جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3403 - 2011 / 6 / 21 - 19:38
المحور:
العلاقات الجنسية والاسرية
أحصى أحد العلماء الفرنسيين الأنثربولوجيين أكثر من 1500عبارة أو كلمة في أللغة الفرنسية للدلالة على الممارسة الجنسية وعلى كل ما يتعلق بالأعضاء التناسلية, طبعا وهذا الترميز بكثرة الدلالات يحدث في مجتمع متسامح جنسيا في كافة المسائل الجنسية, وأيضا قام نفس العالم بإحصاء ما يقرب من (600) كلمة فرنسية للدلالة على (قضيب الرجل) طبعا وما زلنا نتحدث عن مجتمع متسامح جنسيا, ولاحظوا معي بأن تلك الكلمات تنحصر تدريجيا كلما ازدادت المجتمعات حرية ومساواة بين الجنسين , وما تلك الكلمات الفرنسية إلا إرثا من الماضي ما زال مستعملا ويتناقص شيئا فشيئا كلما عفا الزمن وصفح عن الماضي القمعي.
وعلى الصعيد العربي طبعا هنالك كثير من الكلمات التي تدل على الأعضاء التناسلية الجنسية والتي لا تُسمى بمسمياتها الصحيحة فيلجأ المتحدث إلى ترميزها وتطعيمها بكلمات أكثر حشمةً وأدباً, والملاحظة الهامة في مجتمعنا الشرقي الذي يختلف عن الفرنسي هو أنه لا يكتفي بالكلمات المتعددة التي تشير إلى الجهاز التناسلي أو الجنسي وإنما أيضا يرفض التحدث في ثقافة مخفية يمارسها يوميا إما مرة أو مرتين أو حتى أربع مرات أو سبع مرات للشباب اليافعين,وأيضا يرفض النُكتة الجنسية ويرفض سماع صوت ضحكات المرأة بصوت عالي داخل المنزل وخارجة فهذه الضحكة تعد بشكل من الأشكال موضوعاً جنسيا, فما السر في كره العرب للضحك من جانب المرأة؟ السبب واضح وهو أن الضحك في نظرهم شكل من أشكال الممارسة الجنسية مثله مثل الممارسة عن طريق الفم أو الشرج, والضحك يعد شذوذا جنسيا بالنسبة للمرأة, وأيضا بالنسبة للرجل فقد أصبح هنالك حرية في سماع صوته وهو يضحك أما بخصوص المرأة فالضحك يعتبر (كرخنة-دعارة) أو بيتا للدعارة, ودائما ما يظهر الأدب العربي المرئي والمسموع والمقروء أصوات ضحكات العاهرات بصوت عالي فيفهم المستمع بأن تلك التي تضحك عاهرة دون أن يرى شكلها, لذلك أطر الأدب العربي صورة الضحك تحت إطار الممارسات الجنسية, وبالتالي الضحك يحمل مدلولات رمزية وهو بالتالي من الممنوعات والمحظورات مثله مثل الحديث عن الجنس, والثقافة الجنسية هي أكثر أنواع الثقافات اختباء في داخل غرف النوم ومن النادر أن تخرج إلى خارج السرير أو إلى خارج غرفة النوم,والجنس هو من العادات الأكثر ممارسة والأكثر تعتيماً, فغالبية الناس أو ما يقرب من 89% من أفراد مجتمعنا الشرقي يمارس الجنس ولا يتحدث عنه حتى العلاقات المشروعة يمارسها ويعتبرها حلال ولكن الحديث عنها يعتبره حرام أو ممنوع والغالبية يعتبرونه حراما وجرمه مثل جرم الزنا نفسه, ويواجه العربي مشاكله الجنسية بشكل فردي ولا يعرض مشاكله على الناس ونادرا ما يعرض مشكلته على الطبيب المختص إلا إذا كانت معقدة, وتصل الأمور بين الأزواج في بعض الأحيان إلى الطلاق بسبب المشاكل الجنسية دون الحديث عنها, وأكثر من 50% من المطلقات والمطلقين يرفضون التحدث عن المشكلة الأساسية بينهما وهي على الغالب مشاكل جنسية تتعلق بالخيانة الزوجية أو بمشاكل جنسية من نوع آخر, ولربما يفقد الرجل حياته إذا سمع أهل زوجته بأنه يتحدث عن العلاقة الجنسية بينه وبين ابنتهم, فيعتبرون الموضوع مخلاً بالأدب وبالدين ويسئ إلى سمعة العائلة وشرفها المدني والعسكري, وحصل هذا في مجتمعنا أكثر من مرة وفقد بعض الرجال حياتهم,ولكن من الأهمية بمكان أن نعرف بأن الزوج(المرأة) إذا تحدثت عن علاقتها الجنسية مع زوجها يكون الموضوع عاديا ولا يخل بالآداب العامة شريطة أن يحدث ذلك مع الدائرة الضيقة المقربة منها,.و90% من أحاديث النساء وهن لوحدهن تكون على الأغلب عن الجنس وطرق التداول به.
ويقال علميا بأن العرب لديهم ثالوث مقدس وهو (الجنس والدين والسياسة) وهذه الأمور من الممنوع جدا التكلم فيها وعنها, غير أن الذين وضعوا هذه المصنفات لم ينتبهوا إلى السلوك والكلام, أي أن هنالك أمور مسموح جدا في الثالوث الشرقي التحدث عنها ولكن من غير المسموح ممارستها أي أن هنالك أشياء مسموحٌ جدا التكلم فيها وعنها بين الناس والأصحاب والأصدقاء في مجتمعنا الشرقي ولكن من غير المسموح البتة ممارستها مثل العملية الديمقراطية وتشكيل المؤسسات المجتمعية الحديثة بمعنى آخر (السياسة) أي مسموح التكلم في السياسة ولكن من غير المسموح ممارستها, وهنالك أشياء نمارسها يوميا في حياتنا الجنسية العادية ومسموح جدا وهي ليست محرمة ولا ممنوعة ولا مقيدة وتمارس على نطاق واسع وهذا الذي نود الحديث عنه, وتلك الأشياء التي نمارسها نحن والكبار والصغار والمراهقون والبالغون والجاهلون والعاقلون والمرضى والمجانين والأصحاء عقليا, علما أن السياسة فقط للأصحاء عقليا وصحيا, أما الجنس فالكل يشترك بممارسته ولكن دون التحدث عنه بشكل مباشر, فعيب جدا في مجتمعنا أن يتحدث الرجل عن زوجته جنسيا أو حتى إظهار اسمها, فأسم الزوجة من غير المسموح في مجتمعنا الإشارة إليه مباشرة ويلجأ الزوج للحديث عنه بشكل رمزي مثل (أم محمد) أو (أم أحمد) أو (أم ...الخ) فأسم المرأة عيب جدا التلفظ به وبالتالي يكون الاسم مثله مثل الجهاز التناسلي بحيث تعتبر المرأة كلها من رأسها إلى أخمص قدميها عبارة عن جهاز تناسلي , فلا يجوز التفوه به أمام الغرباء بينما ينطق الرجال أسماء زوجاتهم أمام الدائرة المحرمين على المرأة جنسيا مثل الأب والأخ والعم والخال, أما بالنسبة للرجل فذكر اسمه شيء عادي وليس عيبا ولكن من المخجل ومن العيب التلفظ باسم المرأة أمام الغرباء , والتحدث عن الممارسة الجنسية أيضا غير مسموح به حتى بين الأزواج أنفسهم وحتى وإن مارسوا العملية الجنسية أكثر من عشرين مرة باليوم فمن المستحيل أن يقول الزوج لزوجته أنها فعل بها كذا وكذا, وهذا طبعا في المجتمعات الخالية من ثقافة المساواة بين الجنسين أما في المجتمعات التي يوجد فيها مساواة بين الجنسين فلا يقول الرجل لزوجته (أنني فعلتُ بك) بل يقول (أنا وأنت فعلنا معا) ولا يجوز الحديث بشكل صريح ومباشر إلا على شكل رموز ولا يجوز مثلا تسمية (قضيب الرجل) بإسمه المباشر بل له أسماء كثيرة تحد من خفة ثقل اسمه الحقيقي لِما يبعثه أسمه الحقيقي من توترات وأنا هنا لا أريد ذكر اسمه الحقيقي فمثلا يقال عنه (بَشَرْ الرجل) أو (بَشَره) وبعض الناس يسمونه بأسماء أخرى متعددة وتكاد أن تكون لغتنا العربية حاوية لأكثر من 1000كلمة مستعارة استعارة تطبيقية ومكنية وبلاغية ورمزية تشير إلى قضيب الرجل ومهبل المرأة حتى الحيوانات لا يتحدث عنها مجتمعنا حديثا مباشرا فيقولون عن جهاز المرأة التناسلي (فَرِج المرأة,حيا المرأة.. وكذلك الرجل :فرج الرجل وحيا الرجل.. أو ..تبع الرجل أو ..تبع المرأة, أو,قِّيْ الرجل أو قي الرجل وقي المرأة.. أو ..بئر المرأة..ثقب المرأة,ثقب الرجل,حمامة الرجل,عصفورة الرجل...عنتر..انتصب..قام..وقف..نام..حشفه,,فلقته..قبعة..سلاح الرجل..ولج فيها..دخلَ..فات..)...ويقول الرجل بدل ضاجعت(شديتها) أو (شديته) وتقول المرأة(شدني)..الخ, فالحديث عنها يدخل ضمن دائرة الحرام والممنوعات, مثل الممارسة الجنسية بين الأزواج وبين المثليين الجنسيين, فحتى المثليين الجنسيين لهم طريقة خاصة ينادونا فيها على بعضهم من دون التحدث مباشرة في الموضوع, وغالبية النساء العاديات لا يتحدثن عن العملية الجنسية بشكل صريح ولا يطلبن حاجاتهن الجنسية من الأزواج بشكل مباشر وصريح ولهن طريقة خاصة من الإشارات والتلميحات يلجأن إليها فيفهم الأزواج ما هو المطلوب, وكذلك الرجال لا يسمون العملية الجنسية باسمها المباشر بل لهم طريقة خاصة من الإشارات والتلميحات فتفهم الزوجات على طول ما الذي يريده الزوج, وهذه الطريقة طبعا لا تعتبر (أنسنة جنسية) فالحيوانات الممنوعة من الكلمات تتخذ من جسمها وحركتها ورقصها ولعبها رموزا يفهم منها الطرف الآخر أنها بحاجة لتمثيل العملية الجنسية , والإنسان هنا مثله مثل بعض المخلوقات غير (الرئيسية) يتخذ الرمز والدلالات الرمزية لغة مختصرة لممارسة الحياة الجنسية أو الزوجية, وعلى أية حال العملية الجنسية في مجتمعاتنا مسموحة جدا ولكن من غير المسموح التحدث عنها بل يلجأ الرجال والنساء إلى الترميز لها رمزا مثل(البارح عملنا الشغله)و(عشيته من هذا ومن هذاك) أو (عملنا الدور) وبعض الأفراد لا يتحدثون حتى عن العملية بكاملها ولا حتى بشكل رمزي ويعتبرون الحديث عنها مخلا بالآداب العامة والسلوكيات العامة, ومنهم من يعتبر العملية بحد ذاتها مخاطرة وبأن جهاز المرأة التناسلي وحش أو مفترس فيسمونه (الضبع) ويفتخر غالبية الرجال بقدرته على طخ الضبع, فيقول البعض منهم(اليوم طخيت الضبع مرتين) ويعتبرونه نخلة صعب جدا تسلقها فيقولون(اليوم طلعت النخلة).
وهنالك قصة طريفة بين رجل وامرأته كلمة سرية لممارسة الحياة الزوجية أو العلاقات الحميمية وكلمة السر هي (الغسالة) وذات مرة كانت الزوجة مشغولة ورفضت رفضا قاطعا تحضير الغسالة, وبعد قليل ذهبت إلى الزوج وقالت له: تعال الغسالة جاهزة, فقال لها : ما بديش غسلت على إيدي, بمعنى أنه مارس العادة السرية, والعادة السرية لها مدلولات رمزية كثيرة والغالبية يمارسونها رجالا ونساء من غير التحدث عن اسمها بشكل مباشر.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟