أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - التطور العلمي والانتخاب الحضاري














المزيد.....


التطور العلمي والانتخاب الحضاري


محمد لفته محل

الحوار المتمدن-العدد: 3404 - 2011 / 6 / 22 - 09:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لماذا لا يرافق التطور العلمي والتكنولوجي تطور نفسي وأخلاقي بنفس المستوى في الإنسان؟ سؤال طرح منذ تطور العلم في بدايات القرن العشرين وكانت الإجابات عليه مختلفة ما بين متفائل يعتقد بإمكان أصلاح وتغيير نفسية وأخلاق الإنسان أو تغيير ظروفه بالتوازي مع توظيف العلم باتجاهها، وبين متشائم يرى أن طبيعة الإنسان ثابتة لا تتغير مهما تغيرت الظروف والعصور، واختلفت هذه الاتجاهات أيضا في أسباب هذه المشكلة ما بين فريق يرى علتها خارجية في ظروف الإنسان الاجتماعية، وما بين من يرى علتها داخلية في نفسية وطبيعته البايلوجية، فمن الملاحظ أن حضارتنا رغم تقدمها العلمي والتكنولوجي وبرغم تطور القوانين نظريا في صالح الإنسان ووجود منظمات مدنية ودولية ووجود الأمم المتحدة ومجلس الأمن التي تحاول أن ترعى هذه المعايير المثالية لكن تبقى المصالح الاقتصادية والأنانية والعنصرية والعرقية والقومية الخ هي التي تتغلب على هذه القيم أو تتقنع بها، فالحربين العالميتين والاستعمار الغربي وغطرسة أمريكا الاقتصادية وحروبها الإيديولوجية والاستباقية، وظاهرة إسرائيل المارقة لكل القوانين الإنسانية وما تفعله في فلسطين من انتهاكات، كلها تؤكد غلبة المصالح والميول الأنانية على القيم المثالية؟ أن التزام هذه الدول بمعاهدات الحرب كعدم استهداف المدنين ومعاهدة جنيف للأسرى ومراعاة حقوق الإنسان هو مرهون بمصالح هذه الدول وضروراتها! والجرائم التي ارتكبت بحق المدنيين في أفغانستان والعراق بحجج كخطأ في الهدف أو المعلومات أو استخدام العدو المدنيين كدروع بشرية، وما فعلته أمريكا بعد أحداث (11 سبتمبر) من اعتقالات وخطف وتعذيب للمشتبهين من دول أخرى وسجنهم من دون توجيه تهمة لهم، كلها تؤكد ذلك! والسؤال الذي يحيلنا إلى السياسة سيحيلنا إلى طبيعة الإنسان رغم الجدل الفلسفي حول طبيعة الإنسان ما بين منكر ومؤيد لوجودها وما بين مختلف في خصائصها، وأنا سأفترض جدلا وجودها لأخوض في خصائصها وهذا يجعلني أتجاوز حتى الحاضنة الاجتماعية وما تمثله من بوتقة في تحديد وتغيير هذه الطبيعة دون محوها قطعا. كان الاعتقاد القديم بأولوية العقل في تحريك وتقرير أفعال الإنسان وهذا ما قامت عليه الحداثة وفلسفة التنوير، لكن مع مجيء القرن العشرين حتى ظهرت الفلسفات والنظريات التي تؤكد عكس ذلك حيث بينت أن الإنسان هو ضحية قوى قاهرة وحتميات اجتماعية ونفسية وسببية أقوى منه هي التي تتحكم به وليس له أرادة عليها كما أوضحت الماركسية والتحليل النفسي والدوركاهيمية والسلوكية الخ. وقد بينت وسائل الإعلام والاتصال والتكنولوجيا الحديثة كم يمكن صناعة الرأي العام والتحكم به من قبل المؤسسات والطبقات الحاكمة لهذا نرى انتشار اتجاهات وأفكار لاعقلانية (كفوز الأحزاب المحافظة في أوربا، والتعاطف الشعبي مع الأصوليات المحمدية المسلحة) من خلال التلاعب برغبات الإنسان وغرائزه وعواطفه وعاداته وتقاليده الاجتماعية، لأن الإنسان مازالت تتحكم به غرائزه وميوله وأنانيته ومصالحه وعاداته الاجتماعية والحضارية أكثر من تحكم عقله به؟ بل يتم توظف العقل وظيفة تبريرية في كثير من الأحيان! مازال الانتخاب الحضاري هو امتداد للانتخاب الطبيعي هو الذي يحدد بقاء الحضارات الأصلح ويبيد الحضارات الأخرى، (من خلال طبيعة الإنسان الغريزية والأنانية) فتنقرض ثقافاتها وتصبح تابعة للحضارة الأصلح مستعبدة لها اقتصاديا وسياسيا وتكنولوجيا كنوع من الاستعمار الجديد، كما تفعل أمريكا اليوم، ونظرية صراع الحضارات والملموسة واقعا خير دليل على ذلك.
هذا الصراع الأزلي بين الإنسان وغرائزه أو بين جانبه الإنساني والحيواني المكمل احدهما للآخر، هل سينتهي لصالح احدهما؟ والى أي درجة يتأثر ويتغير جانبه الحيواني بالجانب الإنساني والثقافي والعكس كذلك؟ أن وصول حضارتنا إلى مستواها الحالي ُيبين إلى أي مدى روض الجانب الحيواني بالجانب الإنساني كذلك أن بقاء الانتخاب الحضاري ُيبين إلى أي مدى بقاء طبيعة الإنسان وقوة غرائزه في مواجهة مثله وتفكيره؟ وإذا كان الإنسان استطاع أن التغلب نسبيا على الانتخاب الطبيعي من خلال تطور العلوم التي وظفها في صالح بقائه وتطوره، فهل يستطيع التغلب على الانتخاب الحضاري في صالح إنسانيته ومثله العالمية؟ أن الإنسان بسبب نرجسيته يرفض هذه الاتهامات ويعلقها على شماعات خارجية كالشيطان والأعداء أما هو فخير بطبيعته، وسيد المخلوقات، المقرب من الله! وتحت هذه الأوهام خرق الإنسان هذه الصورة الأسطورية مئات المرات وصدم معتنقيها الآلف المرات في الحروب والنزاعات والأزمات الاقتصادية وحتى في الحياة اليومية. مع ذلك فكل شخص مجرب وذو خبرة في الحياة العملية يدرك بوضوح قابلية كثير من الناس على الشر والعدوان والغش والتلاعب والمراوغة والخداع والكذب الخ من أجل مصالحها ورغباتها وأنانيتها!، برغم وجود القوانين الرادعة التي وجدت لأجل هذه الحقيقة المرفوضة والتي لولاها ما وجدت أصلا! ونحن نعرف إذا زال القانون في بلد ما كيف نرى العجائب من الناس الطيبون المسالمون، يسلبون وينهبون ويغتصبون ويقتلون بوحشية وأحداث العراق وأفغانستان وتونس ومصر (في الأسابيع الأولى من انهيار النظام) وإعصار (كاترينا) في أمريكا، برهنت ذلك، ولا يوجد أي مجتمع يخلو من هذه القاعدة، لهذا فالثقة التامة بين الناس قليلة ودائما يشوبها الحذر والخوف والشك. أن تقدم حضارتنا لا يعني زوال حيوانيتنا، فهي تروض أو تسبت لكنها تبقى في استعداد لظهورها من جديد متى ما توفرت الفرصة لها. وربما أن المسالة ليست تغلب جانب على جانب بل توازنها بحيث لا يضر بالإنسانية.



#محمد_لفته_محل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غاية الإنسان ؟
- ملاحظات حول الصراع بين مذهب السلطة ومذهب الانقلاب
- ما هو الإسلام الحق؟
- الرغبة والعبادة
- موقفي من العادات والتقاليد
- شذرات فكرية
- ثنائية القبلية والتمدن
- الكونية في الأديان السياسية؟
- الاغتراب والنكوص الفكري في المجتمع العربي
- فلسفة نزار قباني في المرأة والحب والجنس والحرية والتغيير*
- ثنائية مدح الأنا وذمها
- العلم وفرضية ألله
- ألانتماء الديني بين الواقع العملي والواقع ألافتراضي
- حضر علم الاجتماع الديني في الجامعات العربية!
- صنم الديمقراطية
- نحو وعي مدني
- الإرهاب الظل
- المرأة وصورتها الثنائية في المجتمع العربي
- انثروبولوجيا دينية


المزيد.....




- بطراز أوروبي.. ما قصة القصور المهجورة بهذه البلدة في الهند؟ ...
- هرب باستخدام معقم يدين وورق.. رواية صادمة لرجل -حبسته- زوجة ...
- بعد فورة صراخ.. اقتياد رجل عرّف عن نفسه بأنه من المحاربين ال ...
- الكرملين: بوتين أرسل عبر ويتكوف معلومات وإشارات إضافية إلى ت ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في كورسك
- سوريا بين تاريخيْن 2011-2025: من الاحتجاجات إلى التحولات الك ...
- -فاينانشال تايمز-: الاتحاد الأوروبي يناقش مجددا تجريد هنغاري ...
- -نبي الكوارث- يلفت انتباه العالم بعد تحقق توقعاته المرعبة خل ...
- مصر.. مسن يهتك عرض طفلة بعد إفطار رمضان ويحدث جدلا في البلاد ...
- بيان مشترك للصين وروسيا وإيران يؤكد على الدبلوماسية والحوار ...


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - التطور العلمي والانتخاب الحضاري