوطن وفق مشيئتهم , كشعارهم المعروف ( جئنا لنبقى ) حيث شهد المثقفون اليساريون اسوء انواع القمع والتنكيل . وفي هذه المرحلة كان رحيم يذوي شعرا , وكان يبوح بالكلمات سرا. وفي لجة هذا الألم , استطاع ان يصور مخاض الألم العراقي وهو يكافح جلاديه . .. سقط النظام فكانت فرحته لاتوصف , كان يحلم بعراق جميل , دون اسوار , لكن حلمه انطفأ بعد ان رأى الفوضى الهائلة , وصعود وجوه جديدة لاتختلف كثيرا , من حيث الجوهر عن وجوه النظام الساقط , فهي تمتلك نفس الملامح ..انطوى رحيم من جديد على نفسه وهو يرى الآمال في وطن بلا اسوار تتسرب من بين اصابعه .فاضحى فريسة لألام مضنية استطاع ان يبدد بعضها عن طريق انشغاله في مشروعه الكتابي وذلك بتأسيس مجلة الكترونية , اصبحت وسيلته للتواصل
لقد رحل فجأة وكانه على عجلة من امره . آخر مرة عاهدته على لقاء قريب نتحدث فيه عن الغربة والوطن والناس. لكن فجيعة الغياب اختطفته منا . وليس لدينا من عزاء سوى الذكريات
#رحمن_خضير_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟